بملفات سورية شائكة.. الدول الضامنة تعود إلى طاولة أستانة الخميس/محمد شيخ يوسف
تعود عجلة مؤتمر أستانة حول سوريا للدوران باجتماع ينطلق، الخميس في العاصمة الكازاخية، بين الدول الضامنة، وهي تركيا وروسيا وإيران.
ويأتي هذا الاجتماع بعد مؤتمر الحوار السوري، في مدينة سوتشي الروسية، يوم 30 يناير/ كانون ثان الماضي.
وسيكون “أستانة 9″ هو الأول في عام 2018، إذ عقد الاجتماع الأخير في ديسمبر/ كانون أول الماضي.
وهذا الاجتماع تقني لن يحضره وفدا النظام والمعارضة السورية وإنما الدول الضامنة.
وتعقد اجتماعات تحضيرية الخميس للقاء وزراء الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، والروسي سيرغي لافروف، والإيراني جواد ظريف، الجمعة.
وبموازاة الاجتماع، يعقد جاويش أوغلو محادثات ثنائية في موسكو مع الجانب الروسي، الأربعاء والخميس.
جدول أعمال مكثف
الفترة السابقة شهدت تطورات كبيرة في الملف السوري، أبرزها هجوم النظام وحلفائه المتواصل على منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق؛ ما أدى إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى، وتقسيم المنطقة إلى ثلاثة قطاعات محاصرة، والتضييق على قوات المعارضة.
وتحت وطأة القصف الدموي أصدر مجلس الأمن الدولي، في 24 فبراير/ شباط الماضي، القرار رقم 2401، الذي طالب جميع الأطراف بوقف إطلاق النار فوراً، لمدة ثلاثين يوماً، بهدف إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في المناطق المحاصرة، وإجلاء الجرحى.
لكن النظام وحلفاءه لم يلتزموا بالقرار، إذ يواصلون قصف الغوطة الشرقية، حيث يعيش نحو 400 ألف مدني تحاصرهم قوات النظام منذ عام 2012، وهي آخر معقل رئيسي للمعارضة قرب دمشق، وضمن مناطق خفض التوتر، التي تم الاتفاق عليها، عام 2017، في أستانة.
كما أطلق الجيشان التركي و”السوري الحر”، منذ 20 يناير/ كانون ثان الماضي، عملية “غصن الزيتون”، لتطهير منطقة عفرين شمالي سوريا من تنظيمي “ب ي د/بي كا كا” و”داعش”، وإعادة الأهالي إلى مناطقهم، مع اتخاذ التدابير اللازمة لتجنيب المدنيين أية أضرار.
المعتقلون وإزالة الألغام
في ختام اجتماعات “أستانة 8″، في ديسمبر/ كانون أول 2017، اتفقت الدول الضامنة، ضمن إجراءات بناء الثقة، على تشكيل مجموعتي عمل حول المعتقلين والمفقودين، وتبادل الأسرى والجثث، وإزالة الألغام من المناطق التاريخية.
فيما قرر مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، يوم 30 يناير/ كانون ثان الماضي، تشكيل لجنة من الأطراف السورية لإجراء إصلاح دستوري، وناشد الأمم المتحدة تعيين مبعوث خاص، لمساعدة اللجنة في العمل تحت سقف المنظمة الدولية.
ووفق معطيات متوفرة، فإن ملف المعتقلين وإزالة الألغام، وإجراءات بناء الثقة عامة، سيكون الحاضر الأبرز في جولة أستانة المقبلة، كا سيسجل ملف إعداد اللجنة الدستورية حضوراً قوياً، لدعم العملية السياسية في جنيف.
ووجهت الدعوة إلى مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا، ستيفان دي ميستورا، لحضور اجتماعات أستانة، ومن المنتظر أن يحضر بالفعل، بعد تشاوره مع الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريش.
كما سيكون ملف مناطق خفض التوتر حاضراً، خاصة مع الخروقات المستمرة من جانب النظام بحق هذه المناطق، ولا سيما الغوطة الشرقية وإدلب، وريف حلب (شمال غرب).
“أستانة-1″.. تتويج الهدنة
انطلق مسار أستانة بأول اجتماع، يومي 23و24 يناير/ كانون ثانٍ 2017، عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا بين النظام والمعارضة، بالعاصمة التركية أنقرة، يوم 29 ديسمبر/ كانون أول 2016.
توقيع الاتفاق جاء بعد تقدم قوات النظام بشكل كبير في مدينة حلب، ووفر الاتفاق للمعارضة خروجاً آمناً من المناطق المحاصرة في المدينة.
