“بعيداً عن الوطن” … مشروع أنسنة قضية اللاجئين السوريين/ حـسن عبّـاس
بيروت – يوثّق مشروع “بعيداً عن الوطن” قصص “أشخاص سوريين بعيدين عن وطنهم، ترك المئات والآلاف منهم بلدهم فذكرتهم الأخبار كإحصاءات. لكن وراء الأرقام يقف من لم تُروَ حكايتُه بعد”. هكذا يعرِّف المشروع الذي أُطلق مؤخراً عن نفسه، إذ ينظر إلى نفسه كراوٍ لما يغفل عنه الآخرون، فيضع نفسه أمام تحدٍّ كبير.
موقع – وثائقي
فكرة المشروع المموّل من الإتحاد الأوروبي والمفوضية العليا للاجئين جديدة: تأسيس موقع الكتروني وثائقي Web – documentary متخصص في متابعة حكايا اللاجئين السوريين في لبنان. يلاحق المشروع عائلات أو أشخاصاً وينقل إلينا قصصهم الشخصية، ماضيهم والظروف التي اضطروا بسببها إلى ترك وطنهم، والصعوبات التي يعانونها في لبنان. يتضمّن الموقع فيديوهات قصيرة وقصصاً مصوّرة (“ديابوراما” من الصور يرافق تعاقبها تسجيل صوتي) وقد قامت شركة أفلام بطوطة بإنتاج كلّ من الموقع ومواده. أُطلق الموقع ضمن فعاليات معرض أُقيم بالمناسبة في ميتروبوليس – صوفيل (في 6 ديسمبر الجاري).
الجميل في المشروع هو أنه يعمل على أنسنة قضية اللاجئين السوريين. بفضله، لا نعود نتحدّث عن لاجئين بعمومية بل سنقف أمام حياة أشخاص لهم أسماء وتاريخ شخصي. بهذا المعنى، هو ليس سبّاقاً ولكنه سبّاق في تخصصه في هذا الهدف. من حيث المحتوى، المشروع متواضع رغم أن عدد فريق العمل 18 شخصاً. فالموقع لا يتضمّن إلا خمسة فيديوهات وأربع قصص مصوّرة! بحسب القيّمين عليه، سيقومون، أسبوعياً، بإضافة مادة جديدة.
جيراننا السوريون
في كل زوايا المشروع، يمكن الوقوع على فكرة التضامن الإنساني مع معاناة اللاجئين السوريين. “نجم المشروع”، إن جازت التسمية، هو “عائلة أم عبدو” (مكوّنة من عشرة أشخاص) التي سجّلت الكاميرا محطات مختلفة من يومياتها. تشير مخرجة التقارير، كاتيا صالح، إلى “صعوبة إيجاد أشخاص يقبلون بتصويرهم ضمن إطار مشروع مماثل” وتضيف: “هناك مسافة بيننا وبين السوريين المقيمين في لبنان: نظن أنهم لا يريدون الحديث إلينا ويظنّون أننا لا نأبه لشأنهم”.
في أحد التقارير، تمتعض أم عبدو من غلاء الأسعار. تلفت إلى أن بدل إيجار المنزل الذي يقيمون فيه يكفي لكي “نعيش جخّ بسوريا”. تقرير آخر ينقل إلينا أحلام أولاد أم عبدو: طفلة تتوق لتصير عارضة أزياء؛ أخرى تحلم بأن تصبح مصففة شعر؛ طفل يطمح إلى العمل في محلّ للكومبيوترات. “ما بحب شي بلبنان. ما بلعب كتير بلبنان. بسوريا بحب كل شي”، يقول أحدهم. بين امتعاضهم من الصعوبات المعيشية وبين عمل الأسرة في توضيب الصناديق الكرتونية ينقلنا الموقع إلى صلب حياة هذه العائلة السورية التي تعيش تماماً كما تعيش أيّة عائلة لبنانية في منطقة صبرا. بصراحة، لا مبرّر موضوعياً لاختيار هذه العائلة كنموذج.
توترات المشروع
لا يبدو أن للمشروع هدفاً واضحاً. تقول صالح إنه يهدف إلى جمع التبرّعات (في الموقع رابط ينقلك إلى المفوضية العليا للاجئين إن أردت التبرّع) وإلى شرح أوضاع السوريين للبنانيين، وشكرهم على حسن ضيافتهم، وإلى تصحيح أفكار البعض الخاطئة عن السوريين. مضمون الموقع بعيد عن الأهداف المبتغاة منه.
صالح تظنّ أنه من الأفضل الحديث عن سوريين مقيمين في لبنان لا عن لاجئين سوريين! من هنا يبرز توتّر آخر في الموقع: هو غير متخصص باللاجئين. في القصص المصوّرة، يلاحق المشروع ما يمكن وصفه بأنه قصص ناجحة. نتعرّف من خلال هذه القصص على دعاء الشابة اللاجئة التي تتطوّع لتعليم بعض الأطفال اللاجئين المنقطعين عن الدراسة، ونستمع إليها تقول لهم: “لازم نتعلّم. ما بدنا نرجع نعمر سوريا؟”. نجول مع عبد، المتطوّع لمساعدة أبناء بلده والممتعض من حالات التسرّب المدرسي: “هذا جيل بلد كامل. شو بدو يصير فيه بعد خمس سنين؟”. كذلك نلتقي بسامر، الموسيقي الذي ترك معدّاته وهرب إلى لبنان والمتحفّز لعودته: “إذا نحن ولاد البلد ما شلنا البلد، ما حدن رح يشيلو”.
هؤلاء الأشخاص رائعون. ولكن التركيز على القصص الناجحة يطرح تساؤلات عدّة. فالمشروع يعلن بصراحة أن هدف القصص المصوّرة هو توثيق حياة أشخاص “يحاولون أن يشقّوا طريقهم في مجال عملهم” وتقول صالح: “بحثنا عن أشخاص يعملون لا ينتظرون فقط مساعدات”! بين قصص النجاح هذه وبين التقارير التي تعرض حياة عائلة قادرة على تسيير أمورها بنفسها، رغم بعض الصعوبات، يصير تساؤلنا مشروعاً عن نيّة المفوضية العليا حرف النظر عن تقصيرها في إدارة ملف اللاجئين السوريين!.
لا شك في أن المشروع يمتلك قيمة مضافة ولذلك ننصح بالإطلاع عليه(www.daysawayfromhome.com). ولكن، إذا ما أراد حجز مكانة مميّزة له، عليه أن يحدّد هدفه وأن يضيف إلى عمله عمقاً أكثر.
إضغط في ما يلي لمشاهدة الأعمال:
مقالات مصوّرة “زيمو” – موسيقي
مقالات مصوّرة “سيما” – مجموعة الرقص
مقالات مصوّرة ” عبد” – متطوع
مقالات مصوّرة ” دعاء” – مدرّسة
فيديو ” عائلة أم عبدو”
موقع لبنان ناو