ربيع الثورة السورية !!!
خالد ممدوح العزي
أخيرا وليس أخرا، انكسر جدار الصمت في سورية والتحقت سورية بربيع الثورات العربية الملتهبة،سورية هي قلب العروبة النابضة وليست بعيدة عن محيطها العربي بالرغم من التغيب ألقصري لسوريا الشعب، لقد غيب حزب البعث دور سورية الريادي في وسطها العربي ووضعها في قانون الطوارئ، الذي وضع الشعب السورية في زجاجة فارغة واقفل عليها، لم يعد بإستطاعت أهالي سورية مجارة أهالي المنطقة ومواكبة التطورات التغيرية حتى الجار “الشقيق لبنان”الذي نال استقلاله مع سورية، وهن فتحت الهوة بين النظام السوري الحديدي والنظام اللبناني، في سورية فتحت السجون الكبيرة للشعب، وغابت الديمقراطية والحرية عن حياة السوريين ، حكمت البلاد بإحكام عرفية عسكرية مخابراتية. التهم كانت جاهزة ومفبركة لتلصق بالمواطنين عند محاولة التعبير عن الآراء التحررية. لقد حكم سورية حافظ الأسد من خلال جهازين أساسيين في البلد:الجيش،والمخابرات .
كانت حقبتها كلها تستند على فزاعة الإخوان المسلمين بحال تم التفكير بتغير النظام ، لذا كانت مجزرة حماة الأولى الانتقامية من الشعب السوري، المجزرة الذي ارتكبها الأسد عام 1984 ما هي إلا ردة فعل للنظام بوجه الشعب والعالم كله ،أضحت حماة وقتها الضحية التي قدمها نظام الأسد الأب قربانا للجميع من اجل استمرار نظامه محليا وعالميا،المجزرة وقعت عندها لان حماة كانت وقتها وحدها ومعزولة عن العالم .
أما اليوم الوضع اختلف في سورية من خلال حكم الابن الذي أتى إلى السلطة من خلال الوعود بالتغير والإصلاح،الذي عبر فيها في أدبيات نظامه الجديد و خاطب بها العالم الحر ، وعد الشعب السوري بالتجديد ، لم يستطيع تقديم نفسه على كونه منقذ سورية الجديد ،لان الحالة تغيرت في سورية والعالم ،لان نظام المخابرات التي ارتكز عليه والده أصبح 15 جهاز ولكل دوره ومصالحه الخاصة لقد وقع هذا الفتى في أحضان الفساد والبيروقراطية التي سلطت سيفها على رأسه وأوقعته أسيرا لهذا الفساد، الذي يضمن استمرار حكم ووجود بشار الأسد في السلطة، فمكان على الأسد الابن إلا أن يبتدع شعار جديد يدخل الشعب في دوامة جديدة “باعتبار سورية دولة الممانعة والداعمة لفروع المقاومات العربية بوجه إسرائيل ،لقد ادخل بشار الأسد سورية في تحالف سوري إيراني ضد الدول العربية، من اجل استمرار نظامه والقبض على شعبه من خلال اقتناعه بان شعبه هو يريد ذلك، لقد دعم أيد الثورات التي تجري في الدول العربية،باعتبار نظامه بعيد جدا عن ما يجري في هذه الدول،لم يقرأ وضع سورية جيدا، ولم ينتبه إلى أن التغير الذي يعم العالم يجب أن يدخل إلى سورية، وينعم أهلها بهذا التغير وهذه الرياح العالمية .التغير ليس كما يدعي بشار الأسد وأعوانه بان مؤامرة تحاك ضد سورية لان شعبها وأهلها ليس لصوص وقطع طرق وشهداءها هم أبطال،لقد كانت مطالب السوريين بسيطة جدا التغير من اجل الوصول إلى عدالة اجتماعية وحرية غابت عنهم هذه المطالب 40 سنة.
فالثورات العربية التي قامت ضد الأنظمة وحكامها الدكتاتوريين من خلال شباب وجيل جديد قادر على التغير من خلال مطالب ديمقراطية إنسانية،ما هي إلا مطالب وطنية كانت أوروبا والعالم الحر سباقة لها والتي تمثلت بالثورة الفرنسية الكبرى في عام 1787 ،تحت شعارات أساسية حرية عدالة اجتماعية وديمقراطية،لكن مع نجاح ثورة مصر وتونس آلتان أذهلتا العالم وارويا خاصة تبن لكل الكتاب والمحللين السياسيين الذين تابعوا الثورة ومجارياتها عن قرب من خلال الفضائيات العالمية الكبرى والصحافيين من ساحة المدين وعن سائل الاتصال السريع “التلفون والانترنيت ومشتقاته والفضائيات ،والذي تبين لهم أنهم خضعوا من كذب هذه الأنظمة بان البديل لهم هي الأنظمة الراديكالية الإسلامية،التي سوف تسيطر على هذه الأنظمة ،لقد سحبت فزاعة الإخوان من التداول نهائيا من هذه الأنظمة وحكامها ،لقد اقتنعت من خلال التجربة الجديدة بان الشباب القادم هو من الجيل المتعلم الذي يتقن اللغات ويتفهم الحوار ويطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية،بعيد جدا عن الشعارات الشوفنية والعدائية للغرب والعالم.
بعد القراءة السليمة للغرب والعالم لما يجري في الوطن العربي من تغيرات ،لم يعد الغرب مصر على حماية إي نظام بسبب التضخيم الإعلامي الذي ينتجه هذا النظام ويحاول ترويجه من اجل استمراره وبقاءه في السلطة عدى سورية وبعض أنظمة أخرى تحاول تمكين وجودها في السلطة من خلال شعارها الجدي أو الفوضى الأمنية إما بقاء النظام.النظام السوري الذي لايزال يكابر ويصر على تصديق الأكاذيب الذي يبتدعها من اجل ضمان استمراره بان الذي يجري في سورية من مظاهرات ورفع شعارات مطلبيه وصدام مع حرس النظام ما هي مؤامرة خارجية من الدول المجاورة، لقد أصبح النظام عاجز جدا في مواكبة الإحداث التي تعم سوري وتقديم الإصلاحات المناسبة للشعب الغاضب من الوعود القديمة .
لقد أثبتت الأيام بان الحزب الحاكم هو حزب تقليدي وعفن ويجب خلعه وتغيره ، حتى الأحزاب المعارضة التقليدية الأخرى الكلاسيكية، بسبب تطور الأفكار الجديدة، وعندما أصبحت التكنولوجية إيديولوجية،عندها أصبح من الضروري تغيرها كلها حسب طموحات الجماهير العربية كافة حتى أحزاب اليسار”التقليدي ” التي من المفترض إن تمثل قضايا الشعوب وتتحرك أشرعتها بما تشتهي سفنها ،وهذا ما برهنته تجارب الثورات الأخرى الجديدة البعد بين الشعوب والأحزاب مما سمح لظهور يسار “الفيسبوك”، لان سيطرة هذه الأحزاب على مقدرات البلد وشعوبها كانت شنيعة جدا ، دون تطبيق المبدأ الأساسي الذي وجدت هذه الأحزاب من اجله، لم يأتي رد الأسد على مظاهرات شعبه بحل حزب البعث الذي أصبح مطلبا شعبيا ملحا،ولكون هذا النظام يستعمله بشكل ظل لوجود الأجهزة الأمنية الحديدية،كان الرد السريع بإقالة الحكومة التي ليس بيدها شيء وهي الحلقة الأضعف في الدول الدكتاتورية وهنا نعود بالذاكرة إلى الوراء للعام 203 عندما تم احتلال العراق،فكان تغير البعث في العراق وجاءت محاولة بوش الابن لتغير نظام البعث في سورية، عندها وقفت إسرائيل بكل قوة الضغط التي تمتلكها في أمريكا من اجل العدول عن هذا الموقف ، عندها وقع النظام السوري الممانع تحت رحمة العدو الصهيوني الذي فضله عن باقي الأنظمة المستقرة في المنطقة بالرغم من انزعاج الإسرائيلي الدائم من نظام بشار الأسد من خلال علاقته بإيران ،ودعمه المستمر لحزب الله في لبنان واستضافته لحركة حماس الفلسطينية، إلا إن النظام الصهيوني يعي جيدا أن استمرار هذا النظام هو ضمان لاستقرار جبهة الجولان الهادئة منذ العام 1973.
الشعب السوري كسر القيود الحديدة من خلال التظاهرات التي عمت كل الدولة السورية متضامنة بعضها مع بعض، ولت الحرب المذهبية والطائفية التي كان يوعد بها النظام شعبه والعالم ، لقد تبين بان الشعب السوري مقدام وليس جبان كما صورته أجهزة المخابرات السورية ،هذا الشعب الواعي المتعلم المثقف، أتبث ويثبت وعيه كل يوم من خلال استمرار الرفض لنظام القمع والقتل ،فهو الصامد بوجه الطاغية والجبروت العسكري القمعي ، هذا الشعب الذي يؤسس إلى نظام جديد من خلال سيطرت المجتمع المدني ومنظماته الحقوقية التي أصبحت موجودة في كافة الدول التي تحاول التغير بوسائل سلمية. التغير قدم يا دمشق،لا محال اقفل القطار والمحطة القادمة ثورة “ربيع دمشق ” التي سوف تفزع الدكتاتور، وتحقق طموح أبناءها الثائرين والغاضين، كما قل دكتاتور أخر “إلى الإمام دقت ساعة الزحف إلى الامام ” يا شعب سورية الغاضب لمزيد من أسابيع الغضب التي تزعج وتضعف هذا النظام،والتي تجمع كل مكونات المجتمع السوري ، لنترك الخوف في البيوت والتوجه نحو الشوارع، يأهل سورية ومدنها الكرام لم تعودوا وحدكم في العالم إنما المطلوب هو الصمود، لان صمودكم هو التغير الذي لا محال منه، فالتغير الذي تفرضوه هو الذي سيقبل به العالم كله لأنه خياركم، الغير قابل للبيع والشراء من قبل الدكتاتور والطغاة.
د: خالد ممدوح العزي
كاتب وخبير استراتيجي