دي ميستورا قلق على «زخم» فيينا … ويتوقع تصعيداً مع المفاوضات
نيويورك – راغدة درغام
نوه المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي مستورا بقرار السعودية استضافة مؤتمر موسع للمعارضة السورية تحضيراً للمفاوضات المرتقبة في كانون الثاني (يناير) المقبل بين طرفي النزاع في سورية، مشيراً إلى أنه على المعارضة أن تكون مستعدة لمواجهة وفد النظام الذي يستند إلى «موقف شديد الثبات والانضباط». وقال دي ميستورا في حديث لـ «الحياة»، إن الدول أجمعت في فيينا على ضرورة التوصل الى وقف واسع النطاق للنار «لأن الأمور وصلت إلى أبعد مما كان متوقعاً»، قائلاً إن مسألة مغادرة المقاتلين الأجانب سورية ستحدد بناء على تقدم العملية السياسية بعدما «نصل الى دستور جديد وانتخابات وحكومة، أتوقع من السوريين أن يطلبوا من الأجانب المغادرة».
ورفض دي مستورا التعليق على تصريح الرئيس السوي بشار الأسد بأن الأولوية هي دحر الإرهاب، معتبراً في الوقت نفسه أن «الكثير من المواقف» التصعيدية الخطابية والعسكرية ترافق دوماً أي تقدم نحو المفاوضات. وقال إن أكبر تخوف لديه الآن هو انهيار الزخم الحالي الذي نتج عن اجتماعات فيينا، مشدداً على ضرورة عدم تفويت هذه الفرصة. وهنا نص الحوار:
> أتيت إلى نيويورك وقدمت إحاطة إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن، كما التقيت سفراء دول مجلس التعاون الخليجي. لماذا هذا اللقاء مع الدول الخليجية، هل لأنك تولي اهتماماً خاصاً بالدول الخليجية في المسار الناتج من اجتماعات فيينا؟ أم لأنك تحتاجهم بطريقة ما؟
– هم يشكلون دولاً مهمة جداً لأنهم منخرطون، ومعنيون، وثانياً لأنهم بصراحة طلبوا اللقاء، وأنا قبلته على الفور.
> ما هي رسالتك للدول الخليجية؟ كيف يمكن لها أن تكون طرفاً مساعداً؟
– أولاً، أريد أن أبقيهم على اطلاع تام. لأنهم ليسوا جميعاً جزءاً من مسار فيينا وليسوا في مجلس الأمن، والأمر الرئيسي هو التأكد من أنهم على اطلاع تام على ما سأقوم به. لأن هذه المهمة، والعملية التي نحاول أن نوجدها في العملية السياسية في فيينا، ستنجح إن كانت هناك شفافية، لا أن تكون مقتصرة على مجموعة صغيرة من الدول التي تقوم بشيء لا يكون الآخرون جزءاً منه.
> إذاً، الحكومة السعودية ستستضيف في ١٥ كانون الأول (ديسمبر) على ما أعتقد اجتماعاً للمعارضة، وهذا سيحدث للمرة الأولى؟
– دعيني أوضح هذا. المرء يجب أن يكون منصفاً مع الحكومة السعودية، وهي لاعب مهم جداً في الوضع الحالي. خلال آخر اجتماع في فيينا، وزير الخارجية عادل الجبير أعلن استعداد المملكة لاستضافة اجتماع للمعارضة في الرياض، في وقت ما حوالى منتصف كانون الأول من دون تحديد يوم محدد. والفكرة كانت أنه من دون معارضة موحدة ومتماسكة سيكون من الصعب عقد اجتماع فعال في جنيف بين المعارضة والحكومة، وهو أمر طالما سبب مشكلة. وطالما أن المعارضة لا يمكنها أن تكون سياسية وحسب، بل أيضاً المعارضة المسلحة، لذا، السعودية هي مكان جيد جداً لمشاركة العديد من أطراف المعارضة في الرياض. وهم تبرعوا باستضافة الاجتماع.
> كيف سيكون هذا المؤتمر؟
– طالما أننا نقترب جداً من العملية السياسية الفعلية، الفروقات بين فصائل المعارضة ومنطلقاتها، يجب أن تندرج في طريقة ما بحيث تؤدي إلى المزيد من الاستمرارية.
> ماذا تقصد؟
– يجب أن يكون هناك منبر مشترك للمعارضة لأنه سيكون على أطراف المعارضة التعامل، إما مباشرة أو من خلالنا في غرف مختلفة، مع موقف الحكومة الذي هو شديد الثبات والانضباط، كما تعلمين. فوفد الحكومة يتلقى تعليمات واحدة ويتحرك بناء عليها. في الجانب الآخر (المعارضة)، كي نحصل على نقاشات ومفاوضات فعالة، نحتاج إلى وفد جاهز ومستعد بشكل جيد ومتجانس ومتماسك. أؤمن أن الوضع الحالي سيدفع الجميع إلى وضع الانقسامات جانباً، للتوصل إلى تشكيل واحد وكامل للمعارضة. هذا لا يعني أن المعارضة يجب أن تتفق على كل شيء، حتى في الولايات المتحدة أو فرنسا أو إيطاليا أو السويد، يمكن أن تكون للمعارضة مواقف مختلفة، طالما أن لها منبراً مشتركاً في ما بينها.
> قلت إن الحكومة أعدت وفدها التفاوضي وتأمل أن تعد المعارضة وفدها. في أي وقت ومتى على المعارضة فعل هذا؟
– التوقيت المثالي هو كانون الثاني والوقت قصير جداً، لكن أيضاً هناك الكثير من الضغط في الوقت الحالي لإبقاء الأمور في حالة تقدم…
> بسبب الزخم؟
– نعم، وأيضاً الأمل، إن بدأ هذا المسار، في التمكن من التوصل إلى وقف للنار.
> هل ستناقش مع السلطات التركية مسألة نفوذها على المجموعات المعارضة، وهل ستلتقي مجموعات مختلفة من المعارضة؟
– سأقوم تحديداً بلقاء المعارضة، ليس فقط من هم في إسطنبول بل أيضاً مع المعارضة المسلحة التي تزداد تنظيماً من الناحية السياسية. للتأكد من أنها تفهم تماماً ما يعنيه مسار فيينا. وهي فرصة مهمة بالفعل لإيضاح أجندتها السياسية. ثانياً، لحضها على الاستعداد لهذا المسار.
> ما الذي ستطلبه من الحكومة التركية؟
– عادة، سأطلب منهم ما أطلبه دوماً، بأنهم يجب أن يشعروا بطريقة ما بالارتياح لحقيقة أن الأمم المتحدة تعمل جاهدة للتوصل إلى حل سياسي.
> هناك محادثات حول إيجاد مناطق آمنة شمال سورية. ما رأيك بهذه الفكرة؟ هل قابلة للتطبيق وممكنة؟
– لن أعلق على ذلك، وسأترك هذا الأمر للدول المعنية لتحكم على هذا الأمر.
> لكن، ما رأيك بهذه الفكرة لجهة وضع اللاجئين، فأنت ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة لكل سورية وليس فقط لمسار فيينا؟
– علي أن أقول أنني لن أعطي أي تعليق على هذا الأمر.
> لنتحدث عن وقف النار. ما الذي تفكر فيه لجهة معيار وقف النار وتوقيته وشكله وآلياته وتعريفه؟ قلت إنك لا تظن أن وقف إطلاق النار التدريجي سيكون فكرة جيدة وأنه من المهم الوصول إلى وقف إطلاق نار شامل. ما هو التوقيت وما هو المعيار؟
– أولاً، دعيني أعطي تعليقاً عاماً. لماذا أظن ونظن، وفي فيينا لم أكن وحيداً بطبيعة الحال، بل الأميركيون على وجه الخصوص كانوا، وحتى الروس، يرون ضرورة التقدم في وقف نار واسع النطاق. لماذا؟ لأن الأمور وصلت إلى أبعد مما كان متوقعاً. سأعطي مثالاً: التدخل العسكري الروسي هو قوي بشكل تدرجي، بكلام آخر، هناك الكثير من القصف. هذا النوع من القصف الجوي بالنسبة إلى الروس، لا يجب أن يطول أكثر من اللازم، لكن في الواقع لا نعلم إلى كم شهر…
> هناك من تحدث عن أربعة أشهر؟
– هذا ما قالوه، لكن مضى على وجودي مع الأمم المتحدة ما يكفي لأرى أن الأميركيين عندما تورطوا في أمر مماثل بدأوا بثلاثة أشهر أو أربعة، ومن ثم استمروا إلى ما هو أبعد. لكننا جميعاً نريد أن نؤمن، وأنا أؤمن، أن الروس يعنون بالفعل ما يقولون، أنهم لا يريدون أن يكونوا في الاشتباك أطول مما يجب.
> إذن، هل تعتقد أن الروس سيكونون جاهزين لاستراتيجية خروج وهم يريدون مساعدتك في هذا أم لا؟
– ما أعتقده أن الروس سيكونون جاهزين لدعم وقف النار، إن كان هناك في الجانب المقابل وقف النار، وإن كان هناك على الجانب الآخر عملية سياسية.
> كيف لوقف النار أن يكون ممكناً عندما يكون الروس يقصفون مناطق ما وهم ليسوا جزءاً من وقف النار؟ هل سيكون الروس جزءاً من وقف النار؟
– وقف النار هو على مستوى مجموعة فيينا. من هي مجموعة فيينا؟ في الوقت الحالي لدينا روسيا، متورطة عسكرياً بشكل كبير، روسيا لديها نفوذ، ليس كاملاً ولكنه جوهري، على الجيش (النظامي) السوري والحكومة. بالتالي يمكن روسيا أن تقنع الحكومة أن الوقت مناسب لوقف النار. لدينا في الغرفة نفسها ضمن مجموعة فيينا، الولايات المتحدة التي تدعم بعض المعارضة، ولدينا تركيا والمملكة العربية السعودية، وقطر وإيران، الذين بشكل أو آخر لهم نفوذ على أطراف القتال في البيئة السورية، إن هم وصلوا إلى النتيجة نفسها أن الوقت بات مناسباً لوقف النار، عندها تزداد فرص أن تقبل الأطراف المتأثرة بنفوذ هذه الدول بوقف النار.
> لكن وقف إطلاق النار لن يشمل القصف الروسي أو الأميركي؟
– بلى بالطبع.
> سيشملهم؟
– بالطبع، وقف النار يعني هؤلاء بالتحديد، الجانب الذي لن يقبل بوقف النار سيكون «داعش». و «داعش» يسيطر على منطقة واسعة. منطقة كبيرة بين العراق وسورية، مماثلة لمساحة بريطانيا.
> لكن في سورية، ما حجم هذه المنطقة؟
– ربما تكون ٢٥ في المئة من سورية. هذه المنطقة، طالما أننا لا نتوقع من «داعش» أن يقبل وقف النار، ولا نتوقع أن يقبل باقي العالم وقف النار مع «داعش»، لن يكون هناك وقف النار فيها.
> يستمر القصف في تلك المنطقة؟
– في تلك المنطقة، يستمر.
> هل تحتاج هذه الدول إلى تفويض من مجلس الأمن لمواصلة قصف تلك المنطقة؟ هناك أناس يعيشون في تلك المنطقة أيضاً.
– من المحزن جداً أن ذلك صحيح. ويجب تجنب قصف هؤلاء الناس، لكن أستطيع القول إنه لا حاجة إلى قرار جديد من مجلس الأمن لأن هناك قراراً موجوداً هو ٢١٧٠ الذي يعطي التفويض، ويطلب من المجتمع الدولي محاربة التنظيمات الإرهابية على غرار «داعش» و «جبهة النصرة».
> المعارضة تواصل القول أن القصف الروسي الثقيل يوقع الكثير من الضحايا المدنيين، فكيف يمكن ترك ذلك خارج ترتيبات وقف النار لمجرد اعتبار أن الأرض هناك يسيطر عليها «داعش»؟
– هذه نقطة مهمة جداً ويجب معالجتها. يجب أن تعالج، وهذه مسألة عسكرية وأنا لا أتدخل فيها، لكن تعالج من خلال معالجة دقيقة ومبنية على كم كاف من المعلومات. الحقيقة أنه إن كان هناك وقف النار واسع النطاق على مستوى وطني، سيصبح ذلك في جزء واسع من المناطق الآهلة التي نأمل أن تستفيد من وقف النار.
> المعارضة تقول، وآخرون، والعديد من الأميركيين يقول هذا، أن الروس يقصفون المجموعات المعارضة وليس «داعش»؟
– لست عسكرياً.
> نعم ولكنك مطلع…
– نعم، لكن لا تفاصيل لي حول هذا الأمر ولا يمكنني أن أعلق عليه وما يمكنني أن أقول إننا نسمع أن مدنيين يقصفون من كل الأطراف، ونحن لا نريد لذلك أن يستمر.
> كم سيكون عدد مراقبي وقف النار؟ وهل ستكون بعثة مراقبة متعددة الجنسية؟ وهل تريد من الدول العربية أن تشارك في المراقبة؟
– لهذا أنا هنا اليوم، وسيكون لنا فريق كامل الأسبوع المقبل ليعمل على خيارات عدة ومحددات ليكون لنا نوع من مراقبة وقف النار. شيء واحد واضح هو أنه في الوضع الحالي، لا نتوقع انتشار آلاف المراقبين على غرار ما كان معمولاً به في أيام (المبعوث الدولي الأسبق) كوفي أنان. ما أستطيع تخيله هو وقف للنار يتم التوصل إليه ليس من جانب الأمم المتحدة بل من الدول المشاركة في فيينا. نستطيع أن نطلب منهم، وطلبنا منهم بالفعل، وسنواصل الطلب كل الوقت، لكن مجموعة فيينا هي من سيتوصل إلى إعلان وقف النار. ومن خلال ذلك، ستمارس النفوذ والتأثير والإقناع على الأطراف المتقاتلين، ومن ثم يكون هناك وجود خفيف، لكن عالي الفعالية من المراقبة. لا أستطيع أن أقول لك اليوم أي نوع من المراقبة لكن مثال الزبداني- الفوعة- كفريا كان تجربة جيدة يمكن دراستها.
> بسبب؟
– لأنه تم من خلال المجتمع المحلي. هذا مهم جداً ولا يجب أن نقلل من أهمية أن يأخذ أشخاص سوريون هاتفاً أو وسيلة اتصال خاصة نؤمنها لهم ويخبرونا عندما يروا قصفاً أو برميلاً متفجراً أو صاروخاً، ونقوم نحن بالتحقق من خلال تكنولوجيا أخرى ما إذا كان هناك قصف أم لا.
> ذكرت كل الدول المختلفة في مجموعة فيينا ومن ضمنها إيران. وإيران لديها الآن باعترافها مستشارون عسكريون، في سورية، و «حزب الله» طبعاً وميليشيات تابعة لإيران تقاتل في سورية. هل سيشمل هؤلاء بوقف النار أم سيعتبرون مقاتلين أجانب وسيدعون إلى الخروج من سورية؟
– وقف النار يعني وقف القتال وعندما نتحدث عن وقف النار نعني أن الجميع، في الجانبين، عليهم وقف القتال وهذا هو وقف النار. ما تشيرين إليه هو في الواقع أن على المقاتلين الأجانب في الجانبين ترك البلاد، هذا أمر نؤمن أنه حالما نصل إلى دستور جديد وانتخابات وحكومة سيتم ربما، وهو المتوقع من السوريين أن يفعلوه، الطلب من كل الأجانب أن يغادروا.
> إذن، أنت لا ترى أن المقاتلين الأجانب، ولا نتحدث هنا عن «داعش»، لن يغادروا خلال مسار العملية، بل إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة؟
– لا…
> لكنك قلت هذا للتو…
– نعم، ما قلت إن هذا ما يجري عادة ولكن قد يحدث الأمر أبكر.
> لكن السعوديين يطالبون بانسحاب القوى الإيرانية وتلك التي تعمل بإمرتها…
– أعلم ذلك، وهذا يجب أن يكون جزءاً من المفاوضات والمحادثات.
> هناك عدد من قرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع، القراران ١٧٣٧ و١٧٤٧، تحظر على إيران أي وجود عسكري خارج حدودها في أي مكان. ألست توافق على انتهاك قرارات لمجلس الأمن تحت الفصل السابع من خلال الموافقة على وجود هذه القوات والميليشيات وتشريع وجودها في سورية؟
– هل تحققت كم هناك من قرارات تحت الفصل السابع تطبق الآن على سورية؟ على الأقل هناك أربعة. وليس هناك أي منها الآن موضع تطبيق. القرار المتعلق بتمويل الإرهاب، والقرار المتعلق بتسليح الإرهاب، والقرار المتعلق بالنفط، كما أن القرار المتعلق بالمساعدات الإنسانية ليس مطبقاً بالكامل…
> لكن هذا لا يبرر انتهاك قرار لمجلس الأمن.
– لا أحد يقبل بانتهاك أي من هذه القرارات ولكن هناك العديد من القرارات الواجبة التطبيق.
> لكن ما يحدث أن مجموعة فيينا تشرع انتهاك قرار لمجلس الأمن تحت الفصل السابع؟
– أعتقد أن مجموعة فيينا كانت ذكية جداً لجهة التركيز على النقاط التي تحتمل التفاهم، ومحاولة عدم التطرق فوراً إلى النقاط التي تشهد انقساماً واضحاً. هذا الأمر يمكن أن يكون واحداً من هذه الانقسامات ولم نصل إليه بعد.
> الأردن، من المفترض أنه يحدد المجموعات الإرهابية…
– دعيني أوضح هذه النقطة. الأردن تطوع للمساعدة في تنظيم اجتماعات بين عدد من التقنيين لتحديد من يمكن التوصل إلى توافق على أنه إرهابي، إلى جانب «داعش» و «النصرة»، لأن هناك عبارة في قرار مجلس الأمن تقول المنظمات الأخرى المرتبطة بـ «القاعدة».
> نعم، لكن يمكن أن نتخيل البعض يقول إن كل هذه المجموعات سنية، وفي الوقت نفسه البعض الآخر يقول إن «حزب الله» بالنسبة إلى القوانين الأميركية هو منظمة إرهابية وكذلك بعض الميليشيات الشيعية. ألا يشعل ذلك الانقسام الطائفي من خلال التصويب فقط على الإرهاب السني وتجاهل ما يُعتبر أنه إرهاب شيعي من الجانب الآخر؟
– أنت تطرحين نقطة قيمة جداً، لكن بصراحة أود أن أتركها إلى التجربة الأردنية في العمل.
> إذاً من وجهة نظرك فإن المجموعات الإرهابية التي ستحدد هي تلك القريبة من «داعش» و «النصرة» و «القاعدة» وليس المجموعات الأخرى على غرار «حزب الله» والميليشيات الشيعية؟
– أنا أنظر إلى قرارات مجلس الأمن وهذا ما يجب أن نفعله إن كنا نعمل في الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن تقول «داعش» و «النصرة» والمنظمات الأخرى المرتبطة بـ «القاعدة».
> إذن هذا واضح، أنت لا تعتقد أن المجموعات الأخرى يجب أن تشمل في هذا التصنيف؟
– ليس الأمر متعلقاً بما إن كنت أريد ذلك أم لا بل أشير إلى القرارات، وأنا كنت لأفعل ما يقرره مجلس الأمن بالنسبة إلى هذه المسألة.
> يبدو لي بالنسبة إلى العملية السياسية أن «عقدة الأسد» تُحل وراء الكواليس. أعلم أن المواقف العلنية لا تزال متصلبة وثابتة ومتباعدة، ولكن وراء الكواليس، أليس الروس أكثر رغبة في رؤية ألا يكون الأسد السبب وراء تقويض مسار فيينا؟ يبدو لي أن إيران هي الوحيدة على الطاولة التي تقول إن للأسد الحق في الترشح للانتخابات، وليس لأحد الحق في تجريده من هذا الحق. هل هناك أي طرف آخر يقول ما تقوله إيران؟
– لنكن دقيقين في هذا الشأن. في فيينا كان هناك اتفاق على عدم الاتفاق على هذه القضية وبالتالي عدم معالجتها الآن. ثانياً، الفقرة السابعة من إعلان «فيينا ١»، تتحدث عن خريطة طريق لما قد يكون عملية سياسية في سورية، وهذا يبدأ من «بيان جنيف»، ثم حكومة شاملة ولا طائفية، وثم دستور جديد وثم انتخابات بما فيها انتخابات رئاسية. هذه كانت خريطة الطريق التي كان الجميع مستعداً لتوقيعها. ومن دون ذكر الأسماء.
> أنت تعتبر أن هذه العقبة يمكن التغلب عليها؟
– حتى الآن، تم تجنبها أكثر مما تم التغلب عليها.
> إذن، هي ليست قابلة للتغلب عليها؟
– لم أقل أنها غير قابلة للتغلب عليها، بل قلت حتى الآن تم تجنبها.
> أفهم أن هناك عملاً فعلياً جارياً الآن بالنسبة إلى صلاحيات ما يمكن أن يكون موقع رئيس الحكومة بصلاحيات تنفيذية كاملة. هل هذا صحيح؟ في مقابل موقع الرئيس الذي سيكون أكثر رمزية في وقت ما. هناك الكثير من العمل جار في هذا الإطار وهناك أسماء تطرح وترشح لهذا المنصب.
– أسمع الكثير من الإشاعات حول ذلك، لكن لا تعليق لي عليها.
> لن أسألك عن أسماء محددة، وسيكون شيئاً غير مسؤول أن أذكر أسماء ولدي أسماء ولن أطرحها، ولكن…
– هذا قد يحرق هذه الأسماء.
> لكن هل لديك أسماء تفضلها؟
– أنا مسؤول شديد الصرامة في الأمم المتحدة، ولن أتدخل أبداً في طرح أسماء، وهذا أمر يعود بشكل فعلي إلى السوريين، ونحن نحاول بعد كل هذا العمل أن نجعل السوريين قادرين على اتخاذ قرارات حرة.
> ما هي أكبر العقبات الآن أمامكم؟
– أكبر العقبات، الحفاظ على الزخم. هو أمر سحري، إن عدنا ثلاثة أشهر إلى الوراء، أن نرى روسيا وأميركا تجلسان معاً. كانتا مختلفتين حول أوكرانيا. قبل ٣ أسابيع إلى الوراء كان مجرد تخيل إيران والسعودية في الغرفة نفسها، مختلفتين ولكن تتحدثان… هذا الزخم، مع قطر وتركيا أيضاً، هذا الزخم إن اختفى وعدنا إلى المقاربة القديمة للأطراف الذين اعتقدوا أنهم يمكن أن يفوزوا بالحرب فيما هم جالسون يتحدثون ويتظاهرون بالعمل على حل سياسي. هذا هو أكبر خطر.
> البرنامج الزمني يتحدث عن ١٨ شهراً؟
– نعم.
> هذا ما اقترحته روسيا؟
– وآخرون أيضاً.
> هذا البرنامج للتوصل إلى سورية جديدة ورئيس جديد خلال ثمانية عشر شهراً. أخبرني عن البرنامج العسكري كما تراه، لأنك تقول إن هناك علاقة بين وقف النار والأفق السياسي للمفاوضات، وأنت تعمل في ضوء وجود تشابك بين وقف النار والجانب السياسي. ونظراً لما حدث للطائرة الروسية المدنية في سيناء والتفجيرات في بيروت وباريس، والتوسع في عمليات «داعش»، هل تعتقد أن ذلك سيسرع البرنامج الزمني العسكري في سورية؟
– أولاً، أعتقد للأسف أنه أينما كان هناك عملية سياسية لإنهاء نزاع، تخبرني توقعاتي كما قلت للصحافة اليوم، أنه سيكون هناك نوع من التصعيد في العمليات العسكرية لتحسين المواقع قبل المفاوضات. آمل ألا يحدث هذا في سورية، لكن إن حدث لا يجب أن نصاب بخيبة ونعتبر أن هذا سيقتل مسار فيينا. هذا أمر نفسي تقريباً عند الاقتراب من وقف النار.
ما حدث في باريس، والطائرة في سيناء، وتونس وإسطنبول وبيروت، وما يحدث في كل العالم من أوستراليا إلى كندا، أو في تركيا، هو تسريع لإيجاد حل للنزاع في سورية، وهو ما يعني إنهاء القتال للتأكد من أن الجميع يمكن أن يركز على «داعش».
> الأسد يقول أنه ما من شيء سيحدث على المستوى السياسي قبل دحر الإرهاب في سورية، ماذا تقول له؟
– لا أقول له شيئاً، ولكن ما أقول بشكل عام أنه خلال هذه المرحلة ستسمعين الكثير من المواقف ومن كل الأطراف، لأنه في مرحلة ما قبل المفاوضات السياسية كالتي سنمر فيها في كانون الثاني (يناير) على ما آمل، ستكون هناك تصريحات علنية مقابل نقاشات غير معلنة.
> هل النقاشات غير المعلنة مع الأسد؟
– أثناء تلك المرحلة سنرى ونسمع مواقف من آخرين أيضاً وهذا طبيعي عند بدء مفاوضات سياسية.
> عندما ذهب الأسد إلى موسكو، الجميع كان لهم تفسير لما قال، ولما قيل له. هل لديك شعور أن الروس يعطون الانطباع أحياناً أنهم يمكنهم التأثير على الأسد والنظام السوري، وأحياناً أخرى يقولون نحن لسنا متمسكين بالأسد بل بالنظام لأننا لا نريد أن ينفرط عقد الدولة، وأحياناً يقولون إن الأسد لا يصغي إلينا. إن كانت هذه هي الحال، كيف يمكن للنفوذ الروسي أن يكون قابلاً للاستمرار؟
– الشعب السوري بشكل عام هو شعب أنوف، بغض النظر عن الأسد أو سواه، الشعب السوري معتد بنفسه ولا يود أن يقال له عادة ما ينبغي فعله، وهذا ينطبق على المعارضة أيضاً، ولكن أعتقد أنه مع التورط الروسي الكبير فإن للروس تأثيراً ونفوذاً، وأعتقد أن هذا يجب أخذه في الاعتبار.
> هل هناك اتفاق الآن على أن تتولى السعودية أمر المعارضة؟ لأن العلاقة السعودية – الروسية جيدة جداً هذه الأيام؟
– سيكون الوضع مثالياً لو مارس الجميع، السعودية وتركيا وروسيا، تأثيرهم للتأكد من أن المعارضة متماسكة بشكل فعال وتعمل معاً لتكون محاوراً فعالاً في المفاوضات.
> هل لديك تخوف مما يراه الكثيرون أنه سيكون أمراً واقعاً في سورية وهو التقسيم؟
– ليس لدي ذلك الشعور، لكن لدي تخوف لأنني أعتقد أن الأمر الواقع هو ما نراه الآن وإن نظرنا إلى الخريطة نرى على الأقل أربعة مناطق، بأربعة مناطق نفوذ وهذا عكس ما نريده لسورية.
> المحاسبة. الأمم المتحدة تقول دوماً إنه يجب إجراء المحاسبة على جرائم الحرب وكلا الحكومة والمجموعات الإرهابية متهم بهذه الجرائم. هل يجب أن تأخذ المحاسبة المقعد الخلفي الآن خلال العملية السياسية أم أنها ستُدفن كثمن للحل السياسي؟
– أؤمن أن المحاسبة على الجرائم الدولية لا يجب أن تنسى أبداً لأننا بذلك سنكون أمام سابقة مروعة. التوقيت وطريقة تنفيذ المحاسبة أمران يعود تحديدهما إلى كل بلد بعينه. أعطيك مثلاً: رأينا ما فعلت جنوب أفريقيا وكيفية معالجتها للأمر، رأينا ما فعلته أفغانستان، أنا كنت هناك، وقضية المحاسبة كانت تهدد توقيف عملية الوساطة ولكن لم يتم التخلي عنها.
> هل أنت خائف من أن هذا الزخم قد يفشل؟ ما هي توقعاتك الواقعية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة وما هو أكبر خوف لديك؟
– أكبر خوف هو أن كان ما كنا جميعاً ننتظره، أن تجتمع الدول المتورطة والتي لها تأثير وتجلس أخيراً على الطاولة، أن تقرر أن تكسر الطاولة وتعود إلى عاداتها القديمة التي تعني خمس سنوات أخرى من النزاع حيث لن يبقى سورية، هذا أكبر خوف لي. لا يجب أن نفوت فرصة الزخم الحالي، ستكون هناك مشاكل وعقبات بل سيكون هناك تصعيد في القتال وفي التصريحات العلنية التي ستبدو أنها تتعارض مع الزخم، ولكن طالما أن الزخم قائم…
الحياة