صفحات الحوار

حوار مع السينمائي اسامة محمد، وأطياف مقولة “العلوي المعارض”


 حاوره رئيف خليل – خاص بغرافيتي

لأسامة محمد لغته الخاصة، بل ولا يستطيع إلا أن يستخدم لغة السينما في كتباته أيضاً، اسامة محمد الذي أوصل السينما السورية إلى مهرجان كان يقول  في جريدة الأخبار “أنا مدين للشعب السوري حقاً وفقط. لقد صنعت أفلامي بأمواله، بالضرائب التي اقتطعت من مواطنين استشهدوا بالآلاف. لقد طردتُ السلطة السينمائية والسياسية من مخيّلتي منذ أبد، ولم أقم حساباً إلا لإنسانيتي ولضميري المهني. ولم أخش إلا السينما التي تلفظك إذ تخونها. لم تكن السينما وظيفةً يوماً.”

اسامة محمد، مخرج سوري ولد في اللاذقية تخرج من معهد السينما بموسكو عام 1979 أنجز فيلما قصيرا بعنوان (اليوم وكل يوم) اشتغل مخرجا مساعدا مع محمد ملص في فيلم “أحلام المدينة” قبل أن يحقق فيلمه الروائي “نجوم النهار” الذي حصد جوائز أولى من مهرجانات عربية وعالمية مثل فالنسيا والرباط. حاز فيلمه الثاني “صندوق الدنيا” كذلك على عدة جوائز في مهرجان لشبونة وغيره. وعن موقفه من السلطة والثورة يقول ” منذ سنوات خمس، لم تطأ قَدَماي عتبة المؤسسة العامة للسينما ولا مهرجانها «الدولي» احتجاجاً على تلوثها الأمني وفسادها الفني. خسرتُ راضياً لأربح بعض نفسي. فما بالك اليوم، أو البارحة مثلاً، إذ يؤلف «الإصلاح» القاتل قانوناً يخول عبيدَه طردَكَ لأنك تستنكر قصف حمص، أو تسمّي المجزرة مجزرة.”

تتشرف غرافيتي بأن تفتح عددها الأول بحوار مع هكذا قامة سورية سامقة قدمت لسوريا أعمالاً فنية عالمية وحضوراً أخلاقياً يعيد للفن نسغه.

1- باعتبارك تنحدر من الطائفة العلوية ، ما رأيك بمن يقدمك بمقولة مثل : اسامة محمد . علوي معارض ؟ هل ترفضها ؟ هل تتفهمها ؟ كيف تشعر بها  ؟

مصطلح ” علوي معارض “.. “خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الخلف “..هكذا هو  في داخلي النفسي .. تبعاً للمنشأ والسياق وللغاية .

مصطلح ” عَلَوي مُعارض ” … شرٌّ لا بدّ منه.

يُلْصِقُ المحتاج الكلمةَ بظهر الأخرى مثل ” كاسات الهوى” لتسحب عن روحه الحُمّى .

…..

قد يأتي المصطلح من مخيلة ترى في العلويين كتلة صماء مُواليَة..وأنكَ “المعارض” تَفَتَّتَ عنها بالمعارضة. أو أنك نُتوءٌ عليها ومِنْها.

وثمة احتمال أنَّ مُصطلح ” علوي مُعارِض ” يأتي من داوِّها بالتي كانت هي الداءُ.

وهذا أيضاً يُشِنْكَلُ  الفرد ب “شَنْكَلْ” الطائفة.

هذا افتراض أن العلويين هم الداء (الاستبداد المجرم الفساد المجرم  القتل المجرم) .

و الافتراض هذا كسولٌ وظالم. والظلم هذا.. وذاك .. لا يستطيع أن يمنع تدفق السؤال التاريخي الذي يقرع الباب من الخارج ومن الداخل .. عن موقف ” العلويين” من الثورة .

القرع من الخارج “واحد واحد واحد”..مخيلة تَشْتَهي مشاركة ” العلويين ” بالثورة .

والقرع من الداخل هو سؤال أغلبية الأقليّة ضميرَها.. كلَّ مساء عن موقفها من الله والإنسان والثورة .

(الأغلبية الشريفة وربما التائهة) …

سيقول كثيرون هات ثورة وسأقف معها . وهذا سؤال أدبي مشروع … لولا أنه يَفْشَخُ فوق الجريمة . جريمة قتل المدنيين أولاً على يد النظام .. قبل أن يحاول القتيل الدفاع عن نفسه .. فيُصيب ويُصاب ويخطئ .

تجاهل الجريمة الأولى “دَعْسٌ” على جثَّة الشهيد الإنسان المقدس .

” العلويون” كتلة افتراضية .لا يحق لنا محاكمتها كونها لم تتظاهر “جَمْعَاً” على هيئة كتلة .

وافتراض أن الطائفة العلوية .. تنظيم يمتلك برنامجاً مرحلياً واستراتيجياً ..هو المهزلة المقابلة لِ”خِطَّة بَنْدَرْ” .

كل من يفرح لقتل علوي كونه علوي .. مجرم كمون .

كل علوي صامتٍ خائفٍ هو .. إنسان خائف صامت لا يطاله إلا قانون الضمير.

أما .. كل “علويّ” صَامت لأن القتيل “غير علوي” .. فهو كمون مُجرم .

هؤلاء وهؤلاء والناشطات والناشطون المعارضون كتلة افتراضية اسمها “العلويون ” .

فالطائفية غيمة مُجَرْثمَة تهطل على مجموع تناسلي يتلذَذُها البعض ويبصقها البعض .

….

في تعريفي لنفسي .. أنا أسامة محمد سينمائي سوري . السينما هي الطائفة و اللقب .. بعد 40 عاماً من محاولة اعتناقها وعناقها وتمنعها وصدّها ..والسينما لا تنحني لطائفة .

إذا انحدر الإنسان … فلا أهمية لمنحدره ” الطائفي ” .

أعتقد أننا جميعاً نأتي من جينات قديمة …أبعد من الأديان والأقوام والطوائف. وقد يكون اليوم الذي هو

(سوريا اليوم) التوقيت  الأنسب لاعتناق أن الإنسان ابن الطبيعة .. وكل ما عدا ذلك .. رياضة مؤقته.

الثقافة :

إن الثقافة الإنسانية التي تشربتها من عائلتي ” العلويّة “..مكمن قوة وشعور بالقوّة في داخلي.

والقوة هنا قوة الانحياز للإنسان ..و تربية تأسست على البحث عن جمال العدل والتسامح وليس عن المال والسلطة .

جدّي من أمي ” الشيخ علي كامل” شيخ علوي وقائد وطنيّْ- حمل “سُنّةُ حَمَاهْ” سيارته تحيّةً لهُ – فقد رفض الدولة العلوية وناضل لسوريا الموَحدة .

لا بدّ أنه وجد في موقفه هذا انسجاماً مع عقيدته وإيمانه .

ثمة شيوخ وزعماء “علويون” عملوا يومها لانفصالٍ علويٍ عن سوريا..وربما وجَدوا في هذا إخلاصاً لنفس العقيدة .

يبدو أن كلّ عقيدة حمَّالة أوجُه .

ثمة من يتقي الآخر ريثما يستطيع سَحْقَه .

وهنالك من يتقي الانسانية والله و الآخره .

والسؤال الأبدي اليوم … هو كيف يتشارك القاتل والقتيل نفسَ العقيدة ؟! .

ما الذي يحصل للفلسفة الدينية وللشِعْرْ في حوزة  السلطة ؟!.

وكيف يتفق اعتقاد كلِّ مذهبٍ . أنّه حارس الفضيلة .. مع القبول بقتل الآخر.

يبدو أن العزلة المديدة والعميقة تُحيلُ أبناء المذهب من حُرَّاس الفضيلة إلى اعتقاد أنهم الفضيلة .

على غرار الفرد القائد الله الوطن .

وعلى غرار البوطي والحسوّن .. فقد زحف الفساد الأمني على الطقس الروحي ” العلوي” وسَاكَنَهُ بالترغيب والترهيب . فأنجب فيلقاً من مشايخ باعوا الله وبايعوا الأمنْ . استعاروا تقنيات العبادة .. وغمَّسوها بالأُميّة ..

وبأن اجتياح النظام للمدن نصف الإيمان .. وبأن القصف الذي يَهدُّ روح السوريين ..وآلاف القتلى والمعتقلين ومئات آلاف النسوة والأطفال النازحين من سوريا في سوريا ..أن كل هذا هو دليلٌ على المجزرة التي يُبَيِّتُها السُنّة للعلويين .. يا للعار الانساني .. أيُّ “اللهٍ” يقبل بهذا .

احتلّ الفساد الممرات الإجبارية الروحيّة . والتجأ الحكماء إلى عزلةٍ مُواربة تتقي شر من أحسنت إليه .

العقيدة في محنة أمام السؤال الأخلاقي .

في حصتيّ الجينية والوراثية من ثقافة أجدادي البيولوجيين والسينمائيين واجتهادي .

 أنا اليوم ابنُهم وابنُ الأحياء المدمرة في حمص وحماه ودمشق والزبداني وحلب ودير الزور ومخيم اليرموك .

….

الوقت متأخر..لم تفصح سوريا الثورة بعد عن قيادة ناصعة تنضوي في خطابها كلُّ سورية .

وتُعلي من يقين النصر الأخلاقي على نظام فاسق … وتتكفل ” للعلويين ” بمحاكمة قتلة نضال جنود.

نعم .. الجنازة علامة استفهامٍ حزينة وضيقة للشهداء من العسكريين العلويين بعيداً عن بيوتهم وقَسَمِهِم  . نتيجةً للجريمة التي ارتكبها النظام ضد أشهر السلمية .

الوقت الآن وقت اختراع شبكة تواصل أرضية أهلية .. وعودة الضمير للذاكرة .. ذاكرة العيش الانساني والنجاة من من العزلة . ليس على المريض حَرَجٌ في المبادرة نحو الشفاء وردّ التحيّة بمثلها في إعادة الاعتبار لشعارات الثورة ” واحد واحد واحد” – “حريّة” – “الشعب السوري ما بينذَّل ” .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يصف المحاور أسامة محمد بأنه قامة كبيرة ، وليس هذا إللا مبالغة فأسامة ليس إللا مخرج سينمائي عادي ، وهو أبعد مايكون عن كونه مرجعية ثقافية أو أخلاقية أو وطنية، وربما كان المديح من باب انفشو وشوفما……… .

    الحوار يبدأ بفرضية توحي بمدى دونية المتحاورين، والفرضية هي أن أسامة محمد معارض علوي،وكأن مايحدث في سوريا هو بسبب أن السلطة من العلويين وهذا مايجعلهم أعداء للشعب السني وأن هذا المخرج هو منشق رغم كونه علوي.
    هذا هو الوتر اللذي يستخدمه الإخوان المسلمين منذ الثمانينات، وهو نفس الوتر اللذي استخدمه الغرب وأمريكا منذ اليوم الأول للأحداث وكذلك دول الخليج ، وكأن هناك أقلية علوية تسيطر على البلد ذو الأغلبية السنية٠
    وهذا مغالطة قذرة تهدف إلى التفرقة واستخدام الطائفية كسلاح تدميري٠
    فالعلويون هم فرقة من المسلمين مثل المالكيين والحنفيين ،ولم نجد في يوم من الأيام منذ ٤٠ عاما أن هناك ولو كلمة في سلوك النظام تفرض وجهة نظر ثقافة علوية على البلد،باستثناء إذاحاولتم المغالطة واعتبار التحالف مع إيران من هذه الزاوية، وهذا طمس للحقائق إذ أن هذا كان قرار سياسي استراتيجي نستطيع الخلاف على صحته أو خطأه لكنه لم يكن قرار ديني أو مذهبي٠
    الرئيس علوي نعم لكن القيادة بكاملها غير علوية ومنظري الحزب هم غير علويين ٠ولم أكن أعرف أن مصطفى طلاس وفاروق الشرع وعبدالله الأحمر وناجي جميل وخدام والشهابي كلهم علويين٠
    لقد وقفت القيادة السورية مع حركة فتح وحماس تماما كما وقفت مع حزب الله ولم يكن المذهب هو الدافع٠
    أنا لا أدافع عن القيادة السورية ولكن إذا شئتم إسقاها أو نقدها فليكن بأخلاق ، هل صدام حسين أو حسني مبارك كانا علويان،وهل أنظمة الأردن أو قطر أو السعودية تعجبكم وهم من السنة ٠
    إن خلطكم للدين بالسياسة يوحي بمدى ابتعادكم عن الحق والحرية والديمقراطية والعلمانية وأنتم تصطادون في الماء العكر لتحقيق مصالح شخصية ومجرد الحديث عن الطائفة حول مايحدث هو كفر٠فكيف إذا كان الغرب والعدو يستخدم نفس المنطق في حربه على سوريا٠
    مايجري في سوريا هو حرب خارجية بأيد داخلية هدف الأيدي الداخلية هو الحصول على السلطة وهدف الحرب الخارجية هو تخريب سوريا الدولة الوطن، وإذا نجح الإنقلاب سيكون الرابح هو الخارج لأنه يكون قد نجح بإعادة سوريا إلى بيت الطاعة بعد تكسيرها،وينجح الإخوان في الحصول على السلطة والثمن هو فقدان الإستقلال٠
    نحن على الأقل نمثل نصف الشعب السوري ونؤكد أننا مع تداول السلطة بشكل سلمي ونرفض كل من يحمل السلاح لتغيير السلطة،وليس كون وعي الطبقة المثقفةوالمجتمع بشكل عام لم يصل إلى مرحلةالقدرة على تطوير النظام أو تغييره بشكل سلمي ،لن يجعلنا هذا نقبل بالعنف والهمجية طريقة خاصة إذا كانت الطريقة هي بتخريب البلد وفقدانه للإستقلال تحت مسميات مختلفة٠
    لهذا أقول لكم مديحكم لبعضم لن يجعل منكم قاماتا كبيرة وسيلفظكم التاريخ كما لفظ غيركم٠

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى