الكيميائي بين حمص ودمشق؟
راجح الخوري
ترسم التطورات العسكرية على الارض أبعاد الحسابات السياسية المضمرة سواء عند النظام السوري او عند المعارضة، فقد بات واضحاً ان اتجاهات المعارك في الاسبوعين الماضيين تؤكد وجود اصرار محموم عند النظام هدفه تحقيق سيطرة فعلية على حمص التي كان قد خسرها، وفي المقابل وجود اصرار محموم عند المعارضة لتوسيع رقعة تقدمها داخل دمشق التي تطمح الى السيطرة عليها.
هذا ليس سباقاً عسكرياً على قتال المدن بمقدار ما هو سباق سياسي لرسم النتائج الملائمة لكل من الطرفين كنهاية مرتجاة للقتال المستمر منذ عامين، فمن الواضح ان النظام يريد استعادة حمص لأنها تشكل بوابة ضرورية لنجاح “الخطة ب”، التي تعني انتقاله الى الجبال العلوية لإعلان دولته من هناك اذا وصل الى الانهيار، في حين تحتاج المعارضة الى فرض سيطرتها على العاصمة لكي تستطيع القول انها انتصرت على النظام.
لكن الوقائع تؤكد انه ليس من السهل على الاسد استعادة سلطته على حمص رغم انه سوّاها بالارض، فها هو يخسر كما تقول المعارضة حي بابا عمرو الذي كان قد ذهب لتفقده قبل عام بعدما انسحب منه، وفي المقابل ليس سهلاً ان تتمكن المعارضة من السيطرة على العاصمة رغم انها تحشد لذلك. وهكذا عندما يعلن النظام الاستنفار العام فهذا يعني ان الوضع يتجه الى مزيد من المعارك الدموية، فمع انتهاء الشتاء وحصول الثوار على مزيد من الاسلحة ستشهد سوريا في الاسابيع المقبلة معارك طاحنة، ربما تكون الفصل المأسوي الاخير في حرب “يا قاتل يا مقتول” كما سمّتها هذه الزاوية منذ البداية.
بناء على ما تقدم هل كثير اذا قلت اننا قد نكون الآن امام مقتلة العصر سواء لجهة حمامات الدم وخصوصاً بعدما تجاوز عدد الضحايا 90 الفاً، او لجهة طوفان المهجّرين يكتسحون لبنان والاردن مؤسسين لانفجارات اجتماعية وامنية ولو بعد حين، او لجهة ما هو ادهى اي اشتعال الحرب المذهبية بين السنّة والشيعة على نطاق اقليمي وخصوصاً في البلدان المتورطة ميدانياً في القتال مثل لبنان والعراق؟
في موازاة كل هذا من المؤلم ان يطل علينا الاخضر الابرهيمي المنسيّ مرة كل شهر ليبلغنا مثلاً ان سوريا تتجه الى الصوملة وما هو اسوأ من الصوملة، لكن من المؤلم اكثر ان يقف مدير الاستخبارات الاميركية جيمس كلابر امام الكونغرس ليقول “ان الاسد قد يستخدم الاسلحة الكيميائية، فالنظام عندما يشتد الخناق عليه ويكتشف ان تصعيد العنف باستعمال الاسلحة التقليدية، الطيران ومدفعية الميدان وصواريخ سكود لم يعد يكفي، قد يستعمل السلاح الكيميائي ضد الشعب السوري”.
والسؤال: هل بدأت معركة الحسم النهائي التي قد تغرق سوريا في الكيميائي والمنطقة بالكوارث بينما العالم يتفرج؟
النهار