صفحات العالم

حثّ الحصان وهو ميت

 

    امين قمورية

وزير الخارجية الاميركي الجديد بدأ جولة خارجية أولى له. هذه المرة لن تكون فلسطين في أولويات محطته الشرق الأوسطية، لقد تراجعت الى الخلف كثيراً. عين جون كيري الان على سوريا. هو يمني النفس بتحريك ماعجزت عن تحريكه سلفه هيلاري كلينتون ودزينة من نظرائهما في الدول الكبرى والمتوسطة. إلا انه لا يحمل في “صيدليته” سوى علاج قديم بعبوة جديدة.

الديبلوماسي الجديد ينطلق على خطين: خط المعارضة، وخط موسكو. هو يأمل من لقائه أحمد معاذ الخطيب في اعطاء زخم لمبادرته السياسية، وبث الروح في “الائتلاف الوطني” المنقسم على نفسه والذي يعاني من الاصدقاء والحلفاء أكثر مما يعاني من الخصوم والاعداء. يريد ان يوظف التقدم الميداني الذي أحرزته المعارضة ووصول القتال الى مشارف دمشق. فواشنطن تعتقد ان هذه “الانتصارات” ان دلت على شيء فانما تدل على تراخي قبضة بشار الاسد على الدولة والسلطة والارض.

لكن مبادرة معاذ الخطيب قيدتها المعارضة قبل ان يفرغها النظام من مضمونها بسلسلة دعوات الى الحوار لا احد يعرف من المدعو اليها وماهو المطروح على طاولتها. رفاق معاذ الخطيب واخوته في الائتلاف أجهزوا على مبادرته عندما اعتبروا ان الاسد وقادة الاجهزة الامنية لن يكونوا جزءا من اي تسوية سياسية، فمع من ستتفاوض وتتحاور إن لم تتحاور مع اصحاب القرار والقوة؟ وما نفع مثل هذا الحوار مع سلطة ليست سلطة فعلية ولا هي قادرة على تنفيذ ما اتفق عليه؟ وهل يقبل النظام، الذي لايعترف حتى الان بوجود خصم محلي، بمثل حل وتسوية كهذين؟

أضف ان وزن الائتلاف المعارض ورئيسه في قاعات المؤتمرات وفي فنادق العواصم الكبرى شيء، ووزنه داخل الحدود السورية شيء آخر، فنفوذه لدى المسلحين الفاعلين والممسكين بمفاصل القوة الفعلية قد يكون صفراً. لذا لن يكون لاي اتفاق محتمل قيمة فعلية.

ناهيك بان الميزان العسكري الميداني يستمر في التأرجح شمالا ويمينا ولايشير الى احتمال حسم قريب لاي من الفريقين.

على خط موسكو، مهمة الوزير ليست اسهل، فهو كما رئيسه باراك اوباما، لايزال يراهن على “تغيير حسابات” بشار الاسد بتغيير موقف موسكو منه في اتجاه العمل على ترحيله. بيد ان هذا لن يحدث ايضا، فلا موسكو راغبة، او ربما قادرة، على اطاحة الاسد، ولا الاسد يبدو في وارد الرحيل.

 كمن سبقه من وسطاء ومتدخلين، مهمة كيري في سوريا تبدو قبل بدئها، اشبه بحث حصان وهو ميت.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى