صفحات العالم

المقاومة السلمية في سوريا، على الرغم من العسكرة


المترجمون السوريون الأحرار

العسكرة والتعصب بسبب إستراتيجية الأمن المستخدمة من قبل النظام:

ظاهرة العسكرة في سوريا امرٌ لا مَفَر منه. إنها نتيجة مباشرة للعنف المتطرف المرتكب من قِبل النظام السوري. في حين كانت المظاهرات سلمية منذ البداية، قام النظام بقمع المحتجين بمساعدة من أجهزة الأمن، الجيش و عناصر الشبيحة. كان هدف هذا القمع هو زرع الخوف لدفن الثورة.

لقد نجح هذا النظام بقمع الإحتجاجات من قبل، حيث لاحق الإخوان المسلمين في العام ١٩٨٢، واوقف “الربيع الدمشقي” عام ٢٠٠٠، بعد أن تسلم بشار الأسد الحكم بعد وفاة والدة حافظ. حينها فتح الأسد الابن المجال للإصلاحات. عندما بدأت منظمات حقوق الإنسان و المنظمات غير الحكومية بطرح أفكارها، أغلق الأسد الباب في وجهها، لأن إصلاحاتهم الديمقراطية قد تنهي إقصاء الأسد السياسي والاقتصادي لأغلبية المواطنين.

إستراتيجية الأمن المتبعة من قبل النظام قد غيرت الطابع السلمي للمظاهرات. الجيش السوري الحر، المكون من جنود منشقين عن الجيش النظامي وعدد من المواطنين، لم يعد يلزم نفسه بحماية المتظاهرين أيام الجمعة فقط، لكنه تحول إلى إستراتيجية الهجوم على النظام.

المحللين، ومنهم “جوشوا لانديس” يعتقدون أن الجيش الحر أقترف خطأً تقديرياً بإتباع تلك الإستراتيجية، لأن نفوذه محدود مقارنةً بنفوذ الجيش النظامي ذو الأسلحة القوية.

على عكس الثورة المصرية، لم تؤد الثورة السورية إلى رحيل الرئيس، ولم يقم الجيش  باختيار طرف الشعب السوري. إضافةً إلى ذلك لم تحصل موجة من الانشقاقات في الجيش، كما كان يأمل الثوار.

السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هنالك بديل للعسكرة، حيث لم يترك النظام مجالاً للتظاهر السلمي؟

لقد أظهرت مجموعة إدارة الأزمات الدولية في تقرير أصدرته بعنوان: “المرحلة المتعصبة في سوريا” أن النظام السوري مسؤول عن نمو التعصب و التوترات العرقية، التي قد تقود البلاد إلى حرب أهلية. لقد قام النظام بزرع الكره بين الفئات الاجتماعية، و قام بتحريض التوترات العرقية لكي يحمي نفسه، و يبقى على قيد الحياة.

بدعمٍ من المسيحيين والعلويين، استطاع الأسد الحصول على دعم ما يقارب ٢٥% من المواطنين السوريين. اليأس والكره عند المواطنين السنيّين يتصاعد كلما أكمل النظام ما بدأه من قمع. يعتقد الكاتب خالد خليفة أن منهاج التفرقة الذي يستخدمه النظام بدأ بالنجاح.

قد يقوم الجيش الحر بخرق القانون الدولي، كما يؤكد كل من المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي ومنظمة هيومن رايتس واتش، لكن تلك الخروقات لا تلغي مسؤولية الحكومة السورية تجاه المواطنين.

يحذر المحللون أن مجموعات إسلامية متطرفة قد توسع نفوذها في المنطقة، مشيرين إلى تسلل مجموعات أو عناصر سلفية غامضة. يعود هذا التوجه إلى طرفين، الأول هو النظام السوري، الذي قام بوصف المتظاهرين بأنهم “عصابات سلفية جهادية مدعومة من الخارج”، والطرف الثاني المسبب للتطرف هي الجهات الخارجية، وبالأخص المملكة العربية السعودية، التي تدعم المعارضة السورية.

