الهروب من الجحيم …التفاصيل “المملة” والمخيفة لأسرة سورية غادرت تهريب من دمشق إلى السويد
تتواصل أخبار الفارين من الجحيم السوري، لتنتهي بفاجعة، أو بأيدي شبكات من المهربين والنصابين، فيما يلي تعرض كلنا شركاء لتجربة اسرة سورية وصلت مؤخراً إلى السويد بعد رحلة شاقة وخطرة بين ايدي المهربين، كما سردها رب الاسرة السيد صالح بكل تفاصيلها:
جمع المعلومات..
يقول صالح (استاذ جامعي) “خلال السنة الماضية كنت متابعاً دقيقاً للمواقع المهتمة باللجوء وقرأت كل مشاركة وسؤال واستفسار على جميع الصفحات، هذه الدراسة اكسبتني كم هائل من المعرفة بقوانين وتفاصيل اللجوء من اتفاقية دبلن والبصمة والفيزا وغيرها.
بعد ذلك بدأت البحث عن طريقة للخروج من سوريا إلى اوروبا وحاولت جميع سفارات اوروبا في لبنان مع الرفض، حاولت عن طريق تركيا ولكن النصابين المهربين لا يملكون طرق صحيحة ومضمونة بل يلعبون القمار بحياتنا ومالنا لننتهي على قارعة الطريق اوفي أحد سجون اليونان بدون نقود.
حاولت مع مفوضية الامم المتحدة ولم يعطوا حلول اكثر من مخيم الزعتري بالاردن اوهاتاي في تركيا، حاولت مع مهرب لبناني عن طريق سفينة بمرفأ بيروت ولكنه كان نصاباً ولولا حذري من النصابين والفضل لموقع اللاجئ وقاعدته الذهبية التي تقول بعدم دفع اي مبلغ مقدما لكنت خسرت على الاقل ٢٠٠٠٠ الف دولار ولكن الحمدلله لم يحدث هذا الامر.
أخيراً وبعد مراقبتي لطرق الدخول اكتشفت أن اوروبا قد فتحت الباب الخلفي للاجئين عن طريق ايطاليا فعدت العزم وتوكلت واستخرت الله. بدأت بالتواصل مع المهربين في مصر وتجنبت الاسماء التي ذكرت في الموقع من امثال السمكة أو احمد الحوت وفي النهاية قررت التعامل مع أحدهم.
من بيروت إلى الاسكندرية
خرجت مع عائلتي من مطار بيروت الى مطار القاهرة ومن هناك الى المكان المتفق عليه لمقابلة مندوب المهرب وتفاجأت بأعداد الناس التي تريد الخروج بالقارب لدرجة أننا وقفنا على الدور وفي الطابور من أجل تسجيل الاسماء وتأكيد الحجز.
تم وضعنا في (اتوبيسات) باتجاه الاسكندرية وهناك تم وضع العائلات في شقق على حساب المهرب بالقرب من (دوار المندرة) بمعدل ثلاث عائلات في كل شقة بمعدل غرفة لكل عائلة وبدأت عملية الانتظار لمدة ثلاثة أيام مع تواصل يومي مع المهرب عن طريق الموبايل.
في اليوم الرابع وحوالي الساعة ١١ ليلاً تم تجميع ٢٠٠ شخص في بيت ولم يكن هناك مساحة لوضع اصبع اضافي بيننا ثم تم نقلنا في اتوبيسات الى الميناء ثم التسلل كاللصوص الى عنبر سفينة مهجور في الميناء، ومن ثم بدأنا الخروج مجموعات من ستة الى عشرة اشخاص الى طرف الرصيف البحري مع الملاحظة اننا كنا نزحف وننبطح احياناً لتجنب الحرس المصري وكان ايضاً هناك كلاب حراسة ولكن شكرا لله لم تأت اتجاهنا.
قفزنا لمركب صغير بمحرك سريع من على رصيف الميناء وكان المركب خفيف بشكل مخيف حتى ان الامواج كادت أن تقلبه، ثم سار بنا الزورق السريع مسافة ٤٠ دقيقة الى قارب صيد اكبر ذو طبقتين وتم وضع الرجال والحقائب في الطابق السفلي مع اقفاص السمك والنساء والأطفال على سطح المركب.
تم انتظار جميع الركاب ٢٠٠ شخص حتى تم نقلهم بنفس الطريقة الى مركب الصيد ومن ثم ابحر المركب لمدة ٩ ساعات حتى خرج من المياه الاقليمية المصرية الى نقطة معينة في المياه الدولية وبدأت عملية انتظار السفينة التي ستقلنا الى ايطاليا.
المهربون والرحلة لايطاليا
بعد انتظار دام سبع ساعات لسفينة الاحلام حصلت المفاجئة الصاعقة بظهور مركب صيد اكبر من مركبنا بقليل بدلاً من سفينة الشحن المزعومة وبدأت عملية نقل الركاب بدون سلالم أو حبال حيث كان المهربين يرمون ويقذفون الناس كما يرمون الحقائب والأمتعة، وهنا ملاحظة مهمة للجميع ان لا تحملوا (لابتوب) لأنه سوف يرمونه بالبحر كما يرمون اي شيء لا يعجبهم.
