رئيس مكتب العلاقات العامة في تيار المستقبل الكردي ريزان بحري شيخموس: بينما تشهد سوريا ثورة يتنازع المؤتمر الوطني الكردي على المال
كردووتش، 19 كانون الثاني (يناير) 2012 – يعيش ريزان بحري شيخموس (مواليد 1962، متزوج وله أربعة أبناء) في سوريا وهو مهندس ورئيس مكتب العلاقات العامة لتيار المستقبل الكردي. في مقابلة مع «كردووتش» يتحدث شيخموس عن النشاط السياسي لتيار المستقبل الكردي بعد ا غتيال المتحدث باسمه مشعل التمو.
كردووتش: أي تأثير كان لإغتيال مشعل التمو في 11 أيلول (سبتمبر) على تيار المستقبل الكردي في سوريا؟
ريزان بحري شيخموس: تسبب موت مشعل التمو لنا بجرج عميق جدا. لقد كان بالنسبة لنا رائد يتقدمنا في كل شيء ودرعا نحتمي به. مشعل التمو كان سياسيا موهوب ومنظّرا جيدا، كما ساهم في دفع تيار المستقبل قدما وكان يطرح أفكارا واقتراحات متميزة على حواراتنا. لقد كان من القلائل الذين يجهرون بآرائهم ومواقفهم السياسية دون خوف. لم يسبقه أحد إلى ذلك. لم تكن الخسارة بموته محصورة بتيار المستقبل فحسب، بل شملت كل الحركة الكردية. طبيعته المنفتحة مدّت الكثيرين بالشجاعة والطاقة. كان مشعل التمو من القلائل الذين يحظون بتقدير المعارضة العربية. ولو قيضت له الحياة للعب دورا مهما بالنسبة للأكراد في سوريا الجديدة. خلال سنوات سجنه الثلاثة كنا على يقين أنه سيعود إلينا ليمدّ تيار المستقبل بحيويته. أما الآن فنحن نعرف أنه لن يعود. نفتقده جدا في تيار المستقبل بطبيعة الحال.
كردووتش: ليس لتيار المستقبل متحدث باسمه منذ ثلاثة أشهر. هناك من يزعم أن القيادة لم تستطع أن تتوافق على شخص محدد. هل هذا صحيح؟
ريزان بحري شيخموس: كلا. ليس هناك إطلاقا أية خلافات داخل تيار المستقبل حول هذه المسألة. ولعلمك فإن المتحدث هو الشخص القيادي الوحيد الذي ينص النظام الداخلي للتيار على انتخابه مباشرة من قبل الأعضاء في المؤتمر الحزبي. لدينا مكتب للعمل العام كان يقوم بمهام المتحدث عندما كان مشعل التمو في السجن. عاد المكتب الآن للقيام بهذه المهام وذلك حتى عقد المؤتمر الحزبي وانتخاب متحدث جديد. ولكن – ومن ناحية أخرى – لا يشغل المتحدث المنصب الأعلى في تيار المستقبل. المتحدث مسؤول فقط عن العمل العام. أما أعلى المناصب فيعود إلى رئيس مكتب العلاقات العامة.
كردووتش: أي دور لعبته الأحزاب الكردية الأخرى في اغتيال مشعل التمو؟
ريزان بحري شيخموس: تتحمل الحركة الكردية مسؤوليةً أخلاقيةً عما حصل. نحن لا نقول أنهم قتلوه. فمن الواضح بالنسبة لنا أن النظام من قتله، أيّا كانت وسائله في ذلك. ما أن خرج مشعل التمو من السجن حتى صرح أنه سيشارك في الثورة إلى جانب النشطاء االشباب وسيمتنع عن التحالف مع أي حركة تدخل في مفاوضات مع النظام. وإثر هذا الموقف تعرض تمو للهجوم من قبل عدد من قادة الأحزاب الكردية فضلا عن التشهير بسمعته وإقصائه من الحركة الكردية. وبعد تعرضه لمحاولة إغتيال شكّلنا مع لجان تنسيق النشطاء لجنة دخلت في حوار مع الأحزاب الكردية وطالبتها بتحمل مسؤولياتها وإصدار بيان، وهو ما لم يحدث. لا بل وصل الأمر بعبد الحكيم بشار، أمين عام البارتي، إلى أن يصرّح بأن مشعل التمو لا يسعى إلا إلى لفت الإنتباه من وراء قصة محاولة إغتياله التي – والكلام لبشار – تبدو كأنها من فيلم هندي رديء.
كردووتش: أي دور لعب حزب الاتحاد الديقراطي (PYD) في اغتيال مشعل التمو؟ الـ (PYD) حمل تركيا مسؤولية الاغتيال. ماذا تقول في ذلك؟
ريزان بحري شيخموس: هذا غير صحيح على الإطلاق. ليس لتركيا علاقة بمقتله فهم ليس لديهم أي مصلحة في ذلك. لماذا علينا إفتراض تورط الأتراك في مقتله. كنا دائما على سجال ساخن مع حزب الـ (PYD) وهم لم يتوقفوا عن مهاجمته بشدة. ولكننا نقول: لا يستطيع أحد اغتيال التمو دون موافقة السلطات السورية. المخابرات السورية هي من اغتالت التمو. كان يمكن الحركة الكردية أن تجني الكثير من اغتياله وأن تشارك بفعالية في الثورة السورية بعد هذا الحدث. أنا على يقين بأنه كان من الممكن أن تلعب الحركة الكردية دورا حاسما في تحقيق أهداف الثورة. دور كهذا كان سيؤثر إيجابا على تحقيق المطالب الكردية في سوريا الجديدة.
كردووتش: في مقابلة مع «كردووتش» قال مشعل التمو إن الأكراد سيخرجون إلى الشارع بأعدد كبيرة بمجرد مقتل متظاهر واحد في المناطق الكردية. بيد أننا لم نرَ مئات الآلاف في الشوارع عندما سقط متظاهران في تشييعه في القامشلي. ما هو السبب؟
ريزان بحري شيخموس: اتخذت الحركة الكردية في مساء يوم الاغتيال إجراءات لتقليل عدد المشاركين في تشييع جثمانه. لقد أُجرت إتصالات مع عائلته لإقناعها بدفنه في قريته، بينما أردنا في تيار المستقبل دفنه في القامشلي. لقد كان هدفنا تحويل جنازته والعزاء فيه إلى مظاهرات كبيرة. إذا كان المؤتمر الوطني الكردي غير قادر على حماية شخص واحد فكيف سيدافع عن حقوق شعب بأكمله. الأحزاب الكردية لا تريد أن يتظاهر الأكراد ضد النظام.
كردووتش: من قرر مكان دفن مشعل؟
ريزان بحري شيخموس: العائلة. ولكن الحركة الكردية كانت قد أرسلت ممثلا عنها إلى والدة مشعل التمو ليسألها إذا ما كان يجب أن يموت أشخاص آخرون مثل إبنها. لقد مورست ضغوط على والدته دفعتها لقرار دفنه في قريته. ولو اتُخذ قرار آخر لشهدت المظاهرات منعطفا من نوع مختلف.
كردووتش: كيف حال مارسيل إبن مشعل وزاهدة اللذين أصيبا أثناء عملية الاغتيال؟
ريزان بحري شيخموس: حالهما جيد نسبيا. وضع مارسيل أفضل من زاهدة، فهي أصيبت برصاصتين في رجلها من النوع المتفجر مما أدى إلى تهشم العظم. تحتاج إلى وقت طويل لتستطيع المشي دون مساعدة.
كردووتش: هل تسعون للعمل مع المؤتمر الوطني الكردي؟ وإذا كان الجواب بنعم فبأية شروط؟
ريزان بحري شيخموس: لا نستطيع حاليا العمل والتعاون مع المؤتمر الوطني الكردي، وذلك بسبب موقفهم من النظام السوري والثورة السورية. لن يكون هناك أي عائق عن تعاوننا حالما يتخذون موقف واضح من النقاط التالية:
أولا يجب أن تصيغ الأحزاب الكردية موقفا واضحا من النظام السوري. ثانيا يجب أن تُطوّر آليات لدعم الثورة السورية في المناطق الكردية بشكل أكثر فعّالية. ثالثا يجب أن يُعمل على صياغة المطالب الكردية في سوريا الجديدة وذلك بمعزل عن التأثيرات الخارجية ووفق مصالح أكراد سوريا فقط. رابعا يجب تعزيز تمثيل الناشطين الشباب والمستقلين في المؤتمر الوطني الكردي.
كردووتش: ماذا تقصد بموقف واضح من النظام السوري؟ لا يبدو هذا المطلب واضحا أبدا.
ريزان بحري شيخموس: نحن نقول بشكل واضح بضرورة إسقاط النظام. ذلك أننا فاقدو الأمل بأن يقدم هذا النظام أي شئ للشعب وهو ليس برأي جديد لدينا. منذ تأسيس تيارنا عام 2005 قلنا أننا تيار معارض ورفضنا الدخول في حوار مع النظام على هذا الأساس.
كردووتش: هل ستشاركون بمحادثات جديدة مع ممثلي المؤتمر الوطني الكردي؟
ريزان بحري شيخموس: يبقى باب الحوار مفتوحا دائما. بيد أننا الآن بصدد تأسيس تكتل سياسي كردي جديدة تحت اسم «إتحاد القوى الديمقراطية الكردية» وستصب كل جهوده في مجرى دعم الثورة. من الممكن تشكيل لجنة هدفها التنسيق بيننا وبين التحالف الكردي الآخر.
كردووتش: تبدو لي تلك المجموعات الممثلة في هذه الكتلة ناشطة في الخارج فقط أو أنها لا تملك قاعدة جماهيرية في كردستان – يكيتي الكردستاني في سوريا مثالا – أو أنها تكاد لا تملك أنصار كما هو حال الحزب الديمقراطي الكردي لعبد الرحمن ألوجي. من يتمتع بفاعلية سياسية في سوريا هم تيار المستقبل و تنسيقيات الناشطين فقط. ألن يضرّكم العمل مع مجموعات ضعيفة سياسيا؟
ريزان بحري شيخموس: في سوريا 17 أو18 حزبا كرديا. هناك أحزاب كبيرة وأخرى صغيرة في المؤتمر الوطني الكردي. وهو ما سيكون الحال عليه في كتلتنا. لدينا أحزاب تتمتع بقاعدة شعبية عريضة وأخرى غير ذات تأثير كبير. ما يجمعنا هو تطلعاتنا السياسية. ألا يحق لنا التوحد على هذه القاعدة؟ نريد بناء سوريا ديمقراطية، مدنية وتعددية. لا يسوؤنا وجود كتلتين كرديتين إلى جانب الـ (PYD) كممثلين عن كردستان سوريا. هناك كتلتان كرديتان تحملان توجهات سياسية مختلفة.
كردووتش: هل تعتقدون فعلا أن عملكم مع عبد الرحمن ألوجي وعبد الباسط حمو سيساهم أكثر في بناء سوريا الجديدة من تعاونكم مع عبد الرحمن بشار على سبيل المثال؟
ريزان بحري شيخموس: نعلق أمالنا على الناشطين الشباب وتنسيقياتهم. نحن ندين لهم بكون الشباب الأكراد جزء من الثورة السورية. ما حققه هؤلاء الشباب في غضون 8 أو 9 أشهر لم تحققه الأحزاب الكردية خلال خمسين سنة. معهم نريد بناء سوريا الجديدة ومعهن سنبني الكتلة الكردية الجديدة آملين أن نؤسس معهم لاحقا حزبا كرديا مؤثرا ونافذا.
كردووتش: إذا غضضنا النظر عن حزب يكيتي فإن تيار المستقبل سيكون الحزب الوحيد الذي شارك الناشطين مظاهراتهم منذ 8 أشهر. الأحزاب الأخرى بدأت بالتظاهر منذ شهر واحد فقط في المناطق الكردية. رغم ذلك انضمت 6 مجموعات شبابية إلى المؤتمر الوطني الكردي. ما السبب في ذلك برأيكم؟
ريزان بحري شيخموس: المنضمّون إلى المؤتمر الوطني الكردي لا يمثلون الشباب المستقل. إنهم جزء من أحزاب المؤتمر.
كردووتش: إلى أي حد تفترق مطالبكم الخاصة بالأكراد عن مطالب المؤتمر الوطني الكردي؟
ريزان بحري شيخموس: تكمن الإختلافات الأساسية في الموقف من النظام السوري والثورة السورية وفي علاقاتنا بالمعارضة. نحن نطالب بإقرار الأكراد في الدستور السوري الجديد كإثنية رئيسية في البلاد. بينما يطالب المؤتمر بالاعتراف بالأكراد بصفتهم إثنية ثانية في البلاد. أن يصنف الأكراد كإثنية ثانية لا يعني تساويهم في الحقوق مع غيرهم. ولكن الإعتراف بهم كإثنية رئيسية يعني أنهم شركاء كاملي الحقوق في الدولة. وتنظر الأحزاب الكردية الأخرى إلى القضية الكردية بوصفها قضية مناطقية. إلا أننا نريد أن نكون شركاء في سوريا بأكملها. نريد أن نكون في المناطق العربية على حال العرب في مناطقنا. نريد أن نشارك في العملية السياسية في مناطق سورية أخرى غير الكردية، مثلا في دمشق. نريد بناء سوريا الجديدة مع العرب ومشاركتهم في تحمل المسؤولية.
كردووتش: في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي دعت حكومة إقليم كردستان العراق 21 عضوا من المؤتمر الوطني الكردي إلى أربيل للتباحث في وضع الأكراد في سوريا والثورة السورية. بعد عودة أعضاء الوفد وقعت إنقسامات في المؤتمر. ماذا حدث تماما؟
ريزان بحري شيخموس: في الوقت الذي تشهد فيه سوريا ثورة شعبية يتنازع المؤتمر الوطني الكردي على المال الذي تقاضوه كرشوة في كردستان العراق لتعزيز دور أكراد العراق في سوريا. كان صالح كدو قد أعلن إستقالته من اللجنة التنفيذية بعد أن حصل كل واحد من أعضاء اللجنة على عشرة آلاف دولار من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق (KDP). لقد كان ذلك تصرفا مخجلا وغير لائق بمنظمة سياسية، يفترض ألا يمر دون عواقب.
كردووتش: كيف ترى مستقبل تيار المستقبل الكردي؟ هل سيفقد التيار من أهميته من دون شخصية قيادية وكارزماتية كمشعل التمو؟
ريزان بحري شيخموس: إنني على يقين أن تيار المستقبل سيلعب دورا مهما في الثورة السورية وسوريا الجديدة. تزداد أعداد أصدقائنا وأعضاء تيارنا يوما بعد يوم. لعلنا لا نملك اليوم من يستطيع أن يملأ مكان مشعل التمو، فالرجل كان ذا كارزما ولم تنقصه الصفات القيادية. تحاول أن نعوض الخسارة التي منينا به بموته، وذلك بتفعيل مؤسسات التيار وتعزيز العمل الجماعي والمشاركة في إتخاذ القرارات. لقد قررنا في تيار المستقبل مواصلة تلك السياسة التي بدأها مشعل التمو، وهي سياسة تصب في مصلحة سوريا كلها والأكراد في ذات الوقت.
18 كانون الأول (ديسمبر) 2011
http://kurdwatch.org/html/ar/interview9.html