العلويون يسألون النظام عن الجنود: “وينن”؟/ عامر أبو حامد
“المطار ما سقط… طيب يا وطنيين، يا شرفاء جاوبونا، إذا كل شي كذب وإشاعات، ولادنا أخوتنا ورفاقنا وينن”؟ هذا الكلام لم يرد في صفحات معارضة سورية، بل في أكثر الصفحات ولاءً للجيش السوري. وهو ليس الأول من نوعه خلال الشهرين الماضيين. فالخسارات البشرية الهائلة والموثقة التي يُكبّدها “داعش” لجنود النظام في كل من حقل الشاعر والفرقة 17 ومطار الطبقة العسكري على التوالي، ضاعفت الإستياء في صفوف المواليين للنظام السوري إلى ذروته.
في هذا الوقت، بات من الملفت للمطّلع على الصفحات والمواقع الموالية، ظهور الخلافات في معظم التعليقات والجدالات حول المواضيع التي تتعلق بالجيش السوري والمعارك الدائرة. توترٌ في الصف الموالي للأسد، ليس بالعابر، إذ أن الروايات المستاءة والمعارضة للنهج الأسدي مدعّمة غالباً بأخ مذبوح أو ابن مختفٍ، ما يجعل التخوين والإلغاء من قبل شبيحة النظام مستحيلاً.
صفحة “نسور مطار الطبقة العسكري رجال الأسد” في موقع “فايسبوك” أطلقت حملة #وينن في وسائل التواصل الإجتماعي، وبينها “تويتر”، للمطالبة بكشف مصير الجنود النظاميين على جبهات القتال. الصفحة كانت معنية قبل سقوط المطار برصد حالة الجنود المحاصرين من قبل داعش، والتذكير بهم. وبعد السقوط المدوي للمطار في أيدي مقاتلي التنظيم وإعدام مئات الجنود الموالين بطريقة وحشية، تم إطلاق الحملة التي تحولت إلى إدانة واضحة وصريحة للنظام السوري بسبب تخليه عن مؤازرة قواته المحاصرة في المطار.
مدير الصفحة، المحامي مضر حسان خضور، ابن الطائفة العلوية، والمعروف بولائه الشديد للنظام السوري، اعتقل إثر إطلاقه الحملة، من قبل المخابرات الجوية السوريةن مساء الجمعة في مدينة دمشق. الشاب الذي كرّس وقته لمتابعة ملفات ضحايا ومفقودي الجيش النظامي، هو نفسه فاقدٌ لأخّين، مقتول ومختفٍ قسرياً.
الصفحة ذكّرت بأن خضور كان قد تلقى اتصالات من المخابرات الجوية طالبين منه القدوم إلى الفرع لمساعدته في كشف مصير جنود مطار الطبقة، لكنه رفض أن يذهب. تابع أصدقاء خضور الحملة بكثافة بعد اعتقاله وحمّلوا المسؤولية للعميد سهيل داوود، والعقيد قصي ميهوب. تمددت #وينن إلى وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى وصولاً إلى نشطاء المعارضة السورية الذين بدأوا المشاركة بالحملة في الذكرى العالمية للإختفاء القسري، أمس الأول، مطالبين النظام وداعش بالكشف عن مصير المعتقلين والأسرى.
يرى متابعون أن مطار الطبقة، جاء كالشعرة التي قسمت ظهر البعير بالنسبة للموالين. فعلى الرغم من التحذيرات والمطالبة بدعم المطار المحاصر، لم يستجب النظام وترك جنوده يواجهون حتفهم أمام آلة القتل الداعشية. لم يعد السكوت ممكناً إذ أن مطار دير الزور قد يكون التالي.. ولا يبدو أن النظام يعتزم التحرك حيال الأمر. مئات القتلى في العمليات السابقة لداعش ضد قوات النظام، جعلت مروحة واسعة من الموالين داخل الطائفة العلوية يخرجون عن المألوف في كتاباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي. منهم مَن لم يقبل بسهولة بالرواية التي تروّج، لأن سبب الفشل هو وزير الدفاع السوري فهد الفريج، وحملوا المسؤولية مباشرة لبشار الأسد – القائد العام للجيش والقوات المسلحة.
وزاد الإعلام السوري النظامي، الطين بلّة، إذ رفض الاعتراف بوقوع المجزرة المروعة التي حصلت في الرقة بحق الجيش السوري، فتصاعد حنق الموالين على نظامهم الذي يرفض حتى أن يسمي أبناءهم القتلى في وسائل إعلامه. بطبيعة الحال لم يعترف النظام بسقوط المطار أيضاً.
التهميش الإعلامي والإهمال على الجبهات والإستهتار بدماء الأنصار. هذا ما يعانيه العلويون الموالون لنظام بشار الأسد المتخبط. لم تعد روايات الإعلام السوري، ولو صدقها الجمهور، كافية. فالأسد القوي لا يسيطر حتى على ثلث الأرض السورية، والجيش المغوار مُدمى أمام داعش. القتلى العلويون لا يعبرون إلى الشاشات. الخسارة في المعارك ومئات القتلى تسمى “إعادة تجميع”. لا عزاء للأسر ولا كشف لمصائر أبنائهم. الحزن ممنوع، والإعتراض جريمة. فهل يبقى لأُسر مقاتلي النظام المحاصرين في ما تبقى من الأراضي السورية أن ينتظروا طيران العدو الأميركي ليخلصهم من سكاكين داعش؟
المدن