صفحات الناس

“داعشي” في “الإخبارية السورية”/ نذير رضا

 

 

لن يجد التلفزيون الرسمي السوري مخرجاً من صورة مراسله في الحسكة، إلا بإصدار تعميم يسحب بموجبه مصطلحات “ارهابي” و”قطاعي الرؤوس” و”دواعش”، من التداول، في معرض وصفه قوات المعارضة، أو مجموعات تكفيرية تنتشر في بعض أنحاء البلاد. فمراسله في الحسكة فاضل حماد، بات عضواً في نادي “حزّ الرؤوس”، وجزءاً من هؤلاء البطاشين، ولو كان موقع القتال مختلفاً. والأكيد، أنه لا فرق بينه، وبين إعلاميي “داعش”، الذين ينقلون صور إعداماته.

قد لا ينظر البعض الى صورة حماد، الذي يحمل الميكروفون بيده اليمنى، وساطوراً مخصصاً لقطع الرؤوس في يده اليسرى، على أنه يناقض مسار الحرب السورية بين طرفين متقاتلين، يبطش كل منهما بالآخر، ولا يتردد في استخدام أي أداة من شأنها التهويل والترويع والثأر و.. حز الرؤوس. وقد يقول آخرون إن الصورة جزء من مسار دعائي، لتطمين الجمهور المؤيد للنظام، بأن القصاص الميداني، هو أسلوب “داعش” نفسه، على قاعدة “العين بالعين”…

غير أن صورة مشابهة، في الواقع، تحيل الأداء التلفزيوني لقناة “الاخبارية السورية” بأكمله، الى سلوك حز الرؤوس. ربما تتفاوت الأدوات، بين كاميرا ورسالة مراسل ميداني، وساطور لحز الرقاب.. لكنها، بعد الصورة، تعزز الدور الموكل للاعلاميين، بوصفهم جزءاً من بطش النظام أيضاً.

المفاجئ الوحيد في الصورة، هو إشهار هذه الأداة. في السابق، طالعتنا صور اعلاميين مثل شادي الحلوي، في دبابة في حلب، وآخرين، مثل اوس الحسن، في طائرة مروحية تسقط البراميل المتفجرة. لم تثر تلك الصور حفيظة إعلامية، بحكم وجود عُرف، غير قانوني ولا أخلاقي، وهو مرافقة الاعلامي المنظم للقوات المقاتلة.

أما هذه المرة، فإن الصورة تعلن، بكاميرا النظام نفسه، أن لا فرق في تلك الحرب، بين “جهادي غريب” و”مدافع من ابن البلد”. الإثنان يتشابهان، ويتماثلان في الهدف والأداء… ولو كانت هناك محاذير ميدانية، لما التقطتها كاميرا النظام، وتباهت بها في يد مراسلها الذي أراد كسب شعبية إضافية، بتوكيده أنه جزء من آلة البطش.

حين يتحول الاعلامي الى قطاع رؤوس، فإنه لا يتماثل بداعش وحده، بل بالنظام أيضاً بحكم وجود أدواته القتالية في موقع التقاط الصورة وتحيط بالمراسل. ويزايد المراسل على جنوده الميدانيين بآلة البطش. ويمكن القول إنه لم تعد الكلمات، والأوصاف، كافية لاعلان القوة والثأر. فالصورة ستؤدي دوراً مفقوداً انتُقص من رسالة اعلامية ناقصة، لا تتضمن معلومات واقعية لمسار الأحداث على الأرض، وتحديداً في الحسكة التي بات تنظيم “داعش” على بعد كيلومتر واحد من اسوارها.

طوال أربعة أعوام، دأبت “الاخبارية السورية” على اطلاق وصف “الارهابيين” على كل من يقاتل النظام، سواء أكان متشدداً، أم يائساً من منظومة سياسية تستخدم العنف لابقاء أمدها في الحكم. اليوم، لم يعد بمقدورها استخدام المصطلح، لأن العبارة ستحيلها الى مراسلها في الحسكة فوراً. فقد أكد، بصورته، وجود الارهاب المضاد أيضاً، وهو أول اعلان رسمي، بالصورة، صادر عن نظام، اعتاد القاء التهم على معارضيه!

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى