صفحات العالم

ذهاب نظامَي الأسد وإيران في “زوم واحد”؟


    سركيس نعوم

الأسباب التي أدت الى إطالة الأزمة السورية التي تحولت حرباً اهلية كثيرة ويعرفها العالم كله. فهي تبدأ من جيش يمتلك مؤيدوه فيه السيطرة الكاملة عليه، كما يمتلكون الحافز نفسه الذي لدى النظام للقتال حتى الموت أو النصر وهو “البقاء”. وتمر من عجز مجلس الامن عن الاتفاق على قرار يوقف الحرب بسبب خلاف محوري اميركا اوروبا – روسيا والصين. وتمر ايضاً بالانتخابات الرئاسية الاميركية التي تعطّل القرار في الدولة الاعظم اليوم. وتنتهي بتردد تركيا داعمة الثورة منذ بدايتها في ترجمة دعمها عملياً خوفاً من انفجار مشكلات داخلية عندها، وباستشراس ايران الاسلامية في الدفاع عن حليفها السوري وبعدم قدرة الدول العربية المهمة مالاً وشعباً على الذهاب الى الآخر في “دعم” الثوار بسبب الاعتراضات الاميركية.

هل من اسباب جديدة لإطالة الأزمة السورية؟

تعتقد مصادر سياسية عربية وديبلوماسية غربية ان ما تشهده ايران حالياً قد يكون احد اسباب رغبة الغرب في عدم حسم الوضع السوري. فالعقوبات الدولية ثم الاميركية والاوروبية التي تصاعد فرضها عليها بدأت تؤتي ثمارها، بدليل التدهور المريع للعملة الايرانية مقارنة بالعملات الصعبة، وانخفاض كمية النفط الايراني المصدّر الى الخارج وعودة النقمة الى الشارع التي عبّر عنها تجار البازار اخيراً، والتورّط الايراني في الأزمة والحرب السوريتين بلغ حدوداً قصوى، ولا يبدو ان طهران راغبة في تقليصه او قادرة على ذلك، والسبب، كما قال مسؤولوها، ان الحرب التي يخوضها الاسد في بلاده هي حربها. اي انها تدافع عن نفسها بدفاعها عن نظام الاسد، وإن بأموال الشعب الايراني وثرواته ومؤسساته.

انطلاقاً من ذلك، وفي ظل الاسباب الواردة في مطلع “الموقف” لاطالة الأزمة والحرب في سوريا، ترجّح المصادر السياسية والديبلوماسية اياها ان يكون الغرب بقيادة الولايات المتحدة قد انتقل من مرحلة الى اخرى او قد دمج مرحلة بأخرى، اي قد انتقل من العمل لوقف الحرب في سوريا باسقاط النظام الاسدي وإقامة نظام آخر ديموقراطي. وبسبب عجزه عن ذلك الآن، الى توريط ايران اكثر فأكثر في هذه الحرب بحيث ينتهي النظامان السوري والايراني في وقت واحد. إذ قد تتسبب الحرب السورية في النهاية باسقاط ايران من داخل اي بايقاعها في الفوضى والفقر، والتحركات الشعبية المذهبية والاثنية، والمشكلات الاقتصادية الحادة، وربما في الصراع على السلطة بين أهل النفوذ او بالأحرى بين مراكز القوى داخل النظام فيها وهي كثيرة وقوية. وإن يكن اقواها اثنان الولي الفقيه آية الله علي خامنئي و”الحرس الثوري”. كما ان تصاعد التمرد الايراني على العالم، وخصوصاً الغربي منه، قد يدفع اميركا الى استغلال اي مبرر “شرعي” في نظرها ونظر الغرب كما في نظر المجتمع الدولي كله بما فيه روسيا والصين لضربها (اي ايران). وهذا المبرر صار واضحاً ومعروفاً ولا يتعلق بحقوق الانسان “المنتهكة” في ايران في رأي العالم او بالأحرى الغرب، ولا بغياب الديموقراطية، ولا بحقوق النساء. بل يتعلق بالقدرة النووية التي تسعى ايران بجد لامتلاكها معرفة وتكنولوجيا وموادّ وقدرة على استعمالها لاغراض السلم كما لاغراض الحرب. وهذا المبرر ليس كـ”الحمامة” التي يخرجها من “كِمِّه” الساحر في الحفلات. فايران تعرفه واميركا قررت متى تحوِّله شرعياً. ورئيسها اوباما حاول حل الأزمة مع نظام ايران بالحوار. لكنه لم ينجح رغم ان رغبته في حل حواري سلمي معها ورغم ان حربي سلفه جورج بوش الابن في العراق وافغانستان حقّقتا اهدافاً استراتيجية لايران لم تكن تحلم بها. ولذلك فان اوباما سيعطي ايران اذا جدّد ولايته اشهراً قليلة للانخراط في عملية توصل الى حل نهائي لملفها النووي تحت طائلة توجيه ضربة عسكرية قوية اليها في حال الرفض. ذلك ان اقترابها من تنفيذ  حلمها النووي صار خطِراً ومخيفاً. علماً ان رئيساً جمهورياً قد يفعل الشيء نفسه اذا سقط اوباما وربما بحماس اكبر.

إلا ان السؤال الذي يطرحه هذا الموضوع، اي استغلال أزمة سوريا لإطاحة نظامها ونظام الملالي الايراني، هو: هل لاميركا واوروبا بل للمجتمع الدولي مصلحة في ازالة عقبة كبيرة واستراتيجية من أمام الاصولية الاسلامية السنية المتصاعد انتشارها بقوة في العالم الاسلامي؟ علماً ان هدف هذه الاصولية تدمير اميركا و”الكفار” و”المشركين”. كما ان سؤالاً آخر يُطرح هو: ما هي مصلحة ايران في دفع الغرب بل العالم الى الوحدة ضدها في عالم اسلامي بدأ يصبح معادياً لها وبشراسة؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى