حوران البداية والنهاية
غسان المفلح
منذ أن أعلنت حوران بداية الثورة السورية، في 15.03.2011 وهي لا تنام، حوران التي استجابت لها مدن سورية كلها وقراها وبلداتها، ما عدا جبل حوران وحلب وريف الساحل السوري، وإن كان مفسرا هذا النأي الحلبي والساحلي الريفي وجبل حوران، فهو غير مبرر بالطبع، لكن حوران مكان للتسامح كانت وستبقى، ولن تقتل هذه الحوران شدة مهما كانت، أهلي هناك…هكذا غنت فيروز عن فلسطين، وأنا أردد أهلي هناك بشكل يومي وبشكل لحظي، اقترح علي بعض الأصدقاء تشكيل رابطة لأبناء حوران من أجل الدفاع عنها في محافل المعارضة! بعض منهم لمس أن هنالك محاولة لتغييب لحظة البدء، وهي التي تكون لحظة التأسيس وحوران أسست لمستقبل سورية، قلت لهم: تشكلون الرابطة السورية في حوران، وليس رابطة أبناء حوران في سورية، هكذا كانت حوران، هويتها السورية لم تكن تحتاج إلى تعريف، هوية التعايش والبساطة في العيش الرحب كسهولها، لا يوجد طيف سوري لا يعيش أبناءه في حوران، حوران فيها كل الأديان وكل الطوائف وكل الأثنيات، فيها أكراد وعرب كما فيها مسيحيين ومسلمين فيها سنة كما فيها شيعة ودروز، وبهذه المناسبة أقول للسيد حسن نصر الله ومخبري النظام السوري من حوله، حوران غالبية الشيعة فيها جاؤوا من جبل عامل ومن الجنوب اللبناني ويطلقون عليهم أهل حوران أسم” المتاولة” وأصبحوا مواطنون درجة أولى ومنهم من يرفع صور الخميني في مضافة بيته، ولا أحد يقول لهم كيف ولماذا؟
ومنهم أخوال أمي بالطبع..هذه حوران..
حوران التي كان يعيش ولايزال أسر ضباط الجيش القادمين من ريف الساحل السوري، منذ زمن بعيد منذ أن استقلت سورية، وكانوا يعيشون بين أهل حوران معززين مكرمين، قبل أن تقرر قيادة جيشهم الأسدية أن تبني لهم مساكن خاصة باسم مساكن الضباط، بالمناسبة مساكن الضباط في مدينتي الشيخ مسكين هي ملتصقة بدار أهلي وكرم زيتوننا، كل هذا لم ينفع حوران من أن يرتكب النظام فيها بعسكره هؤلاء مجازر يندى لها الجبين، ومع ذلك أيضا لا تزال أسر هؤلاء الضباط يعيشون بين أهل حوران..
عمر الثورة السورية بشهرها الرابع ولكثرة المدن التي تحركت وأصابها ما أصاب درعا وربما أكثر، جعلت لحظة البدء تغيب قليلا، ولا أحد يسأل من المعارضة ومن المجتمع الدولي” لماذا مدينة درعا لم تعد تخرج فيها احتجاجات بعشرات الألوف كما كان يحدث لحظة البدء؟
ليس لأنني ابن درعا أقول هذا الكلام، ولكن المدن التي مثلها يجب ألا تنسى كالرستن وحمص وجسر الشغور وتلبيسة وكذلك دوما أم المدن الدمشقية الريفية، لا أحد يسأل لماذا لم تعد دوما والرستن تخرج بعشرات ألوفها، لماذا الصنمين في حوران التي قدمت أوائل الشهداء أيضا والتي هددها وزير الدفاع لدى النظام بأنها إذا خرجت للتظاهر سيترك الشبيحة يستبيحونها ويغتصبون نساءها…
هل كلما استباح جيش آل الأسد مدينة نتركها وحيدة لمصيرها؟
كنت أتمنى أن يكتب غيري هذا المادة، لكن أحداث الثورة يبدو كانت أكبر منا جميعا، هل يقول لنا أحد من المعارضين وخاصة الداعين للحوار ومنهم من أبناء درعا، ماذا حدث في درعا؟ وماهي المجازر التي ارتكبت بحق أهلها من جيش كانوا يحسبونه موجودا للدفاع عنهم وإذ بهم يرونه ينقلب عليهم، ويبدأ بهم تقتيلا ونهبا ومجازر…ورغم ذلك حوران لن تعود للخلف وهي التي كانت لحظة البدء وستكون لحظة انتقال سورية إلى سوريتها الديمقراطية والحرية، وحوران ستسامح…لأنها حوران…
حوران تعتب لكنها أبدا لا تحقد كما هي سهولها…وسهل حوران لا يحقد على جبله…
ايلاف