المجلس الوطني السوري: التماثل مع ليبيا
ابراهيم الأمين
طلب المجلس الوطني السوري «تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية وتوفير حماية دولية للمدنيين بغطاء عربي، كذلك دعا إلى «الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلاً للثورة السورية والشعب السوري». وطلب المجلس من «كافة أبناء الشعب تصعيد الثورة السلمية الشعبية حتى تحقيق طموحات الشعب كاملة».
هذا الموقف صدر قبل إعلان الجامعة العربية بنود الاتفاق الذي حصل بينها وبين سلطات دمشق بشأن سبل لحل الأزمة السورية. ومعدّو البيان لم يغفلوا طبعاً نوعىة المناقشات التي جرت بين وفد اللجنة العربية والحكومة السورية، بل كانوا على اطّلاع على «تفاصيل التفاصيل»، كما أبلغ دبلوماسي خليجي في الجامعة العربية أمس دبلوماسياً لبنانياً.
لكن هذا الموقف صدر بغية أخذ المسافة مسبقاً من أي تفاهم يعتقد أعضاء المجلس الوطني أنه لن يحقق المطلوب في دفع النظام في سوريا إلى تسليم المجلس السلطة. هذا على الأقل ما أبلغه أبرز المتحدثين باسم المجلس الدكتور برهان غليون «الأخبار» (الاثنين ١٧ تشرين الأول ٢٠١١) عندما قال «لسنا بحاجة إلى وسيط لإيصال رسائل إلى النظام، وخصوصاً أننا لا نتحاور معه. نحن مستعدون للتفاوض مع أي طرف من النظام على نقطة واحدة وحيدة، وهي كيفية نقل السلطة وتفكيك النظام القائم والدخول في مرحلة انتقالية نحو الديموقراطية في سوريا».
موقف غليون هذا الذي يعبّر عن توافق بين جميع مكوّنات المجلس الوطني، ويدعمه حشد كبير من المحتجين الناشطين في المدن السورية، يعني أمراً واحداً: أن المعارضة السورية في قسمها الذي يمثله المجلس الوطني، والذي ينشط أركانه في الخارج، لا تريد أي تسوية، ولا تريد أي حوار، وجلّ ما تريده إما إسقاط النظام من خلال الاحتجاجات وإما أن يحل النظام نفسه. لكن بيان أمس أضاف أداة جديدة متمثلة في دعوة العرب إلى العمل لتحقيق هذا الهدف من خلال «تجميد عضوية» النظام السوري في الجامعة العربية، و«توفير حماية دولية للمدنيين بغطاء عربي»، والاعتراف بالمجلس «ممثلاً للثورة السورية والشعب السوري».
مشكلة المجلس الوطني ليست في تجاهله الوقائع القائمة على الأرض، ورفض اعتبار أن هناك فئة قليلة من الشعب السوري تؤيّد بقاء النظام الحالي كما هو، وأن هناك فئة أخرى غير قليلة تؤيّد بقاء النظام مع إصلاحات كبيرة. لكن المشكلة في أنه يرفع سقف المواجهة متّكلاً على أشياء غير معروفة. بالطبع له الحق، كما لكل معارض للنظام أن يبحث عن الأسلوب الأفضل لتحقيق هدفه.
المجلس الوطني حاول تمييز نفسه عن معارضين، لكنه انتهى إلى الاكتفاء بعملية تجميل تأخذ في الاعتبار «خلفية شخصية» لمعارضين بارزين مثل غليون، لكنها لم توفر خطاباً مختلفاً في الجوهر، لأن المجلس الذي يطالب العالم بالتدخل تحت راية العرب، إنما يقول بعبارات مهذبة ما يقوله خدام، مثلاً، ويقوله آخرون عن ضرورة التدخل الخارجي لإسقاط النظام.
النتيجة واحدة: صار المجلس الوطني أقرب إلى مجلس الناتو الليبي… بارك الله فيه!.
الأخبار