تعرف على من يتأكد من صحة فيديوهات سوريا وكيفية ذلك
لندن، إنجلترا(CNN)– بعد أن أصبحت سوريا أخطر مكان على وجه الأرض يمكن أن يعمل فيه الصحفيون، كيف يمكن للإعلام الحديث أن يعمل هناك؟
هناك الآلاف، وربا مئات الآلاف، من الفيديوهات بشأن الحرب الدائرة في سوريا يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي يوميا، ولكن لا يعرف غالبية الناس كيفية التأكد من صدقية أي منها، بمن فيهم الصحفيون. فإليكم الرجل الذي أصبح مرجع العالم، في هذا المجال، انطلاقا من نيويورك تايمز إلى وزارة الخارجية البريطانية، والذي التقت به CNN.
اسمه إنتر إليوت هيغينز، وهو أب لا يغادر منزله إلا نادرا، حيث أنه يمارس منذ مدة هوايته في تعقب مئات الفيديوهات يوميا، وهو جالس على أريكته يترشف قهوة الصباح أو شاي الخامسة عصرا أو وجبة العشاء. ويعتمد الرجل الذي يقيم في منطقة ليسستر بإنجلترا، على دراسة تفاصيل الأسلحة لتعقب سير الحرب في سوريا وتحديد مسؤولية من يقوم بماذا ومن ثمّ ينشرها على مدونته تحت اسم “براون موزس.”
وقال هيغينز لـCNN “لقد كنت مثل الكثير من الناس، أناقش المواد التي تتوفر عن النزاعات والأحداث الجارية منذ ما حدث في ليبيا التي راقبتها عن قرب. لقد كان هناك الكثير من التسجيلات التي خرجت من ليبيا بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي وتم تجاهلها. لذلك فكرت في جمعها مه بعضها البعض. وبعد أن غبت لبعض الوقت بسبب ولادة ابنتي، رجعت إلى مواقع التواصل التي تتعامل مع فيديوهات الهواة، لأكتشف أن الحرب في سوريا باتت منبعا لعدد ضخم من المعلومات. فبعض الأشخاص يقولون إنه يوجد ما لا يقل عن 500 ألف فيديو حول سوريا لا يتعامل معها الناس بأسلوب منطقي.”
وجاءت اللحظة الفارقة ربما في حياة الرجل في 21 أغطس/آب مع أنباء الهجوم الكيماوي في الغوطة، على أطراف دمشق. وقبل أن يكون بإمكان المفتشين الدوليين تأكيد وجود “أدلة واضحة ومقنعة” على وجود أسلحة كيماوية في الموقع الذي يعملون فيه، سبقهم هيغينز ببناء سيناريو قوي ومعقول بالأدلة لما حدث ولاستخدام سلاح كيماوي ملقيا بالمسؤولية على نظام بشار الأسد في ذلك، معتمدا على تسجيل مصور نشرته.. وزارة الدفاع السورية نفسها.
وقال هيغينز “لقد كان فيديو مهما جدا. لقد كان يتضمن الكثير من صور بقايا السلاح المستخدم في الهجوم. وتلك الأسلحة كانت تبدو تقريبا يدوية الصنع وليست مثل الأسلحة المتعارف عليها. ولذلك فقد ساعدني البعض في إعداد لائحة طويلة تتضمن أكثر ما يمكن من تفاصيل تلك الأسلحة والذخيرة. من ضمنها مثلا أنه بإمكانك مشاهدة ترقيم أسود على الأسلحة المتفجرة وترقيم بالأحمر على الكيماوي. كما كان هناك ترقيم بألوان أخرى.”
وفي فئة الاسلحة المتعارف عليها التقليدية لا يوجد سوى ثقب واحد في عقب الذخيرة، أما في فئة الكيماوي فهناك ثقبان، أحدهما يستخدم لتعبئة الذخيرة. والآن كيف ربط هيغينز بين استخدام السلاح الكيماوي والنظام السوري؟
قال هيغينز “في السلاح التقليدي، تتم تعبئة راس السلاح بالمتفجرات، وقد لاحظنا وجود كمية كبيرة من المتفجرات لو تم استخدامها فلن يبقى منها شيء. لكن الذخيرة التي عثرنا عليها في 21 أغسطس/آب، كانت تقريبا مثلما كانت عليه، أي أنها لم تنفجر. لقد كان واضحا أنّ الرأس انفتح ولكن بقيت المتفجرات على حالها. أيضا اكتشفنا وجود ثقب للتحميل، ولكنه لم يكن موجودا في عدد من أسلحة المتفجرات التي رأيناها، وهذا يعني أنّه من الممكن أن يكون جرى استخدام ذخيرة كيماوية.”
وعثر هيغينز على الكثير من الفيديوهات التي تصور عدة هجمات تم فيها استخدام نفس المتفجرات من ضمنها تسجيل صور في ديسمبر/كانون الأول يظهر إطلاقها من مناطق تسيطر عليها ساعتها قوات الأسد.
وبشأن معرفة المناطق التي تنطلق منها الهجمات يقول هيغينز “الأمر سهل للغاية، تعرف على بعض العلامات الأرضية التي تظهر في التسجيل وقارنه بخرائط الأقمار الاصطناعية. وفي إحدى المرات عثرت على صور تظهر مجموعة أجهزة لتجربة السلاح الكيماوي، وكل ما فعلته أنني وضعتها على موقع eBay، وجاء الردّ من أحد الأشخاص الذي كان يبيعها بنفس الجودة. ولذلك عليك أخذ الحيطة والتفكّر والتدبّر قبل استخلاص النتائج.”
ويصر هيغينز على أنه لا يستهدف بعمله دعم هذا الطرف أو ذاك وإنما “فقط توثيق الحرب السورية بأفضل ما يمكن” وأضاف “الآن أصبحت الحرب أشد تعقيدا. وأستطيع القول إنّ الجيش الحر بات عمليا مشلولا وعديم القدرة على الفعل. وشمال البلاد عمليا أصبح مسيطرا من قبل داعش وجبهة النصرة وأعضاء في تنظيم القاعدة. الآن يحصلون بصفة متزايدة على أسلحة قوية يستخدمونها بصفة متزايدة ومن دون تمييز. وأساسا، البلد دمّرت بهذه الحرب.”(هيرش لـCNN: جبهة النصرة قادرة على صنع السارين).