خفايا المؤامرة في مؤتمر القاهرة
بينما تتساقط القذائف و تُطلق الصواريخ على الأمنين العزل في مدن و بلدات قرى سورية و تُقتل النساء و الشيوخ و تتناثر أشلاء الأطفال و تُهدم المنازل على ساكينها و تُشيع الشهداء , اختتم اجتماع المعارضة السورية أعماله في القاهرة برعاية الجامعة العربية في الثاني و الثالث من تموز الحالي ، و الذي كان يهدف الى توحيد مواقف أطراف المعارضة التي تمزقها الخلافات، والوصول الى رؤية مشتركة لوضع ملامح المرحلة الانتقالية
في بداية المؤتمر تم تعيين لجنة صياغة لإقرار ثلاث أوراق أساسية متفق عليها من قبل الممثلين فيه
و كانت الورقة الأولى مقدمة من قبل لجنة تحضيرية أعدتها قبل انغقاد المؤتمر و تم انتخاب لجنة صياغة من المؤتمرين داخل المؤتمر عن احدى عشرة كتلة حيث مثلتهم احدى عشرة شخصية لإقرار :
1- ميثاق العهد الوطني
2- ملامح المرحلة الانتقالية
3- البيان الختامي
.و من داخل هذه اللجنة كان هناك تمثيل للمجلس الوطني و هيئة التنسيق و مجلس القبائل العربية و رابطة أبناء حوران و حزب التحرير و العدالة و الحراك الثوري و أخوتنا الأكراد و أخوتنا التركمان و غيرها …
اجتمعت لجنة الصياغة في اليوم الأول و استمر الاجتماع من الساعة الثامنة مساء حتى الخامسة صباحا و في اليوم الثاني من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة السابعة مساء بلا توقف و بحضور ممثل عن الجامعة العربية .
نوقش في بداية الاجتماع لليوم الأول و بناء على تعديلات مطلوبة خطيا من داخل المؤتمر و كانت هناك الكثير من الأمور لإدخالها على التعديلات المطلوبة في الوثيقة التحضيرية حيث تم مناقشة الأمور التالية :
1- تغيير كلمة تنحية بشار الأسد إلى إسقاط بشار الأسد و نظامه و كان هناك إجماعا كاملا على هذا التعديل باستثناء ممثل هيئة التنسيق .
2- طرح موضوع الاعتراف الرسمي بحق الشهداء و عوائلهم و محاسبة كل من تلطخت يده بالدماء
3- جرى خلاف طويل استمر لأكثر من 5 ساعات حول النقطة التالية :
في الصياغة الأولية للجنة التحضيرية في الصفحة الرابعة تحت بند مرحلة إسقاط النظام ورد مايلي ( لن يأتي التغيير إلا بإرادة و أيدي السوريين من خلال غطاء عربي و دولي يحمي وحدة و سيادة واستقرار سورية تحت رعاية الأمم المتحدة و الجامعة العربية و قرارات مجلس الأمن مع إعطاء الفرصة لخطة المبعوث المشترك مع ضمان وضع آلية إلزامية لتنفيذها الفوري )
حيث تم وضع تحفظ و إلزام بتغيير هذه العبارات من ممثل مجلس القبائل و رئيس رابطة أبناء حوران لدعم الثورة السورية ( الدكتور حسام الديري ) و من ممثل الحراك الثوري ( سهير الأتاسي ) حيث استمر النقاش حول هذه النقطة لمدة خمس ساعات متواصلة حيث قوبلت برفض قاطع و جازم من قبل ممثل هيئة التنسيق الدكتور عبد العزيز الخيّر بتغيير هذه الجملة
و قد طالب المعترضان على :
حذف كلمة بإرادة و أيدي السوريين و استبدالها بإرادة و تضحيات الشعب السوري1-
2- رفضا رفضا قاطعا استخدام عبارة مع إعطاء الفرصة لخطة المبعوث المشترك و استبدال هذه العبارة بوضع آلية إلزامية لحماية المدنيين مع وضع جدول زمني و للتنفيذ الفوري لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة و الوصول في حال عدم التزام أي طرف من الأطراف المعنية إلى استخدام البند السابع
هذا و كان موقف هيئة التنسيق الرفض القاطع لاستخدام البند السابع و تهديدهم بالانسحاب الكامل من المؤتمر .
بينما أصر كل من الدكتور حسام الديري و السيدة سهير الأتاسي على أن تنص الوثيقة بكل وضوح على فشل كل من خطة كوفي عنان و مؤتمر جنيف و على إضافة البند السابع . بينما هيئة التنسيق عبر ممثلها الدكتور عبد العزيز الخيّر أصرت على عكس ذلك تماما
و على اثر ذلك تم طلب حضور الأمين العام للجامعة العربية و السفير ناصر القدوة المبعوث الرسمي لكوفي عنان في الامم المتحدة
و حلا للأزمة تم في اليوم الثاني الاستماع إلى وجهة نظر كل من الأمين العام للجامعة العربية و لمبعوث كوفي عنان السيد ناصر القدوة و بعد اللقاء الذي استمر لمدة ساعة و توضيح الآراء تم التوافق حلا للأزمة على حذف العبارتين السابقتين و الوصول إلى عبارة توافقية جاءت على النحو التالي :
لن يأتي التغيير إلا بإرادة و تضحيات الشعب السوري مع حشد الدعم العربي و الدولي الفعّال لحماية وحدة وسيادة و استقرار سورية و وضع آلية إلزامية لحماية المدنيين السوريين و جدول زمني للتنفيذ الفوري و الكامل لقرارات مجلس الأمن و جامعة الدول العربية ذات الصلة و مطالبة مجلس الأمن باتخاذ التدابير اللازمة لفرض التنفيذ الفوري لتلك القرارات
4- . تم مناقشة العبارة التالية :
الدعوة إلى دعم الحراك الثوري بكافة أشكاله و إلى توحيد قواه و قياداته … حيث تم الرفض القاطع من قبل ممثل مجلس القبائل و رابطة أبناء حوران الدكتور حسام الديري وتغيير هذه العبارة إلى دعم الحراك الثوري و الجيش السوري الحر وذلك تأكيدا على تمسكنا الواضح لكلمة الحراك الثوري بكل أشكاله و الجيش السوري الحر
تم الإجماع على هذا النص مباشرة باستثناء هيئة التنسيق و التي حاولت فاشلة حذف كلمة الجيش السوري الحر
5- تم تسجيل تحفظ من قبل الدكتور حسام الديري على عبارة واردة تحت بند المرجعية السياسية و القانونية البند الثاني وهي : ( فور استلام حكومة تسيير الأعمال يتم حل حزب البعث و المؤ سسات التابعة له و سائر الأحزاب و التحفظ على أملاكه و إعادتها للدولة على أن يسمح لأعضائه بممارسة العمل السياسي وفق القوانين الجديدة
و كان هذا التحفظ للأسباب التالية :
• عدم تسمية الأشياء بأسمائها الصريحة فحزب البعث هو حزب البعث العربي الاشتراكي ، و سائر الأحزاب هي أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المعروفة .
• وجود تناقض فاضح بين حله من جهة و بين السماح لأعضائه في هذه التشكيلات بإعادة تأسيس نفسها .
• يرى المعترض من وجهة نظره أن هناك أكثر من أربعة ملايين بعثي ليسوا بعثيين بالضرورة و انخرطوا بهذا الحزب لضرورات كلنا نعرفها كسوريين .
• و طالب بحذف هذه العبارة كاملة أو تستبدل بحل جميع الأحزاب المرخصة و غير المرخصة و بداية صفحة جديدة يلتزم بها الجميع وفق قانون مدني حضاري جديد للأحزاب .
6- بعد نقاش طويل دام لسبع ساعات و بتدخل مشكور من أمين عام الجامعة العربية لحل الخلاف داخل لجنة الصياغة طالب كل من الدكتور حسام الديري ممثل القبائل العربية و رابطة أبناء حوران و بمساندة و دعم من ممثلي كل من الحراك الثوري و المجلس الوطني وحزب التحرير و العدالة و هيئة التنسيق بعد موافقتهم و اعتراضهم على حذف أي عبارة في أي ورقة مطروحة على هذا المؤتمر تحوي نص الشعب الكردي و استبدال هذه العبارة بالقومية الكردية و ذلك للأسباب التالية :
1- سورية شعب واحد يفتخر و يعترف بكل القوميات و بالنسيج الوطني السوري تحت مظلة وحدة تراب الوطن و الوقوف بوجه أي مؤامرة تدعو إلى تقسيم سورية لدويلات .
و بعد نقاش طويل وساخن وحاد اللهجة و التهديد بالانسحاب من قبل ممثل الأكراد من المؤتمر و محاولة تغيير ممثلهم داخل لجنة الصياغة لثلاث مرات ، تراجع موقف المجلس الوطني و هيئة التنسيق و الحراك الثوري بسحب اعتراضهم و تحفظهم و رغم كل الضغوط استمر الدكتور حسام الديري و ممثل كتلة حزب التحرير و العدالة ( كتلة الشيخ نواف البشير ) ولم يتخلوا عن طلبهم بحذف هذه العبارة ( الشعب االكردي ) منطلقين من مبدأ عدم التفريط بوحدة التراب السوري و استبدال ذلك بالمصالح و الأجندات الخاصة على حساب ثورة العزة و الكرامة و دماء الشهداء ،
فبعد ان قام الآخرون بسحب اعتراضهم و تحفظهم أصرالدكتور حسام الديري في هذه النقطة تحديدا على أن يسجل في المحضر كتابيا و ليس شفويا تحفظه على هذه العبارة و طرح هذا الموضوع بكل شفافية على جميع المؤتمرين للتصويت عليه و يؤخذ القرار النهائي برأي الأغلبية .
و بعد عرض هذه النقطة للتصويت أبدى أبناء العشائر و القبائل السورية العربية تحملهم للمسؤولية التاريخية و كذلك سوف يسجل التاريخ وقفة أخواننا من القومية التركمانية على موقفهم الوطني أمام المؤتمر جهرا بأنهم لن يقبلوا إلا بمبدأ شعب سوري واحد و قومية تركمانية تحت راية سورية موجدة أرضا و شعبا
وتذكيرا أمام المؤتمر بكامله حمّل الدكتور حسام الديري و الشيخ سالم عبد العزيز المسلط و الشيخ نواف البشير المؤتمر المسؤولية التاريخية بعدم التساهل و التفريط بوحدة تراب سورية الأم و الوطن و الدولة . وكذلك لا ننسى موقف ابن حوران البار صعب الحريري صاحب الصوت الحر و الذي طالب الجميع بعدم المتاجرة بدماء الشهداء و السعي وراء المناصب و المكاسب .
و هناك مواقف كثيرة لأحرار هذا الوطن الحريصين على استمرار الثورة و دعمها حتى إسقاط هذا النظام بكافة أشكاله و رموزه .
و بين الجميع بأن هذا التحفظ لم يكن موجها لأخواننا الأكراد بل كان حرصا على التمسك بأخوتنا و حق كل القوميات بمستقبل سورية ووحدة أرضها وترابها و الجميع فيها متساوون
و أشير في ذلك أن من انسحب من المؤتمر هم كتلة واحدة من أخواننا الأكراد و ليس جميعهم
و في النهاية تم التصويت و تغيير الموقف لصالح تحفظ الدكتور حسام الديري و الشيخ نواف البشير وذلك كله بفضل الله و من ثم إدراك المؤتمرين بخطورة هذه العبارة و ما يمكن أن تفعله بتقسيم سورية إلى دويلات .
سوف يبقى هناك أصوات حرة تلتزم بثوابت ثورتنا العظيمة و بمصلحة و مستقبل سورية الموحدة أرضا و شعبا و ستعلو هذه الأصوات فوق جميع المصالح و الأجندات الخاصة و ستبقى مخلصة في تمثيل الحراك الشعبي الحر و عدم التفريط بتضحيات شعبنا الجسيمة و سيبقى أبناء سورية الأحرار الوطنيين على العهد سائرون .