صفحات العالم

سوريا وصدمة “مجموعة الثماني”

محمد ابرهيم

عبّر وزراء خارجية “مجموعة الثماني” عن “صدمتهم” لوصول رقم قتلى الحرب الاهلية السورية الى سبعين الفا. لم يقل اي منهم بالطبع ما هو الرقم الذي يعتبره مقبولا. ولم يصل الاجتماع الى نتيجة تعبر عن انه كان للصدمة مفاعيل ايجابية تقرّب حسابات الطرفين: الغربي والروسي.

اعادة اعلان توافق المجتمعين على “اتفاق جنيف” وعلى عملية سياسية انتقالية، دون الاشارة الى النقطة الخلافية الاساسية، ايّ دور لبشار الاسد فيها، يعني ضوءا اخضر لاستمرار المعادلة التي صدمتهم نتائجها.

لكن لا بد من تسجيل ان الاميركيين حاولوا ادخال تعديل على موقف “المعسكر” الذي يدعمونه عندما نطق جون كيري بالكلمة السحرية: مفاوضات بين الاسد والمعارضة. الا أن ردود الفعل التي اثارتها لدى اطراف المعارضة السورية ولدى الحلفاء العرب والاوروبيين جعلت ادارة اوباما ترتد سريعا الى الموقف الاصلي: “تغيير حسابات الاسد”. لم يعنِ ذلك تغيير اساس الموقف الاميركي: رفض التدخل المباشر، ورفض التسليح المباشر، لكنه عنى تفهما لقيام “الآخرين” بتسليح المعارضة.

وفي مقابل التردد الاميركي لم يُدخل الروس اي تعديل على موقفهم الاصلي، فهم ما زالوا على دعمهم لنظام الاسد سياسيا وعسكريا، ومقابل عمل الاميركيين وحلفائهم على تغيير حسابات الاسد يراهن الروس على تغيير حسابات داعمي المعارضة باثبات عجزهم عن اسقاط النظام.

لكن ما الذي يمنع، حقا، الاميركيين والروس من الوصول الى تقاطع في الحسابات؟ في مراحل اولى من الازمة السورية، وخصوصا في ظل المواقف التي رافقت عودة فلاديمير بوتين الى رئاسة روسيا، قيل ان لغة العائد توحي بأننا نعود الى اجواء الحرب الباردة، وان سوريا هي نقطتها الساخنة. لكن التطورات اللاحقة على الصعيد الدولي خفّفت كثيرا من حماسة انصار هذه النظرية، فنحن اليوم امام شبه توافق اميركي- روسي على كل الملفات “الساخنة”، ما عدا سوريا.

 هل صحيح، إذن، ان هناك مؤامرة دولية على سوريا، كيانا ودولة وشعبا؟ التفسيرات التآمرية لا تبدو مقنعة خصوصا عند وضع سوريا في اطار العلاقات الدولية الاشمل. والذي يبقى مرجّحا هو استمرار مراهنة الاطراف الدوليين على تعديل حسابات خصومهم، وربما حلفائهم، طالما ان الاكلاف، الحقيقية، يتحمّلها السوريون، حصرا.

كان الاجدر باجتماع وزراء خارجية الدول الثماني ان يعلن صدمته لوصول طرف اساسي في الحرب الاهلية السورية، هو “جبهة النصرة”، الى حد المجاهرة بانتمائه الى تنظيم “القاعدة”. علما ان الروس يعتبرون ان اساس موقفهم الداعم للاسد هو التصدي لـ”القاعدة” واشباهها، والاميركيون صنفوا “جبهة النصرة” تنظيما ارهابيا منذ زمن طويل.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى