انتشار الجيش في اللاذقية والأسد سيعلن إلغاء الطوارىء
كلينتون تستبعد تدخلاً في سوريا على الطريقة الليبية
انتشر الجيش السوري امس في اللاذقية بعد المواجهات التي شهدتها المدينة الجمعة والسبت، واسفرت عن مقتل 15 شخصا استناداً الى رواية رسمية. وفي محاولة لتهدئة الاحتجاجات المستمرة منذ 13 يوما في سوريا، قالت المستشارة الرئاسية بثينة شعبان ان قرار رفع قانون الطوارىء المفروض من 1963 قد اتخذ من دون تحديد موعد لتنفيذه. واضافت ان الرئيس بشار الاسد سيتحدث الى الشعب “قريبا”. كما اطلقت السلطات 17 شخصا كانوا اعتقلوا في بداية الاحتجاجات في مدينة درعا بجنوب البلاد. واستبعدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تدخلا عسكريا في سوريا على الطريقة الليبية في الوقت الحاضر وان تكن ابدت قلقها من الاحداث الجارية فيها.
وأوردت الصحف السورية ان تعزيزات عسكرية دخلت اللاذقية لوقف ما وصفته بنيران قناصة تمركزوا على سطوح المنازل.
ونشرت صحيفة “الوطن” القريبة من النظام ان “قوات من الجيش السوري دخلت مساء أمس (السبت) مدينة اللاذقية وانتشرت في كل المناطق واعادت الامن والامان وبدأت مطاردة من تبقى من زعران”. واضافت ان “الزعران ليسوا سوريين وستكشف جنسياتهم قريبا”.
وكان هناك عدد قليل من السيارات والاشخاص في شوارع اللاذقية، بينما اقفلت المحال التجارية. وشوهد جنود في الشوارع بأعداد كبيرة وكانوا يوقفون اي شخص يحمل حقيبة، كما اوقفوا السيارات الى جانب الطرق وسألو الركاب عن اوراقهم الثبوتية وفتشوا السيارات.
وقبل الغروب، بدأت مجموعات من الشبان تنتشر في الشوارع بعضهم مسلح بعصي وسيوف وسكاكين. وتولت هذه المجموعات اقفال طرق الاحياء بعوائق معدنية واطارات.
ولم يكن في الامكان معرفة هوية هؤلاء. ولكن شوهدت مجموعات من الرجال الموالين للنظام بثياب مدنية مزودين اسلحة صيد واسلحة اخرى وهم ينزلون السائقين من السيارات ويطلبون منهم اوراقهم ويسألونهم عن سبب وجودهم في اللاذقية.
ومساء، صرح محافظ اللاذقية رياض حجاب للوكالة العربية السورية للانباء “سانا” بان الهدوء عاد الى مدينتي اللاذقية وجبلة “نتيجة تضافر جهود قوى الامن والمواطنين”. واكد ان هذه القوى مستمرة في ملاحقة “العناصر المسلحة”، داعيا المواطنين “الى التنبه لان هذه العناصر تستغل المواكب السيارة من اجل العبث بأمن المواطنين”.
شعبان
واعلنت شعبان في مقابلات صحافية ان 12 شخصا قتلوا السبت في اللاذقية بينهم مسلحان.
وقالت ان “الحصيلة الرسمية هي عشرة من عناصر الامن ومدنيان ورجلان مسلحان قتلوا السبت في اعتداءات عناصر مسلحة على اهالي واحياء مدينة اللاذقية”. واتهمت “متطرفين بالوقوف وراء الهجوم بهدف اثارة النعرات الطائفية في البلاد”. واضافت ان عنصرين من قوى الامن ومدنيا قتلوا الجمعة في اللاذقية.وكشفت ان قرار الغاء قانون الطوارىء قد اتخذ على ان يحدد لاحقا موعد بدء العمل بتطبيقه، وان الاسد سيتوجه “قريبا” بكلمة الى السوريين يتطرق فيها خصوصا الى الاصلاحات المقبلة.
واوضحت ان “الاصوليين هم الذين يقفون وراء هذه الاحداث بسبب حقدهم على سوريا التي تعتبر مثالا للتعايش، وهدفهم الاساسي هو ضرب هذا التعايش، مشيرة الى ان ثمة اجانب وسوريين بين الاشخاص الذين يجري استجوابهم. “الا اننا نثق بشعبنا لانه هو وليس الحكومة الذي هزم الاخوان المسلمين عام1982، ولولا دعمه لما كنا نجحنا على الاطلاق”.
ورأت ان “الاخوان المسلمين لا ينسون ويعتقدون انهم يستطيعون اعادة الكرة مستفيدين مما حصل في تونس ومصر الا ان الوضع مختلف في سوريا، وسيفشلون مرة جديدة”. ولفتت الى ان دوافعهم مختلفة تماما ولا علاقة لها على الاطلاق بالمطالب المشروعة للشعب السوري”.
واكدت انه “ليست لدى السلطات اي مشكلة مع الذين يريدون ان يتظاهروا بشكل سلمي كما حصل أمس في لندن والنزول الى الشارع للتعبير عما يريدون. الا ان ما هو غير مقبول هو اشعال النار والتصرف مثل المشاغبين”.
وذكرت ان “قرار رفع قانون الطوارىء قد اتخذ، لكنني لا أملك بعد التوقيت” لدخوله حيز التنفيذ. واضافت انه بعد الغاء هذا القانون “سيتم اطلاق سراح كل الاشخاص المعتقلين استناداً اليه”.
كما أعلنت ان الرئيس السوري “سيتوجه بكلمة الى الشعب السوري قريباً لشرح الوضع وتوضيح الاصلاحات التي يعتزم القيام بها في البلاد”. وافادت ان من هذه الاصلاحات قانوناً عن تعدد الاحزاب السياسية وقانوناً اكثر ليبرالية للصحافة “على ان يخضعا للنقاش العام”.
وكانت شعبان، وجهت اصابع الاتهام السبت، الى فلسطينيين بالتورّط في احداث اللاذقية وقالت: “اتى اشخاص البارحة من مخيم الرملة (للاجئين الفلسطينيين) الى قلب اللاذقية وكسروا المحال التجارية وبدأوا بمشروع الفتنة، وعندما لم يستخدم الامن العنف ضدهم خرج من ادعى انه من المتظاهرين وقتل رجل امن واثنين من المتظاهرين”.
ويقع مخيم الرملة للاجئين الفلسطينيين قرب اللاذقية.
وقال النائب محمد حبش ان مجلس الشعب ناقش الغاء حال الطوارئ خلال جلسة عقدها مساء امس، وتوقع ان يعلن الاسد عن ذلك في خطاب الثلثاء، وان يعلن عن الغاء قيود مشددة أخرى على الحريات المدنية والسياسية.
إطلاق معتقلين
وفي تحرك لتهدئة المحتجين، أفرجت السلطات السورية عن الناشطة السياسية ديانا الجوابرة الى 16 آخرين كانوا اعتقلوا لمشاركتهم في مسيرة صامتة تطالب بالافراج عن الاولاد المسؤولين عن الكتابات على الجدران في درعا. وكانت السلطات اطلقت السبت 260 سجيناً سياسياً.
وامس، خرجت ثلاث جنازات لقتلى الاضطرابات في قرى حول درعا، وانفضت سلمياً من دون وجود أمني واضح. وهتف المشيعون في احدى الجنازات “الشعب يريد اسقاط النظام”.
صحافيا “رويترز”
في غضون ذلك، اختفى صحافيان من تلفزيون “رويترز” في سوريا منذ مساء السبت، في حين كان من المفترض ان يعودا الى لبنان.
وكان من المنتظر ان تعبر المعدّة التلفزيونية آيات بسمة وزميلها المصوّر التلفزيوني عزت بلطجي الحدود الى لبنان براً قرابة الساعة 18:30 بتوقيت غرينيتش السبت اذ كان من المفترض ان تنقلهما سيارة اجرة من المعبر الحدودي. وكان آخر اتصال بهما الساعة 17:22 بتوقيت غرينيتش عندما وجه بلطجي رسالة نصية الى زميل في بيروت قال فيها: “سنغادر الآن”.
وبسمة وبلطجي لبنانيان سافرا الى سوريا بعد ظهر الخميس.
ومنذ مساء السبت لم يتسن الاتصال بالصحافيين هاتفياً.
وقال رئيس تحرير “رويترز” ستيفن أدلر: “رويترز قلقة للغاية على زميلينا في تلفزيون رويترز اللذين فقدا في سوريا السبت. لقد اتصلنا بالسلطات المعنية في سوريا وطلبنا منها المساعدة في تأمين عودة زميلينا سالمين الى بلدهما”.
وقال مسؤول سوري ان السلطات تعمل على حل المسألة.
اتصالات دعم
من جهة اخرى، أوردت “سانا” ان الاسد تلقى اتصالات هاتفية من كل من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة والرئيس العراقي جلال طالباني وامير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
وقالت ان “اصحاب السمو والفخامة اعربوا عن وقوف بلدانهم الى جانب سوريا في وجه المؤامرة التي تتعرض لها والتي تستهدف امنها واستقرارها، مؤكدين ثقتهم بقدرة سوريا قيادة وشعباً على احباط هذه المؤامرات”.
وكان الرئيس السوري تلقى في وقت سابق اتصالاً هاتفياً من امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الذي ابلغه دعم الامارة لسوريا في وجه “محاولات زعزعة امنها”.
كما تلقى الاسد اتصالاً من الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز.
كلينتون
• في واشنطن، صرحت كلينتون في مقابلة مع شبكة “سي بي اس” الاميركية للتلفزيون، بأن الولايات المتحدة تأسف بشدة للعنف في سوريا.
وسئلت هل تتوقع تدخل الولايات المتحدة في سوريا على غرار تدخلها في ليبيا بفرض حظر طيران: فأجابت: “لا”.
واضافت “كل من هذه الاوضاع له خصوصيته… المؤكد اننا نأسف بشدة للعنف في سوريا وندعو مثلما دعونا كل هذه الحكومات… الى الاستجابة لحاجات الشعوب وعدم اللجوء الى العنف والسماح بالاحتجاجات السلمية وبدء عملية للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي”.
ولفتت الى ان الظروف في الدولتين تختلف من حيث ان مستوى العنف في سوريا والحملة التي شنتها الحكومة على المحتجين هناك لم تولد تنديداً دولياً بعد او نداءات من جامعة الدول العربية او جهات اخرى لفرض منطقة حظر طيران كتلك المفروضة فوق ليبيا.
الى ان قالت: “لو كان هناك تحالف في المجتمع الدولي ولو صدر قرار لمجلس الامن ولو كانت هناك دعوة من الجامعة العربية ولو كان هناك تنديد عالمي… لكن هذا لن يحدث لانني لا اعتقد انه اتضح بعد ماذا سيحدث وما ستتطور اليه الامور… ما يحدث هناك في الاسابيع الاخيرة مثير لقلق عميق، لكن ثمة فارقاً بين الاستعانة بالطيران والقاء القنابل على مدنك من دون تمييز (كما في ليبيا) وتصرفات الشرطة التي تجاوزت بصراحة استخدام القوة التي لا يريد أي منا ان يراها”.
أنقرة
• في انقرة، جددت تركيا دعمها للاصلاحات السياسية التي أعلنتها الحكومة السورية. وجاء في بيان لوزارة الخارجية التركية ان وزير الخارجية احمد داود اوغلو اجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره السوري وليد المعلم اكد خلاله ان تركيا تتابع عن كثب التطورات الجارية في سوريا، معرباً عن الاسف الشديد لسقوط اعداد من القتلى والجرحى في الحوادث التي تشهدها.
واوضح ان “الاتصال بين داود اوغلو والمعلم جاء عقب اتصال اجراه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان مع الرئيس السوري بشار الاسد، وانه اكد خلال الاتصال ان تركيا ترى في بدء التحقيقات لتحديد المسؤول عن سقوط الضحايا في الاحداث التي تشهدها سوريا واطلاق المعتقلين خطوات في الاتجاه الصحيح”.
(رويترز، و ص ف، أ ب، ي ب أ)
النهار