صفحات المستقبل

المجلس الوطني أخطاء قاتلة واستراتيجيات فاشلة


د. حسان الحموي

منذ بداية الثورة كنا نتمنى على المعارضة رص الصف وتوحيد الجهود وتوضيح الرؤى وتنسيق الأهداف ووضع الآليات وفق المعطيات المحلية والإقليمية والدولية .

وكانت نسب التفاؤل كبيرة من خلال معاينة الشخصيات المعارضة التي رغبت في الانضمام إلى العمل الوطني آنذاك .

ومع تقدم الوقت تبين لنا أن هناك غموض في الرؤى ، وأن الرؤية التي يتمتع بها المتظاهرون في الداخل أوضح بكثير من الرؤى التي يمتلكها أعضاء المجلس الوطني ، أو هيئة التنسيق الوطنية ، مع الأخذ بعين الاعتبار دخلاء المرحلة ، لكن بالعموم نقول أنه في جميع المراحل كان المتظاهرون يسيرون وتسير خلفهم قافلة المعارضة ، فلم نلحظ أن المجلس الوطني شكل في أي مرحلة من المراحل رافعة للعمل الثوري ، وإنما كان أداءه محبطا ، بسبب استناده على النوايا وقراءة الخريطة السياسية الخارجية ، وعدم اعتماد على إرادة الجماهير ، فقراءته للخريطة السياسية الخارجية جعلته يقع في إشكالية العمل الممكن دون الرجوع إلى الإمكانات الجبارة للثوار في الداخل ، وبالتالي فإن المعارضة منشغلة في العمل السياسي وليس العمل الثوري ، وهذا هو جوهر القضية التي تَفصل تشكيلات المعارضة عن الثوار في الداخل والخارج .

الأمر الآخر أن هناك محظورات للعمل السياسي تحدده الدول المنتجة للقرارات ، وبالتالي لا يستطيع المجلس ولا هيئة التنسيق التقدم خطوة واحدة باتجاه أي هدف ما لم يكن موافقا عليه من قبل تلك الدول.

فالمعارضة وقعت في عدة أخطاء إستراتيجية كان لها تأثير على أدائها الميداني طوال العشرة شهور الماضية يمكن إيجازها بمايلي:

–     بداية لم تستطع الاستفادة من العوامل الداخلية على الأرض والمتمثلة ( بالثوار – الجيش السوري الحر) . والتي كان من الممكن لو تم تفعيلهم بالطريقة المناسبة لشكلوا رافعة للعمل الثوري و لَتَم الاعتماد عليها في تشكيل الرؤى الإستراتيجية للعمل السياسي والتفاوضي في الخارج .

وبالتالي فإن طاقات العمل الثوري تذهب سدى دون الاستفادة منها على النحو المرجو، وذلك نتيجة قراءة خاطئة عند البعض ممن يمتلكون القرار عند المعارضة .

–     إن الثوابت التي وضعها منظرو المعارضة في الخارج شكلت قيودا للحركة بحيث يصعب تنفيذ أي خيار إذا لم يتم تجاوزها مثل ( التدخل الخارجي – و دعم العمل المسلح للجيش الحر – والمناطق الأمنة – والقرارات الدولية تحت البند السابع – وحماية المدنيين تحت البند الثامن).

–     اعتماد المعارضة على دول تخضع لأجندات الصهيونية العالمية ، وتأخذ بعين الاعتبار مصلحة الدولة الصهيونية أولا ، وبالتالي فإن أي قرار يمكن أن يشكل تهديد لأمن الكيان الغاصب سواء في هذه المرحلة أو على المدى البعيد لا يمكن تبنيه من قبلها .

–     والخطأ الأهم الذي وقع به المجلس الوطني في بداية مسيرته هو عدم ضم الشخصيات المعارضة ذات الوزن الجماهيري على الأرض والتاريخ المرير مع الأسد وطغمته الحاكمة ، مما أفقد المجلس الكثير من وضعه التمثيلي للشعب الثائر، كأمثال هيثم المالح ، وعدنان العرعور ، و محمود الدغيم ، ووحيد صقر ، وسقراط البعاج وميشيل كيلو وعارف دليلة ، وغيرهم كثير .

–     نحن ندرك أن العمل السياسي دائما يعمل بالممكن؛ لكن خلق هذا الممكن يكون بيد أصحاب القرار؛ بغية الانتقال من مرحلة ردة الفعل إلى الفعل، فالذي فعله الثوار بالداخل هو الفعل بعينه ، ولكن الذي تفعله المعارضة لغاية الآن هو ردة فعل .

الأمر الايجابي في هذه المرحلة أن المعارضة تستفيد من أخطائها ، ولكن الأمر الغير مرغوب هو تكرار هذه الأخطاء ، فتبني الجيش الحر وإمداده بالعتاد والمال وتأمين عائلات الضباط والأفراد ، يجب أن يكون من أولى ألويات المعارضة في الداخل والخارج ، والمجزرة التي حصلت بالأمس تشكل منعرجا خطيرا في العمل الثوري ، وربما تؤدي إلى شرخ ضمن صفوف المعارضة ؛ سواء في الداخل أو الخارج.

الأمر الايجابي الآخر هو القرارات الدولية التي تتوالى من منظمات حقوق الانسان ، وهيومن رايس ، والجمعية العمومية للأمم المتحدة ، وفي القريب العاجل في مجلس الأمن ، وبالتالي يجب أن تكون تلك القرارات محفزا للعمل السياسي البناء عند المعارضة ، خاصة مع وجود حكومات ثورية حديثة لديها الاستعداد الكامل لتبني المعارضة السورية ودعمها سياسيا وماديا ولوجستيا، كليبيا وتونس.

أخيرا ننوه إلى أن المجلس رغم مناشدته العالم لنجدة مدينة حمص واعتبارها مدينة منكوبة ، إلا أنه لم يتوجه بطريقة فعالة إلى المنظمات الدولية ذات الصلة ، لتأمين الحملات الإغاثية للمدن المنكوبة ، فلا تكفي المناشدة الإعلامية وإنما يتحتم على المجلس منذ البداية تخصيص لجان لهذا العمل فهو يحتاج إلى جهود جبارة سواء على المستوى الإغاثي ، أو على المستوى الإعلامي والسياسي.

 فهل نشهد انطلاقة جديدة للمجلس الوطني في المرحلة المقبلة بعد مؤتمره الذي عقد في تونس وضمه للعديد من الشخصيات ذات الثقل السياسي !.

نرجو ذلك…….

الدكتور حسان الحموي

http://the-syrian.com/archives/58180

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى