بوعلي بوتين/ روجيه عوطة
مع كتابة إسم “فلاديمير بوتين” باللغة العربية في خانة البحث في “فايسبوك”، تظهر عشرات الصفحات الخاصة والعامة التي تحمل هذا الإسم، وتضيف عليه لقباً أو تضعه في جملة مؤلفة لأجله.
يتأرجح بوتين بين “قيصريته” و”سوفياتيته”، وبين “البطل” و”بو علي”، وبين “الأصلي” و”الأسد”، عدا عن إشهار الحب له، أو تشبيهه بـ”ثعلب الـ كي.جي.بي”. ومن الممكن للمستخدم أن يجد مجموعات كثيرة تختص بالرئيس الروسي، تشكره، وتدخله في شعار مرفوع له، “الله روسيا بوتين…وبس” على وزن “الله سوريا بشار…وبس”.
فلا شك أن الإسم قد يُقرن بآخر من أسماء حلفائه الديكتاتوريين، أو بالأحرى مريديه. “بوتين سوريا الأسد”، “بوتين أبو علي سوريا”، “بوتين الأسد الفارسي”.
وعليه، يبدو “القيصر الماكر” في الموقع الأزرق إسماً لبطولة الممانعة وخلاصها، بالفضل عن كونه يطلق للإشارة إلى فتنتها وحُسنها، وبعبارة أخرى، لإعلان بوتين “ملك جمالها”.
ولما يتصفح المستخدم تلك الصفحات، لا سيما الشخصية، ينتبه إلى أن التشبه ببوتين غالباً ما يتخذ شكلاً ومضموناً موحّدين. حيث أن منفذه يختار صوراً مغبشة لقيصره، أو لموضوع متعلق به، كسلاح الكلاشينكوف أو البوارج الحربية أو أمين عام حزب الله حسن نصرالله، أو شعار “الحشد الشعبي”، أو بشار الأسد مع عائلته، أو الخامنئي إلخ.
فتلك الـ”بروفايلات” تُجمع فيها كل أسماء الممانعة ورموزها حول إسم بوتين، وتجعله الأبرز بينها، لا سيما أنه ذلك “الأجنبي” الذي انتقل من بلاده إلى بلادها بغاية دعمها والقضاء على “أعدائها”. فهو عندما يصور بالقرب من سيارته، حاملاً سلاحه ومنظاره العسكري، يظهر كبطل هوليوودي، كما أنه ذلك النجم الجدير بهيام الممانعين والممانعات، الذين يذهبون بحبهم له إلى حد التكلم عن طائراته كأنها نوعاً من “طيور العشق”.
يلاحظ المستخدم أن أصحاب الصفحات الـ”بوتينية” لم ينسوا عيد ميلاد الرئيس الروسي، إذ وجهوا إليه معايداتهم ورسائلهم، تماماً مثلما يفعلون حيال قتلة ممانعتهم. كما أنهم لا ينسون تركيب الصور، التي يظهر فيها متحدثاً عن هؤلاء الزعماء، “لن أتخلى عن الأسد حتى لو أصبح القتال في شوارع موسكو”، أو يتفق معهم حول “الدولة الإسلامية” و”الغرب”، قائلاً “أي حل أو إتفاق سياسي لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد القضاء على الإرهاب”.
هذا، ويتنبه المستخدم إلى أن حضور بوتين كإسم شخصي، وكشخصية عامة، يترافق على الدوام مع نشر صور الفتيات الروسيات، وشعارات الشيوعية، بالإضافة إلى صور غيفارا ولينين وماركس. وبالتالي، يكون بوتين زير نساء، يُعلن الولاء من خلالهن، كأنه يختزلهن، أو كأنه شرط وجودهن بالتحديد.
فلا مجال عند الممانعين، المأخوذين بصورة “القبضاي”، سوى أن يسموا أنفسهم بإسمه، ويتماثلوا معه، بهدف استحضار معرفتهم البائسة عن روسيا، رابطين إياها بتاريخها السوفياتي، أو بتنميطها الذكري بنشر صور “الروسية”. بوتين، بحسبهم، إسم علم، وإسم صورة، وإسم إثارة، وإسم قوة، وإسم مفقودهم الذي صار على هذا الوضع مع انهيار جدار برلين، كما أنه إسم المستبدين بهم في سوريا ولبنان وإيران.
ولا يخفى على المستخدم أن أغلب مطلقين إسم “بو علي” على أنفسهم وصفحاتهم، يربطون عصبيتهم الطائفية بعصبيتهم البوتينية، التي، في بعض الأحيان، تتحول من إسم شخصي إلى طريقة تسمية روسية، كما هي حال الفايسبوكي “مازينوف أسدوف”. فالأخير، وقد رفع صورة بوتين لشخصه، وصورة حافظ الأسد كغطاء لها، ينشر بوستات “وطنية”، تتكلم عن “العرين” الذي يحميه السلاح السوري-الروسي، أي الأسدي-القيصري المشترك. وبالطبع، اللغة التي يستعملها الـ”بوتنيون” مليئة بالشتائم والإهانات، وهم يستندون إليها كي يمجدون “بطلهم”، مرةً، بتشبيهه بستالين، ومرةً، باعتباره “إبن أصل”.
لقد أطلق هؤلاء إسم بوتين على أنفسهم الفايسبوكية من أجل أن يشبهوا أنفسهم به، فيمدهم بما يرونه فيه من سمات القوة والنجومية والخلود والإثارة. فهم لا إسم لهم لولا وجوده، ولا صورة لهم لولا صورته، ثم، أنهم لا شيء يقولونه سوى أقواله وأفعاله، التي يشددون عليها نظراً إلى كونه “أجنبياً” وفي الوقت نفسه يدعم زعمائهم ويتولى أمور حربهم.
وقد نشر واحد من الممانعين، الذين يحملون إسم الرئيس الروسي، صورة لطائرة حربية، فعلق أحد رفاقه عليها: “هذه الأميرة سوخوي زوجة الأمير فلاديمير”!
المدن