المعارضة السورية كما تسمى… وينها
ان عجز مختلف التشكيلات لما يسمى بالمعارضة السورية اصبح مخيفا و بات من الصعب تجاهله او الدفاع عنه ، لا سيما أنه و بالفترة الأخيرة ومع اشتداد العدوان الذي يمارسه النظام الأسدي و بالتالي ازدياد أعداد المهجرين من بيوتهم كشفت هذه التشكيلات عن عورتها و ظهرت حقيقتها العاجزة عن اي شيء .
مع بداية ظهور هذه الشخصيات المعارضة على الفضائيات اكتسبت شعبية ما بسبب تبنيها للثورة السورية و دفاعها عنها بكلام عاطفي مكرر الى حد الملل (و في تلك الفترة اي مع بداية الثورة كان هذا النمط من الكلام مقبول) و لعل ابرز ما اثلج قلوب السوريين ظهور الشخصيتين الاكثر شهرة و شعبية و احتراما لدى السوريين و اقصد هنا برهان غليون وهيثم مناع ليتوج هذا الظهور وهذه المكانة الشعبية الى ظهور المجلس الوطني و الهيئة و الذي من المعروف انهما لولا وجود هاتين الشخصيتين على رأسهما لما استطاعتا كسب أي بعد شعبي لكن …. و كما تقول ستي (و مشيت الايام و المتخبي بان)
ان الأشهر القليلة التي سبقت الثورة السورية كانت ملأي بالترقب و الانتظار، كانت كلمة الثورة تنتقل بين الناس و الشباب الملتهب يلتقي و يخطط و لكن كيف يبدأ ،و جاءت الاشارة من درعا و هكذا تخطت الثورة السورية العقبة الاولى. و مع قيام النظام و بكل عنجهية و بلادة باستخدام الرصاص الحي في 18\3\2011 ليؤكد للمترددين و لمن كان يأمل بانتفاضة قصيرة العمر تفضي لبعض الاصلاحات و المكاسب ، بأن هذا النظام ما زال كما هو بنفس العقلية المتحجرة. ومن ثم جاءت المفاجأة الثانية لكن هذه المرة من طرف السوريين لتمتد الثورة و تنتشر كالنار في الهشيم و لتعم مختلف انحاء سورية في ابهى شكل و لتؤكد على وحدة و تلاحم الشعب.
لن استفيض في مسيرة الثورة السورية و لكن ذكرت ما سبق لأدلل على ان الشعب السوري اثبت و من خلال عدة لحظات حاسمة على وعيه السياسي الكبير و قدرته على التحكم و على الفعل كما أنه استطاع ابتكار الاشكال العديدة للمقاومة و الاستمرار بثورته و هو في كل هذا يؤكد على وعيه و تلاحمه و معرفته التامة بغايته على عكس ما يؤمن به مثقفيه و لاسيما المعارضين الذين و بدلا من تقديم خطاب سياسي حقيقي اكتفو بخطابات التجييش و الرشوة العاطفية للناس .
تفهم الناس كل الحجج التي قدمها الدكتور غليون للاداء السياسي السيء للمجلس و اعتقدو ان تقديم هذه الأعذار هو خطوة على طريق تخطي العقبات و الانتقال الى مستوى الثورة و لكن بدلا من ذلك استمر غليون و منذ سنة و نصف و حتى الآن بتقديم نفس الأعذار و بنفس الكلمات دون زيادة او نقصان ، أما بالنسبة للدكتور هيثم مناع و الهيئة فللاسف و بسبب من مواقفهم الغامضة و تصريحات مناع التي لا معنى لها و لا مكان ، فقد فقدت الشيء الكثير من شعبيتها حتى انها تسبب الكثير من الحرج للمؤمنين بها .
الآن و بعد مرور كل هذه الشهور الطويلة و مع التطور القبيح في اساليب النظام القمعية و التطور الطبيعي للثورة السورية في مواجهة هذا الانفلات اللانساني الذي تواجه به فقد عظمت اعداد المهجرين و ظهرت مشاكل انسانية بسبب ظروف اللجوء القاسية فان السؤال البديهي الذي يطرح نفسه و بقوة : اين المجلس الوطني و سائر التشكيلات الأخرى ؟
لم تستطع كل هذه الاعداد الضخمة من المعارضين المفترضين ( الذين يقضون جل وقتهم على الشاشات و في فنادق المؤتمرات ) تشكيل ولو هيئة واحدة للعناية بالمهجرين و تنظيم امورهم بالرغم من علمهم بان دول الجوار العربية هي كما العادة مجرد كيانات تابعة لا قيمة لتعهداتها و لا مكان للعرف الانساني في حساباتها .
في حقيقة الامر فان الشيء الوحيد المطلوب من هذه التشكيلات كان الاهتمام بهذه القضية فقط بعد ان غسلت الثورة يديها من هذه التشكيلات و نجومها التلفزيونيين و مع ذلك عجزوا ليزيلوا بذلك آخر أوراق التوت و ليظهر عريهم باقبح شكل.
بسبب من البداية العفوية للثورة و اساليب النظام اللئيمة اللانسانية في ملاحقة الناشطين و اغتيالهم و بسبب من طهرية فكرة الثورة فقد ابتعد الثوار عن تشكيل هيئة قيادية لهذه الثورة بسبب من خشيتهم ولوج العمل السياسي القبيح ، و لكن بات الآن من الاهمية بمكان تشكيل مثل هذه الهيئة لقطع الطريق على تجار الدم السوري و للعمل على تنسيق حقيقي على الارض لاساليب النضال و ضمان المتابعة اليومية لمشاكل المهجرين و للكثير و الأهم هو وفاءا للدماء الطاهرة و المعتقلين المنتظرين خلف الابواب الحديدية لا بد من قيادة حقيقية للثورة بعيدة كل البعد عن كل الهراء المنتشر خارج حدود الوطن.