النفط أداة القمع السوري
سعود القصيبي
كان طبيعيا ان تحظى احداث الدراما السورية بأهمية خاصة في المشهد الدولي برمته الذي بدأ يتحرك بجدية لوقف المجزرة التي يرتكبها النظام السوري بعدما حصدت آلته العسكرية 2000 مواطن وزجت ب¯ 10 آلاف اخرين داخل السجون, في مقابل استمرار ذلك النظام بتقديم الوعود بغية – حسب قوله – السير على طريق الاصلاحات, الا انه استهدف التهدئة, وبان ان الاصلاحات لم تحدث وان التهدئة لن تقوم لها قائمة.
ورغم أن النظام السوري تجاهل الوفاء بتعهداته الدولية, الا أنه يبدو للعيان أن الاتجاه العالمي لن يكرر تدخله المباشر كما في ليبيا من خلال الاستعانة بقوات مثل حلف الناتو, نتيجة لظروف سورية المغايرة. الا أن المتتبع للأحداث عن قرب يشعر أن هناك تدابير دولية اكثر حزما للضغط على النظام السوري من خلال تكثيف الضغط الاقتصادي او خنقه اقتصاديا بما ينتجه في ارضه, من خلال قطع مداخيله من العملات الاجنبية المحرك الاساس والداعم للآلة العسكرية السورية, والآتية من النفط.
وفي هذا المنظور وقفت متأملا مقالا بعنوان “هل تكون مقاطعة النفط السوري ناجحة ” للكاتب والمستشار في الشؤون النفطية “جوني وست” للوقوف على أهمية الصادرات النفطية السورية كأداة ضغط لحل الأزمة السورية وحالة الغليان الشعبي المحلي والعالمي على وحشية النظام وأسوب تعاطيه مع مواطنيه. ومما استوقفني -في سرده – أن الصادرات النفطية السورية صغيرة نسبيا قياسا بالانتاج العالمي حيث تبلغ نحو 150,000 برميل يوميا تمثل ربع أو ثلث الموازنة السورية, حيث لا أحد يعلم بالضبط قيمة العائدات السورية الفعلية من النفط. ويسوق النفط السوري من خلال شركة سيترول الحكومية, وهي شركة خارج السيطرة الحكومية, ومراقبتها تتم من خلال مكتب رئيسها بشار الاسد وليس عن طريق الوزارة المختصة في الشؤون النفطية. ويتحكم في الانتاج والاكتشاف النفطي شبكة معقدة من التحالفات التي تشمل في أغلبها نسبة خمسة في المئة غامضة وشركات وأشخاص قريبيون من النظام. وإحدى هذه الشركات أداة استثمارية مسجلة في بريطانيا مملوكة لرامي مخلوف ابن خالة الرئيس بشار الاسد تم تجميدها من خلال المقاطعة القائمة. كما أشار محللون عن تنامي الودائع في لبنان من العوائد النفطية السورية بالدولار سواء من أعوان النظام وحلفائه أو من التجارالسوريين.
ومن افرازات جزئية النفط أو محوره تشير المعلومات الى أن المقاطعة ستنجح عندما تتوقف بعض الدول الأوروبية والمسوقين من الشركات العالمية عن شرائه كونه نفطا متدنيا ثقيلا يحوي نسبة عالية من الكبريت ولا يعالج إلا بمصاف قليلة متخصصة في العالم تم تكييفها لهذا النوع من النفط مثلما يحدث في هولندا والمانيا, كما أنه أثقل من النفط الإيراني والعربي الثقيل. وسوف يأخذ النظام السوري أشهر عدة للحصول على بديل وإعطاء خصومات كبيرة عند بيعه لآخرين.
لقد وضعت الولايات المتحدة الأميركية في القائمة السوداء مقاطعة كل من المصرف التجاري السوري وفرعه في لبنان وهو نفس البنك الذي يستخدم لعمليات البترول السوري وبنفس القرار تم وضع شركة الهاتف المحمول سيرياتيل والمملوكة لابن خالة الرئيس مخلوف, وقد بدأ ترابط الاثنان في نفس القرار على ان موارد سيرياتيل تستخدم لاغراض النظام في قمع المتظاهرين ومدى تشابكه في إدارة الحكومة السورية.
وهناك تنام مضطرد ضد النظام السوري وعرائض عدة من حقوقين أوروبيين,, أكبرها زادت أعداد موقعيها عن الثلاثمئة ألف تدعو الدول الأوروبية إلى مقاطعة النفط السوري الذي يصدر إلى ألمانيا وفرنسا وايطاليا في محاوله لتجفيف حسب ما جاء في احدى الوثائق صندوق المذابح السوري.
وان كانت الاخبار تشير الى تردد شركات عالمية ساندت عمليات بيع النفط السوري امثال “رويل شل” ولكن شل وغيرها ستنصاع الى رأي وقرارات حكوماتها, ومن جهتها طالبت الولايات المتحدة بوقف شراء النفط السوري لحصار النظام السوري ووقف مصادره المالية, كما دعت الى عدم شرعية الرئيس السوري.
وكان من غرابة موقف النظام السوري في ظل تلك التطورات انه غير آبه لمطالب المتظاهرين والمجتمع الدولي ونصائحه باستمرار اتباع السياسة الإيرانية, والتي أثبت من خلالها أنه مجرد اداة لسياسات ايران الشرق أوسطية والمتحكم الرئيسي في السياسة الداخلية والخارجية السورية.
كما بدأ النظام السوري في تحديه للارادة الدولية أنه قد سلك طريقا لا رجعة فيه باستمرار حالات القمع والقتل ورفضه الرسالة التي قام بها الرئيس التركي من دعوة للاصلاح. والرسالة الصريحة من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله والتي أشار فيها إلى مفترق طرق اضافة إلى سحب عدد من دول الخليج سفراءها. واستطاع النظام السوري إلى الآن الصمود جراء رياح التغير و ثورة الكرامة بدعم من الصين وإيران وروسيا التي تخلت عنه.
والرهان الكاسب كان وما زال مع من يقف مع الشعب العربي السوري و مطالبه والدعوة إلى انتقال سلمي من السلطة بدل الشبيحة التي يريدها النظام لتخويف شعبه بها. فلا نظام حاكم دون شعب يحكمه يقدم له طاعته, ولا شعب يحكم دون امان وعدل ورعاية ومال. وتوشك اموال النظام السوري على النضوب والتي يحارب عن طريقها الشعب بعد أن فقدت سورية العدل وسبل الأمان والرعاية بأفعال النظام والتي مست كرامة كل مواطن سوري بفقدانها.
* رجل أعمال سعودي
http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/152328/reftab/36/Default.aspx