صفحات العالم

باراك عندما يتحدث عن اختفاء سورية

 

رأي القدس

عندما يتوقع ايهود باراك وزير الامن الاسرائيلي تفكك سورية وحسم موضوع الملف النووي الايراني في الاشهر القليلة المقبلة، فهذا يعني ان احتمالات الحرب باتت اكبر من احتمالات السلام.

سورية لا تتفكك، بل تتآكل ايضا، تتآكل كدولة وكيان، وتتحول الى جزر صغيرة تتبع هذا الفصيل او ذاك في ظل انحسار نفوذ الحكومة المركزية في العاصمة دمشق وبعض المدن الاخرى.

الاحاديث عن الحلول السياسية تخفت حدتها يوما بعد يوم وسط انباء عن تكثيف عمليات التسليح للنظام والمعارضة المسلحة في الوقت نفسه، روسيا تسلح النظام والدول الخليجية تسلح المعارضة باسلحة نوعية، مما يعني ان الحسم العسكري بات هو الحل المتفق عليه بين طرفي الصراع، او بالاحرى اطرافه جميعا.

الارتباك والتردد هما السمة التي تحكم تصرفات ما يسمى بالمجتمع الدولي، ولا ننسى بان هذه السمة تنطبق ايضا على جامعة الدول العربية، بل وحتى الائتلاف الوطني السوري الذي عجز، ورغم جهود عديدة، عن تشكيل حكومة مؤقتة تلبي مطالب الجامعة وشروطها لاحتلال مقعد سورية في القمة العربية المقبلة في الدوحة.

الموضوع الحيوي الذي يحاول معظم المتورطين في الملف السوري الحديث عنه هو مستقبل سورية، وهوية النظام الذي يحكمها وحدوده الجغرافية والاراضي الخاضعة لسيطرته، وما اذا سيكون النظام الوحيد ام ان جيرانا آخرين سوريين ايضا سيشاركونه في حكم مناطق اخرى؟

الحاضر واضح للعيان، جيش سوري حر يقول وزير العدل الامريكي الزائر للمنطقة ان غالبية عناصره تتبنى ايديولوجية تنظيم القاعدة، وجماعات جهادية متعددة تسيطر على جيوب في الشمال الشرقي واخرى في الشمال الغربي، ونظام يتغول في القتل والقصف بالصواريخ للمناطق الخارجة عن سيطرته.

المشهد السوري يبدو ملطخا ببقع الدماء وجثث ضحايا المجازر، وارتفاع غير عادي لاعداد القتلى والجرحى، فهناك من يقول ان هناك سبعين الف شهيد، وهناك من يقدر الرقم بتسعين الفا، لكن الرقم المتفق عليه هو حول عدد اللاجئين الذي وصل الى مليون لاجئ في دول الجوار، ومن المتوقع ان يصل الى ثلاثة ملايين مع انتهاء العام الحالي.

هجمة التسليح الحالية للمعارضة المسلحة من قبل دول الخليج تريد كسر معادلة الجمود الحالية واجبار النظام على الجلوس الى طاولة المفاوضات مع خصومه للتفاوض على رحيله، ولكن النظام، ومثلما تشير كل الدلائل على الارض، مصمم على البقاء، ومواصلة القتال مدعوما بدولة عظمى هي روسيا، ودولة اقليمية كبرى هي ايران، وميليشيا مسلحة خبرت الحروب جيدا هي حزب الله.

المنطقة كلها مهددة بالتفتيت، التفتيت الجغرافي، والتفتيت المذهبي الطائفي، والشيء الوحيد المؤكد ان لا دولة محصنة، او معصومة.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى