دراسة وتحليل لكتاب ( إدارة التوحش )
يكتسب كتاب” إدارة التوحش” أهمية خاصة لأسباب ثلاثة: فهو أولاً، اجتهاد ديني يضاف إلى الاجتهادات المتنوعة التي جاءت بها الحركات الجهادية الإسلامية في العقود الثلاثة الأخيرة. وهو ثانياً، اجتهاد واضح وصريح، لا يداري ولا يأخذ بالأحكام “الوسطية”، بل يقرر قولاً قاطعاً وحقائق نهائية، وينبذ المواقف المغايرة لوجهة نظره نبذاً كاملاً. أما السبب الثالث، الذي يؤكد أهمية هذا الكتاب، فهو جمع المؤلف (أبو بكر ناجي) بين التصورات الدينية والأفكار “الثورية”، إن صح التعبير، ذلك أنه يقدم في مجال العمل السياسي والإستراتيجية العسكرية تصورات عملية، يمكن أن تأخذ بها القوى الإسلامية الأصولية، وقوى أخرى غير إسلامية.
عنوان الكتاب : “إدارة التوحش: أخطر مرحلة ستمر بها الأمة”
المؤلف :أبو بكر ناجي
دار النشر: مركز الدراسات والبحوث الإسلامية
تاريخ النشر : بدون
عدد الصفحات: 112 صفحة
وقد تزامن صدور هذا الكتاب مع التحولات الإستراتيجية التي شهدتها الحركة السلفية الجهادية، وذلك بالتحول من مقاتلة “العدو القريب” المتمثل بالنظم السياسية العربية والإسلامية التي تنعتها “بالمرتدة”، إلى مقاتلة “العدو البعيد” المتمثل بالغرب عموماً والولايات المتحدة الأميركية “رأس الأفعى” وإسرائيل على وجه الخصوص بكونهم كفاراً(1).
وقد اكتشفت السلطات السعودية هذا الكتاب عام 2008، ومنع من التداول في كثير من الدول العربية، وأصبح متاحاً، لاحقاً، في أكثر من 15 ألف رابط في الشبكة العنكبوتية، وترجمته وزارة الدفاع الأميركية للغة الإنجليزية بعد أن عثرت المخابرات الأميركية على وثائق ورسائل موجهة من وإلى بن لادن تشمل فصولاً من هذا الكتاب.
التوحش بين الماضي والحاضر
البعد العسكري في إدارة التوحش
قواعد ووصايا
تحقيق الشوكة
مستقبل المشروع بين الأنا والآخر
*****
التوحش بين الماضي والحاضر
التوحش هو فكرة الكتاب الأساسية، وقبل أن نستطرد مع المؤلف في معرفة التاصيل التاريخي لحالة التوحش يجدر بنا أن نلقي الضوء على المعنى الذي يقصده من كلمة “التوحش”.
فالتوحش كلمة استعملها المؤلف ويقصد بها تلك الحالة من الفوضى التي ستدب في أوصال دولة ما أو منطقة بعينها إذا ما زالت عنها قبضة السلطات الحاكمة.
ويعتقد المؤلف أن هذه الحالة من الفوضى ستكون “متوحشة” وسيعاني منها السكان المحليون، لذلك وجب على القاعدة -التي ستحل محل السلطات الحاكمة تمهيدا لإقامة الدولة الإسلامية- أن تحسن “إدارة التوحش” إلى أن تستقر الأمور.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أطلق المؤلف تعبير” إدارة التوحش” أو “إدارة الفوضى المتوحشة”؟ وما هي الفروق بينهما؟
يجيب المؤلف بالقول: “لأنها ليست إدارة لشركة تجارية أو مؤسسة تعاني من الفوضى، أو مجموعة من الجيران في حي أو منطقة سكنية أو حتى مجتمعاً مسالماً يعانون من الفوضى، ولكنها طبقاً لعالمنا المعاصر ولسوابقها التاريخية المماثلة وفي ظل الثروات والأطماع والقوى المختلفة والطبيعة البشرية وفي ظل الصورة التي نتوقعها في هذا البحث يكون الأمر أعم من الفوضى، بل إن منطقة التوحش قبل خضوعها للإدارة ستكون في وضع يشبه وضع أفغانستان قبل سيطرة طالبان. منطقة تخضع لقانون الغاب بصورته البدائية، يتعطش أهلها الأخيار منهم بل وعقلاء الأشرار لمن يدير هذا التوحش، بل ويقبلون أن يدير هذا التوحش أي تنظيم أخياراً كانوا أو أشراراً إلا أن إدارة الأشرار لهذا التوحش من الممكن أن تحول هذه المنطقة إلى مزيد من التوحش..!!”(2).
ويشير المؤلف إلى أن التاريخ القديم والجديد، ولا سيما الإسلامي منه، شهد مثل هذه المراحل من التوحش، سواء لدى المسلمين أو لدى غيرهم، مما يعني بأن هذه الظاهرة ليست طارئة في التاريخ الإنساني. ومن الأمثلة التي يسوقها المؤلف في هذا الصدد:
النظام القبلي الذي حكم المدينة المنورة قبل وصول الرسول عليه السلام، وبعد وصوله أصبح يحكم “بالنظام المثالي لإدارة التوحش”.
عند سقوط الخلاقة الإسلامية وتعرض الأمة لهجمات خارجية كالهجمة التتارية والصليبية؛ إذ تشكلت دويلات صغيرة، حاولت أن تصبح دولة خلافة أو دولة مجاورة لدول أخرى.
وهناك العديد من الأمثلة التي ساقها المؤلف ليؤكد على تكرار هذه الحالة في العالم بأسره حالياً، مشيراً إلى: أفغانستان، والفلبين مع جبهة تحرير مورو، وحركات الجهاد في الجزائر، وحركة جون غارنغ في جنوب السودان، والحركات اليسارية في أميركا الوسطى وجنوبها(3).
“يؤكد المؤلف أن “مرحلة التوحش” تعد المرحلة الثانية بعد المرحلة الأولى التي تتمثل بـ “شوكة النكاية والإنهاك”، وقبل المرحلة الثالثة والأخيرة التي تقود إلى”التمكين”؛ أي إقامة الدولة الإسلامية، حسب الخطاب الجهادي.”
ويؤكد المؤلف أن “مرحلة التوحش” تعد المرحلة الثانية بعد المرحلة الأولى التي تتمثل بـ “شوكة النكاية والإنهاك”، وقبل المرحلة الثالثة والأخيرة التي تقود إلى”التمكين”؛ أي إقامة الدولة الإسلامية، حسب الخطاب الجهادي الذي يرى أيضاً أن هناك مناطق رئيسة تمر بهذه المراحل، في حين أن هناك مناطق أخرى -غير رئيسة- لا تمر إلا بمرحلتين؛ أي أنها لا تمر بمرحلة” إدارة التوحش” التي يأتيها التمكين من الخارج.
ويشير الكتاب إلى أن عملية اختيار المناطق للدخول إلى “دائرة المناطق الرئيسية”؛ أي المرور عبر مرحلة “إدارة التوحش” اعتمدت على دراسات وبحوث” مرتبطة بالأحداث الجارية”. ولذلك يؤكد بأنه “بعد الأحداث (11سبتمبر) وما تلاها من تطورات أعلنت القيادة بعض التعديلات، فاستبعدت بعض المناطق من مجموعة المناطق الرئيسية، على أن يتم ضمها لتعمل في نظام بقية الدول، وأدخلت بلدين أو قل منطقتين إضافيتين ألا وهما بلاد الحرمين ونيجيريا، ومن ثم أصبحت الدول المرشحة مبدئياً لتدخل في مجموعة المناطق الرئيسية هي مناطق الدول الآتية: الأردن وبلاد المغرب ونيجيريا وباكستان وبلاد الحرمين واليمن”.(4)
إن عملية التصنيف هذه، تسمح كما يعتقد المؤلف، “بالتركيز على -الدول الرئيسة- من قبل المجاهدين حتى لا تتشتت قوتهم الضاربة في دول لا مردود من وراء العمل المركز فيها”. وتعتمد عملية التصنيف على مجموعة من المقومات هي:
وجود عمق جغرافي وتضاريس تسمح في كل دولة على حدة بإقامة مناطق بها تدار بنظام إدارة التوحش.
ضعف النظام الحاكم، وضعف قواته خاصة المتمركزة على أطراف دولته.
وجود مد إسلامي جهادي مبشر في هذه المناطق.
طبيعة الناس في هذه المناطق.
انتشار السلاح بأيدي الناس فيها.
أغلب الدول المرشحة في جهات متباعدة مما يصعب مهمة أي قوات دولية في الانتشار في مساحة واسعة في عمق العالم الإسلامي؛ في حين أن دول باقي العالم الإسلامي تتسم بوجود نظام مركزي قوي وتضاريس جغرافية صعبة وطبيعة سكان مختلفة إلى حد ما وإن كانت تحظى بمد إسلامي مثل: تونس وتركيا(5)
البعد العسكري في إدارة التوحش
ويربط المؤلف في الفصل الأول من الكتاب بين الوصول إلى “إدارة التوحش” والمرحلة التي تسبقها؛ أي مرحلة “شوكة النكاية والإنهاك” التي تتمثل حسب رأيه بأربعة أهداف هي:
إنهاك قوات العدو والأنظمة العميلة لها، وتشتيت جهودها، والعمل على جعلها لا تستطيع أن تلتقط أنفاسها بعمليات وإن كانت صغيرة الحجم أو الأثر –ولو ضربة عصا على رأس صليبي- إلا أن انتشارها وتصاعدها سيكون له تأثير على المدى الطويل.
جذب شباب جدد للعمل الجهادي عن طريق القيام، بين فترة وأخرى، بعمليات نوعية تلفت أنظار الناس، ويقصد بالعمليات النوعية هنا، العمليات النوعية المتوسطة على غرار عملية بالي، وعملية المحيا، وعملية جربة بتونس، وعمليات تركيا، والعمليات الكبرى في العراق، ومثل ذلك، ولا يقصد عمليات نوعية على غرار سبتمبر، والتي يؤدي شغل التفكير بها إلى تعطيل القيام بالعمليات النوعية الأقل منها حجماً.
إخراج المناطق المختارة من سيطرة الأنظمة ومن ثم العمل على إدارة التوحش الذي سيحدث فيها.
الارتقاء بمجموعة النكاية بالتدريب والممارسة العملية ليكونوا مهيئين نفسياً وعملياً لمرحلة إدارة التوحش”(6)
وإزاء هذه الرغبة في تحريك “الحاضر” نحو المستقبل، وتحريك “مرحلة النكاية” نحو”إدارة التوحش”، ينبه المؤلف من تحذيرات قد يطلقها البعض من هنا أو هناك بحجة “الحفاظ على النسيج الوطني أو اللحمة الوطنية أو الوحدة الوطنية، فعلاوة على أن هذا القول فيه شبهة الوطنية الكافرة، إلا أنه يدل على أنهم لم يفهموا قط الطريقة (السُننية) لسقوط الحضارات وبنائها”.(7)
“إن الفكر العسكري الذي يقترحه المؤلف للانتهاء من مرحلة “النكاية” والوصول إلى مرحلة “إدارة التوحش” هو”ضربات متسلسلة لأميركا تنهكها وتستنزفها تمهيدا لسحقها.”
ولتطبيق هذه النظرية على أرض الواقع، يضع المؤلف خطتين:
الخطة الأولى، تنويع وتوسيع ضربات النكاية في العدو الصليبي والصهيوني في كل بقاع العالم الإسلامي بل وخارجه إن أمكن، بحيث يحدث تشتيت لجهود حلف العدو ومن ثم استنزافه بأكبر قدر ممكن فمثلاً: إذا ضرب منتجع سياحي يرتاده الصليبيون في إندونيسيا، سيتم تأمين جميع المنتجعات السياحية في جميع دول العالم بما يشمل ذلك من شغل قوات إضافية أضعاف الوضع العادي وزيادة كبيرة في الإنفاق، وإذا ضرب بنك ربوي للصليبيين في تركيا سيتم تأمين جميع البنوك التابعة للصليبيين في جميع البلاد ويزداد الاستنزاف، وإذا ضربت مصلحة بترولية بالقرب من ميناء عدن ستوجه الحراسات المكثفة إلى كل شركات البترول وناقلاتها وخطوط أنابيبها لحمايتها وزيادة الاستنزاف، وإذا تم تصفية اثنين من الكتاب المرتدِّين في عملية متزامنة ببلدين مختلفين فسيستوجب ذلك عليهم تأمين آلاف الكتاب في مختلف بلدان العالم الإسلامي.. وهكذا تنويع وتوسيع لدائرة الأهداف وضربات النكاية التي تتم من مجموعات صغيرة ومنفصلة، مع تكرار نوع الهدف مرتين أو ثلاثاً ليتأكد لهم أن ذلك النوع سيظل مستهدفاً “(8).
والخطة الثانية، التي يقترحها المؤلف تتمثل في تشتيت قوى النظم السياسية الحاكمة في العالم العربي، بإجبارها على توزيع قوى الأمن لديها لكي تنفذ الأولويات التالية:
الحماية الشخصية للعائلات المالكة والأجهزة الرئاسية.
الأجانب.
الاقتصاد وبخاصة البترول.
أماكن اللذة.
وإذا تم تركيز الاهتمام والمتابعة -كما يرى المؤلف- “فسيبدأ التراخي وخلو الأطراف والمناطق المزدحمة والشعبية من القوات العسكرية أو وجود أعداد من الجند فيها بقيادة هشة وضعيفة القوة غير كافية العدد من الضباط وذلك لأنهم سيضعون الأكفاء لحماية الأهداف الاقتصادية ولحماية الرؤساء والملوك، ومن ثم تكون هذه القوات الكثيرة الأعداد أحياناً الهشة بنياناً سهلة المهاجمة والحصول على ما في أيديها من سلاح بكميات جيدة، وستشاهد الجماهير كيف يفر الجند لا يلوون على شيء، ومن هنا، يبدأ التوحش والفوضى وتبدأ هذه المناطق تعاني من عدم الأمان.. هذا بالإضافة إلى الإنهاك والاستنزاف في مهاجمة باقي الأهداف ومقاومة السلطات”(9).
ولتحقيق كل ذلك يرى المؤلف بأنه يجب أن تطور”القوى المجاهدة” العديد من الإستراتيجيات أهمها:
“إستراتيجية عسكرية تعمل على تشتيت جهود وقوات العدو وإنهاك واستنزاف قدراته المالية والعسكرية.
إستراتيجية إعلامية تستهدف وتركز على فئتين، فئة الشعوب بحيث تدفع أكبر عدد منهم للانضمام للجهاد والقيام بالدعم الإيجابي والتعاطي السلبي ممن لا يلتحق بالصف، الفئة الثانية جنود العدو أصحاب الرواتب الدنيا لدفعهم إلى الانضمام لصف المجاهدين أو على الأقل الفرار من خدمة العدو”(10).
قواعد ووصايا
ويضع المؤلف قواعد لإدارة التوحش، يشرحها في الفصل الثاني (11) وتركز على رؤى إستراتيجية تقود مشروعه الفكري والسياسي إلى هدفه وهي عبارة عن مجموعة من الوصايا منها:
إتقان الإدارة.
اعتماد القواعد العسكرية المجربة.
العمل دون كلل على تصاعد العمليات العسكرية.
الضرب بأقصى قوة في أضعف نقاط العدو.
اعتماد الشدة واتباع سياسة تقنع العدو بأنه لن يفلت من أي فعل يقوم به دون “دفع الثمن”.
فهم بواعث الفكر والسلوك السياسي سواء للأعداء أو المجاورين (المقصود بالمجاورين الحركات الإسلامية الأخرى).
فهم السياسة الإعلامية للعدو والرد عليها.
ويتحسب المؤلف للمشكلات والتحديات التي ستقف حجر عثرة أمام تنفيذ الوصايا السابقة، فيقول إن مرحلة [إدارة التوحش] سنواجه مشكلة غارات العدو-الصليبي أو المرتد- الجوية على معسكرات تدريب أو مناطق سكنية في نطاق المناطق التي نديرها، ومع وضع تحصينات دفاعية وخنادق لمواجهة تلك المشكلة إلا أنه ينبغي كذلك أن نتبع سياسة دفع الثمن في مواجهة إجرام العدو، وسياسة دفع الثمن -التي سبق الإشارة إليها- في هذه الحالة تحقق ردعاً للعدو وتجعله يفكر ألف مرة قبل مهاجمة المناطق المدارة بنظام إدارة التوحش”.
ويفصل المؤلف وجهة نظره أكثر قائلاً: إن أفضل من يقوم بعمليات دفع الثمن هم المجموعات الأخرى في المناطق الأخرى، والتي لم يقع عليها العدوان، وفي ذلك فوائد عدة سنتوسع فيها في الفصل الخاص بالشوكة من أهمها، إشعار العدو أنه محاصر ومصالحه مكشوفة، فلو قام العدو بعمل عدائي على منطقة في جزيرة العرب أو في العراق فتم الرد عليه في المغرب أو نيجيريا أو إندونيسيا سيؤدي ذلك إلى إرباك العدو خاصة إذا كانت المنطقة التي تتم فيها عملية دفع الثمن تخضع لسيطرة أنظمة الكفر أو أنظمة الردة فلن يجد مجالاً جيداً للرد عليها، وستعمل تلك العملية كذلك على رفع معنويات من وقع عليهم العدوان وإيصال رسالة عملية للمسلمين في كل مكان بأننا أمة واحدة وأن واجب النصرة لا ينقطع بحدود”.
ويضيف المؤلف “ولا يقتصر دفع الثمن في الصورة السابقة على العدو الصليبي، فعلى سبيل المثال إذا قام النظام المصري المرتد بعمل قام فيه بقتل وأسر مجموعة من المجاهدين، يمكن أن يقوم شباب الجهاد في الجزيرة أو المغرب بتوجيه ضربة للسفارة المصرية مع بيان تبريري لها أو القيام بخطف دبلوماسيين مصريين كرهائن حتى يتم الإفراج عن مجموعة من المجاهدين مثلاً ونحو ذلك”.
تحقيق الشوكة
“الدول المرشحة لتدخل ضمن مجموعة المناطق الرئيسية لعمل القاعدة لأنها المرشحة بدرجة أكبر من غيرها للدخول في مرحلة إدارة التوحش هي: الأردن وبلاد المغرب ونيجيريا وباكستان وبلاد الحرمين واليمن.”
إن تحقيق التضامن والثقة والقوة الجماعية لا يتم إلا عبر ما أطلق عليه المؤلف “تحقيق الشوكة”. ويقصد بالشوكة هو “الموالاة الإيمانية، فعندما يحصل كل فرد في المجموعة أو في منطقة التوحش -مهما قل شأنه- على الولاء من باقي الأفراد ومن ثم يعطي هو الولاء للباقين بحيث يكون هو فداء لهم وهم فداء له، من ذلك تتكون شوكة من هذه المجموعة في مواجهة الأعداء”. (12)
ويقول المؤلف إن العمل العسكري هام جداً في استمرارية الحركات الإسلامية الجهادية وبقائها، ولكن هذا الأمر لا يغنى عن العمل السياسي، ولهذا يطالب قيادات هذه الحركات” بإتقان علم السياسة كإتقان العلم العسكري سواء بسواء”. ويتمثل البعد السياسي بالنسبة للمؤلف في فهم بواعث الفكر والسلوك السياسي سواء للأعداء أو المجاورين (الحركات الإسلامية الأخرى). ويساهم هذا البعد في فهم “المنطلق المادي الذي يحرك الأعداء”.
ويشير المؤلف إلى بعض النقاط الهامة التي يجب أن تأخذها القيادة العليا للحركة الإسلامية بعين الاعتبار وهي تمارس عملها السياسي وهي:
أن لا تكتفي القيادة السياسية المسلمة بأن تكون رفيعة المستوى, بل لا بد أن تكون القواعد الإسلامية أيضا على مستوى رفيع وقدر عال من الإدراك.
فهم المتفق عليه والمختلف فيه بين التيار السلفي الجهادي وغيره من التيارات الإسلامية الأخرى والتعامل معهم استنادا على هذا الأساس.
تحديد ردود الفعل تجاه أي خطوة نخطط للقيام بها ومن ثم المضي قدماً في القيام بها أو تأجيلها للظرف المناسب أو تهيئة الأوضاع لها لتكون مناسبة.
الحذر من إغفال دراسة وفهم السياسة الشرعية في التعامل مع الصف المجاهد ومع المستجيبين من الأعداء عندما يدخلون إلى الصف المسلم بل أحياناً قد يدخلون إلى الصف المجاهد مباشرة، نتعلم كيف نتصرف إذا خرج من بيننا وفي صفنا خوارج أو بغاة أو مرتدون أو من يطلب ذات أنواط أو من يطلب وضع تشريع ينظم العمل يشمل مخالفة لنصوص شرعية أو يطالب بالانضمام إلى الأمم المتحدة.
فهم السياسة الإعلامية للخصوم والتعامل لكسب المعركة العسكرية والسياسية.
أما عن الاستقطاب وقواعد الالتحاق وهما من النصائح الهامة التي أوردها المؤلف فيقول يجب “جر الشعوب إلى المعركة بحيث يحدث بين الناس -كل الناس- استقطاب، فيذهب فريق منهم إلى جانب أهل الحق وفريق إلى جانب أهل الباطل ويتبقى فريق ثالث محايد ينتظر نتيجة المعركة لينضم للمنتصر. فيقول “علينا جذب تعاطف هذا الفريق وجعله يتمنى انتصار أهل الإيمان، خاصة أنه قد يكون لهذا الفريق دور حاسم في المراحل الأخيرة من المعركة الحالية”.(13)
ووسائل الاستقطاب في مرحلة التوحش هذه تتمثل: برفع الحالة الإيمانية، والمخاطبة المباشرة، والعفو، والتأليف بالمال.
ثم يذهب خيال المؤلف بعيدا ليتوقع بداية دخول تنافس وحتى تصارع بين قادة إدارة مناطق التوحش أنفسهم، ولهذا السبب يطرح سؤالاً غاية في الأهمية وهو: “عند تعثر منطقة من المناطق المدارة من إدارة التوحش أو عند الحاجة لضم وإلحاق منطقتين متجاورتين ببعضهما البعض أو أكثر من منطقتين: أيُّ المنطقتين تلتحق بالأخرى وتنزل إداراتها تحت إمرة الإدارة الأخرى؟ وهل الذي يحسم تلك الأمور عنصر السبق في الجهاد والعمل لدين الله أو عنصر التفوق المادي والأقدر على القيادة أو عناصر أخرى؟”.
يجيب المؤلف “في دراسة سابقة طُرح أنه عند اتحاد جماعتين جهاديتين أن يتولى الإمارة الأصلح قياماً بأعمال الجهاد والأكثر قدرة على تحقيق أهدافه كذلك”.(14)
ويعترف المؤلف بشكل صريح بطول المعركة وصعوبة تحقيق مشروع التمكين (إقامة الدولة الإسلامية)، وهذا لا يعنى فقدان الأمل بالنسبة إليه، بل شكل من أشكال الواقعية التي تسم رؤيته، ولهذا يقول: “ظواهر الأحداث وتطورها ينبئ بطول المعركة، وطولها يتيح فرصة لاختراق الخصوم والمجاورين وتأسيس جهاز أمني قوي يكون أكبر دعامة لتأمين الحركة الآن والدولة فيما بعد
“يدعو المؤلف إلى اختراق الجماعات الإسلامية الأخرى، بل والترقي في سلمها القيادي من خلال أفراد موثوق في تمكنهم من مدافعة الشبهات العلمية والشهوات، ويقول إن ذلك ينتج عنه فوائد كثيرة.”
وفيما يتعلق بعمليات التجسس على الجماعات الأخرى فهو يرى بأن:”إن اختراق الجماعات الإسلامية الأخرى، بل والترقي في سلمها القيادي من خلال أفراد موثوق في تمكنهم من مدافعة الشبهات العلمية والشهوات، ينتج عن ذلك فوائد كثيرة مختلفة، وهناك حالات سابقة ناجحة.
لكن المؤلف يستدرك لدرء شبهة إشكالية حرمة التجسس على المسلمين، فيقول “أعتقد بجواز ذلك (التجسس) تجاه الحركات التي تؤذي المجاهدين أو تتعامل مع الطواغيت، أما اختراق الحركات التي لا تؤذي المجاهدين فلا يتم الاختراق لجمع المعلومات ولكن لدعوتهم والتقرب منهم والاستفادة من تحويل مواقفهم في صالح الجهاد حال الأوضاع والمواقف الحاسمة”.
وكما هو الحال في الفقه السياسي الغربي الذي يتحدث عن”التنشئة السياسية والاجتماعية” لبناء الدولة، يطالب المؤلف باعتماد “أساليب تربوية” لبناء جيل من الشباب الجهادي كما “تربى الجيل الأول”.
ويعدد المؤلف مجموعة من الأساليب التي يمكن استخدامها لتحقيق هذا الهدف منها: التربية بالموعظة، وبالعادة، وبالطاعة، وبالقدوة، وبالأحداث.
ولا شك أن تأثيرات سيد قطب وابن تيمية على المؤلف واضحة فيما يتعلق بالجانب التربوي ولذلك فهو يقول: “ورحم الله سيد قطب القائل: “إن هذا القرآن لا يكشف أسراره إلا للذين يخوضون به المعارك، والذين يعيشون في الجو الذي تنزل فيه أول مرة”, لذلك تنبه علماء السلف وأهل النظر الثاقب من المعاصرين إلى هذه القضية، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: “من كان كثير الذنوب فأعظم دوائه الجهاد”.
ويعترف المؤلف بوجود بعض العقبات التي تواجه تحقيق مشروع “إدارة التوحش” التي تقود، حسب المنطق الذي يحكم فكره، إلى الدولة الإسلامية، بل وإلى الخلافة الإسلامية. ويعدد ستا منها في الفصل الثالث من الكتاب مقترحاً، في الوقت نفسه، بعض الحلول لمواجهتها إذا حدثت ومنها: مشكلة تناقص العناصر المؤمنة، ونقص الكوادر الإدارية، ومشكلة الولاء القديم لعناصر الإدارة، ومشكلة الاختراق والجواسيس، ومشكلة التفلت أو الانقلاب من أفراد أو مجموعات، ومشكلة التحمس الزائد عن الحد وملحقاتها لدى بعض المجاهدين (15).
ففيما يتعلق بمشكلة تناقص العناصر المؤمنة يذكرنا المؤلف إلى أنه “في بداية الحرب الأفغانية في سبعينيات القرن الفائت مر بالجهاد فترات عصيبة، حيث وُجِّهت للمجاهدين عدة ضربات حتى تبقى منهم -في إحدى الروايات- ثلاثون رجلاً ولكن بعد ذلك وعلى مدار أكثر من عشر سنوات في مواجهة النظام ثم في مواجهة النظام والروس قدَّم الجهاد هناك مليون ونصف مليون شهيد -بالطبع منهم أعداد كبيرة من الشعب المسلم مات تحت القصف- فمن أين أتت هذه الأعداد؟ الإجابة أن ذلك حدث من خلال جر الشعب إلى المعركة وتجييشه، خاصة عندما نقيم مناطق آمنة من الفوضى والتوحش الناتج عن القتال ويهاجر الناس إلى تلك المناطق”. (16)
وفيما يتعلق بمشكلة نقص الكوادر الإدارية، ولا سيما في الفترات الأولى لمرحلة “إدارة التوحش” يرى المؤلف بأنه، “ينبغي أن تدار بأيدينا وأيدي الناس الذين يعيشون فيها، بل والأهم أنه يوجد للمشكلة حل أفضل من ذلك، ألا وهو أن نقترب من الناس، وقد نُعين منهم في إدارة المنطقة التي نديرها أفراداً لإدارة بعض الأعمال برواتب وأجور، في حين سيجدون رجالنا يعملون بجانبهم بدون أجر، يجب أن يروا منا مثالاً للصبر والزهد والبذل والتضحية ، مثالاً للعدل وإنصاف المظلومين”.(17)
وبالنسبة لما يعتبره المؤلف مشكلة متمثلة في “الولاء القديم” للجماعات الإسلامية الأخرى يقول المؤلف حلا لهذه المشكلة “الذي يعطينا الولاء نتولاه الولاية الكاملة، إلا إذا أظهر في كلامه أو أحواله استمرار ولائه مع تنظيمه السابق أو تبنى بعض القضايا أو المفاهيم لذلك الحزب فلنا هنا وقفة: فمثلاً لو وجدناه يتصل بقيادات في جماعة مثل الإخوان أو أي تيار إرجائي فنسأله: هل تعتقد ما يعتقدون في دخول المجالس البرلمانية الشركية أو عدم الكفر بالطاغوت؟، فإن جاءت إجابته تحتمل التأويل فقد لا نستطيع إنزال حكم عليه بسبب مانع التأويل إلا أننا لا نقبل في صفنا هذه النوعيات”.(18)
أما مشكلة الاختراق والجواسيس، فقد اعتبرها المؤلف على درجة عالية من الأهمية، وإن كان يعتقد بقدرة تياره على مواجهة هذه الظاهرة لأن التجارب الجهادية والقتالية الدائمة تسمح بالتأكد من إخلاص هذا الشخص من عدمه.