إن الحركة الوهابية ليست مهتمة بِمطالب الشعب الديمقراطية، لكنها وجدت فرصةً لتقوية نفسها ضد إيران الشيعية في ظل ضعف الجيش الحر والانقسام الدولي حول الأزمة السورية.

التدخل الخارجي في سورية من قبل السعودية و دول الخليج من جهة، و إيران من جهة أخرى يُغذي العسكرة في البلاد. ذلك التدخل يجلب معه صراعاً اكبر بين الأطراف العديدة، يُقام على حساب السوريين. هذا الصراع قد يؤدي بدوره إلى تصاعد العنف الإقليمي في المنطقة.

في هذا الصدد تكون المحادثات القائمة مع إيران فيما يخص برنامجها النووي مهمة جداً، حيث يقلل ذلك من خطر التصعيد الدولي.

هل بقي مجال للمقاومة السلمية؟

على ما يبدو، فإن احتواء العنف في سوريا غير ممكن، وأن الغرب لا يستطيع فعل شيء سوى متابعة الأزمة عن بعد، أو التدخل العسكري و دعم المسلحين. تلك الفرضية تتجاهل الوضع في الأيام الأخيرة.

أولاً: فقد حصلت تطورات في الساحة الدولية، مثل قرار مجلس الأمن رقم ٢٠٤٢ الذي يظهر التوافق الدولي الهش بخصوص الثورة السورية. و هذا بالضبط ما تعنيه مهمة المبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي انان; فهي الوسيلة التي تمكن مجلس الأمن من اتخاذ إجراءات، خصوصاً أن روسيا والصين تدعم الأسد بشكل غير مشروط

ثانياً: الزخم المتنامي للثورة السلمية و هو العامل الرئيسي لها، حيث كان في  يوم الجمعة ١٥ نيسان اكبر تظاهرة سلمية تحت شعار” الثورة لكل السوريين” شهدتها سوريا منذ بداية المظاهرات، و قد وصل عدد المظاهرات إلى أكثر من ٧١٥ تظاهرة.

عبر تلك المظاهرات، اثبت الشعب السوري انه موحّد تحت راية الثورة، بغض النظر عن خلفياته العرقية والدينية والمذهبية.

هؤلاء السوريون يحلمون بسوريا جديدة، لا فرق فيها بين المواطنين. هذه الديناميكية تتعارض مع التطرف والعنف الطائفي.

بدلاً من الوقوف دون عمل شيء، أو الدعم العسكري; على المجتمع الدولي أن يوجه اهتمامه إلى تلك الحركة السلمية، فهي أفضل فرصة لمستقبل سلمي و ديمقراطي لسوريا.

في سوريا اليوم تماسك اجتماعي غير مسبوق بين الجهات المختلفة في المجتمع  السوري، حيث يتشارك نشطاء حقوق الإنسان، و رجال الأعمال ورجال الدين الهدف نفسه.

في السنوات الأربعين الماضية، منع النظام السوري كل شكل من التطور المدني في المجتمع، لكن هذا لا يعني عدم وجود مجتمع مدني متطور في سوريا. الأنظمة الدكتاتورية ليست مرادفاً لطاعة الشعوب. المقاومة الاجتماعية موجودة وتنمو. التحدي الذي يقف في وجه المعارضة هو أن عليها تنظيم نفسها في وقت النزاع المسلّح.

هذا التقرير كُتِب بيد “بريجيت هِرِهَ مانس” موظفة مختصة بالشر ق الأوسط لدى منظمة “القسمة الأخوية” البلجيكية (منظمة كاثوليكية غير حكومية تسعى للتنمية في البلدان المحتاجة) ولدى منظمة “باكس كريستي” (سلام السيد المسيح، و هي منظمة بلجيكية من اجل السلام)

المصدر:

reedzaam Verzet in SYRIË Ondanks Militarisering

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى