جروح ميتة/ كاظم خنجر
قطع رأس
نائم على بطني، يداي مربوطتان إلى الخلف. ها هي بساطيلكم تدور، تضبطون جهاز الصوت، ترتّبون الناس على شكل قوس. كان الكثير من الله ومحمد ومن شابه، في البيان الذي ألقاه أبو عبدالله المهاجر. كنت أسعى لأرى لون الحَرْبة، درجة حدّتها، وأحمل رأسي معكم، وأحتفل.
أنحنى. ضغط على المقبض. مثل سيارة طامسة بالوحل، تدور يده في مكانها.
عند الليل، أعمدة الكهرباء تمشي بالرؤوس المقطوعة إلى أجسادها بعدما تداولتها الأقدام والحراب الأميركية والذباب.
الحربة على الرقبة، كعود ثقاب على علبة كبريت رطبة، تروح وتجيء.
■■■
انتحاري بحزام من كلمات
1
في المطبخ أسقطنا الوطن مثل صحن صغير، حاولنا الهرب من الجريمة، دسنا على شظايا الزجاج الكبيرة.
2
على رصيف المسجد، جثث ناشفة لا نعرفها. لهذا يأتي أُناس لا نعرفهم، يشترون الخشب، يجهزون التوابيت ، بينما يُقشّر المؤذن بصوته الدماء اليابسة عن سكاكين القتلة.
3
إذا أنجبتم طفلاً، علِّموه أن لا أصدقاء ولا أخوة في هذا العالم، وإلاّ أنهى عمره في حساب الجثث.
4
الأعمى دموعه تخرج من عكّازه.
5
نسير بتابوتكَ فوق السيّارة. كُنّا نبكي جميعاً. إلّا أُمّي، كانت تمشي على دموعها.
6
عند النوم أحسب أصدقائي القتلى، أجمع جثثهم، أُقسم حزني على الأحلام، وفي كل ليلة أراهم ينشفون مثل الجراح التي تُغرينا بحكّها، وما إن أبدأ حتى تسيل دماؤهم على الفراش.
7
عمركَ يجفّ بين أصابعي أيها الإنسان. عليك أن تفهم أن الجسد من رصاصٍ والطلقة من لحم.
8
تتقلب سنواتهم مثل قيطانٍ مفتوح. الذين تجمعوا في السوق قطعتهم السيارة الملغومة. كانت أعضاؤهم تسقط كمَن يحمي أحدهم الآخر. كانوا يحبّون نظافة السوق لهذا جمعوا كل الشظايا بأجسادهم، حتى أننا وجدنا السوق نظيفاً ومغسولاً بالدم.
9
علّق رجال الشرطة لافتة على البناية التي تواجه بيتنا، تحوي أسماء المطلوبين وصورهم، وهناك مبلغ كبير جداً يمكن أن يقتل كل الديوان. في كل صباح أواجه هذا اليانصيب، مفتشاً عن وجوه القتلة بين الناس، والناس يفتشون في وجهي عن القتلة.
10
يجب أن نقصّهم، الأصدقاء الذين يكبرون كالأظفار.
11
نعلم أنك تحت كتل الأسمنت والقضبان المعدنية. نعلم أنك ما زلت تتنفس لأن الصاروخ كان محاذياً لغرفتك، وها نحن نرى أطفالك العراة بجثثهم المفتتة، كما نعلم أنك تسمعنا هناك تحت الكتل الكبيرة وتُدرك جيدا أننا لا نستطيع إخراجك لأننا لا نتنفس تحت الكتل المجاورة.
■■■
لحم أخضر
أملك فتحة في القلب، تتسع كلما ضحكت. تدخل وتخرج منها الحروب.
أملك ندبة في وجهي، عميقة وغائرة، تنزف كلما طارت عيونكم حولها. حصلتُ عليها من حزام ناسف، عندما تركتك يا مهند فاهم تذهب وحيدا إلى “شارع المكتبات”.
أملك مقبرة صغيرة في غرفتي، تكفي لعين واحدة وبعض الأصابع.
أملك مسدساً فيه الكثير من الجراح الميتة.
النهار