حزب الله … الشعب باقٍ والنظام زائل
ناشط سوري: السيد نصرالله لم ينتبه الى ان النظام السوري مستفز طائفيا
كاتب سوري مقيم في باريس
بعض الناشطين السوريين والثائرين على النظام في بلادهم، لا يزالون يتفاجأون بمواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الداعمة للنظام السوري بعد انطلاق حركة الاحتجاجات، واعتباره الثورة السورية مشروعا غربيا اميركيا، او تحركا طائفيا يستهدف الفتنة واضعاف سورية. احدى الناشطات السوريات بُهتت على ما قالت بخطاب السيد نصرالله، وهي ذات الميول اليسارية قالت :”لم نعتبر حين قاوم حزب الله وتصدى لعدوان اسرائيل في حرب 2006 انه يمثل حركة طائفية او يريد تقسيم لبنان وتفتيته، بل وقفنا في سورية، نحن ابناء الشعب المعارضين للنظام السوري، بقوة معه ومع لبنان، وكنا نتشوق لاطلالات السيد نصرالله التلفزيونية آنذاك ونزداد قوة وعزيمة وتقديرا …. “.
هذا بعض من المواقف والتعليقات التي يمكن قراءتها على مواقع التواصل الاجتماعي تابعة لناشطين سوريين ولبنانيين وغيرهم، وهو ما يمكن التفاعل معه، بخلاف مواقف حادة تنطلق من ثابتة اساسية هي “ان حزب الله وايران متورطان في دماء الشعب السوري”. بين هذا وذاك ثمة تراجع هائل لموقع حزب الله لدى فئات متنوعة في الشعب السوري، فالنظرة الى حزب الله وزعيمه تشوهت وتغيرت بسبب الاتهامات وتشكيك الحزب بالحراك الشعبي وبصدق المنطلقات التي تدفع المواطنين الى التحرك من اجل تغيير النظام في سورية.
ورد في خطاب السيد نصرالله في “يوم القدس”ان “سورية حافظت على وحدتها طوال هذا التاريخ لأنها محكومة بالمشاعر القومية والوطنية، هكذا كانت، هكذا يجب أن تبقى”.
يعلق ناشط سوري مؤكدا على هذا التوجه لدى الشعب السوري عموما، لكنه يضيف: السيد نصرالله لم ينتبه ربما الى ان تركيبة السلطة الامنية والسياسية التي يرأسها الرئيس بشار الاسد، هي المستفزة طائفيا، وهي التي لا تزال تحاول رمي امراضها الفئوية والطائفية على الشعب. وسأل الناشط السوري: هل من مراقب منصف يمكن ان يعتبر النظام في سورية الفئوي والعائلي والاستبدادي، قادرا على الاستمرار بغير القهر والتمييز بين المواطنين والاستقواء على شعبه بالطائفية والقهر والاستبداد؟ هل يمكن لهذا النظام ان يحرر الجولان بشعب مقهور؟ كما ان الذين قتلوا وهجروا وفقدوا لاسباب تتصل بعقليته وبطشه هم مئات الآلاف واكثر… وهو ما لم يصل اليه العدو الاسرائيلي في حصده من ارواح السوريين.
ولا يخفى على احد ان هذه الردود هي ما يمكن الاشارة اليها مما يصدر عن معارضين سوريين لا يزالون يعتقدون بجدوى توجيه النصح الى قيادة حزب الله في شأن مراجعة موقفها من الثورة السورية، باحتكامها الى قيم الحق والعدل والمساواة وقيم الانسانية وحقوقها. لكن جانبا من هذه الاصوات تتسع لدائرة من يعتقد ان حزب الله متورط بدماء السوريين، وهو اعتقاد يزيد منه استمرار الحزب في موقفه الثابت مما يجري في سورية، واستمراره في دعم النظام رغم كل الدماء البريئة التي سقطت على امتداد الاراضي السورية.
فات المعارضين السوريين، تماما كما فات السيد نصرالله ان الثورة المصرية، وهي لما تزل في مهدها، وقبل الانتخابات كان اول ما فتحت عيون العرب عليه هو الاعتراض على “خطأ” اسرائيلي حدودي قد يصل بمصر 25 يناير الى تعديل اتفاقية كمب ديفيد على ما تشير التقديرات حتى الآن. ويعرف السيد نصرالله حق المعرفة ان النظام السوري لم يحرّر مترا من الاراضي السورية المحتلة وان تحرير الجنوب كان تطورا لا مفر منه مرتبطا بمقاومة لبنانية لها امتداد تاريخي، ولم يكن مرتبطا اطلاقا بـ”ممانعة” النظام السوري الذي استنجد اول ما استنجد باسرائيل عبر ابن خالة زعيم النظام رامي مخلوف.
للمرة المليون وربما المليار نذكر بكاريكاتور الشهيد ناجي العلي عن الرجل الذي غطت شواربه رأسه حين قرر ان يحلقها متى تحرر الانظمة العربية شبرا من فلسطين.
وان لم يضع الثوار السوريون المسألة القومية على رأس شعاراتهم الا ان سبب ذلك يعود الى كون تلك المسألة متمثلة بـ”الممانعة” وشكلت رأس حربة قهرهم واذلالهم منذ “حرب اكتوبر” 73 السوريون يحتاجون الى الحرية كي يصفحوا عن الممانعة الرثة ويتصالحوا مع المقاومة بمعناها العميق وليس بمعناها الاستبدادي الذي يستخدم بندقيتها لتأبيد حكم عائلي.
على السيد نصرالله ان ينقذ اخلاقية المقاومة بالتصالح مع الشعب السوري بالمراهنة على التحالف مع 23 مليون سوري وليس مع شلة المئات الحاكمة.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
“البلد”