حرب مزدوجة/ عباس بيضون
طبول الحرب مزدوجة الوقع، انها مدوية ومتقطعة في آن معاً. جازمة ومترددة في الوقت نفسه. يكاد المراقب يميل إلى أن حرب سوريا لن تقع، لكنه يفاجأ بمواعيد مضروبة، ان لم يكن اليوم فهو الغد أو ما بعده. كل شيء يدل على أن الحرب واقعة، وكل شيء يدلّ على أنها لن تزيد عن التهديد. أوباما ما يزال يضرب أخماساً بأسداس، لكن من حوله يقولون إن قراره لا يحتاج فحسب إلا إلى توقيت. البريطانيون بعد أن زاحموا الأميركيين على الدعوة للحرب عادوا فتراجعوا، مجلس العموم لا يريد أن يكرر التجربة. أوباما يقول إنه لا يبالي بأن يواجه وحيداً لكنه مع ذلك لم يقرر وما زال يقلب الأمور. سوريا بدأت تسحب معداتها إلى المدارس والجامعات ولا نعرف إذا كان هذا ينقل الخطر إلى أماكن أخرى، الروس لن يردوا عن السوريين ولا الإيرانيون. ستكون ضربة أحادية، ضربة محدودة، كما قال الأميركيون. سوريا موعودة بحرب، المثال العراقي يطل من وراء الحدود، لكن العراق اليوم ليس آمناً إنه هو الآخر يخوض حرباً أهلية يتساقط فيها كل يوم عدد من القتلى يزيد على المئة أو ينزل قليلاً عنها.
وزير الدفاع الإسرائيلي يقول إنه تفكك الدول القومية ويضع الحق على الدول الاستعمارية التي قسمت المنطقة على هذا النحو. يعلون الإسرائيلي يشارك في وجهة النظر التي تتهم سايكس بيكو وتدين التقسيم الاستعماري للمنطقة، هل يؤثر يعلون تقسيماً دينياً على النمط الإسرائيلي. هل يظن أن دولة دينية أكثر أمناً إذا كانت لدين واحد كما هو الحال في الدولة العبرية. هل تتوقف الحرب الأهلية إذا انقسمت سوريا إلى أربع: علوية وسنية ودرزية وكردية وإذا انقسم العراق إلى شيعة وسنة وأكراد. انه مزيد من التخلف، مزيد من الركود. من كان يظن في مفتتح القرن الماضي ان الأمور ستمر على هذا النحو وأن الحلم القومي سيتحوّل مع الزمن إلى هباء طوائفي. من كان يظن ان الدولة العبرية ستصير هي النموذج وسنسير جميعاً على آثارها. مزيد من التفتت بمزيد من الرجوع إلى الوراء، هكذا يمكننا أن نختصر مسيرة قرن كامل، ماذا ستفعل الضربة الأميركية إذا حدثت. هل ستكون ضد النظام وحده، ألن تشمل في الوقت نفسه “القاعدة” ألن يطال التدمير النظام والمعارضة الدينية، ماذا إذا صارت الضربة ضربتين والحرب حربين، ماذا إذا ضربت أميركا الخصمين بالسلاح نفسه، ستكون سوريا انهزمت من ثلاث مرات، ستكون حرباً بثلاثة حروب.
السفير