بوتين نتنياهو vs حزب الله
حـازم الأميـن
يبدو مذهلاً ضرب الممانعة وإعلامها صفحاً عن مستوى التنسيق الروسي – الإسرائيلي في سوريا. فالأمر هنا يتعدّى تمرير خطوة ديبلوماسية لا بد منها لحليف، إنما عن تنسيق حثيث وعن مخاطبة ودية بين نتنياهو وبوتين. لا بل عن مصلحة مشتركة معبر عنها علناً تتمثل في ضرورة حماية نظام بشار الأسد.
كشفت اسرائيل، بحسب جريدة “السفير” اللبنانية، عن أن طائرة روسية خرقت أجواءها، فجرى التعامل مع هذا “الخطأ” عبر القنوات العسكرية المختصة. وكشفت أيضاً عن أن توافقاً بين موسكو وتل أبيب على أن المهمة الإسرائيلية في سوريا ستستمر كما هو مقرر من دون أن يعيقها الطيران الحربي الروسي.
وفي فرنسا وعلى هامش قمة المناخ التقى بوتين ونتنياهو وجرى تثبيت التفاهم في سوريا، ونُقل عن الأخير أن بوتين عاتبه بسبب زيارة له لجرحى سوريين يُعالجون في إسرائيل!
الممانعة، وعلى رأسها “حزب الله” طبعاً، تقاتل في سوريا لأن المستهدف هناك هو “نظام المقاومة”، ولكن كيف يمكن تصريف التنسيق الحثيث بين تل أبيب وموسكو في هذا الخطاب. وهل يمكن للصمت أن يستمر في تهدئة روع هذا الخطاب؟ فالأمر بدأ يفيض عن الوعاء، وباشر زعماء الدول في الكشف عن المعادلة غير مكترثين لحسابات الممانعة. عتب بوتين على حليفه في سوريا كان دافئاً إلى حد يصعب الصمت حياله.
إذاً لقد سقطت إسرائيل من معادلة الصراع في هذا الخطاب، وعلى الممانعة أن تنتج عدواً تُمانعه، طالما أنها كفت عن ممانعة إسرائيل.
لكن المشكلة أن اسرائيل نفسها لا تبدو مستعدة للقبول، فطائراتها ستلاحق في سوريا الشاحنات التي تنقل سلاحاً لـ”حزب الله”، وهي تفعل ذلك بالتنسيق مع قيصر الممانعة. هذه المعادلة ثقيلة وغير منطقية، لكنها صحيحة ومثبتة بوقائع (غارات إسرائيلية لم تتوقف في سوريت) وتصريحات (بوتين ونتنياهو).
من المرجح أن ذلك هو جزء من أثقال الصراع الذي يحمله “حزب الله” في سوريت. أي أن يقبل حليفاً يُسهل مهمة عدو، لا بل يُغطيها.
فقبل التدخل الجوي الروسي كانت الغارات الإسرائيلية على سورياًعدواناً يضرب النظام صمتاً حولها، فيما تعتبرها صحف الممانعة جزءاً من حرب مع “العدو”. أما اليوم فهذا لم يعد ممكناً، الغارة فقدت التفسير التعبوي لها. هي غارة فقط، والشهداء الذين تُخلفهم سيعجز الخطاب عن إدراجهم في خاناته المعهودة.
وهنا لا بد من اجتراح حل لهذه المعضلة الفعلية. وإذا وضع المرء نفسه مكان حزب الله واستعرض الحلول فلن يجد سوى الصمت.
كل الطرق مقفلة. فقد صار من الصعب، لا بل من المستحيل إقناع حتى ناصر قنديل بأن الحزب يقاتل في سوريا لحماية نظام “المقاومة” فيها، ثم أن إقناعه بأن المرحلة تقتضي سلاماً مع العدو تبدو صعبة أيضاً في ضوء عدم قبول العدو نفسه بوقف الغارات.
لو كنت مكان “حزب الله” لانسحبت من سوريا فوراً، لأن ناصر قنديل يرتب أوراقه ليقدمها إلى قيصر الشام الجديد، وحسابات بيدر هذا القيصر في مكان آخر تماماً.
موقع لبنان ناو