سأحمل ُ الزورق على كتفي : لماذا حمزة الخطيب ؟
منذ ُ إنتشار فيديو جثّة الطفل الشهيد حمزة الخطيب في صباح الأمس و حتّى هذه الساعة و أنا أحاول ُ أن أتخيل َ موقف شخصين من القصّة ، موقف والدة حمزة و كيف َ يا ترى حضنت جثّة ولدها التي هزّت قلوب ألوف من الذين بقي لديهم انسانيّة أراهن ُ عليها ، كيف َ و نحن ُ الذين لا تربطنا به سوى الإنسانيّة بكيناه كطفل ٍ من أرحامنا ؟
الشخص الآخر الذي حاولت ُ تخيّل موقفه هو المجرم الذي قام َ بهذا الفعل المرضيّ الساديّ المتوحش الذي تخجل الحيونات القيام به ( الحيوانات إن قتلت فهي تقتل لتأكل أمّا هؤلاء فلماذا يقتلون ؟ ) ، كيف َ استطاع َ أن يقوم َ شخص ٌ يسير ُ بيننا ، له ُ عائلة و أناس تحبه أن يفعل َ كلّ ذلك ، هل لديه أطفال ٌ يا ترى ؟ هل عرف َ الحبّ أو الإنسان ُ طريقا ً إلى قلبه يوما ً ؟ من أين َ أتى بكلّ هذه الأساليب للتعذيب و لتشويه أو التمثيل بجثّة طفل ٍ تسكنه ُ الملائكة أكثر مما يسكنه ُ الخوف.
حمزة الخطيب ، طفل في الثالثة عشر من عمره ، خرج َ لفكّ الحصار عن درعا في 29 نيسان الماضي ، قيل َ أنه ُ أعتقل في حينها ، إلى أن تمّ تسليم جثمانه ِ لذويه ِ منذ ُ أيّام ٍ . ما يقارب الشهر على اختفاءه انتهى بفيديو اهتزّت له ُ السماء عن جثمان حمزة الخطيب متورّم و عليه آثار لتعذيب ٍ وحشيّ و كسر ٍ بالعنق و صور ٍ غير واضحة لتشويه ٍ بعضوه التناسلي. عمر حمزة و جسده ُ الصغير و حجم ما تعرّض له ذلك الجسد من تعذيب و عوامل أخرى مجتمعه هي ما تجعل هذا الفيديو الأكثر غضبا ً حتى الآن.
للوهلة الأولى تعاملت ُ مع الأمر من منطلق ٍ عاطفيّ جدا ً ، غضبت ُ و صرخت ُ و لكنني و في اثناء بحثي عن حضن ٍ أحوّل عنده ُ غضبي دموعا ً قرأت ُ عبارة لتشي غيفارا كتبتها الفنانة مي سكاف على صفحتها في الفيس بوك: “ كل دموع الارض لا تستطيع ان تحمل زورقاً صغيراً يتسع لابوين يبحثان عن طفلهما المفقود “ ، نفضت ُ دموعي و قررت أن أحمل الزورق على كتفي .
اذا وضعنا الحزن العاطفيّ و الدموع و قصائد الوداع جانبا ً لبعض الوقت ، حمزة الخطيب ليس َ أوّل الشهداء و لم و لن يكون آخرهم ، ليس َ أوّل من عـُذب َ أو مـُثل َ بجثّته ِ و رغم أننا سنحاول ُ أن يكون الأخير و لكن هذا ليس َ مضموناً. و لكن حمزة ، بسنواته الثلاثة عشر و روايته كاملة يضعنا عراة ً أمام َ حقيقة أنّ أيّ من أطفالنا قد يكون حمزة الخطيب التالي ، لأنه ُ و حسب َ جميع الروايات المختلفة، هناك َ أخطاء جثيمة حصلت و المخطئون مازالوا طلقاء يخطئون – بحقّ حمزة آخر – دون َ حساب ، لم نسمع أو نعرف عن أيّ تحقيقات ٍ فتحت أو أيّ إجراءات ٍ اتخذت للمضيّ في معرفة الفاعل و محاكمته قانونا ً.
قناة الدنيا عرضت اتصالا ً مع الدكتور الشرعي أكرم الشعار الذي قال أنه ُ أشرف َ على حالة حمزة و لكن ، و اذا ذهبنا بعيدا ً جدّا ً لتصديق كامل ما قاله الدكتور الشعار فيبقى هناك أسئلة كثيرة أعتقد أنّه ُ من حقنا اليوم أن نعرف الإجابة عنها * :
حسنا ً ، سأبدأ بأن ّ الدكتور الشعار قد لا يكون قد فهم َ ما فهمه ُ البعض الآخر من الفيديو ، يقول الدكتور الشعار أنّ التشوّه ناتج عن تفسّخ الجثّة ، ماذا عن قطع العضو الذكري و الكسر في العنق، بجهل ٍ طبيّ كامل أسأل متيقنة ً أنّ سؤالي غير منطقي : هل هذه أيضا ً ناتجة عن التفسّخ ؟
يقول أيضا ً أنه ُ يمتلك ُ صورا ً للجثّة عند الوفاة و لم يكن عليها أيّ آثار تعذيب . و في هذه الحالة هل يمكن اعتبار هذا مؤكداً على أنّ التعذيب حصل َ بعد الوفاة ؟؟
اذا كان َ هذا فعلا ً فأين و متى و مَـن ؟ و اذا كان – جدلا ً – غير ذلك فما الذي حصل َ ليظهر الطفل على الحال التي ظهر به في الفيديو ؟
… هناك َ حلقة مفقودة ، أين َ هي ؟
في النهاية أذكـّر بأنّ الإحصائيات الأخيرة قالت بأنّ ما يقارب الـ 25 طفلا ً قد توفيوا في الأحداث الأخيرة في سوريا ، و هذا رقم ٌ كاف ٍ كي يُذكر الأهالي بأنّ ينتبهوا لأماكن تواجد أبنائهم و الأزمنة و ما يترتّب على كلّ منهما، علينا أن نحافظ َ عليهم لأنهم أبرياء و لأنهم هم من سيكمل ُ السير بسوريا في الغد. سوريا تحتاجهم في الغد أكثر َ من حاجتها إليهم اليوم صفحات ٍ على الفيس بوك يتضامن ُ معها كثيرون أو أخبار ٍ على الشريط الأخباري كخبر ِ وفاة حمزة أو غيره ُ من الأطفال.
هذا مع التأكيد الدائم بالمطالبة الفوريّة بمحاسبة كلّ و أيّ من قتل َ أو عذّب أي ّ من الأطفال و الشهداء دون أيّ استثناءات ٍ تذكر.
ملاحظة * : في الفيديو يقول المذيع حمدي و لكن هذا ليس َ حديثا ً عن طفل ٍ آخر إنما هو استهتار ٌ آخر بتفاصيل القصّة .