صفحات العالم

الواقع الخام/ هشام ملحم

 

 

الانهيار السريع والصاعق لأسعار النفط في الاشهر الستة الاخيرة والذي طغى على اقتصادات الطاقة في العالم والمرشح للاستمرار في السنة الجديدة، أدخل مشاعر القلق وحتى الرعب الى قلوب قياصرة الطاقة في روسيا وايران وفنزويلا بالتحديد. مع كتابة هذه المقابلة انحدر سعر البرميل الى 50 دولارا، بعدما كان في حزيران الماضي 114 دولارا. اذا ظل سعر البرميل يتأرجح بين 50 و60 دولارا خلال الاشهر الستة المقبلة، سوف تكون لذلك مضاعفات جذرية على سياسات روسيا وايران في الشرق الاوسط وتحديدا على قدرة البلدين – المثقلين بالعقوبات الدولية – على مواصلة الدعم المالي لنظام الأسد في سوريا.

وفقا للمعايير الاقتصادية الحقيقية، الاقتصاد الروسي متخلف وهذا يفسر انهيار سعر الروبل بنسبة 50 في المئة في الاشهر الاخيرة لأن صادرات روسيا من الطاقة تصل الى 68 في المئة، وهذا القطاع يمثل 45 في المئة من موازنتها. والاحتياط الروسي من العملات الاجنبية قد يجنّب موسكو الافلاس الحقيقي كما حدث في 1998 حين تخلفت روسيا عن ايفاء ديونها وانهار سعر الروبل بنسبة 75 في المئة. لكن الازمة الراهنة تبين بوضوح صارخ ان روسيا هي محطة بنزين عملاقة مسلحة بترسانة نووية. استمرار الازمة سوف يرغم الرئيس بوتين على اعادة النظر في التزاماته المالية الداخلية ناهيك بتمويل المتمردين في أوكرانيا، وتعويم بيلاروسيا ونظام الاسد.

المشهد الايراني اكثر بشاعة وتعقيدا. واعتماد ايران على عائدات النفط والغاز اكبر من اعتماد روسيا. واذا أخفقت ايران في التوصل الى اتفاق نووي مع مجموعة 5+1، يبعدها اكثر عن سيف العقوبات، فان اقتصادها سينهار عمليا، لأن العقوبات قد قوضت العملة الايرانية، وأرغمت طهران على خفض صادراتها النفطية من مليونين ونصف مليون برميل يوميا في 2011 الى مليون وخمسين الف برميل. ويعتبر تعويم نظام الاسد عبئا ماليا ضخما يشكو منه عدد متزايد من الايرانيين، خصوصا ان نظام الاسد لا يستطيع البقاء على قيد الحياة اذا توقف الدعم الايراني.

عام 1988 اعترف آية الله الخميني بأنه اضطر الى تجرّع “كأس السم” لقبول وقف النار في الحرب الطويلة والمكلفة مع العراق. ترى هل يتجرع آية الله علي خامنئي “كأس السم” في 2015 لانقاذ بلاده من الافلاس ويتوصل الى اتفاق نووي او يتخلى عن الاسد لمصلحة تسوية سياسية؟

تقنيات استخراج نفط بديل من بعض انواع الصخور Shale Oil أحدثت ثورة في عالم الطاقة. وخلال ست سنوات حققت الولايات المتحدة معجزة اقتصادية حين زادت انتاجها النفطي أربعة ملايين برميل يوميا. إن البنية التقليدية لاقتصادات الطاقة سوف تتغير جذريا وقريبا.

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى