صفحات العالم

مهمة الابراهيمي انتهت وهذه هي الاسباب

 

رأي القدس

عندما تشن الصحف السورية مجتمعة، وفي التوقيت نفسه، حملة شرسة على السيد الاخضر الابراهيمي المبعوث العربي والدولي لحل الازمة السورية، وتتهمه بنزع قناع النزاهة ‘وكشف وجهه الحقيقي الذي يرى الاوضاع في سورية بعين واحدة تلائم اسياده’، مثلما قالت صحيفة ‘الوطن’، فهذا يعني ان السلطات السورية قررت وقف التعامل مع السيد الابراهيمي نهائيا، وان قالت وزارة الخارجية السورية في بيان لها انها ستستمر في التعاون مع مهمته.

السيد الابراهيمي فاجأ النظام السوري مثلما فاجأ المعارضة التي لم تتوقف عن مهاجمته واتهامه باطالة عمر النظام من خلال مقترحاته، عندما قال في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية ‘ان حكم عائلة الاسد الممتد لاكثر من اربعة عقود طال اكثر مما ينبغي’، وان خطاب الرئيس الاسد الذي القاه قبل بضعة ايام من دار الاوبرا ‘فرصة ضائعة’ وان مبادراته لانهاء العنف ‘طائفية واحادية’.

من الطبيعي ان تغضب مثل هذه التصريحات القوية النظام السوري ورئيسه، وان تثير حفيظته، خاصة انها جاءت من مبعوث دولي يفترض فيه الحيادية، وعدم اظهار اي انحياز الى هذا الطرف او ذاك طالما انه ما زال يقوم بدور الوساطة ويبحث عن حلول مرضية للطرفين المتصارعين، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو عن الاسباب التي دفعته لاطلاق مثل هذه التصريحات القاسية وفي مثل هذا التوقيت؟

لا نعتقد ان السيد الابراهيمي وهو الدبلوماسي المخضرم لم يتوقع ان تثير تصريحاته هذه غضب النظام، الامر الذي يدفعنا الى القول انه تعمد اطلاقها ربما لايصال رسالة ما الى القيادة السياسية تقول بأن ما ورد في خطاب الرئيس الاسد لم يكن المبادرة التي جرى الاتفاق حولها اثناء زيارته الاخيرة، اي الابراهيمي، للعاصمة السورية، كخطوة تقضي على حالة الجمود الحالية، وتساعد المبعوث الدولي والعربي على اكمال مهمته.

الانطباع الذي يخرج به اي مراقب لهذه التصريحات، ومطلقها، وردود الفعل الرسمية السورية تجاهها، هو ان قطار السيد الابراهيمي وصل الى المحطة الاخيرة، وان عليه الترجل من هذه المهمة، معترفا بالفشل، تماما مثلما فعل سلفه كوفي عنان الامين العام السابق للامم المتحدة.

الاختلاف بين السيدين عنان والابراهيمي، ان الاول التزم الحيادية والنزاهة اللتين تفرضهما عليه مهمته واصولها وقواعدها، حتى اللحظة الاخيرة، ولم يكشف عن وجهة نظره الشخصية تجاه الازمة واطرافها الا بعد استقالته، اما السيد الابراهيمي فلم يصبر حتى الاعلان عن استقالته، واقدم على انتقاداته واتخاذ مواقف سياسية شرسة بالتالي، وهو مستمر في اداء مهمته.

لا نفهم كيف سيشارك السيد الابراهيمي اليوم الجمعة في اجتماع ثلاثي يعقد في جنيف بينه وبين كل من وليم بيرنز مساعد وزير الخارجية الامريكي، وميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي حول سورية، بعد تصريحاته هذه والهجمة الرسمية والاعلامية ضده.

مهمة السيد الابراهيمي انتهت في رأينا، وقد تكون نهايتها مقدمة لخطوات اخرى لها جوانب عسكرية، مباشرة او غير مباشرة، ونستند في كلامنا هذا الى ما صرح به السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا يوم امس اثناء لقائه بمسؤول سنغالي، بان المهلة التي اعطاها الشعب السوري للرئيس الاسد قد انتهت.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى