دي ميستورا.. مهمة في قفص الاتهام/ أرنست خوري، غيث الأحمد
يستعرض “العربي الجديد”، في ملف من أجزاء ثلاثة، جردة حساب للمهمة السورية التي يتولاها المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، وفريق عمله الرسمي، منذ عامين. عامان يكتملان في يوليو/ تموز المقبل، حقق فيهما النظام وحلفاؤه، موضوعياً، مكاسب كبيرة، عسكرية وسياسية، على حساب المعارضة المسلحة والسياسية، حتى تراجع شعار رحيل النظام ورأسه دولياً. عامان كانت سِمتهما العامة “أفكار” ومبادرات طرحها المبعوث الأممي وفريق عمله الكبير والمثير للجدل، يرى كثيرون أنها صبّت في نهاية المطاف لمصلحة حكام دمشق والحلفاء في طهران وموسكو، عن قصد أو عن غير قصد.
يحلو للبعض اعتبار أن الملف السوري صار بمثابة “المهمة المستحيلة”، بدليل عجز أسماء دبلوماسية عريقة عن تقديم أي إنجاز حياله، كحال سلفَي دي ميستورا، كوفي عنان، والأخضر الإبراهيمي. لكن في المقابل، يعارض طيف واسع من السوريين والأجانب، محللين وسياسيين، هذه القراءة، ويحمّلون المبعوثين الأمميين، وآخرهم دي ميستورا، مسؤولية شخصية عن الإخفاق. لدى هؤلاء أدلّة عديدة، يطرحها “العربي الجديد” بما أمكن من توثيق ورصد، مع بحث في هوية الأعضاء الذين يشكلون فريق عمل الدبلوماسي الإيطالي ــ السويدي، مع ما يرافق عدداً من هؤلاء من انتقادات لناحية خلفياتهم السياسية ومواقفهم وسلوكياتهم وطريقة اختيارهم، بشكل يصبّ في وجهة نظر حلف دمشق ــ طهران ــ موسكو.
بجميع الأحوال، قد لا يكون من المبالغة القول إن أشرس الملاحظات وأعنفها حيال دي ميستورا وفريق عمله، ليس صادراً عن شخصيات محسوبة على المعارضة السورية، بل عن دبلوماسيين وإعلاميين غربيين، وأشخاص عملوا مع الرجل بشكل وثيق في الملف السوري خصوصاً، وهم يجمعون على أن الرجل بدا منذ اليوم الأول لعمله السوري منذ عامين، مستسلماً للاتفاقات الروسية الأميركية التي أثبتت الأيام أنها صبّت ولا تزال، مباشرة أو غير مباشرة، في مصلحة دمشق وحلفائها.
تفتيت المعارضة السورية وتهميش الحل السياسي، وطرح مبادرات وأفكار ومشاريع تبقي بطريقة أو بأخرى على رأس النظام بشار الأسد أو استبداله بشقيقه ماهر، فضلاً عن محاولته إعطاء شرعية لوفود سورية محسوبة على النظام وتدعي صفة المعارضة، وإشراكها في محادثات جنيف بصفة “استشارية” وابتداع صيغة “مجموعات العمل”، وأخيراً إيلاء الأولوية للمصالحات المحلية التي تخدم دمشق، جميعها نقاط يفنّدها “العربي الجديد”، مستنداً إلى وثائق كانت سرية قبل أن تصبح علنية، مع تصريحات ومواقف بعضها معروف وبعضها الآخر ظلّ أسير غرف مغلقة قبل أن يقرر معنيون رئيسيون فيها تسريبها.
(1/3)
ستيفان دي ميستورا والمهمة السورية: عامان من المكاسب للنظام
ربما يسجّل التاريخ الحديث للائحة مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة إلى مناطق الحروب والنزاعات، اسم الدبلوماسي الإيطالي ــ السويدي، ستيفان دي ميستورا، المبعوث الحالي الخاص إلى سورية، الذي يمرّ في يوليو/تموز المقبل، عامان على تسلمه منصبه، كأحد أكثر المبعوثين المثيرين للجدل.
الرجل السبعيني، الذي تنقّل في 19 مهمة ووساطة دولية خلال مسيرته السياسية طيلة 42 عاماً، أبرزها كممثل للأمين العام في العراق (2007-2009) وأفغانستان (2010-2011) وجنوب لبنان (2001-2004) وأماكن أخرى عديدة مثل رواندا والصومال والسودان ويوغوسلافيا السابقة، حفر اسمه، هو وفريق عمله الكبير، حتى الآن على الأقل، كمُخرِج لأفكار أدّت في نهاية المطاف، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى تأمين مصلحة النظام السوري، أو بأدنى حدّ، إلى مدّ عمر هذا النظام وإيجاد مخارج لأزماته معاكسة تماماً لما نصّ عليه أول إجماع دولي يحصل حيال الملف السوري، في يونيو/حزيران 2012 في جنيف السويسرية، وجوهره تأمين انتقال سياسي في سورية من خلال هيئة حكم انتقالية من دون بشار الأسد، ذات صلاحيات تنفيذية كاملة.
“الحرب العبثية”
الانتقادات الموجهة للرجل، وطريقة إدارته لملف الوساطة بين الأطراف المعنية بالحرب السورية، وتركيبة فريق عمله، متعدّدة المصادر. وقد لا يكون من المبالغة القول إن أشرس الملاحظات وأعنفها ليس صادراً عن شخصيات محسوبة على المعارضة السورية، بل عن دبلوماسيين وإعلاميين غربيين، وأشخاص عملوا مع الرجل بشكل وثيق في الملف السوري خصوصاً، على غرار ما حصل مع المدير السياسي المستقيل لمكتب دي ميستورا، معين رباني. شخصيات خرجت عن صمتها مراراً، وعلناً، إما لتنتقد ما تسميه عدم كفاءة فريق عمل دي ميستورا وانحيازه لرؤية الثلاثي النظام السوري والروسي والإيراني لـ”الحل” في سورية، أو لتهاجم رئيس البعثة مباشرة، لتصل إلى اعتبار أن المسيرة الدبلوماسية للرجل في الأماكن الحساسة التي تولى الإشراف على مهمة للسلام فيها، مثل جنوب لبنان، حيث كانت تجمعه علاقات صداقة لا تزال مستمرة حتى اليوم مع رموز أمنيين من أشرس وجوه مرحلة الاحتلال السوري للبنان، خصوصاً مع اللواء جميل السيد، كانت فاشلة ولا تخوّل الأمانة العامة للأمم المتحدة تعيينه للمهمة شبه المستحيلة اليوم، أي الحرب السورية.
هي حرب يقول دي ميستورا لجانين دي جيوفاني في صحيفة “ذي غارديان”، عام 2015، إنها “أكثر حرب عبثية عرفتها في حياتي”. ربما من هذا التوصيف بالتحديد، تبدأ مشكلة كثيرين مع دي ميستورا، ابن اللاجئ المحروم من الجنسية بعد الحرب العالمية الثانية، المتحدر من عائلة من “النبلاء” الإيطاليين، التي أورثت الإبن ستيفان، تقليد تقبيل أيادي النساء، في سلوك غريب على “البروتوكولات” المعمول بها في أوساط الأمم المتحدة. فأن يعتبر ممثل بان كي مون في سورية، القضية عبارة عن “حرب عبثية”، فهذا يعني أنه لا يعترف بأن أساس القضية والكارثة، هو سياسي بحت، ناتج من ثورة شعبية أرادت إسقاط نظام ديكتاتوري، أي بكلام آخر، أن وقف الحرب السورية لا يكون إلا بحل سياسي يحصل عبر تغيير النظام، لا من خلال وقف الاقتتال على الجبهات والإبقاء عملياً على النظام مثلما هو فعلياً، إلا إذا اعتبرنا تعيين نواب لبشار الأسد من المعارضة، أو تعديل صلاحيات الرئاسة، أو إشراك معارضين يكاد النظام يختارهم، تغييراً جذرياً، مثلما توحي اقتراحات دي ميستورا التي سبق أن تقدم بها إلى وفد الهيئة العليا للتفاوض، أو إلى مجلس الأمن الدولي حتى.
يرى كثيرون أن دي ميستورا ينتمي إلى مدرسة تعتبر أن الهروب إلى الأمام في حالات مشابهة للملف السوري، يعتبر إنجازاً للدبلوماسية الناعمة التي تضطلع بها الأمم المتحدة. من هنا، يسود إجماع على أن الرجل، في كل مرة يهدّد فيها بإعادة الملف إلى “رعاته الأصليين”، أي واشنطن وموسكو، يكون في طور تأكيد مدى ارتهانه للتفاهمات الأميركية – الروسية، وعدم استعداده لطرح أي فكرة جديدة وجريئة من شأنها كسر الاحتكار الثنائي للملف. من هنا، يبدو الدبلوماسي الإيطالي – السويدي فاهماً التفرد الروسي عملياً بإملاء الشروط سورياً، والانسحاب الأميركي الأقرب إلى التواطؤ مع موسكو في هذا المجال، فكانت معظم اقتراحاته وأفكاره أقرب إلى الأجندة الروسية – السورية الحكومية، في مجالات الهدن المناطقية المحلية، وأولوية وقف النار على حساب الحل السياسي، وإبقاء الأسد صراحةً في منصبه، وطرح فكرة الإتيان بشقيق بشار الأسد، ماهر مكان الرئيس الحالي للنظام…
” كل ذلك في ظل قناعة تظهر في سلوكيات الرجل على هامش اجتماعات جنيف، تُرجمت بأنه لا بد من إضعاف أحد طرفي الصراع لإرغامه على الخضوع لشروط الأقوى. ومعلوم أن الراجح اليوم، في موازين القوى الداعمة، ليس سوى النظام السوري، المدعوم روسياً وإيرانياً وصينياً بشكل مباشر، بالتالي كان لا بد من إصرار الرجل على تفتيت وحدة المعارضة السورية، في تبنٍّ آخر للموقف الروسي، بحجة تمثيل “كافة أطياف المعارضة”، حتى وإن كانت هذه “الأطياف” ليست سوى أركان في صلب النظام السوري، قررت دمشق وموسكو إعطاءها صفة “المعارضة الوطنية”، في لعبة تجيدها الأنظمة المتسلّطة. من هنا، جاءت الدعوات التي وجهها دي ميستورا لوفود ما يسمى بـ”مجلس سورية الديمقراطية” و”جماعة حميميم” و”معارضة موسكو” و”وفد الآستانة”، وإن كان ذلك بصفة استشارية، لا تحول دون ترجمة موقف الرجل الذي يفترض أن يكون لديه من الخبرة الدبلوماسية والحنكة السياسية ما يمنعه من السقوط في فخّ لا يقع فيه تلميذ سنة أولى علوم سياسية، أي فهم حقيقة هذه الوفود المذكورة أعلاه التي تدعي المعارضة.
ويظهر الفارق شاسعاً بين دي ميستورا وسلفه، الأخضر الإبراهيمي (سبتمبر/أيلول 2012 حتى مايو/أيار 2014)، عند العودة إلى التبرير الذي قدمه الأخير في رسالة استقالته من منصبه، فقال إن السبب في الفشل هو “عدم الاكتراث العالمي بالملف السوري”. ربما يكون عدم اكتراث فهِمه سلف الإبراهيمي، كوفي عنان (فبراير/شباط 2012- أغسطس/آب 2012)، باكراً جداً، عندما استقال من مهمة المبعوث الأممي إلى سورية، بعد خمسة أشهر فقط من تسلمه منصبه، مع أن ذلك كان في أوائل فترات الإبادة السورية المستمرة على يد النظام وحلفائه.
تفتيت المعارضة وتهميش الحل السياسي
تنطلق فلسفة المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، في مهمته السورية منذ تسلمه مهمته قبل عامين، من أنه يريد أن يجد صيغة تنهي الحرب بغض النظر عن شكل هذه الصيغة وعدالتها. يرى كثيرون، من الذين يجزمون بحسن نوايا الرجل، أن دي ميستورا يحاول الانطلاق مما أوقف الحرب البوسنية (1992-1995)، وهو تحقيق وقف إطلاق للنار أولاً، تمهيداً لحل سياسي. من هنا، جاءت فكرة الهدن المحلية المناطقية، التي طرحها على مجلس الأمن الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2014، لتصب في مصلحة الطرف العسكري الأقوى على الأرض، أي النظام السوري والمليشيات المتحالفة معه، نظراً للمناطق التي تم تطبيقها فيها. أكثر من ذلك، جاء مشروع دي ميستورا حول لجان العمل الأربع، في 29 يوليو/تموز 2015، برأي معارضين سوريين ومراقبين أجانب، ليؤدي دوراً في التغطية على رفض النظام السوري الالتزام بمقررات جنيف 1 (2012) من خلال تهميش أهمية عامل الحل السياسي في إنهاء الحرب، عبر طلبه إنشاء 4 مجموعات عمل مستقلة حول: سلامة المدنيين، والمسائل السياسية (بدل الانتقال السياسي)، والمسائل العسكرية، والمساعدات الإنسانية.
” في هذا السياق، يتهم مدير منظمة “هيومن رايتس ووتش” كينيث روث، دي ميستورا، بإدارة الملف السوري بشكل خاطئ لأنه “لا يرى الصورة العامة للملف” من خلال إيلاء الأهمية للهدن المحلية المناطقية في سورية على حساب الحل السياسي الذي من شأنه وحده أن ينهي الحرب، على حد تعبيره. ويختصر روث اتهامه بالقول إن “دي ميستورا يحاول جعل الأطراف السورية التي تتبادل إطلاق النار، تتوقف عن ذلك، لكن ليس هذا ما يقتل السوريين المدنيين فعلاً”.
في المقابل، يوجه الدبلوماسي البريطاني السابق، كارني روس، الذي كان يقدم خدمات استشارية لوفد المعارضة السورية أيام كانت محصورة بالائتلاف الوطني السوري، انتقاداته لنظريات دي ميستورا بالقول إن “المقاربة العملية الوحيدة التي من شأنها الإتيان بحلول، هي التي تقوم على إنشاء مناطق حظر جوي لحماية المدنيين وفرض عقوبات اقتصادية” على النظام وحلفائه. وعن هذا الموضوع، يقول روس إن العقوبات الاقتصادية هي التي أرغمت (زعيم الصرب، رئيس صربيا ويوغوسلافيا بين عامي 1989 و2000) سلوبودان ميلوسيفيتس، على الذهاب إلى دايتون في العام 1995 وتوقيع اتفاق السلام”، وليس الهدن المحلية كما هو دي ميستورا مقتنع. ويضيف روس عن هذا الموضوع: “أعتقد أن على دي ميستورا أن يقول ذلك لمجلس الأمن وأن يطلب دعم دوله لأن مبعوثي السلام الدوليين عليهم أن يقولوا بوضوح ما هي الأدوات التي يحتاجون لها لإنجاز السلام، بما أن أطراف الحرب لا تتوقف عن القتال إلا حين تُجبر على ذلك”.
(2/3)
عامان على مهمة دي ميستورا: إبقاء الأسد وتمييع المعارضة
يتركّز عدد كبير من الانتقادات الموجّهة للمبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، عشية إتمامه عامه الثاني على مهمته، وبدء عامه الثالث، على المسيرة الدبلوماسية للرجل طيلة أربعة عقود. تقول صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن دي ميستورا إنه “دبلوماسي من الوزن الخفيف”، وأنّه قضى وقته يستمتع بشمس البحر بدل محاولة صنع السلام خلال مهمته في مراقبة “السلام” جنوبي لبنان بين الأعوام (2001-2004)، أي في عزّ سلطة الوصاية السورية. هذا الكلام “جرح” دي ميستورا، وفق ما ينقل عنه مقربون منه.
ويرى كثيرون أن هذا الاتهام يتضمن الكثير من الأسس حتى على صعيد السلوك الشخصي لدي ميستورا، من دون الحديث حتى عن ممارسته السياسية التي تثبت التجربة السورية أنها صبّت، إلى حد بعيد، لمصلحة النظام وحلفائه. في السلوك الشخصي، لا ينسى العالم واقعة ديسمبر/كانون الأول 2015، حين انتشرت صورة دي ميستورا مشاركاً في احتفال نُظّم في دمشق لإحياء عيد الثورة الإيرانية، في فترة كانت سِمتها ولا تزال مشاركة إيران مباشرة في الحرب السورية إلى جانب النظام.
لم يجد دي ميستورا لتبرير مشاركته في الاحتفال سوى الإصرار على أنه كان مضطراً للحضور على اعتبار أنه “إنْ صدف أن كنتُ في أي مكان يجري فيه احتفال بالعيد الوطني لأي دولة عضو في الأمم المتحدة، فعليّ المشاركة”. لكن من غير المعروف إن كانت الصدفة نفسها التي يتحدث عنها دي ميستورا جعلته يقول بعد أيام فقط من تلك الواقعة، في نهاية مؤتمر صحافي جمعه مع وزير الخارجية النمساوي، سباستيان كورتس، إنه “على المعارضة السورية أن تأخذ بعين الاعتبار أنّ الرئيس السوري بشار الأسد قد يستمر في منصبه بظلّ عملية الانتقال السياسي”، على عكس ما نصّ عليه اتفاق جنيف1 للعام 2012.
لكن من المؤكد أن الصدفة لم يكن لها مكان في حقيقة أن النظام ارتكب، بعد دقائق من التصريح الشهير لدي ميستورا حول بقاء الأسد، مجزرة في دوما، كانت من الأكبر لناحية عدد الضحايا الذين سقطوا في استهداف سوق شعبي في المدينة. وكأن المجزرة جاءت كترجمة فورية للموقف الدولي الذي تكفّل الدبلوماسي الأممي بإعلانه ليصبح اليوم لسان حال عدد كبير من العواصم التي ظلت تدّعي، لسنوات، أنّ “على الأسد الرحيل”.
كانت تلك المرة الأولى التي يعرب فيها دي ميستورا، رسمياً، عن رؤيته إزاء بقاء الأسد ونظامه، لكن تصريحاته اللاحقة ستتكرر مراراً في السياق نفسه، وفي إطار مباشر وواضح، حتى وصل به الأمر إلى تقديم مجموعة من الاقتراحات الرسمية للمعارضة السورية ولمجلس الأمن الدولي، لإبقاء بشار الأسد ونظامه.
بعيداً عن حسن النوايا
في المقابل، يرى كثيرون أنه لا مكان لحسن النية في تقييم عامَين من عمل دي ميستورا في الملف السوري، إذ إن هذين العامين شهدا أشرس المحاولات، منه شخصياً، لإضعاف المعارضة السورية بشقّها السياسي، عبر إعطاء شرعية لوفود محسوبة على النظام وتدعي صفة المعارضة (مثل وفود موسكو، وحميميم، والأستانة، وسورية الديمقراطية، وسورية الغد).
في جميع الأحوال، يمكن لقراءة هادئة لعامين من عمل دي ميستورا وفريقه حول سورية أن تخلص إلى اعتبار أن النصف الثاني من العام 2014، أي منذ تسلم الرجل منصبه، شهد تحولاً كبيراً في الملف السوري، إذ كان نظام بشار الأسد على شفا الانهيار على الرغم من الدعم المقدّم بقوة من إيران وروسيا وحزب الله له. كما شهد ذلك العام ظهور تشكيلات معارضة سورية جديدة قريبة من النظام السوري وتحظى باعتراف من قبل حلفائه، وأصبح حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري للعمال الكردستاني) صاحب نفوذ كبير في شمال سورية. هذا ما انعكس سلباً على تمثيل المعارضة السورية والتي كانت تنحصر بـ”الائتلاف السوري” في حينها، قبل ولادة الهيئة العليا للتفاوض من العاصمة السعودية الرياض.
رؤية الحل تضمن بقاء الأسد
ولأنّ التقييم من خلال الوثائق يبقى غير قابل للتشكيك، فإن “العربي الجديد” حصلت على وثائق سرية سبق أن نشرتها، توضح رؤية دي ميستورا للحلّ في سورية. وتبيّن وثيقة بعنوان “مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف” تقدّم بها دي ميستورا إلى دول مجلس الأمن الدولي، خريف العام الماضي، في الفقرة 51 من الملحق الرابع، أن المبعوث الدولي يسعى لضمان بقاء بشار الأسد في منصبه على الأقل في المرحلة الانتقالية. وتقول الفقرة: “إنّ وجود المرحلة التحضيرية يسمح ضمنياً باحتمال استمرار الرئيس في ممارسة بعض المهام خلال هذه الفترة، على الرغم من أن المسؤوليات الأساسية مثل الإشراف على الشؤون العسكرية والأمنية ستتولاها منذ البداية هيئة الحكم الانتقالي (والتي تكون الحكومة الحالية ممثلة فيها)”.
ويكشف المصدر الذي سلّم الوثيقة لـ”العربي الجديد” أن فرنسا هي الدولة الوحيدة دائمة العضوية في مجلس الأمن التي رفضت الوثيقة. وبناءً على ذلك، وضع دي ميستورا مسودة جديدة حذف فيها الفقرة (51) وبعض البنود الأخرى ليجعل مصير الأسد غامضاً في الدراسة الثانية بذكر “الحفاظ على الصلاحيات البروتوكولية” للرئيس، والتي تم تسليمها في ما بعد للأطراف السورية عبر ورقتَين، والتي تم تسريبها لاحقاً.
هذا ما يفسر رفض المعارضة السورية بشقَّيها العسكري والسياسي (الممثل بالائتلاف الوطني آنذاك) لمجموعات العمل الأربع (السلامة والحماية، مكافحة الإرهاب، القضايا السياسية والقانونية، وإعادة الإعمار)، في ذاك الوقت، لأنه ساد انطباع لدى المعارضة السورية المشاركة في مفاوضات جنيف اليوم، أن المبعوث الدولي يسعى لإيصال نتائج المفاوضات إلى صيغة الإطار العام التنفيذي المذكورة في الوثيقة، بحسب مصادر متقاطعة من داخل الهيئة العليا للتفاوض. انطباع عام سائد منذ بدء الجولة الأولى من المفاوضات، وزادت على ذلك رغبة دي ميستورا بتعدد الوفود لتمييع موقف المعارضة السورية، وتمرير قرارات لا تقبل بها الهيئة العليا للمفاوضات.
وتنص “مسودة الإطار التنفيذي لبيان جنيف” على أربع مراحل لتحقيق الحل السياسي في سورية: الأولى تكون عبر الدعم الدولي والإقليمي لجهود المبعوث الدولي، وتوفير منصة سياسية لمناقشة التسوية السياسية والحرب على الإرهاب. والثانية هي مرحلة التفاوض سواء من خلال المحادثات غير المباشرة أو المفاوضات المباشرة، وبالمساعدة الفعّالة من الأمم المتحدة. أما المرحلة الثالثة، فهي “الانتقال” عبر تشكيل هيئة حكم انتقالية تقسم إلى جزءين: الأول تحضيري والثاني كامل، بحيث تتمتع فيه هيئة الحكم الانتقالي بسلطات تنفيذية كاملة (مع إمكانية استثناء السلطات البروتوكولية). أما المرحلة الرابعة والأخيرة وهي الحالة النهائية، فيتم فيها تطبيق مخرجات الحوار الوطني والمراجعة الدستورية، وتُجرى انتخابات تشريعية ورئاسية برعاية الأمم المتحدة، وبدعم فني.
مقترحات جنيف
خلال الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف (إبريل/نيسان 2016) طرح دي ميستورا الذي يتقن سبع لغات، مقترحات عدة لوفد الهيئة العليا للمفاوضات وبقية شخصيات المعارضة الذين حضروا مفاوضات جنيف بصفة استشارية. المقترح الأول تم عرضه على وفد الهيئة العليا للمفاوضات، ويقضي ببقاء بشار الأسد مع تعيين ثلاثة نواب له تختارهم المعارضة السورية بصلاحيات كاملة، مع بقاء الصلاحيات البروتوكولية لرئيس النظام. وبحسب مصادر خاصة من داخل المعارضة السورية، فإن هذا الطرح قدّمه أحد رموز ما يسمى بمعارضة موسكو، قدري جميل، للمبعوث الدولي خلال إحدى الجلسات.
كما اقترح دي ميستورا على شخصيات معارضة أخرى، بحسب مصادر موثوقة تحدثت لـ”العربي الجديد”، تعيين ماهر الأسد بدلاً من شقيقه بشار، “لضمان عدم تفكك المؤسستَين الأمنية والعسكرية، وترك فراغ في السلطة يتيح لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) التمدد في البلاد”، بحسب تبرير دي ميستورا لطرحه. طرحان لم تجد فيهما المعارضة السورية اختلافاً كبيراً عن مضمون الورقة التي قدّمها رئيس وفد النظام إلى جنيف، بشار الجعفري، في وقت سابق من الجولة نفسها، والتي تضمنت مقترحاً بـ”تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم المعارضة مع بقاء الأسد”.
تمييع المعارضة السورية
انطلقت فكرة دي ميستورا لضرب شرعية وفد الهيئة العليا للمفاوضات منذ طرح فكرة “مجموعات العمل الأربع”، تحت مسمى الحوار السوري ــ السوري، أواخر العام 2014، حين دعا أربعين جهة معارضة من بينها الائتلاف الوطني، وهذا ساعد على تفكيك المعارضة السورية وتفتيتها بشكل كبير. ومع رفض الائتلاف الوطني والفصائل العسكرية حضور جلسات “مجموعات العمل”، تم طرح مفاوضات جنيف من جديد، واجتمعت الدول المعنية بالملف السوري في فيينا (أكتوبر/تشرين الأول 2015) ووضعوا توصيات لمجلس الأمن لدفع العملية السياسية في سورية، وصدر بعدها القرار الدولي رقم 2254.
وبعد انطلاق المفاوضات، استدعى دي ميستورا أطرافاً معارضة محسوبة على روسية بصفة استشارية، وهم من مؤتمرات موسكو والقاهرة والأستانة، إضافة إلى تشكيل مجلس استشاري نسائي. كما استدعى أعضاء من معارضة “حميميم”، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، في ظل تواصل لم ينقطع مع رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم.
أمير “داعش” ضيف دي ميستورا
تكشف مصادر من داخل المعارضة السورية التي حضرت مفاوضات جنيف في جميع جولاتها لـ”العربي الجديد” عن وجود أمير سابق في تنظيم “داعش” ضمن معارضة “حميميم” الذين حضروا الجولة الثالثة من المفاوضات، واسمه ماهر الأحمد، والذي كان في السابق ضابطاً في جهاز الأمن العسكري التابع للمخابرات السورية. وتضيف المصادر أن المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب واجه دي ميستورا بذلك، واكتشف أنه على علم مسبق بتلك المعلومة، لكنه التزم الصمت، واستمر بمقابلة معارضة “حميميم” ومن ضمنهم الأحمد. التحق الأحمد بصفوف تنظيم “داعش” مع بداية ظهور التنظيم، وبعد فترة وجيزة عُيّن والياً على البادية في منطقة حماة، وحمل لقب “أبو عبيدة”. وبعدها، أعلن انشقاقه وعقد مصالحة مع النظام السوري، ومن ثم أصبح ضمن صفوف “معارضة حميميم”.
(3/3)
دي ميستورا والمهمّة السورية: فريق عمل محرِج بولاءات شخصية
يرى كثيرون أن إحدى أكبر مشاكل المهمَّة السورية للمبعوث الأممي الخاص، ستيفان دي ميستورا، منذ يوليو/تموز 2014، تكمن في تركيبة فريق عمله وهوية عدد من أعضائه. فريق تكاد انتقاداته من دبلوماسيين غربيين، تكون أكبر من تلك الموجهة له من المعارضة السورية، بجناجيها السياسي والعسكري. وتنقل صحيفة “ذا غارديان” البريطانية في ملف نشرته عن الرجل في صيف 2015، بمناسبة مرور عام على توليه مهمته السورية، اتهامات توجه لدي ميستورا، مفادها بأنه يراعي المحسوبيات في تعيين فريق عمله. تقول الصحيفة البريطانية عن ذلك، إنه في مارس/آذار 2015، “أرسل دي ميستورا فريقاً لا يتمتع بالكفاءة من فريق عمله إلى تركيا للاجتماع بمجموعة من المعارضين السوريين، لكن معظم هؤلاء رفضوا اللقاء بالفريق المُرسَل. ومَن وافق على الاجتماع بهم خرج بانطباعات سلبية، حتى أن الوضع كان محرجاً بالفعل، بحسب ما يعترف أحد المستشارين الموظفين في الأمم المتحدة، بدليل أن التقرير الذي كتبه فريق دي ميستورا نُظر إليه باعتباره ضعيفاً وغير جوهري، بالإضافة إلى أن مراسلات وتقارير أخرى وصلت من مكتب دي ميستورا إلى الأمم المتحدة عن الوضع السوري والمهمة الدولية، تم تقييمها بأنها تفتقد للمتانة الفكرية وبالضحالة التحليلية”، على حد تعبير “ذا غارديان”.
” ويختصر دبلوماسي أميركي المعادلة بالقول: “إن فريقاً من الدبلوماسيين مليء بالمقربين (من دي ميستورا) هو كارثة بحد ذاتها، لأن الوضع يحتاج فريقاً قادراً على فهم الديناميات السورية بين المجموعات المختلفة”. وفي السياق نفسه، فإنّ معين رباني، وهو ناشط متابع لشؤون الشرق الأوسط، سبق أن شغل منصب المدير السياسي لمكتب دي ميستورا، قبل أن يتقدم باستقالته، مطلع العام الماضي، يقول لـ”العربي الجديد” من عمّان، إنه استقال من فريق دي ميستورا “بسبب قناعتي التامة بعدم وجود أمل لعمل جدي في ظل وجود هذا الشخص، والمقربين منه والذين يتصفون بقلة الكفاءة”. ويتابع أن تعيين دي ميستورا “كان منذ البداية دليلاً على عدم وجود أفق سياسي باتجاه حل حقيقي (للملف السوري)، وكان تعيينه خطأ من الأخطاء التي ارتكبتها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولو كان هناك أفق للحل لتم تعيين شخص لامع، وإذا نظرنا لما يحدث حالياً فالمسيرة يتحكم فيها الأميركيون والروس، من دون دور حقيقي للأمم المتحدة” على حد تعبيره.
وحول تقييمه أداء المبعوث الأممي، منذ عامين، يجيب: “لا أتهم دي ميستورا بالانحياز، فهو قد ينحاز مع الشخص الذي يجلس معه نتيجة لعدم فهمه الكافي للموضوع ودينامياته، لذا تراه عندما يجلس مع النظام، ينحاز لموقفه، وعندما يجلس مع المعارضة ينحاز لها”. ولاستقالة معين رباني من فريق دي ميستورا، قصة ربما تختصر وصف صحيفة “نيويورك تايمز” لدي ميستورا بأنه “دبلوماسي من الوزن الخفيف”، والكلام متعدد المصادر حول المحسوبيات التي يراعيها في تعيين فريق عمل سمته العامة أنه يدين له شخصياً بالولاء المطلق. حصلت استقالة رباني على خلفية قيام دي ميستورا بتقديم تقرير للأمم المتحدة في فبراير/شباط 2015 وجزم فيه أن النظام السوري مستعد لوقف إطلاق النار في حلب. فور انتهاء كلام الرجل، بدأ النظام حملة غارات عنيفة على حلب نفسها.
يتألف فريق عمل دي ميستورا، اليوم، من أشخاص رافق عدد كبير منهم دي ميستورا في مهامه، منذ سنوات عديدة، ومنهم من هو مقرب جداً من أنظمة أو أحزاب داعمة مباشرة للنظام السوري، ليصبح تقييم فريق دي ميستورا، بالنسبة لطيفٍ كبير من السوريين وغير السوريين، سلبياً للغاية. وفي ما يلي أسماء هؤلاء الأشخاص:
صهر لنظام الأسد
ــ نائب المبعوث الخاص رمزي عزالدين، مصري الجنسية، ودبلوماسي في الحكومة المصرية التي تعتبر مواقف دبلوماسيتها أقرب إلى النظام السوري. عمل رمزي قبل انضمامه إلى فريق المبعوث الخاص، رئيساً لبعثة جامعة الدول العربية في النمسا، ومرّتين مراقباً دائماً لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة في فيينا. كان سفير مصر لدى ألمانيا، والنمسا، وجمهورية سلوفاكيا والبرازيل وعمل في السفارات المصرية في واشنطن وموسكو والأمم المتحدة. مثّل مصر في الاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، وهو متزوج من عضو في وفد النظام السوري إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.
ــ النرويجي يان إيغلاند، هو المستشار الخاص بالمساعدات الإنسانية، ويقود فريق عمل المبعوث الخاص المعنيّ بالمساعدات الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، يشغل إيغلاند أيضاً منصب الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، والذي يتألف من عاملين في المساعدات الإنسانية الذين يعملون مع اللاجئين، كما يعمل أيضاً كرئيس Crisis Action لإدارة الأزمات وأكاديمية القيادة الإنسانية. شغل منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من عام 2003 حتى عام 2006. وشغل منصب مدير أوروبا لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” بين عام 2011 وحتى عام 2013.
” ــ المستشار الإعلامي والناطق الرسمي باسم المبعوث الخاص، المصري أحمد فوزي، وهو مدير دائرة الأمم المتحدة للإعلام في جنيف، وقد شغل منصب المستشار الإعلامي والمتحدث باسم المبعوثين السابقين الأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان. كما شغل منصب مدير شعبة الأخبار ووسائط الإعلام في قسم الأمم المتحدة للمعلومات العامة ومدير مركز الأمم المتحدة للإعلام في لندن، وكان نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي.
نومكين رجل بوتين
ــ الروسي فيتالي نومكين، هو المستشار بشأن الوساطة مع النظام السوري، وهو أول روسي يعينه دي ميستورا ضمن فريقه من أجل اختبار الدعم الروسي لخطواته المقبلة. يحظى نومكين بعلاقة وثيقة مع الكرملين وهو مدعوم من الرئيس الأسبق للاستخبارات الروسية، وزير الخارجية ورئيس الوزراء الأسبق، يفغيني بريماكوف، المعروف بقربه، حتى اليوم، من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لدى نومكين اتصال منتظم مع نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الرئاسي للشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، وهو رئيس مركز الدراسات العربية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم ومعهد الدراسات الشرقية، كما أنه يجيد اللغة العربية بعدما عمل مترجماً من الروسية للعربية في الجيش السوفييتي. عاش في اليمن ومصر. وأشرف فيتالي على الاجتماعات البينية السورية في موسكو والتي أدت إلى “وفد معارضة موسكو” المؤلف من موالين وبعثيين بصفة “معارضة وطنية”.
ــ الهولندي سفن كوبمانز، وهو كبير خبراء الوساطة، متخصص في مفاوضات السلام وتصميم العمليات، وكان مستشار الوساطة الرئيسي لرئيس بعثة الأمم المتحدة في مالي. يقوم بنصح المبعوثين الخاصين للأمين العام بشأن النزاعات في أفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية حول استراتيجية وعملية الوساطة، والقانون الدولي، ومراجعة الدستور وترسيم الحدود. قام كوبمانز بتدريس المفاوضات في فرنسا، وحصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة “أكسفورد”.
ــ كبيرة موظفي الشؤون السياسية إلبيدا روكا، تحمل الجنسية اليونانية، قادت الفريق السياسي لمنسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشروق الأوسط قبل أن تنضم إلى فريق دي ميستورا، كما شغلت منصب المستشار السياسي الرئيسي لبعثات الأمم المتحدة السياسية الخاصة في العراق من عام 2007 وحتى عام 2009، وعملت بشكل وثيق مع دي ميستورا مساعدة خاصة، وشغلت نفس المنصب في بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان منذ عام 2010 وحتى عام 2012. وفي أيامها الأولى في مقر الأمم المتحدة، شغلت العديد من المناصب بما في ذلك خلال برنامج النفط مقابل الغذاء للعراق، وإدارة عمليات حفظ السلام والمكتب التنفيذي للأمين العام.
” ــ فولكر بيرتيس، وهو أكاديمي ألماني الجنسية ويعمل ضمن فريق دي ميستورا مستشاراً خاصاً لمراقبة وقف إطلاق النار، كما يتولى منصب مدير المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، والرئيس التنفيذي لمجلس المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية. لديه خبرة بحثية واسعة حول سورية ولبنان، وقد كتب العديد من المنشورات في وقت مبكر من الصراع في عام 2012، ومنها ما ينتقد فيه عنف النظام ورئيسه وتركيز السلطة في أيدي جهاز الأمن السري.
اللبناني من حصة النظام
ــ من الشخصيات المثيرة للجدل بالنسبة للمعارضة السورية، هو اللبناني الأصل، أنطوان لحام والذي يحمل الجنسية السويسرية، ويعمل كبير موظفي الشؤون السياسية في فريق المبعوث الدولي، وهو مقرب من “التيار الوطني الحر”ـ الذي يرأسه وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، المعروف بقربه من النظام السوري، وهناك تقارير تفيد بأن لحام يقود مشاورات دي ميستورا غير الرسمية مع حزب “الاتحاد الديمقراطي” الكردي ورئيسه صالح مسلم، المتهم بخدمة النظام ومصالحه، عسكرياً وسياسياً. لحام حالياً مدير برنامج النزاع وحقوق الإنسان في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، وقبل ذلك كان مستشاراً لبعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سورية UNSMIS وكان مدير البرامج في الوزارة الاتحادية السويسرية للشؤون الخارجية في عام 2012، وفي عام 2008 كان يشرف على مكتب لبنان في مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة.
ــ كبير مفوضي الشؤون السياسية الآخر، هو الإيطالي سلفاتوري بيدولا، وعمل، قبل انضمامه إلى فريق المبعوث الخاص، مستشاراً رئيسياً لوكالة الإغاثة والتشغيل لسورية، وفي البعثات السياسية في الشرق الأوسط، ومساعداً خاصاً ومسؤول الشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة السياسية في لبنان (UNSCOL)، ونائبَ رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) في مكتب الاتصال في طهران. كما عمل سابقاً لبنك التنمية للبلدان الأميركية والبنك الدولي في واشنطن.
” ــ مايكل كونتي وهو المساعد الخاص لدي ميستورا. قبل انضمامه إلى الفريق، شغل العديد من المناصب داخل دائرة الأمم المتحدة للشؤون السياسية، وركّز بشكل رئيسي على الشرق الأوسط، وهو مسؤول سياسي في الأمم المتحدة.
ــ مروة فؤاد، هي مصرية موظفة في جهاز الشؤون السياسية، وعملت سكرتيراً ثانياً في مجلس الوزراء لوزير الخارجية المصري، قبل انضمامها إلى فريق المبعوث الخاص.
ــ ستيفاني خوري من فلسطين، وهي موظفة سياسية في فريق دي ميستورا، وعملت سابقاً موظفة سياسية في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وقبل انضمامها إلى فريق الأمم المتحدة، عملت خوري مستشارة للفريق الفلسطيني المفاوض مع إسرائيل في موضوع المستوطنات وسياسات الطرق في مناطق الضفة الغربية.
ــ نيكولا ميشيل من سويسرا، وهو رئيس فريق العمل حول القضايا السياسية والقانونية، كما أنه أستاذ قانون دولي في جنيف، وشغل منصب وكيل الأمين العام للشؤون القانونية والمستشار القانوني للأمم المتحدة، وعمل بشأن لبنان في المقام الأول، ومستشاراً قانونياً للوزارة الاتحادية السويسرية للشؤون الخارجية، وقد كتب العديد من المنشورات عن القانون الدولي.
ــ برجيتا هولست العاني من السويد، وتعمل في فريق العمل لاستمرارية الخدمات والمؤسسات العامة وإعادة الإعمار، وقبل انضمامها لفريق دي ميستورا كانت مديرة المعهد السويدي في الإسكندرية بمصر. وقبل ذلك عملت سفيرة للسويد في بغداد ودمشق.
ــ كرستينا شاهين وهي حاملة للجنسية الأميركية، ومستشارة لدي ميستورا للنوع الاجتماعي (الجندرة)، وعملت شاهين في هيئة الأمم المتحدة للمرأة على برامج الشرق الأوسط، ومحللة إدارة البرنامج في مقر الأمم المتحدة. وعملت سابقاً في لجنة المرأة الدولية لسلام عادل ومستدام في القدس المحتلة.
ــ الألماني كارستن فيلاند، وهو موظف الارتباط والاتصال، كما أنه محلل ومستشار سياسي وخبير في شؤون الشرق الأوسط، وهو محلل في الصراع المقارن وكاتب وصحافي. وهو مؤلف كتاب “سورية: عقد من الفرص الضائعة: القمع والثورة من ربيع دمشق إلى الربيع العربي”.
ــ المستشارة لشؤون المعتقلين إيفا سفوبودا، وتم تعيينها من المبعوث الدولي بإصرار من مجموعة الدعم الدولية، بعد عدم تنفيذ النظام السوري مطالب المعارضة والقرار 2254 القاضي بإطلاق سراح المعتقلين. عملت إيفا في حالات الطوارئ في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا للمنظمات غير الحكومية والدولية مع التركيز بصفة خاصة على مسائل الحماية.
ــ خولة مطر، بحرينية الجنسية، حصلت على بكالوريوس إعلام وصحافة من جامعة أركنساس الأميركية، ومن ثم حصلت على الماجستير والدكتوراه في سوسيولوجيا الإعلام من بريطانيا. عملت محررة ومراسلة لصحف وقنوات عربية خليجية ودولية، ومن ثم انتقلت للعمل في المنظمات الدولية وكانت المسؤولة الإعلامية في المجلس العربي للطفولة والتنمية في عام 1993، ومن ثم المسؤولة الإعلامية في المكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية حتى عام 2005، ومن ثم أصبحت مديرة المركز الإعلامي للأمم المتحدة (UNIC) في القاهرة، عام 2009، وتنقلت في عملها إلى كثير من المناطق الساخنة والتي عصفت بها الحروب مثل العراق، اليمن، جيبوتي، لبنان، والبوسنة والهرسك.
العربي الجديد