حلفاء دمشق يميّزون بين النظامين السوري والليبي
انهيار القذافي يوسّع الدعم الدولي للمعارضات
روزانا بومنصف
يحبس سياسيون في لبنان انفاسهم ازاء تطورات الايام الاخيرة في ليبيا من حيث امكان تأثيرها في حال نجاح الانتهاء من النظام الليبي على التطورات في المنطقة على صعد عدة ومن بينها تطورات الانتفاضة السورية ايضا. اذ دأب بعض السياسيين والمراقبين الديبلوماسيين في بيروت في الاشهر الاخيرة على ربط تصاعد الموقف الدولي من الاوضاع في سوريا بما يجري في ليبيا باعتبار ان هناك احراجا في خوض الغرب معركة مع الثوار في ليبيا، من اجل اطاحة الرئيس معمر القذافي فيما يفتح جبهة اخرى في الطلب الى الرئيس السوري بالتنحي. وقد تزايدت المعلومات في الاسبوع الماضي التي تشير الى تقدم الثوار الليبيين في مناطق سيطرة القذافي لكن من دون ان تذهب اي من الدول الغربية المعنية الى المجاهرة صراحة بذلك علما ان المسؤولين الاميركيين كما الاوروبيين دأبوا على تكرار مقولة ان ايام القذافي باتت معدودة لكن من دون ان تنتهي فعلا. وهذه العبارة تكررت في الايام القليلة الماضية بالتزامن مع المعلومات عن التضييق على قوات القذافي وخسارتها امام الثوار بما سمح على الارجح وفق معطيات لدى المراقبين الديبلوماسيين للدول الغربية ان تخطو الى الامام في توجيه الرسالة الاساسية المتعلقة بضرورة تنحي الرئيس السوري.
وبحسب هؤلاء المراقبين فان حسم الوضع في ليبيا على النحو المتوقع وازاحة القذافي نهائيا سيعطي الدول الغربية زخما اكبر على صعد عدة بينها ما يمكن ان تستفيد منه لجهة انها ساعدت بقوة في حسم الموقف وقد تكللت هذه المساعدة بالنجاح بعد استنزاف بات يهدد الدول المتورطة فيه في الدخول في ازمات سياسية داخلية تنعكس على شعبية الحكام فيها لا سيما في الولايات المتحدة وفرنسا كما يهدد صدقيتها وقدرتها امام الخارج. لذلك فان الانتهاء من هذا الموضوع سيشكل تطورا مفصليا ستحاول هذه الدول استثماره سياسيا على اكثر من مستوى من بينها ان الاجماع الدولي مهم في توجيه رسالة قاسية وداعمة للانتهاء من استنزاف قاتل عاناه الشعب الليبي وكان يمكن تجنبه لو لم تقم دول اخرى حسابات اطاحت هذا الاجماع. وهي الرسالة التي سيسعى الغرب الى استخدامها في وجه روسيا ودول اخرى لا تزال تمانع مطالبة الرئيس السوري بالتنحي الامر الذي قد يسبب وقوع المزيد من المآسي على ما يقول المراقبون الذين شكلت الايام القليلة الماضية ذريعة في ايديهم لجهة الضحايا الذين سقطوا في سوريا على اثر دفاع روسيا عن النظام وعدم مطالبته بالتنحي.
كما يمكن ان تستفيد من هذا التطور شعوب اخرى في المنطقة من حيث الرسالة التي يمكن ان تتلقفها وهي ان عليها المثابرة من اجل النجاح على رغم التضحية التي يمكن ان تقدمها ولمدة طويلة تماما وفق ما فعل الشعب الليبي. ومفاد ذلك في اطار الازمة السورية الراهنة التي شهدت ولا تزال فصولا يشبهها مراقبون كثر بما يحدث في ليبيا لجهة قمع النظام لمعارضيه الذين باتوا مطالبين برحيله، ما يصيبها لجهة الامرين معا اي ان الدول الغربية التي طالبت الاسد الاسبوع الماضي بعد فترة سماح طويلة لم يحظ بها القذافي بالتنحي ستلقى في انتصار ثوار ليبيا زخما يسمح لها بالتشدد في صوابية رأيها وفي تطلع شعوب المنطقة اليها من اجل مساعدتها ان لم يكن عسكريا فمعنويا او لوجستيا او سوى ذلك. ويمكن الدول الغربية في ضوء انتهائها من معمعة ليبيا العسكرية ان تسمح لنفسها بامكان التهديد بمساعدة المعارضة في اماكن اخرى ولو لم تكن هذه المساعدة عسكرية. كما ان نجاح الثوار الليبيين في الانتهاء من القذافي ودفعه الى الرحيل مع عائلته او ايا يكن المخرج الذي سيتم تأمينه له او في حال التخلص من القذافي بأساليب اخرى سيعطي المعارضين السوريين زخما ودفعا قويين من المنطلق نفسه الذي انطلقت فيه الانتفاضة في سوريا اي بناء على النجاح الذي حققته الانتفاضتان المصرية والتونسية وسمحتا باعطاء الضوء الاخضر للشعوب العربية الاخرى بوجود امكانات مماثلة لديها للثورة على الانظمة السياسية التي تحكمها ايضا.
على ان بعض حلفاء دمشق في لبنان ممن يرحبون بزوال النظام الليبي يتحفظون عن اقامة اي صلة بين النظامين لجهة احتمال ان يسري على النظام السوري ما سرى على النظام الليبي في ظل اقتناع بان سوريا غير ليبيا على عكس المقارنة التي يجريها الغرب بين البلدين لجهة التماثل بين النظام السياسي في كليهما وان الرئيس السوري هو على طريق معالجة التحديات التي يواجهها بجدية واستدراك ما جرى امنيا وعسكريا بشق اصلاحي سيأخذ مداه سريعا بحيث ينزع من ايدي الدول الغربية الداعمة لرحيله اي ورقة تعزز هذا المطلب في حين يتخذ هؤلاء ما حصل في البحرين نموذجا اقرب يرونه قيد التطبيق في سوريا منه الى النموذج الليبي.
الا ان مصادر ديبلوماسية وسياسية عدة لا ترى تمييزا حقيقيا بين النموذجين الليبي والسوري وان كانت تأمل ان يشكل مآل الازمة الليبية دافعا الى مسارعة النظام السوري الى معالجة جذرية حقيقية وفعلية تنأى بسوريا عن المآل نفسه الذي تواجهه ليبيا.
النهار