بعدها بدأ مسار أستانة يحضّر بين تركيا وروسيا وإيران لتثبيت وقف إطلاق النار، وأعلنت الدول الثلاث الاتفاق وضمنته.
عُقدت الجولة التالية “أستانة 2″ في 15 و16 فبراير/ شباط 2017، وانتهت دون بيان ختامي، وجرى الحديث بين الدول الضامنة حول تشكيل لجان متابعة لمراقبة وقف إطلاق النار.
ورفضاً لاستمرار خروقات قوات النظام، لم تحضر المعارضة الجولة الثالثة “أستانة 3″، يومي 14 و15 مارس/ آذار 2017، وخلصت المحادثات إلى الاتفاق على تشكيل لجنة ثلاثية، تضم تركيا وروسيا وإيران، لمراقبة الهدنة.
“أستانة-4″.. خفض التوتر
بعد فترة من عدم الثقة ضربت مسار أستانة؛ جراء استمرار الخروقات لوقف إطلاق النار، لاسيما من طرف النظام السوري، عُقد اجتماع “أستانة 4″، بمشاركة المعارضة، في 3 و4 مايو/ أيار 2017.
رغم تعليق المعارضة مشاركتها في اليوم الأول من المؤتمر، إلا أنها شاركت في الجلسة الرسمية الختامية، وجرى فيها توقيع الدول الثلاث الضامنة على اتفاق المناطق الأربع الآمنة في سوريا.
وشملت مناطق خفض التوتر: مناطق جنوبي سوريا، وأجزاء من محافظات حلب (شمال)، وحماة (وسط) واللاذقية (غرب).
لكن رغم الاتفاق، استمرت الخروقات.
وفي “أستانة 5″، يومي 4 و5 يوليو/تموز 2017، جرى الحديث عن آليات لمراقبة مناطق خفض التوتر، ونشر قوات فيها.
لكن الاجتماع فشل في التوصل إلى توافقات بشأن القوات التي ستنتشر في هذه المناطق، وجرى الاتفاق على تشكيل لجان فنية تجتمع لاحقاً لمناقشة ما لم يتم التوافق عليه.
“أستانة-6″.. إضافة إدلب
بعد انقطاع دام أكثر من شهرين، عادت الاجتماعات بجولة “أستانة 6″، في 14 و15 أيلول/ سبتمبر 2017، وأعلنت الدول الضامنة توصلها إلى اتفاق لإنشاء منطقة خفض توتر في إدلب (شمال غرب).
هذا الاتفاق اعتبر إنجازاً كبيراً في الجولة السادسة، وقابله تعثر في ملف المعتقلين، إذ لم تتوصل الأطراف الضامنة إلى اتفاق بشأنه، ما شكّل خيبة أمل كبيرة، خاصة لدى المعارضة وتركيا.
ومنذ منتصف ديسمبر/ كانون أول 2017، تواصل القوات المسلحة التركية تحصين مواقع نقاط المراقبة على خط “إدلب -عفرين”، لمراقبة منطقة خفض التوتر في إدلب، وفق الاتفاق.
“أستانة-7″.. ملف المعتقلين
فشلت اجتماعات “أستانة 7″، نهاية أكتوبر/ تشرين أول الماضي، في التوافق بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون انقطاع إلى المناطق المحاصرة.
وشددت الدول الضامنة على أنه لا حل عسكرياً للنزاع في سوريا، وأن تسويته لن تكون إلا وفق عملية سياسية، على أساس تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 (الصادر في 18 ديسمبر/ كانون أول 2015).
ودعت إلى ضرورة استفادة الأطراف المتصارعة من الظروف المواتية على الأرض، لتنشيط العملية السياسية في جنيف، وفق البيان الختامي المشترك.
ووافقت الدول الضامنة، بحسب البيان، على مناقشة مقترح روسيا حول عقد مؤتمر حوار سوري في إطار مسار جنيف.
ودعت الأطراف المتصارعة إلى “اتخاذ كل الإجراءات لدعم الثقة بينها، بما فيها الإفراج عن المعتقلين والمحتجزين، وتسليم جثث القتلى، والبحث عن المفقودين، بهدف توفير الظروف للعملية السياسية، ودعم ثابت لوقف إطلاق النار”.
وتقرر في اجتماع “أستانة 8″، يومي 21 و22 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تشكيل مجموعتي عمل حول ملف المعتقلين وإزالة الألغام.(الأناضول)
القدس العربي