بدأت عملية الابحار بـ(وابور) الصيد كما يسمونه الذي هو عبارة عن مركب صيد بطبقتين ويوجد ٢٠ سرير في الطبقة السفلى للنساء والأطفال، لكن بدون نوافذ أو تهوية كما يوجد غرفة مخصصة لطاقم المركب، وهناك مستودع للحقائب وتنكات الماء والطعام، وهناك تواليت وحيد وتقف على الدور ومعظم الناس يجلسون على سطح السفينة، تم الابحار ليل نهار بدون توقف بعد ربط قارب الصيد الاول بنهاية الثاني وأخذه معنا وكان عدد اعضاء الطاقم من المهربين عشرة وكانوا يقدمون وجبة طبيخ من الارز والبطاطا والبسكويت والماء، هنا ملاحظة مهمة للجميع ان يستعدوا لمرض دوار البحر القاتل والمزعج جداً الذي يمنعكم من الطعام والشراب فتصاب بالوهن والتعب والعطش والجفاف فيرجى الانتباه للنصيحة التالية من الاشياء التي يجب ان تحضرها معك الى الزورق علب مياه بلاستيكيه دواء مضاد دوار البحر ليمون ملح موالح من بندق وفستق وكاجو وتمر وفواكه مجففه.
بعد يومين من الابحار وبعد ان تعودت الناس على رؤية البحر على مد النظر تبدأ مرحلة التعارف والتقارب، فترى الناس يشاركون طعامهم وقصصهم وحتى اغطيتهم وترى النساء تتشارك رعاية الاطفال وخصوصاً اذا كانت الام مريضة وترى الشباب يلعبون ورق الشدة طول الوقت حتى اننا بدأنا نساعد طاقم القارب وتقربنا منهم وهم عبارة عن شباب مصريين يخاطروا بحياتهم وبخطر القاء القبض عليهم من أجل ٢٠٠٠ دولار فقط.
بينما الكابتن يأخذ ١٠٠٠ دولار والمهرب (ابومصطفى) يستمتع بمئات الاف الدولارات في مصر. وطبعا هناك الناس العصبيين ودائما يشتموا ويلعنوا ويسخطوا يعني (ما عاجبهم العجب). ومن اروع اللحظات عندما ترى الناس منهمكة بقراءة القرآن ودعاء الله النجاة من هذا الموقف العصيب، والله يا اخوتي على متن القارب كان هناك مجتمع كامل بكافة تفاصيله
خطر الموت في البحر
بعد ابحار خمس أو ستة أيام بدأ الموج العالي وبدأ الرعب الحقيقي، صدقوني لا استطيع ان اصف الرعب والخوف والبكاء والدعاء والتشهد قبل الموت، في كل لحظة كان القارب يرتفع على قمة موجة وأنا اتكلم عن ارتفاع ربما عشرة امتار، ثم يهوي القارب وتدخل المياه والجميع يبكي رجالا ونساء والجميع يودع عائلته ويحاول ان يحميهم، الان وأنا اتذكر قلبي يتسارع وضغطي يرتفع من ذاكرة الخوف، ملاحظة مهمة هنا انه لا توجد سترات نجاة على القارب فيجب ان تشتري من الاسكندرية لك ولعائلتك، ولكن لا اظن ان سترة النجاة ستفيد مع مثل هذا الموج.
وبعد ليلة كاملة من العاصفة هدأ البحر وكان الجميع بخير ولم نخسر اي انسان ولكن القارب تأذى بشكل كبير جداً وهنا بدأت مرحلة جديدة من المشاكل.
عندما كنا نسأل المهرب في مصر عن مكان وصولنا إلى ايطاليا لم يعطينا أي جواب ولكن الكاذب كان يقول ان سفينة الشحن التي سوف تحملكم سوف تنزلكم على الشاطئ أو بالكثير عشرة امتار عن الشاطئ وطبعا هو كاذب وتجار ارواح.
بعد العاصفة قرر قبطان القارب انه لا يستطيع ان يحملنا بسبب تأذي القارب والمحرك الثاني وبالتالي يجب ان ينزلنا وهو أيضا كذاب شرير لأنه قال لنا اننا دخلنا المياه الايطالية المحلية والشاطئ بعيد فقط ٢٠ ميل بحري يعني ما يقارب ٣٥ كم.
طبعا نحن كنا سعداء بهذا الكلام ولم يخطر ببالنا ان تجار البشر يقتلون الناس بدم بارد، المهم تم سحب القارب الاخر المربوط معنا وهو نفس القارب الذي غادرنا به المياه الاقليمية المصرية وهو نصف حجم القارب الرئيسي وبدأ انزال الناس حوالي الخامسة مساءاً وامتلأ القارب بسرعة بالناس وحقائبهم ولم يكن هناك مجال لأخذ طعام أو (تنكات) ماء يعني الناس كانوا واقفين لكي يتسع المجال للجميع ثم قفز معنا ستة من طاقم السفينة وقرأنا الفاتحة بشكل جماعي على نية التوفيق، وودعنا القارب الرئيسي حوالي السابعة مساءاً وبدأنا رحلتنا للشواطئ لايطالية لأن القبطان قال اننا سنصل الشواطئ الايطالية حوالي منتصف الليل
طبعا هنا بدأ الناس بارتكاب اخطاء غبية مثل تمزيق الباسبور السوري أو رميه بالبحر على كلٍ بدأ القارب الصغير بالمسير والناس مفعمة بالامل والترقب.
بعد حوالي ساعتين لاحظنا أن القارب يسير ببطء ملحوظ جداً ثم سمعنا أحد المهربين يتحدث عن طريق الثريا مع القبطان الذي تركنا وأدركنا أن شيئاً ما غلط يحدث، وحوالي منتصف الليل بدل من أن نصل ايطاليا اكتشفنا ان المحرك توقف بشكل كامل والقبطان الذي ذهب باتجاه تونس رفض أن يعود إلينا لينقذونا.
بقينا على هذه الحالة في عرض البحر بدون طعام أو ماء أو اغطية طوال الليل. لم يكن باستطاعتنا فعل اي شي والمهربين كانوا يحاولون اصلاح المحرك بدون فائدة. وفي حوالي الخامسة صباحا مع طلوع الشمس شاهدنا مروحية (هوليكبتور) تتقدم باتجاهنا ثم بدأت بالتحويم من فوقنا ونحن نلوح ونصفر ولكن الطائرة بدأت بتصويرنا من كل الاتجاهات حوالي ربع ساعة ثم ذهبت الى الافق وغابت عن النظر.
في قبضة البوليس الايطالي
بقينا على هذه الحالة وبدأت حالات الاغماء والجفاف تظهر بين الناس والقارب يهتز وكنا واثقين اننا سنموت فقرأنا الفاتحة مرة ثانية وصمت الجميع/ كأننا بانتظار ملك الموت ان يظهر بأي لحظة.
الحرارة أصبحت عالية عند منتصف النهار وعدد حالات الاغماء بازدياد ولا احد يتكلم بحرف واحد حتى الاطفال وعددهم ٢٢ توقفوا عن البكاء وفقدنا الامل، انا قبلت اولادي وتذكرت دمشق وأيام دمشق تذكرت كيف امتلأت دمشق باللاجئين العراقيين بعد الحرب تذكرت كيف امتلأت دمشق باللاجئين اللبنانيين بحرب تموز، تذكرت طلعات السيران وقعدات الاركيلة كل ذلك وأطفالي يتمسكوا بي اكثر وأكثر. حوالي الساعة الثالثة عادت المروحية وبدأت بالتحويم الثايت فوق القارب وبعد ١٠ دقائق جاء الفرج
شاهدنا سفينتين حربيتين قادمتين باتجاهنا مع العلم الايطالي وشاهدنا ثلاثة طرادات بحرية وبدأت الفرحة والأمل بالنجاة من جديد وصرخنا (هير هير) يعني نحن هنا. وقبل وصولهم غير المهربين ملابسهم وجلسوا بين الناس وترجونا ان لا نتكلم عنهم وقررنا أن لا نفسد عليهم.
جاءت السفن الحربية وأحاطت بالقارب وظهرت سيدة شقراء تقول (بامبينو) يعني اطفال بالايطالي، فبدؤوا بأخذ الاطفال مع أمهاتهم فقط حتى سن ١٤ وصعدوا الى السفن الحربية ثم بدأنا بالقفز الى الطرادات المطاطية واحد تلو الاخر، وداخل الطراد تستطيع فقط ان تقف ولا تستطيع الجلوس وتتمسك بحبل مربوط على جانب الطراد بشكل جيد ثم وزعوا علنا جاكيتات مطرية ضد الماء وبعد حوالي نصف ساعة غادرت السفن بالأطفال بينما كنا لا نزال نجهز انفسنا على الطراد.
بعد حوالي ساعة غادرنا وكانت سرعة الطراد خيالية وكأنها تطير وتقفز على الماء ومع كل قفزة كان الماء يدخل الينا وأصبحنا مبلولين بشكل غير معقول وكأننا سبحنا بملابسنا.
بعد حوالي أربع ساعات وصلنا الميناء نعم اربع ساعات بسرعة خيالية لان اين الحرام المجرم القبطان انزلنا على بعد ١٢٠ ميل بحري يعني ٢٢٢كم والكاذب قال لنا ٣٠ كم تركنا في عرض البحر في المياه الدولية بمركب صيد صغير ومحرك خربان وبدون ماء أو طعام. لعنة الله على كل مهرب مجرم .
لولا تدخل حرس السواحل الايطالي لإنقاذنا لكنا الان طعام السمك والله لا ادري ماذا اقول لقد كنا بمياه اقليمية بين ايطاليا ومالطا وتونس وليبيا واليونان والعرب لم يتحركوا لإنقاذنا بل الايطاليين جاؤوا لينقذوا مهاجرين غير شرعيين الى بلادهم من خارج مياهم الاقليمية والله لا ادري ماذا اقول الا حسبي الله ونعم الوكيل من العرب وشكرا بل الف شكرا لايطاليا.
بعد الوصول للشاطئ مساء كان بانتظارنا الصليب الاحمر الايطالي وفريق طبي متكامل وشرطة مدنية بالإضافة الى التلفزيون والصحافة وبدأت عملية القفز الى الرصيف البحري في مدينة سركوزا في اقليم صقلية وبعيدة حوالي ساعتين جنوب مدينة كاتانيا ومباشرة عمال الصليب الاحمر يغطوك ببطانية ويعطوك قنينة مياه بلاسكيتية ويأخدونك على خيمة كبيرة فيها كراسي ومعدات طبية وبدأت عملية الفحص والتصوير وتسجيل الاسماء فقط الاب والأم من كل عائلة يجب ان يعطوا صورهم عن طريق كاميرا الكترونية مثبته وخلفية بيضاء ومن ثم تتجه لتسجيل اسماء عائلتك عن طريق مترجم مصري وجزائري وكانت مهمتهم الاساسية تحديد اللهجة السورية اوالفلسطينية السورية وللأسف الشديد المترجم المصري اكتشف اثنان من طاقم السفينة اللذين كانوا معنا على المركب وبدأ بالصياح بالايطالي وعندها دخل البوليس الايطالي الخيمة وبدؤوا بالضرب على الرأس حتى ان الدماء من رأس وانف المهرب ملأت الارض والكلاب تعوي بوحشية وسكت الجميع من الرعب، وأدركنا عندها اننا كنا بأمان من الوحوش البشرية اكثر في وسط البحر حوالي.
الرابعة صباحاً انتهت عملية التعريف وأعطوا كل رجل قسيمة ورقية بالاسم والصورة كهوية تعريف وتم فصلنا الى مجموعتين الاولى العائلات مع الاطفال بدون عشر سنوات والثانية ما تبقى من الناس وتم نقلنا الى مكان مثل مدرسة كبيرة ومن ثم الى المخيم (كامب) يوجد غرف وتواليتات منفصلة ولكن حمامات مشتركة بدون ابواب يعني على الطبيعة، ولكن الجميع كان بحاجة حمام بعد الرحلة المضنية فبدأنا بوضع الاغطية مكان الابواب وتم تنظيم موضوع الحمام.
داخل المخيم يوجد ساحة وجدران عالية وأسلاك شائكة و(كبينة بوليس) بالداخل وعلى الباب الخارجي.
وشاهدنا مهاجرين سود ومغاربة بقسم خاص فيهم خلف القضبان، بعد ذلك احضر الصليب الاحمر عرباية مليئة بالملابس وهناك ظهر الطبع العربي والسوري وبدأت المشاكل والخناق على قطعة ملابس وبعد ذلك احضروا طعام معكرونة مع لحمة وقالوا لنا انها ليست خنزير، اليوم الثاني كان عصيباً وبدأت اجراءات التبصيم على (سكانر) ولكن الناس رفضت واعتصمت داخل الغرف فأرسلوا المترجمين للتفاوض وهددونا ولكن رفضنا.
بعد الساعة الثامنة ليلاً جاءت اعداد كبيرة من البوليس وجمعونا وفصلوا الشباب وبدأت عملية الضرب والسحل حتى أن أحد الشباب تمسك بمقبض الباب ولم يستطيعوا فكه ثم اخرجوا الهراوات والعصي وبدؤوا بضربه حتى انخلع كتفه وازداد الرعب مع ادخال الكلاب البوليسية الشرسة الى القاعة الرئيسية لإخافتنا.
بعد ذلك انهارت معنوياتنا وبدأت عملية التبصيم على (السكانر) لعشرة اصابع بدؤوا بأخذ البصمات من الشباب العزابية، قبل العائلات ثم اخبرنا المترجم أن الاب فقط يبصم من كل عائلة وانا مباشرة تظاهرت بالاغماء فتم اخذي للعيادة محاولاً تجنب أو تأخير البصمة.
المهم أعادوني بعد خمسة ساعات وتم اخباري انهم اوقفوا التبصيم على الرقم ٨٠ وقد شمل كل الشباب وخمس عائلات. في اليوم الثاني استيقظنا بحزن لأننا سوف نبصم ولكن بعد الافطار وبشكل مفاجئ تم فتح باب الكامب.
وبدؤوا يشيروا لنا بالخروج عند خروجنا من (الكامب) تفاجأنا بمنظر غريب عجيب فقد وجدنا عدد كبير من باصات النقل بانتظارنا فخفنا للحظة وظننا ان البوليس يقوم بترحيلنا ولكن شوفيرة الباصات بدؤوا بالاقتراب مننا وحينها ظهر شخص سوري وهو المهرب من ايطاليا إلى بلد الوصول وبدأ بالكلام معنا وباختصار المهرب قادر على انزالك في أي مكان بين ايطاليا والدنمارك مقابل ٨٠٠ يورو على الشخص سواء كبير أو صغير أو مولود جديد طبعاً كنا مضطرين ووافقنا وبدأ بنقلنا في باصات صغيرة ٢٤ راكب الى مدينة (كاتانيا) والبوليس ينظر ويضحك وعندها فقط ادركت انها شبكة تهريب متكاملة من مصر لايطاليا بتنسيق مافيا ورشوة البوليس في الجزء الاخير سأتكلم عن الرحلة الى بلد الوصول.
الخروج من ايطاليا
طبعا ليس كل الناس اتجهوا للباصات لأن منهم من لا يملك التكلفة الإضافية، ومنهم من قرر سلوك طريق القطارات الخطر والخاطئ ومنهم من قرر الاستراحة ليوم أو يومين في مدينة سركوزا قبل متابعة الرحلة ومنهم من لديه خططه الخاصة بالسفر كان يأتي اقرباء لكي يأخذوهم. ركبنا باصات صغيرة ٢٤ راكب من (ساركوزا) الى (كاتانيا) وهي من المدن الرئيسية للشاطئ الجنوبي الشرقي لايطاليا.
هذه المدينة قريبة جداً الى شكل وفوضى مدننا وتحس نفسك أنك في دمشق خصوصاً على اشارة المرور حيث لا يلتزم أحد بها كما ان سكانها يشبهون العرب بشكل كبير جد.
وصلنا للمدينة واتجهنا الى مرآب للباصات في وضح النهار والناس من حولنا بدون أي خوف من المهرب وهذا دليل اضافي على شبكة مافيا التهريب وفساد الشرطة.
بعد وصولنا جاء المهرب وأخبرنا من يريد الذهاب الى السويد اوالدنمارك فليقف على اليمين ومن يريد الذهاب الى بلجيكا هولندا المانيا اولوكسمبورغ الوقوف على اليسار، وبالطبع أعداد السويد كانت أكبر من الاخرين.
وتابع المهرب كلامه للمجموعة الاخرى قائلاً سوف نوصلكم الى مدينة (آخن) الالمانية بأمان ومن هناك على مسؤوليتكم تستطيعوا أن تركبوا باصات نقل داخلي الى اقليم (ليمبورغ) الذي يشمل مدننا من هولندا وبلجيكا بسهولة وبدون اي كنترول وبتكلفة ٤ يورو.
ثم قال لنا نستطيع فقط ايصالكم الى (كوبنهاكن) في الدنمارك ولا نستطيع عبور الجسر (لمالمو) في السويد فقلنا له لماذا، واذا تريد يمكنك أن تأخذ ٢٠ يورو أو أكثر زيادة لتعبر بنا الجسر، ولكنه قال مستحيل ولا أريد ان اخدعكم، وصحيح قبل ستة اشهر الباص كان يوصل الى منتصف مالمو في الحديقة القريبة من مركز الهجرة واللجوء وكانت الناس تذهب مباشرة من الباص للمركز بسهولة بل كنا نقف ليلة استراحة في المانيا ولكن الان هناك تشديد شديد ومخاطرة كما أن الحكومة السويدية دعمت نقطة نهاية الجسر بحاجز وكنترول اضافي للتدقيق بكل سيارة وراكب يعبر الجسر بدون استثناء حتى الذباب لا يستطيع النفاذ وبالنتيجة مكان الوصول (كوبانهكن) وتوكلنا على الله ودفعنا المصاري وركبنا الباص ٥٢ راكب كما ركبت المجموعة الاخرى باص أصغر حجماً.
من ايطاليا إلى كوبنهاكن
اشترينا أكل وماء وعصير ولوازم اخرى قبل الصعود للباص لان الخطة ان لا نقف أبد وخصوصاً أن هناك تواليت داخلي وسائقين وأحد اشقر والاخر يتكلم اللهجة العراقية، جلست في المقعد الاول اراقب واسمع كل شيء، وبدأ الباص بالتحرك.
وبعد حوالي الساعة فقط توقف الباص في نقطة ميناء بحري وسألت السائق العراقي فأخبرني أننا وصلنا (ميسينا)، ويجب أن نعبر الى القسم الشمالي من ايطاليا المفصول تماما عن الجنوبي بالبحر ويا سبحان الله تفجأت بشكل كبير فأنا استاذ جامعي واملك الكثير من المعرفة لم ادر أن ايطاليا عبارة عن جزيرتين.
المهم تم وضع الباص بمن فيه في السفينة حيث يسوق السائق الى داخل السفينة محاطاً بسيارات اخرى وعندها طلب منا العراقي اغلاق الستائر وعدم مغادرة الباص لان الرحلة فقط ٢٥ دقيقة. وصلنا للضفة الاخرى وتابعنا المسير وتابعت الكلام مع الاخ العراقي وأردت أن أعرفه بنفسي ولكنه أوقفني وقال لي رجاء أفضل لي ولك ان لا نعرف بعض وأنتم بالنسبة لي كروب سياحي ونحن نوصلكم بشكل نظامي ولا اريد ان اعرف أي شيء آخر وتفهمت مخاوفه واحترمت صراحته اللامعهودة بين العرب.
نظرت الى جهاز (الجي بي اس) ووجدت ان مخطط الرحلة للسفر لشمال ايطاليا ومنها نعبر سويسرا والمانيا بشكل شاقولي تقريباً للدنمارك فحمدت الله ونمت لأول مرة منذ ايام طويلة.
وبعد ساعات طويلة من السواقة بدل السائقين وذهب الاجنبي للخلف للنوم ولاحظت ان جهاز (الجي بس اس) قد تغير فأخبرني العراقي أن هناك تشديد في سويسرا وكنترول طيار وبالتالي جاءتهم الاوامر للسفر عبر النمسا وبدأت رحلة طويلة من التأمل بالطريق ومراجعة الذكريات والأحداث وأخرجت ورقة وقلم وبدأت اكتب الاحداث والتفاصيل المهمة قبل ان انساها.
