المركزي السوري”: المواطن يقتل الإقتصاد/ نائل حريري
نائل حريري
“المواطن هو المسؤول عن تدهور العملة السورية”. هكذا حلّل حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة الوضع الاقتصادي السوري في لقاء تلفزيوني يوم الأحد الماضي. العملة السورية التي بلغت مؤخراً 123 ليرة مقابل الدولار الواحد، يعود السبب في تدهورها حسب ميالة إلى “قيام المواطن بتبديل مدخراته بالليرة”. اللقاء الذي بثته الفضائية السورية ضمن برنامج “حديث البلد”، خُصّص لمناقشة تدهور سعر الليرة أمام الدولار، وأعلن فيه ميالة أن “المضاربة على الليرة السورية جزء من الحرب على الليرة”.
يحاول “المركزي” الإيحاء بسيطرته على المال السوري، فيما يثير السخرية تحميله الشعب السوري جزءاً من المؤامرة على الاقتصاد. بذلك لا يعود المسلح أو المعارض وحده هو عدو الدولة السورية، بل “المواطن” عموماً. هكذا اعتبر ميالة أن من يضارب بالليرة السورية “مثله مثل حامل السلاح في وجه المواطن السوري والجيش السوري، هذا يقتل الإنسان وهذا يقتل الاقتصاد”.
وفي ما يخص خطة مجلس النقد لاحتواء أزمة تدهور العملة، فقد استفاض ميالة في شرح الآثار التي حققتها تصريحاته الإعلامية يوم الأربعاء السابق والتي تلخصت في أن “الدولة لديها خطة لاحتواء الأزمة، ولا يزال هناك احتياطي استراتيجي لدى المركزي”.
اعتبر ميالة أنّ تصريحه كان السبب في هبوط سعر صرف الدولار من 123 إلى 108 ليرات، مشيراً إلى أن التصريح كان في آخر الدوام يوم الأربعاء الذي تلته أيام الخميس والجمعة والسبت. ولفت إلى أنه “بمجرد التصريح فقد أحجم المواطن عن شراء القطع الأجنبي وبالتالي ارتفعت قيمة الليرة فوراً”. اعتبر ميالة هذا الأمر دليلاً على عدم وجود عامل اقتصادي يلعب دوره، بل هو العامل النفسي فقط. هل تتلخص خطة المركزي، إذن، في سياسة استغلال العامل النفسي؟ ماذا عن المواطن الذي يدفعه خوفه إلى شراء القطع الأجنبي؟ هل ستكفي التطمينات النفسية لتأمين معيشته؟ وإذا لم يتوقف عن المضاربة والادخار فكيف سيتم التعامل معه؟ مستقبل الاقتصاد في هذا الوقت محكوم بأولويتين ما زال النظام متمسكاً بهما: توسيع العملية العسكرية في ظل استمرار الطمأنة الإعلامية عبر استغلال “العامل النفسي”.
وقد عاد ميالة ليكرّر تصريحاتٍ قديمةً مكررة لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف العام 2011. حين أسس الأخير ما سمي “الجيش الاقتصادي السوري”. إذ كرّر الدعوات للاحتفاظ بالليرة السورية، ومع تكرار دعوته من قبل ميالة لم يبلغ الغرور هذه المرة حدّ تكرار وعود مخلوف في أن الليرة إلى ارتفاع. اقتصرت الوعود هذه المرة في أن هناك “إجراءات هامة وإيجابية” ستتخذ، لكن “لا يمكن الإفصاح عنها قبل التشاور عنها”.
لا يفهم حتى الآن ما الذي سننتظره من وعود رئيس الحكومة وحاكم المركزي عن “وجود خطة واضحة لدى الحكومة وإجراءات مناسبة ومهمة”، خصوصاً في ظل التناقض في اعتراف ميالة أن “الأزمة الاقتصادية ناتجة من التدهور السياسي” وأن “نتائج هذه الحرب تكلف الدولة مئات المليارات من الليرات والقطع الاجنبي”.
تتوقع تصريحات دولية عدة أن يستنفد احتياطي العملات الأجنبية في سوريا قريباً في ظل العقوبات الدولية ضد النظام. من تلك التوقعات ما نقل عن دبلوماسي غربي في لندن حيث صرح في شباط/فبراير الفائت قائلاً أن العمر المتبقي للاحتياطي النقدي السوري لا يزيد على “ثلاثة إلى خمسة أشهر”. لكنّ الحكومة تؤكد صمود الاقتصاد السوري، ويبدو أن هذه التصريحات لا تختلف كثيراً عن مثيلتها السياسية التي ما زالت تؤكد أن “سوريا بخير”.
المدن