خارطة طريق لإنقاذ النظام في سوريا
الدكتور محمد العمار
إن التغيير في سوريا قدر لا راد له، وحتمية تاريخية لا سبيل لتجنبها، وتستطيع القيادة السياسية في سوريا أن تجعل هذا التغيير طريقا لمستقبل آمن لكل السوريين بمختلف انتماءاتهم ومواقعهم،
بما في ذلك القيادة السورية نفسها، وخاصة من تورط منهم خلال الفترة الماضية بالفساد ونهب أموال السوريين، وتورط حديثا بالجريمة وسفك دماء السوريين.
إن المخرج يتطلب أثمانا قد لا تكون سهلة على الجميع، لكن مغالبة التاريخ تجعل الأثمان أكبر على الجميع أيضا، وتهدد سوريا كوطن، والسوريين كمجتمع، وتقامر بنسف اقتصاد عاجز عن النمو، ودفع الوطن في آفاق مجهولة قد لا تكون أحسن من الصوملة، أو الأفغنة في الأمثلة القديمة، أو اللبينة أو ساحل العاج من الأمثلة الحديثة الغضة الطرية.
وربما يستعظم من يقبضون عصا السلطة الغليظة اليوم ما أقول، ويرونه نوعا من الهرطقة التي لا يمكن الإصغاء إليها، لكن نظرة متأملة للفرص التي كانت متاحة لكل من الرئيس حسني مبارك يوم 25 يناير وكيف أنتهى حكمه؟ والفرصة التي كانت أمام الرئيس لوران باغبو في ساحل العاج بعد الانتخابات الرئاسية وكيف انتهى في أحد مخابئ القصر هذا اليوم؟ والشروط التفاوضية التي كان يملكها القذافي لحظة اندلاع الأحداث في ليبيا وحظوظه التفاوضية اليوم؟ سوف تجعل الإصغاء لما أقوله معقولا، وسوف يبدو ما أقترحه مخرجا يحفظ مصالح الجميع، ويحفظ ماء وجوههم، وسوف يبدوا ما أعلنه دعوة لإنقاذ سوريا وإنقاذ السوريين جميعا بما فيهم من في السلطة، ولا اعتقد أن سورياً يعي طبيعة اللحظة التاريخية يرفض الاصغاء لمثل هذا الرجاء.
وبدأ الإصلاح يتطلب من القيادة شجاعة أخلاقية تناسب دقة الظرف الموضوعي، وبصيرة تاريخية تدرك طبيعة اللحظة التاريخية، ويمكن أن تعبر عن هذه الإرادة من خلال اتخاذ خطوات إيجابية تدلل على وعي القيادة بمطالب الجماهير والاصغاء لصوتها، والمخرج الذي أتحدث يتألف من:
– خطوات على السلطة القيام بها:
1 – المصالحة الأخلاقية مع الذات بالاعتراف بالمطالب الاحتجاجية وشرعيتها، وما يقتضيه ذلك من اطلاق سراح معتقليها وتسوية أوضاع المتضررين فيها وشهدائها.
2 – إعلان صريح ومباشر عن رفع الأحكام العرفية وإلغاء حالة الطوارئ.
3 – الإعلان عبر خطوات مباشرة وعملية عن انهاء ملف الاعتقال السياسي، وملف المهجرين والمنفيين.
4 – الدعوة إلى مؤتمر وطني عام لا يستثني أي مكون سياسي في سوريا، بما في ذلك الناشطين المستقلين، ويكون من مهام هذا المؤتمر ما يلي:
– الإعلان عن حكومة د. سفر كحكومة تصريف أعمال حتى إشعار آخر.
– حل مجلس الشعب الحالي باعتباره غير وظيفي، ولانعدام الحاجة في ظروف العمل الجاد للمصفقين والمطبلين والمزمرين.
– المباشرة في صياغة دستور جديد أو إصلاح الدستور القديم بما يضمن الفصل بين السلطات، وتحديد صلاحية رئيس الجمهورية بما يجعله رأسا للسلطة التنفيذية فقط، وليس حكما على كل السلطات كما هو في الدستور الحالي، وإطلاق الحياة السياسية، بإلغاء المادة الثامنة من الدستور، و تغيير كل ما يمكن أن يعيق تطور سوريا إلى دولة ديمقراطية مدنية علمانية تعددية حديثة.
– وضع قانون أحزاب عصري يتمكن من تغيير صيغة العمل السياسي في سوريا، ويتجاوز مفهوم الحزب الواحد والجبهة(الوطنية)( التقدمية)، ولا يستثنى حزب البعث من العمل السياسي رغم ماضيه.
– وضع قانون انتخاب عصري مناسب، يتم على ضوئه خوض انتخابات عامة تعددية، لتشكيل مجلس شعب يعبر عن السوريين، ويوجد فيه من يتحدث باسم الشعب ضد الحكومة عندما تحدث احتجاجات شعبية في أي مكان في سوريا.
في مقابل ذلك تمنح القيادة السياسية والنخب المرتبطة بها مصلحيا ما يلي:
1 – إصدار عفو عام عن الجرائم والمخالفات السابقة لتاريخ بدء العمل بتنفيذ خارطة الطريق هذه مهما كانت.
2 – يمنح الدكتور بشار الأسد الحق في الرئاسة لفترة رئاسية كاملة حسبما يحدده الدستور الجديد، و تبدأ هذه الفترة اعتبارا من بدء تنفيذ مفردات هذه الخارطة.
3 – يعطى الرئيس بشار الأسد الحق في الترشح لفترة رئاسية ثانية، عندما تنتهي فترته السابقة، بغض النظر عن التاريخ السابق له في الحكم.
أقول هذا وأنا أؤمن بقدرة شعب سوريا على الانجازوإعادة البناء لتعويض آثار الفساد، وقدرته على العفو والصفح والغفران للتصالح مع آثار الجريمة، ورغبته في بناء سوريا جديدة تقوم على المحبة والتعاون من أجل سوريا حرة واحدة يزينها الفسيفساء الإثني والديني والطائفي والمذهبي.
ودمتم بخير وأدام الله سوريا حرة أبية
درعا في 6 \ 4 \ 2011