المهم تابعنا باتجاه الشمال الشرقي حتى وصلنا لمدينة (فيرونا) الايطالية وأخبرونا انها اخر مدينة ايطالية قبل العبور للنمسا وقبل نصف ساعة من العبور أخبرنا السائق وطلب إغلاق الستائر وازداد التوتر وبقينا بانتظار نقطة الحدود ولكن للمفاجأة لم يكن هناك حدود ولا كنترول فقط معبر ضريبة عبور حتى أننا لم نتوقف لان الباص مزود بشريحة عبور مسبقة الدفع حسب ما شرح لي السائق وداخل النمسا اتجهنا بشكل مستقيم على الطريق السريع ياتجاه مدينة (ازنبرك) النمساوية.
وتابعنا يعني حوالي ساعتين فقط بالأراضي النمساوية لنجد أنفسنا في وسط مدينة ميونخ وكأننا بحلم ليس حقيقة هكذا بكل بساطة تعبر ثلاث دول بدون ان ترى سيارة شرطة واحدة اوكنترول فشعرنا بالسعادة الغامرة وتابعنا سيرنا بدون توقف.
الوصول إلى المانيا
في الطريق بين ميونخ وبرلين ونحن مندهشين بجمال الريف الالماني والطرق السريعة وأناقة وحضارة القيادة على الطرقات، فجأة اصيبت عائلة بأعراض تسمم وإسهال وإقياء وانتشرت الفوضى والروائح وخصوصاً أن الاطفال (عملوها على الكرسي) ولم يكن أي حل سوى التوقف وتنظيف الاطفال والمقاعد من الاوساخ، ويا ريت سمعنا نصيحة الاخ العراقي الذي قال لنا نصيحة حاولوا التأقلم مع الوضع افضل من التوقف ولكن للأسف الرجل وزوجته كانا مصرين على التوقف، وكانا مع احترامي للجميع من أهل الارياف قليل العلم وبالتالي كان من الصعب اقناعه بخطورة التوقف، وفجأة بدأت العائلات الاخرى تطالب بالتوقف بدون اي تفكير بالعواقب.
المهم العراقي تكلم مع المهرب وأخبره بالوضع فسمح له بالتوقف على مسؤوليتنا وبشرط ان فقط تلك العائلة تنزل لتنظيف أنفسهم توقفنا عند استراحة ومحطة وقود بين ميونخ وبرلين ويا ريت ما توقفنا.
السائق طلب منا عدم النزول ولكن لأننا فوضويين وعرب وسوريين بالتحديد لا نسمع النصيحة ونزلت كل الناس من الباص وتخيل منظرنا بالشحاطات والنعال ولابسين صيفي نص كم رغم ان الجو كان غائم ماطر ذلك اليوم بالإضافة الى البشرة الداكنة خصوصاً بعد ان احترقنا بأشعة الشمس في البحر فبمجرد نزولنا وتعرفون العرب وصياحهم وصوتهم العالي.
والأم تنادي على الاولاد بالعربي والأولاد يركضون بين السيارات في محطة البنزين والأباء يصرخون على أولادهم ويضربوهم كفوف على وجوههم أمام كل الالمان والكل ينظر ويتابع ويهمس وأنا اراقب وأقول اكلنا (هوا مزبوط) والآن فهمت لماذا المهرب يمنع التوقف وبالنتيجة وبسهولة الجميع اكتشف أننا أجانب لا بل غرباء عن المجتمع المحيط وخصوصا بناحية ضرب الاطفال والتدخين بمحطة البنزين.
وللأسف ولزيادة الطين في المانيا تدفع مصاري لاستخدام التواليت وهذا طبعاً غير معروف لنا وعندما ذهبت الى الحمامات وجدت الناس معصبين ويصرخون في وجه سيدة المانية التي كانت تحاول ان تشرح لهم أنهم يجب ان يدفعوا (٧٠ سنت للماكينة) وبدونها لا تفتح أبواب الدخول للحمامات، وطبعاً هم لم يفهموا وبدؤوا بالقفز فوق الماكينة ومن تحتها وحتى عندما دخلوا وبدؤوا بالكلام بالعربي والتحدث عن نظافة الحمامات لا بل احدهم كان عصبي لأنه لا يوجد خراطيم مياه للتنظيف، صراحة المنظر والموقف لا ينسى وصدقاً احراج للعرب والعروبة.
وللاسف المغامرة لم تنته هناك لان الشعب ذهب للمحل لشراء اشياء وللاسف نفس الشيء تراهم يتكلمون عربي والموظفين بحالة استنفار وذهول عجيب.
المهم عدنا للباص وهناك قبل أن اصعد اخذني السائق العراقي جانباً وقال لي انه متأكد أن الالمان سوف يتصلون بالبوليس لان هذه هي ثقافتهم مع الغريب وخصوصاً بعد الفضيحة التي سببناها ونصحني أن لا اصعد إلى الباص وأن اتابع طريقي لوحدي مع عائلتي.
طبعاً الموضوع لم يكن سهلاً علي لاتخاذ قرار سريع فليس منطقياً أن أسافر مع عائلة بدون وسيلة نقل في بلد لا اعرفه وليس منطقياً أن أبقى في الباص بعدما حذرني الاخ العراقي فتناقشت بالموضوع بسرعة مع زوجتي وقررنا البقاء مع المجموعة وعندها اخبرني العراقي انه لن يتابع الرحلة لأن فيها خطر سجن ٧ سنوات عليه اذا امسكوه لأنه يفهم اللغة بينما السائق الاشقر البولوني يدعي الغباء وعدم المعرفة فشكرته وتمنى لنا حظ جيد وذهب للاستراحة بانتظار من يأتي اليه من طرف المهرب.
بدأنا بالمسير والسواقة والناس سعداء غير مدركين لتصرفهم الغبي وأنا بدأت بترتيب قصة والتفكير ملياً وبعد حوالي ساعة ظهرت سيارة شرطة من أمامنا وخلفنا وعلى الجنب والأضواء وتوقف الباص بعد الخروج من الطريق السريع وفتح الباب وبدأت عناصر الامن بلباس مكافحة الارهاب والاقنعة والسلاح بالصعود والصراخ وطبعاً بدون مترجم ونزلونا على الطريق واخذوا السائق للاستجواب بعيداً عنا وجلسنا على الارض وهم مستنفرين وعصبيين بشكل مخيف ورفضوا السماح لنا بشرب الماء ثم جاء مترجم بعد حوالي الساعة وبدء الناس يبكوا ويشكوا همهم كيف هربوا من سوريا وكأن الالماني سيتعاطف معنا وبعد انتظار وأعداد اضافية من الشرطة صعدنا للباص وجاء سائق شرطة الماني وأكملنا الطريق لمحطة الشرطة في برلين.
وهناك طلبوا أوراقنا وقلنا ليس معنا شي فحذرنا المترجم وقال من يظهر اوراقه ويعطي بصمتوا سوف يطلقوا سراحه كلاجئ وإلا سوف يستخدموا العنف هكذا قالها بصراحة، عرفت أن الالمان لا يمزحون أبداً فتقدمت وأفراد عائلتي وأظهرت الهويات السورية والقيد المدني وصور الجوازات علماً أنني تخلصت من الجوازات وعليها ختم مصر بالاستراحة بعد تحذير الاخ العراقي وأخبرتهم اننا كنا في رحلة تهريب شاحنة من تركيا وفجأة وصلنا لاستراحة وطلبوا منا الصعود في الباص، وأخبرتهم انني متجه للسويد وطبعاً لا بصمة لدي في ايطاليا أو النمسا على اية حال هي لم تكن مقابلة تحقيق بل فقط للتأكد اننا لاجئين ولسنا إرهابيين وخطر على أمن البلاد ثم اخذوا بصمة ابهامي الايسر على حبر ورق وطلبوا منا الانتظار خارجا نحن ومن تقدم طواعية بالأوراق الثبوتية.
اما بالنسبة للبقية الذين انكروا اي اوراق ورفضوا البصمة، اشعر بالحزن أن اخبركم ولكن يجب ان اخبركم لكي تحذروا، للأسف تم استدعائهم شخص تلو الاخر وتعريتهم بشكل كامل وتفتيش شخصي وجسدي لاكتشاف اي اوراق مخفية حتى النساء تمت تعريتهم وتفتيشهم بشرطة نساء حتى الاطفال الرضع خوفاً من أي يكون الآباء قد اخفوا الاوراق بجسد الاطفال.
وبعد تفتيش وتبصيم الجميع تم اجبارنا لدفع مخلفة ١٦٠ يورو وتم اعطاءنا ورقتين الاولى فيها عنوان (كامب) لتسليم انفسنا وعندها ممكن استرجاع ١٦٠ يورو علماً انه يجب ان نذهب على نفقتنا الخاصة الى الكامب والثانية حسب المترجم أمر مغادرة لألمانيا خلال ٢٤ ساعة عليها اسماء كل عائلة وبدون صور.
الافتراق عن المجموعة
طبعاً بعد خروجنا من قسم البوليس لمت نفسي كثيراً لعدم سماع نصيحة الاخ العراقي ولكن حمدت الله واسترجعت تفكيري وبدأت بتخطيط خطواتي التالية فلا فائدة من الجلوس والبكاء.
طبعاً بعض الاشخاص قرروا اللجوء في المانيا واخذوا تاكسي (للكامب) ونحن اخذنا تاكسي لمحطة القطار وهنا تركنا المجموعة وبدأنا بالسفر لوحدنا.
وصلنا محطة القطار وذهبت لأحجز الى هامبورغ طبعاً هامبورغ محطة داخلية وبدون تعقيدات ولكن لأننا كنا نبدو غرباء طلب الموظف جوازات السفر فقلت له نعم سأذهب لأحضرهم، ولكن ذهبت للماكينة واشتريت التذكر رغم أنه ممنوع لان معي اطفال.
المهم أخذت التذاكر وصعدنا وقبل التحرك بلحظات ظهرت دورية شرطة في مقطورتنا ومباشرة باتجاهنا وهنا تذكرت كيف ان محطات القطارات عبارة عن افخاخ لاعتقال اللاجئين.
المهم جاؤوا وطلبوا الجوازات فقلت لهم نحن لاجئين وأظهرت ورقة الشرطة مع عنوان الكامب وأخفيت ورقة المغادرة وعندها فقط تحولوا إلى بشر وابتسموا واخبروني أنني آخذ القطار الغلط وقلت لهم نعم ولكن نريد ان نزور اقرباء لنا في هامبورغ اليوم وغداً سنسلم أنفسنا فاقتنعوا وقالو لا مشكلة ونزلوا وانطلق القطار والناس طبعاً ينظروا الينا بحقد وكره وكأننا لسنا بشر.
عند وصولنا لمحطة هامبورغ الرئيسية ذهبت لاشتري تذاكر لكوبنهاكن ولكن الماكينة لا تعطي اذا لم يكن السفر داخلي فذهبت للموظف وطلبت القطار الذي يصل كوبنهاكن في الصباح الباكر وكان هناك قطار يصل حوالي ٦ صباحاً وطبعاً طلب الموظف جوازات السفر فأعطيته ورقة المغادرة من البوليس فرفع التلفون وتكلم بالألماني وكالعادة ظهرت دورية شرطة وعندما اقتربوا قلت لهم شكرا لله انا بحاجة لمساعدتكم.
أنا أردت ان أعطي الانطباع بأني لست هارباً منهم وأخبرتهم بالقصة وشاهدوا الورقة وطلبوا منا ان نذهب معهم ولم يزعجني ذلك لان القطار لن يغادر قبل اربع ساعات وذهبنا لغرفتهم وشاهدنا لاجئين سوريين وأفارقة وكان منظر مأساوي.
المهم بدؤوا باتصالاتهم بالتلفون واللاسلكي وبعد نصف ساعة جاءت شرطية وأخذتنا لشباك التذاكر وتكلمت مع الرجل وقالت لنا (كود لاك) يعني حظاً موفقاً وذهبت وهنا الرجل قال لنا ما معناه (كلوتمام) وأعطانا التذاكر وخرجنا خارج المحطة لنستكشف المانيا لمدة ساعة مع الاحتمالية الكبيرة لترحلنا لها بعد البصمة.
صعدنا القطار بسلام وبعد نصف ساعة جاءت موظفة التذاكر بابتسامة ونامت زوجتي والأولاد وأنا بقيت مستيقظ اشاهد عتمة الليل وعبرنا الجسور الدنماركية الشهيرة ورغم كل الاحداث والمشاكل التي مررنا بها انا كنت سعيد بالوصول من دمشق الى كوبنهاكن.
الوصول إلى مالمو
وصلنا المدينة قبل السادسة وخرجنا وكل شي كان هادئ كان هناك شرطة ونظروا الينا وأكيد عرفوا اننا لاجئين ولكن لم يفعلوا شيء الحمدلله وكأن الدنمارك تغض البصر حتى لا تعلق بمشاكل اللاجئين انا كنت متأكد ان الشرطة ستعتقلنا اذا خرجنا من المحطة لذلك ذهبت للماكينة واشتريت التذاكر وهم ينظرون ويغضوا البصر.
طبعاً هناك قطار كل نصف ساعة (لمالمو) ولكن انا تذكرت نصيحة الاخ (ابو يحيى) الغريب اننا يجب ان نأخذ قطار ساعة الذروة للموظفين والطلاب لأنه لا يوجد كنترول سويدي عند النزول، وفعلاً اخذنا قطار الساعة الثامنة ووصلنا (مالمو) بعد نصف ساعة واتفقت مع زوجتي وعلى الخروج بشكل افرادي مع اولادنا لتجنب توجيه الانظار، وفعلاً وصلنا وخرجنا بسلام الحمدلله ثم ذهبنا سيرا على الاقدام الى مكتب اللجوء الذي يبعد حوالي ٤٠ دقيقة مشي عن المحطة وكان معي خريطة من جوجل واخيراً وصلنا وكان هناك تجمع من المراجعين عند الباب وحوالي أربع درجات صعود وشرطة تنظم الدخول وعندما علموا أننا وصلنا الان ادخلونا واطمأنوا على صحة الاولاد وأخذونا لفندق الاستقبال وفي اليوم التالي ذهبنا لتقديم طلب اللجوء.
عندما بكت موظفة اللجوء
يكرر صالح اسفه “للتفاصيل المملة” لكنه يستدرك قائلاُ “لكن أنا على يقين كل من سوف يسافر بهذه الطريقة سيجد كم هائل من المعلومات المفيدة بين السطور”.
ويتابع “الرحلة كانت متعبة جداً ورأينا الموت وذقنا العذاب عدة مرات ولكن عندما قامت موظفة اللجوء السويدية بضم زوجتي والبكاء معها وتطمينها ادركت اننا فعلنا الصواب وان الرحلة ستبقى ذكريات فقط ان شالله. وفقكم الله وأدعو لنا بعدم الترحيل لألمانيا.
وفي النهاية هناك نصيحة الى الجميع اياكم التفكير بالذهاب إلى (اوتيل اوهوستيل) لأنهم متشددون جداً بجواز السفر ويتصلون بالشرطة مباشرة ويلقى القبض عليكم وتأخذ بصمة بادعاء جنائية ولكن بالحقيقة كل البصمات تذهب لهدف واحد وهو تحديد مكان وجود الشخص في مكان معين وساعة معينة.
هناك من التقينا بهم لاحقاً واخبرونا كيف جاء البوليس الايطالي والألماني الى غرفهم وهم نيام وبالنهاية انتم احرار بإتباع هذه النصيحة والسلام عليكم”.
كلنا شركاء