الشعب السوري كم واحد ؟: فاطمة الصفدي
بين الجارة التي ترقص هي وأطفالها تحت طاولة الطعام من الخوف من أصوات القذائف في الطابق الرابع والشاب الذي كان يرقص كل أسبوع في الساحات والمسيرات تأييداً للرئيس ثلاث طوابق فقط !ومع إختلاف التوجهات كان للقدر كلمته ونزح الإثنين إلى ذات المدرسة مع إقتراب القصف والذي عرف مع الوقت كيف يستوطن في المنطقة.
هذان النموذجان الحاضران منذ بداية الثورة،الفئة المؤيدة والفئة المعارضة إضافة الى الأغلبية الصامتة المتفرجة، التي كانت تتابع ما يحدث دوماً إما من نوافذ التلفاز أو من نوافذ المنازل وكانت تتمسك دائما بكلمة ” الله يهدي البال” كقطعة حظ تخرجها من جيبها كلما سؤلت إلى أي الفريقين تنتمي؟ , هو أول التقاسيم في المجتمع السوري .
وكانت السلمية التي تطرزت بها الثورة منذ بدايتها تستهدف هذين الفئتين تحاول أن تزحزح الموالين عن قناعاتهم بإستهداف الأسباب الرئيسية لهذه القناعات ونشر أفكار الثورة، وتحاول أن تعلم الكتلة الصامتة كيفية النطق بتلقيمها الحروف وإجبارها على خلع اللون الرمادي.
ومع زحف الوقت على جموع الثائرين بدأ الإنقسام يتحسس طريقه بينهم وكان الإنقسام الأوضح بين السلاح والسلمية والتي يرى البعض بأن السلاح وحملته “الجيش الحر” هو الإنعطاف الأكبر في خط الثورة وهو التطور الطبيعي أمام آلة القتل من جهة، ولغة الصمت التي يتحدث بها العالم من جهة أخرى بينما يشدد البعض على أن حمل السلاح هو الشاهدة التي ستوضع على قبر الثورة، وأصبح كلا الفريقين يحمّل الآخر مسؤولية مايحدث ويتصيد أخطاء الآخر “ليشمت” ويثبت صحة نظريته لينشغل كلا الطرفين بإثبات فكرته متتناسين في بعض الأحيان الهدف الأساسي من الثورة وهو إسقاط النظام.
الاسلام والعلمانية، التطرف والسلفية … الخ كلها أفكار يحاول البعض أن يبسط سيطرته على الثورة ليلونها بأفكاره و معتقداته. وكثيراً ما نصادف مقولة بأننا “مجتمع إسلامي وثورتنا من هذا المجتمع فهي إسلامية ” ولا أعرف كيف تم أسلمتنا وعن أي إسلام بالضبط يتم الحديث او حتى كيف تم علمنة المجتمع ؟ وهل المجتمع على دراية بماهي العلمانية ؟
هل على الثورات أن تحمل صفة واحدة ؟ أم أننا عندما نصبغها بصبغة واحدة فنحن نقضي على الآخر؟
وبينما كان ثوار الخارج هم الذراع والسند في بداية الثورة فهم الآن يتهمون بأنهم سارقي أضواء ومنظرين ومتفاخرين أمام الميكروفونات وأصبح نعت أحدهم بلقب من “ثوار الخارج” مسبة تتوجب عليه العودة الى الداخل ليغفر له.
أما إنقسام المعارضة فلقد أصبح من المسلمات، فالشعب يتوقع أن يستيقظ ليجد جسد الأسد مسجى في إحدى الساحات تتخطف الناس النظرات إليه ولكنهم حتماً لن يتوقعوا- أو لنذهب بالقول بأنهم قد فقدوا الأمل كلياً- أن تجتمع المعارضة السورية على مائدة واحدة. فإنقسامها لم يعد محصوراً مابين مجلس وهيئة بل تفتتوالأكثر من ذلك (حتى إن تجمعوا ظاهرياً بالإئتلاف) ،ومع بداية جنون تشكيل الحكومة الإنتقالية بدأ ماراثون التكتلات والإنقسامات يطفو على السطح أكثر.
ولم يعد النظام هو مايهدد عمر الثورة فالنظام رحل وسقط مع سقوط أظافر أطفال درعا لكن يبدو بأن الوقت هو العدو الأول للثورة السورية،فليس النظام وحده من يتشقق ولكن الشقوق بدأت تصل الى جسد الثوار أنفسهم . من هتف يوماً “واحد واحدواحد الشعب السوري واحد ” لم يخطر بباله بأن هذه العبارة هي حلم وليست حقيقة وبأن السوري الآن كذا واحد فواحد في الملاجئ والآخر في الداخل وآخر في الخارج وإسلامي وعلماني ومتشدد وسلفي وصامت وموالي و .. و… و..
علينا أن نعرف نحن كم واحد لنعرف طريق العودة الى الواحد.
اللوحة للفنانة سلافة حجازي، وهي تشارك بلوحاتها في محور: بمثابة تحية إلى نساء سورية.
خاص – صفحات سورية –
لااعرف ان كانوا يحاولون كسب الفئة الصامتة لكن افعالهم تدفع باتجاه التنفير من الثورة وزيادة الفئة الصامته. واجيبك لو سمحتيلي: الثورة(بمعناها الايجابي) ليس من الضروري ان تكون ذات صبغة واحدة ولكن من الضروري ان لا يكون دافعها ومحركها برنار ليفي, ال سعود, ال حمد, واخيرا امريكا. للاسف الشعب السوري لم يكن راغبا بالتغيير وغلبة الفئة الصامتة اكبر دليل مما دفع الثوار الشرفاء وغيرالشرفاء لاستخدام اساليب غير شريفة لاستقطاب هذه الفئة فانقلب السحر على الساحر فها هي السعودية تحارب وتغلق القنوات الطائفية بعد ان كانت الداعم الرئيسي لها وها هو ملك السعودية يعانق نجاد كالأخ. طبعا سيطالبوننا الا نتدخل بديرتهم لكنهم يسمحون لأنفسهم بالتدخل بديرات العالم كلها. مقال جميل مع التمنيات بالنجاح