والمشكلة الخامسة التي طرحها المؤلف فتتمثل بمشكلة التفلت أو الانقلاب من أفراد أو مجموعات أو مناطق بأكملها، وهذا يعكس الحس الأمني الحاضر باستمرار وبقوة في ذهن المؤلف وفي تصوراته المستقبلية إزاء، ليست فقط “مرحلة التوحش”، بل وأيضاً مرحلة ما بعد التوحش؛ أي إقامة الدولة. فالمؤلف يرى أن “بعض مناطق التوحش ستقع تحت سيطرة إدارة عشائرية أو أحد التنظيمات المسلحة من بقايا الأنظمة أو تنظيم لأحد الأحزاب ونحو ذلك، وإننا تغليباً لحكم الإسلام سنعاملهم على أنهم مسلمون، وعلينا مراسلتهم والتأكيد على أن يحكموا بالشرع وأن يتبادلوا الولاء والنصرة”.
والمشكلة السادسة والأخيرة التي يحذر منها المؤلف تتمثل بالسمات الثلاث التي على المجاهدين عدم الوقوع فيها أثناء قيادتهم لإدارة التوحش وهي: التعجل بالعمليات، والغلو، والحماقة.
مستقبل المشروع بين الأنا والآخر
ويبدو أن صاحب الكتاب يستشعر ما يفكر به الآخرون، سواء أكانوا تيارات إسلامية أم غيرها، حول عنف وقوة المشروع الذي يقترحه، ولذلك يطرح في نهاية “مشروعه الثوري”؛ أي في خاتمة الكتاب السؤال التالي: “هل توجد حلول أخرى أيسر من ذلك الحل الصعب وأحقن للدماء ؟”.(19)
فيشير السيد ناجي إلى مشاريع الآخرين ليقارن بينها وبين مشروعه الخاص المعروض في هذا الكتاب:
يطرح البعض حلولاً سلمية كالانتخابات والاقتصار على الدعوة السلمية.
ويطرح الأكثر عقلاًنية حلولاً تستخدم القوة من خلال ضربة خاطفة سريعة تنهي كل شيء في وقت قصير دون إراقة الكثير من الدماء، وتلك الضربة تتم على ضربين تبعاً لمنهجية القائم عليها وطريقة تفكيره؛ فيطرح البعض ضربة سريعة عن طريق انقلاب عسكري، ويطرح آخرون ضربة تتم بعد إعداد سري لا يعلم به أحد.
ويطرح البعض الضربة الخاطفة عن طريق تربية طويلة سلمية تتم تحت أعين الطواغيت يتم خلالها تكوين المؤسسات الإسلامية السياسية والاقتصادية والعلمية الشرعية والتقنية.. الخ، ثم بعد ذلك تتم الضربة الخاطفة من خلال هذه المؤسسات.
ويطرح البعض أن يقوم بالضربة أبناؤنا وليس نحن ولا أدري كيف سيقاتل الأبناء وهذا حال الآباء؟!
“ينقد المؤلف الفكر الوسطي ويقول عنه “إن هذا الفقه الذي نسمعه من مشايخنا من جواز التّعدّديّة السّياسيّة، وجواز التّداول على السّلطة، وعدم جواز الجهاد الهجومي، وجواز تولّي الكفّار المناصب السّياسيّة والعسكريّة والقضائيّة في الدّولة الإسلاميّة (مرده) هذا الحلم الفاسد الناشئ عن تُخمةٍ مردّها خلط الأفكار غير المتجانسة”.”
بالمقابل، يدافع السيد ناجي عن مشروعه بالقول: “علينا أن نعلم أنّ النّصر الكبير الضّخم مجموعة من سلسلة انتصارات صغيرة، ولا يمكن أن يقع شيء في مجال النّصر والهزيمة بصورة طفرةٍ مفاجئة تباغت المنتصر أو المهزوم، إذ الطّفرة التي لا مقدّمة لها لا وجود لها إلاّ في عقول مشايخنا وقادتنا فقط”.
إلى أن يقول: “إنّنا نحلم بترتيب رفيعٍ جدّاً لشوكةِ التّمكين دون المرور بشوْكة النّكاية، وهي الشّوكة التي يقع فيها: “إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ”، ويقع فيها: “يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ”، وهذا مع عدم إمكانيّة حدوثه فإنّه يفرز ولا شكّ فِقهاً أعوجَ، وأحكاماً فاسدة، وما هذا الفقه الذي نسمعه من مشايخنا من جواز التّعدّديّة السّياسيّة، وجواز التّداول على السّلطة، وعدم جواز الجهاد الهجومي، وجواز تولّي الكفّار المناصب السّياسيّة والعسكريّة والقضائيّة في الدّولة الإسلاميّة إلاّ بسبب هذا الحلم الفاسد الناشئ عن تُخمةٍ مردّها خلط الأفكار غير المتجانسة”.
ويختم المؤلف كتابه بالقول: “إن حركات الجهاد السلفية هي المتقدمة عن غيرها في فهمها لدين الله تعالى -فهم السنن الشرعية والكونية-، وهي الأمل إن شاء الله تعالى”.
ماذا بعد؟
يمكن اعتبار هذا الكتاب بمثابة “دستور الدولة الإسلامية المستقبلية” بالنسبة للحركات الجهادية، ولا سيما القاعدة منها، فهو نموذج للخطاب الإسلامي الجهادي المتطور بكل معانيه الفكرية، والعسكرية والسياسية؛ فهو يمثل طوراً جديداً من الخطابات التي تعتمد على الحركة أكثر من الفكر، وعلى الفعل العسكري أكثر من الفعل السياسي، وعلى المستقبل أكثر من الماضي.
وإن نظرة على العمليات التي تبنتها القاعدة يعطينا فكرة عن مدى تطبيق تعليمات هذا الكتاب “بدقة” من قبل أتباع التيار السلفي الجهادي حول العالم كاستهداف الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بالمنطقة؛ الأردن، ومصر، والسعودية، واستهداف أيضاً للرموز الغربية من فنادق ومنتجعات سياحية كما حصل في الدار البيضاء، وبالي، وعمان، أو رموز دينية كما حدث في الكنيس اليهودي في جربا بتونس، وإسطنبول. واقتصادياً باستهداف البنى التحتية التي تنقل النفط العربي إلى الغرب كما حدث في لمبرغ في هولندا، ومركز تكرير النفط في بقيق بالمنطقة الشرقية بالسعودية(20).
لا بد من الاعتراف أن هناك عدّة عوامل ساهمت في إذكاء حالة التعاطف مع الخطاب الجهادي السلفي الذي يمثله هذا الكتاب منها: السياسة الأمريكية المنحازة لإسرائيل، وغزوها لأفغانستان والعراق، وتهديدها لسوريا وإيران، ناهيك عن دعمها للأنظمة العربية التسلطية، وكل ذلك يثير الغضب الشعبي ويشكك في مصداقية هذه السياسة.
إن من الواضح أن كتاب “إدارة التوحش” يثير التساؤلات أكثر مما يقدم إجابات، ويدفع للنظر للمستقبل أكثر من الحاضر، فهناك أسئلة من الضرورة بمكان التفكير بها والإجابة عليها بروية وهي:
ما هو المعيار الذي يقيس به المؤلف “جهادية” أتباعه وقدراتهم على الصمود والقتال والاستعداد المستمر للشهادة أو النصر؟
وإذ يحيلنا المؤلف إلى زمن المسلمين الأوائل ودولتهم؛ فهل ثمة ما يسمح باستعادة تجربة “دولة المدينة المنورة” التي أقامها الرسول عليه الصلاة والسلام قبل أكثر من 14 قرناً؟(21)
هل هذا الخطاب الذي تتبناه السلفية الجهادية يمثل فكراً إسلامياً أصيلاً أم أنه “فكر طارئ” أو “ردة فعل” على أحداث في سياق مواجهة بين العالم الإسلامي والعالم الآخر ولا سيما الغربي؟
في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها العالم العربي والإسلامي: هل يمكن أن يمثل فكر هذا التيار السلفي الجهادي خياراً مقبولاً –ولو مؤقتا- لدى الشعوب التي تشعر بأنها وصلت إلى طرق مسدودة بعدما أفلست كل الخيارات الفكرية من يسارية وقومية وإسلامية معتدلة وفق نظرية “ملء الفراغ”؟
********
*جمال الشلبي، أستاذ علوم سياسية بالجامعة الهاشمية في الأردن. حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من كلية القانون بجامعة باريس الثانية “السوربون”، عام 1995. وقد عمل في عدة جامعات قبل أن يستقر بالجامعة الهاشمية منذ العام 2000. نشر العديد من الكتب منها: “الحوار العربي الاسكندنافي”، “محمد حسنين هيكل بين النظام الاشتراكي لعبد الناصر وانفتاح السادات 1952 – 1981)”، “لارماتان”، “العرب وأوروبا: رؤية سياسية معاصرة”، “التحول الديمقراطي وحرية الصحافة في الأردن”.
**************
المصادر والهوامش
1- Heisbourg, François,” Après Al Qaida: La nouvelle Génération du Terrorisme”, Stock, Paris, 2009, P.30.
2- ص 11.
3- ص 12 – 14.
4- ص 15.
5- ص 16.
6- ص 16.
7- ص 17.
8- ص 19.
9- ص 20.
10- ص 20.
11- ص 23 : 62.
12- ص 34.
13- ص 46.
14- ص 50.
15- ص 62 : 71.
16- ص 63.
17- ص 65.
18- ص 65.
19- ص 72 : 79.
20- Heisbourg, François, op.cit., P..31
21- جمال البنا، “الإسلام دين وأمة وليس دين ودولة”، دار الشروق، القاهرة، 2003.
المصدر : مركز الجزيرة للدراسات