حكم البعث الشمولي وأجهزة أمنه السياسي في سوريا توأم لبغي واحدة!
كاظم حبيب
كان وزير الإعلام الهتلري گوبلز يعتمد على قاعدة تشكل محور النشاط الإعلامي للحزب النازي الألماني وللفكر العنصري كما يجسد طبيعة النظام الفاشي الذي حكم ألمانيا طيلة السنوات الواقعة بين 1933-1945 وخاض حرباً استعمارية وانتقامية ضد الحضارة البشرية, قاعدة مفادها ” افتروا ثم افتروا ثم افتروا .. لعل بعض افتراءاتكم تعلق بأذهان الناس “! وهذا ما حصل فعلاً وانطلى على غالبية الشعبين الألماني والنمساوي طيلة سنوات حكم هتلر وخاض بهم الحرب العالمية الثانية. ولكن هذا الكذب الذي ميز الإعلام الألماني قد أوصل النظام الفاشي إلى نهايته الطبيعية, إلى مزيلة التاريخ ولعنة الشعوب. وهكذا كان نظام البعث الصدَّامي في العراق والذي سار على ذات القاعدة والتي تجلت في وزير إعلام النظام محمد سعيد الصحاف في الحرب الخليجية الأخيرة في العام 2003. وانتهى هذا النظام الفاشي الدموي أيضاً إلى مزبلة التاريخ وبئس المصير.
وهذه العاقبة ستكون من نصيب النظام الاستبدادي الشمولي السوري الذي ما فتئ قادته وإعلامه يصدرون لنا الأكاذيب تلو الأكاذيب ويتحدثون عن عصابة مسلحة تقوم بقتل المتظاهرين وقوى الأمن في الوقت نفسه, ويدعون الشعب إلى إدانتها ومطاردتها والتخلص منها, ويعدون الشعب بالإصلاحات! ولكن الحقيقة الماثلة أمام جميع السوريين دون استثناء هي أن أعضاء هذه العصابة المجرمة التي يتحدثون عنها هم ليسوا سوى أعضاء في حزب البعث العربي الاشتراكي السوري ويشكلون جزءاً من أجهزة الأمن السياسي السورية, كما إن منهم من هو ضمن القوات الخاصة التابعة إلى القوى المسؤولة عن حماية بشار الأسد والمماثلة لسرايا القدس التي كان يقودها رفعت الأسد.
وحين تحدثت السيدة سميرة المسالمة, رئيسة تحرير جريدة تشرين السورية الحكومية, لأول مرة بشيء من الصدق, حول أحداث درعا وسقوط شهداء وجرحى لقناة الجزيرة, بما يلي: ” … إن خرقا لتعليمات رئاسية بعدم إطلاق النار قد حصل، وطالبت بمحاسبة الجهات الأمنية التي أطلقت النار والتحقيق في أسباب مخالفتها للتعليمات”., فصلت من وظيفتها مباشرة فلملمت أغراضها وغادرت المكتب إلى بيتها, ولم يشفع لها قولها بأنها ستبقى مخلصة لرئيسها بشار الأسد وإصلاحاته! (راجع موقع الجزيرة نت 10/4/2011).
لقد سقط خلال الأيام المنصرمة عشرات القتلى ومئات الجرحى من المتظاهرين العزل من كل سلاح وهم ينادون بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الفساد والتخلص من قانون الطوارئ وظلم وجور أجهزة الأمن السورية والعدالة الاجتماعية.
وحين حضر بشار الأسد إلى مجلس النواب السوري بعد أحداث درعا وغيرها, كان يضحك كأي شمولي شرير يسخر من شعبه ومن الشهداء الذين سقطوا ولم يتحدث عن الإصلاحات التي كان يطالب بها الشعب, كما لم يعبر عن تعازيه لذوي الشهداء والشفاء العاجل للجرحى والمعوقين ولم يعلن عن إسقاط قانون الطوارئ, بل اتهم المتظاهرين بالتآمر والخضوع لسياسات وأجندات القوى الأجنبية, اتهمهم بالسذاجة والانجرار وراء المندسين في صفوفهم! وقد زاد هذا الخطاب السيئ من لهيب المظاهرات وغضب الشارع السوري ولعنته على الحكام الظالمين. فتوسعت المظاهرات لتشمل مدناً سورية أخرى, كما تطورت شعاراتهم للخلاص من نظام البعث الدموي في سوريا ليلحق بسميه صورة ومضموناً الذي ساد في العراق.
وفي الآونة الأخيرة وبعد سقوط المزيد من القتلى والجرحى في أكثر من مدينة, صعد بشار الأسد وطغمته من تصريحاتهم المعادية للمتظاهرين وأنهم سوف لن يسكتوا عن المظاهرات وتمادي المتظاهرين بها, بل سوف يمارسون القسوة والشدة والحزم في مواجهتها, وكأنهم لم يفعلوا ذلك خلال الأسابيع المنصرمة حيث سقط الكثير من الشهداء وأضعاف ذلك من الجرحى.
إن الشعب السوري ينهض اليوم مطالباً بحقوقه المغتصبة من النظام الشمولي ومدافعاً عن نفسه من عنت وجور وجرائم أجهزة الأمن السورية التي وسعت من عمليات اعتقال وتعذيب وقتل المتظاهرين في أكثر من مدينة سورية.
ولا شك في أن الكُرد السوريين الذين يناضلون منذ سنوات من أجل حقوقهم المشروعة, ومنها حصولهم على الجنسية السورية, وهم مواطنون ومواطنات كبقية البشر في سوريا, قد عانوا الأمرين من ظلم واضطهاد وقمع وسجن وقتل من جانب الحكومة السورية وأجهزتها القمعية, قد نهضوا مع بقية بنات وأبناء الشعب السوري مطالبين بذات الحقوق وبالجنسية السورية. إن الكُرد في سوريا يدركون اليوم أهمية وحدة صفوفهم وتوحيد شعاراتهم وتعزيز تنظيماتهم وزيادة قدراتهم النضالية والتعاون المتواصل مع بقية أبناء وبنات الشعب السوري من العرب لانتزاع حريتهم وحياتهم الديمقراطية وحقوقهم الأساسية, ومنها الجنسية السورية. وعليهم أن يدركوا بأن منح مئة ألف كردي سوري الجنسية لم يأت منحة أو هدية من النظام بل انتزعت بنضالهم وتضحياتهم ونضال وتضحيات كل الشعب السوري, كما إن الكُرد المحرومون من الجنسية السورية يشكلون أضعاف عدد من وعدوا بمنح الجنسية السورية.
إن الحريات العامة والديمقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة البطالة والفقر والفساد والفجوة المتسعة بين الأغنياء والفقراء وغياب العدالة الاجتماعية والتخلص من قانون الطوارئ وأجهزة الأمن لا يمكن أن تتحقق في ظل استمرار وجود نظام البعث في سوريا, فهو نظام استبدادي شمولي وشوفيني جائر, وهو يعتمد بشكل مطلق على أجهزته الأمنية والقمعية الأخرى التي تمارس كل المحرمات والموبقات دفاعاً عن النظام السوري, وهما وجهان لعملة واحدة أو توأم لبغي واحدة.
إن الشعب السوري, بكل قومياته وأتباع دياناته ومذاهبه الدينية واتجاهاته الفكرية والسياسية غير المشوهة وغير الشوفينية, بحاجة ماسة وملحة وأكثر من أي وقت مضى إلى دعم ومساندة وتأييد الشعوب العربية وشعوب العالم والدول التي تعتنق مبادئ حقوق الإنسان وحقوق المواطنة الحرة والمتساوية, إذ إن المعركة الجارية في سوريا حالياً تدور بين شعب أعزل, وبين طغمة عدوانية مسلحة من أخمص قدميها حتى قمة رأسها ومستعدة لكل الأفعال الجبانة دفاعاً عن سلطتها الفاسدة, كما فعلت في أكثر من مرة في العقود الأربعة المنصرمة.
إن ميزان القوى في سوريا يتحول تدريجاً لصالح قوى الشعب وبالضد من سياسات وأساليب وأدوات عمل
الحكم الراهن. كما أن الرأي العام العالمي بدأ يتحرك لصالح الشعب السوري ويطالب المجتمع الدولي بمساندة القيم الإنسانية التي يناضل من أجلها الشعب.
إن النصر سيكون إلى جانب الشعب السوري طال الوقت أم قصر, وستكون العاقبة السيئة للمستبدين والمتجبرين في الأرض, وستكون النهاية الفعلية لحزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا أيضاً.