الناس في الثورة
وليد تليلي
أحوالهم
– حال الثكلى: يُبكيها المتبقّي منه في البيت، كصديقته التي يعانقها في الصورة، رائحة التبغ على ملابسه، سعاله آخر الليل أو كرسيّه الشاغر أمام التلفاز. لذلك خرجت تسعى في الشارع الطويل.
الكلّ فرِحَ وَحزِن في صمتٍ حين رآها.
لا عجب. هي ستنتبه إن عاجلاً أم آجلاً إلى أنّ الشارع صار يحمل إسمه أيضاً.
– حال الأرملة: أخيراً أخيراً نزعت ثوب الحداد الأسود وخرجت.
الأبيض يلائمها أكثر على كلّ حال.
حتّى وإن كان كفناً!
– حال البنت: قطفت لحبيبها وردةً
وضعتها في كأس ماء كي لا تذبل
في الصباح خرجت قبل الجميع
لتضعها على قبره.
– حال العاطلين: يمشون طوال النهار بين المقهى والمقهى.
اليوم بفضل الثورة صار لهم مقهى ثالث.
– حال الشاعر: ترك كتابة الشعر من أجل كتابة الشعارات.
– حال الأخرس: هو الوحيد الذي يعلم الحقيقة. ولكن…
– حال الأطفال: وحدَهم كانوا السعداء.
بإمكانك أن تراهم يرقصون أمام المدرسة المقفلة، أو أن تسمع صرخاتهم في طريق عودتهم من هناك:
المعلّم هرب
المعلّم هرب
المعلّم هرب!
¶¶¶
أقوالهم
– امرأة لزوجها العاطل: عُد بالدواء من أجل الصغير
عدْ برغيفٍ وبيضتين
المهمّ أن تعود
ولو برصاصة في الظهر!
– امرأة لزوجها السياسي: كنتَ ثوريّاً جدّاً ليلة البارحة على التلفزة… حتى إني تمنّيتُ لو كان “البلاتو” هو غرفة النوم.
– شاعرٌ لحبيبته: ابتسامتكِ أجملُ من لحظة سقوط الطاغية.
– أمّ لابنها: ليحمك الله يا ابن الكلب!
– الإبن العائد من التظاهرة: كنتُ أغنّي
وكلّ ذلك الرصاص كان مجرّد إيقاعات.
– رجلٌ ما: الغاز لم يكن مسيلاً للدموع، لم يكن قاتلاً، لم يكن سيّئاً.
أنا مثلاً ساعدني على الإقلاع عن التدخين.
– عامل البلديّة: رصاص، حجارة، قنابل حارقة، قنابل مسيلة للدموع، هراوة شرطيّ، خوذة محطّمة، قميص، حذاء، محفظة فارغة، أوراق، أوراق، أوراق…
ماذا أقدّم للقطط هذه الليلة؟!
– عزباء: سقط 300 عريس!
آه… 300 شهيد.
– ثملان في البار: الأوّل: الثورة منهكة لكنها ممتعة أيضاً، وخصبة. تماماً مثل ممارسة الجنس.
الثاني: على هذه الحال، ثورتنا عمليّة استمناء.
– هههههههههههههههههههه
– هههههههههههههههههههه
النهار