صفحات العالم

المؤتمر الروسي لماذا؟!


 راجح الخوري

لنقرأ جيداً كلام سيرغي لافروف وهو يشرح الغاية من الدعوة الى عقد مؤتمر دولي لتسوية الازمة السورية: “فكرتنا هي دعوة جميع اللاعبين الرئيسيين الى عقد مؤتمر دولي. في حال انعقاده يلتحق الجانب السوري في ما بعد. ومن المتوقع مشاركة 15 دولة، عليها جميعها تأكيد تأييدها لخطة انان وتنفيذها عن طريق استخدام كل لاعب دولي نفوذه مع الجهة السورية التي يمكن ان يؤثر عليها وإجبار جميع السوريين على ايقاف العنف كما هو منصوص عليه في بنود خطة انان السلمية وقرار مجلس الامن”.

مثير جداً ان تدعو موسكو الى مؤتمر دولي للضغط على اطراف المعارضة السورية في حين لم يعد الضغط ينفع اولاً بسبب طوفان الدم المتصاعد بوتيرة مرعبة، وثانياً بعدما اتسعت رقعة الدمار والتهجير وغطت حرائق المواجهات المسلحة معظم الاراضي السورية، بينما كان في وسعها ان تختصر طريق الجلجلة والمآسي قبل اشهر بالضغط على النظام السوري كي يستجيب البند الاول في خطة كوفي انان.

وقد يكون من الضروي التذكير بأن مبادرة انان كانت نتيجة اجماع عربي ودولي في مجلس الامن، قد لا يتوافر في الظروف الحالية للمؤتمر المقترح، وخصوصاً عندما تصر موسكو على دعوة ايران، التي تعلن نفسها فريقاً الى جانب النظام يقف في “اعلى درجات الجاهزية للرد على أي ضربة خاطفة قد تستهدف النظام” وهو ما سمعه لافروف في طهران!

واذا كان الاجماع الدولي على تأييد مبادرة انان، لم يقنع الاسد بوقف النار قبل القضاء على ما يسميه “العصابات الارهابية”، فهل تظن موسكو ان المؤتمر الذي تدعو اليه يمكنه ان يعيد الامور الى المربع الاول، بعدما تحولت سوريا مسرحاً لصراع بين الحسابات والمصالح الاقليمية والدولية؟

لا تغالي المعارضة السورية عندما تعتبر ان الغاية الروسية من الدعوة الى المؤتمر هي شراء المزيد من الوقت للنظام لكي يحاول استعادة سيطرته على بعض المناطق التي فقد السيطرة عليها وفقاً لكلام ايرفيه لادسوس. وما يدعو الى الاستغراب ان لافروف يريد اقفال الابواب على كل المؤتمرات الاخرى، في حين انه كان في وسع موسكو ان تختصر الطريق منذ اشهر بممارسة ما يكفي من الضغط على النظام كي ينفذ التزامه المعلن لخطة انان بما يؤدي فعلاً الى فتح الطريق امام حل سياسي يحفظ مصالح موسكو الحيوية في سوريا، وهي المصالح التي قد تتعرض للأذى في العالمين العربي والاسلامي نتيجة الانحياز السافر الى جانب الاسد وقد وصل الى درجة تزويده طائرات هليكوبتر هجومية وقت يرى العالم صور هذه الطائرات تدك بيوت السوريين!

المسخرة ان موسكو تريد ان تتفق دول الاقليم والعالم على سوريا قبل ان يتفق السوريون على سوريا في وقت تتأجج الحرب الاهلية على انغام السياسة الروسية!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى