صفحات الناس

الفرق الموسيقية السورية: نصف تفاحة في يد الثورة/ وفاء علّوش

 

مثلما يصعب تحديد هوية خاصة بالأغنية السورية عموماً، من الصعب، أيضاً، أن نجد محدِّداً خاصاً لهوية الغناء السوري بعد الثورة، أو تذكّر فرق موسيقية وأسماء معينة كان لها بصمة أو أثر واضح يعبّر عن مناخات تلك الآونة، على غرار التغيّر الذي طرأ على حال الأغنية المصرية مثلاً.

وجدت الكثير من المجموعات الشبابية في مصر، فترة الثورة، مساحةً لإبراز مواهبها الفنية وتشكيل فرق موسيقية تعكس التنوع الثقافي الموجود، مثل “أنا مصري” و”قمراوية” و”إسكندريلا”، أو فرق الأندرغراوند التي انتشرت في البلاد وحظيت بشهرة واسعة، أو الأصوات الفردية التي وصلت إلى الجمهور عبر يوتيوب، مثل محمد محسن أو رامي عصام.

لعل هذه المقارنة ليست منصفة في ظلّ الواقع السوري المتردي، إذ إن عدم الاستقرار السياسي يؤثر على الحالة المزاجية العامة في البلاد، ولا سيّما الفنية منها. ورغم وجود بعض الأعمال الموسيقية التي يتذكرها السوري في السنوات الأربع المنصرمة، سواء كانت لأصوات مثل خاطر ضوا ووصفي معصراني، أو لفرق موسيقية؛ إلا أنها تعدّ متواضعة مقارنة بالأفلام الوثائقية أو الأعمال التشكيلية.

لكن قلّة تلك الفِرَق لم تمنع أفرادها من تحدي الصعوبات المادية والتقنية وصنع تجارب لافتة، مثل فرقة “طنجرة ضغط” التي اتّخذت من موسيقى الروك وسيلةً للتعبير عن واقع بلدها، أو فرقة “إيقاعات مقاومة” التي استحضرت القضية السورية بمقاربة الموروث الغنائي الثوري ومزجه بموسيقى حداثية تعكس تعدد جنسيات أعضاء الفرقة الذين قدّموا أعمالاً مثل “الموت ولا المذلة”.

“نص تفاحة” أيضاً هي فرقة تشكلت في الجولان السوري المحتل على يد ناشطين واكبوا الثورة السورية عبر أعمال عدة، مثل “محل زغير ومسكّر” و”سوريا الحلم المالو حدودي”. وفي مطلع هذا العام، تشكّلت فرقة “أصل” على يد شعراء وموسيقيين ومغنين مقيمين في تركيا، وقدّمت، حتى اليوم، عرضاً مباشراً وأغنيتين، هما “الموليا السورية” و”تحت الموت عم نعشق”.

غير أن هذا الحراك الفني – على أهميته – لم يؤسس لحالة موسيقية لافتة؛ لأسباب خارجة عن إرادة أصحاب الاهتمام الموسيقي، مثل ضعف التنسيق أو تلاقي الإرادات بسبب التشتت الذي يعيشه السوريون، اليوم، وصعوبة تجمّعهم في مكان لإنتاج عمل موسيقي مشترك، وعدم وجود جهات داعمة لإنتاج أعمال فرق غنائية حديثة العهد نسبياً أو لا تمتلك أسماء معروفة، وإن حصل ذلك، فإن الدعم لا يضمن لهذه الفرق الاستمرارية في إنتاج سلسلة أعمال متتالية.

نشير، أخيراً، إلى أن قلة من الشعب السوري التوّاق للثقافة على علم بنشاطات هذه الفرق لعدم وجود منابر لاستقبالها أو لضعف التسويق الإعلامي وعدم تسليط الأضواء على أعمالها، ولاقتصار الإعلام الراعي لفعالياتها على الإعلام الإلكتروني، من إنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وفيسبوك، لتبقى الأغنية السورية بهذه الإمكانيات سلاحاً خفيفاً في مواجهة الأسلحة الأشد فتكاً الناشطة على الأرض السورية أو في سمائها.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى