انهيار مفاجئ للنظام في سورية
د. محمد احمد جميعان
هذا ما يمكن توقعه في الايام القادمة، ومرتكزات هذا التوقع تعود لما آل اليه النظام الان من اعتماد كلي على القوة العسكرية فقط وما يترتب عليها من بطش ودماء بريئة في دعم بقائه وديمومة حكمه العضود، بعد ان فقد كل مقومات حكمه وشرعيته التاريخية والنضالية والمحلية والاقليمية والدولية. واستعراض مبسط لتلك المقومات يظهر لنا مدى فقدانه لكل المقومات:
1- التاريخية التي اعتمدت على القومية وافكار البعث والحزب الواحد التي تفككت اصلا منذ الانشقاق مرورا بوقوف النظام عسكريا في حفر الباطن الى جانب الغرب ضد العراق الذي كان يتقاسم معه الفكر والفكرة والقومية والحزب رغم انه منشق اصلا، واصبحت الحزبية البعثية ديكورا لا اكثر في حين ان الحكم لشخض الاسد وعائلته الصغيرة.
2- النضالية التي اعتمدت على فكرة الممانعة ودعم المقاومة وهذه سقطت بمجرد ان قال الشعب السوري والعربي وهم اهل الممانعة ورافعة المقاومة كلمته بان الحرية ورفع الظلم والاستبداد لها اولوية وان هذا المقوم النضالي اساسا سوف يعظم ويقوى مع زوال النظام لان النظام اصلا كان حارسا لحدوده مع اسرائيل.
3- المحلية الشعبية من خلال احتجاج كل مكونات شعبه ومحافظاته ونحن نرى حجما وتنوعا وتوسعا وامتدادا جغرافيا وسكانيا للاحجتجات فاق كل الساحات الاخرى.
4- العربية والتي اتخذت مبادرة اصلاحية للخروج من الازمة، تظاهر النظام في قبولها ولكنه مارس خلاف عنها، مما دفع الجامعة العربية الى الدعوة الى اجتماع طارئ يوم السبت القادم، من المتوقع اعلان مقاطعة سياسية وربما اقتصادية، مع الاشارة الى ان هذا الاجتماع وهذا الاجراء غير المسبوق نابع من حجم الدماء المسالة.
5- واقليمية متمثلة في تركيا وموقفها الحازم في هذا الاتجاه والتهديد الذي وجهه اوردغان واضحا وسوف يكون له ترجمة سيما مع تواجد اعداد كبيرة من النازحين السوريين، ومع حجم تضييق الخناق العربي والاقليمي والدولي مما يدعم اتخاذ تركيا اجراءات قوية ومؤثرة في دعم الشعب السوري ضد نظامه القمعي.
6- والدولية التي لن تستطع ان تقف وهي ترى الدماء تسيل دون رادع ووازع من رحمة خصوصا بعد الاجماع الدولي تقريبا وما سيصدر لاحقا بعد الاجتماع الطارئ للجامعة العربية السبت القادم.
7- واخيرا القوة العسكرية للنظام تعاني من انشقاقات كبيرة ويومية ناهيك عن الانهاك والاستنزاف وحجم الدماء والضحايا مما يفقدها أي دافع للادامة القتالية مع ضياع العقيدة القتالية ومقومات الاستمرار سيما مع المزيد من الضغوط العربية والاقليمية والدولية..
ان التهديد باستخدام القوة الدولية بتوافق عربي وطلب شعبي لردع النظام من هدر مزيد من الدماء، واستخدام القوة فعلا ان لم يرتدع من خلال ضربة جوية لشل مراكز القيادة والسيطرة سوف يؤدي الى حدوث انهيار مفاجئ لن يستطع معها النظام ان يصمد اكثر من بضعة ايام او ربما ساعات ولن يكون هناك من يدافع عن النظام كما حدث في ليبيا لان الطبيعة القبلية والاعتماد على المرتزقة للنظام الليبي هو من ابقى النظام مدة اطول.
بقي السؤال الاخير هنا للبعض الذين ما زالوا يقفون مع النظام هناك: ما موقفكم حين يسقط هذا النظام ويذهب الى زوال؟! وما موقف الشعب منكم حين يرى انكم تقفون مع الجزارين والطغاة وعبدة الكراسي؟!
القدس العربي