سقوط حمص في سياق الأحداث
لم يشكّل الثوّار تهديداً للنظام السوري في حمص منذ صيف 2012
ألكس رويل
دلّت استعادة النظام السوري والقوات الحليفة له أحد آخر الأحياء التي كانت لا تزال بيد الثوار في مدينة حمص الأساسية يوم الإثنين الماضي، على هزيمة ثانية للجيش السوري الحر بخسارته أراضي في خلال شهرين، بعد سقوط بلدة القُصير في حزيران الماضي.
وكان حي الخالدية، الذي هاجمته قوات النظام على مدى أسابيع مستخدمة الغارات الجوية وصواريخ أرض ــ أرض بالتنسيق مع وحدات “حزب الله” اللبنانية، صلة وصل أساسية في سلسلة الثوار الممتدة بين المدينة القديمة والأحياء القليلة المتبقية المتاخمة والمحرّرة من المدينة التي عرفها الثوار في الماضي كـ”عاصمة الثورة” أو “قلعة الإرهابيين” كما يسميها النظام. وأدّى سقوطها الى التكهّن بأن قوات النظام ستجتاح عمّا قريب المدينة بأكملها، ومن ثمّ تحوّل انتباهها الى حلب، أكبر مدينة سورية والمدينة الكبرى الوحيدة اليوم التي يتمتع فيها الثوار بتواجد كبير وآمن نسبياً.
إلاّ أنّه منذ السبت الماضي والقتال مستمر في حمص، ووفقاً لناشطين يعملون على الأرض، ولمحللين أجانب تحدّث إليهم موقع NOW على حد سواء، فمن غير المرجح أن يكون النظام في موقع التقدّم نحو حلب في وقتٍ قريب.
“في حمص لا تزال المعارضة صامدة في جورة الشياح، والقصور، والقرابيص، وباب الدريب، وباب تركمان، وباب هود، ووادي السايح”، قال محمد رضوان رعد، الناشط المستقر في حمص. غير أنّه أضاف “من غير المرجّح إطلاقاً أنهم سيستمرون بالسيطرة على هذه الأحياء لأنهم لا يمتلكون سوى رشاشات من طراز AK-47 أو قاذفات صواريخ الـ “أر بي جي”. ولدى الطلب إليه تقدير عدد الثوار المتبقين في المدينة. قال رعد إن عددهم بالمئات رغم أنه “من الصعب جداً تحديده لأنّ العديد من بينهم قُتلوا بعد المعارك”.
وفي ما يخصّ ما بعد سقوط حمص بالكامل، فقد اتفّق رعد مع المحللين الذين تحدّث إليهم موقع NOW بأنّ الأهداف التالية ستكون الطرقات والريف الواقع بين حمص ودمشق، وليس حلب، رغم أنّ التحضيرات للحسم النهائي في حلب سوف تحصل متى أمكن.
“وسيطر النظام مؤخراً على قرية آبل الاستراتيجية، على طريق عام حمص- طرطوس. وهو يسعى اليوم الى السيطرة على طريق آخر يؤدي الى حلب، وطريق ثالث يصل حمص بدمشق. الاشتباكات جارية وبعد أن يسيطر النظام على هذه الطرقات، سوف ينتقل الى التخوم الشمالية لحمص”.
ثمة العديد من الأسباب التي ستدفع النظام الى تفادي القيام بهجوم حقيقي على حلب في المستقبل القريب، كما تقول إليزابيت عبجي، المحللة الرفيعة للأبحاث في معهد دراسات الحرب.
“التوازن الديمغرافي المُلفت في حمص يصب في مصلحة النظام لأنه يوجد العديد من القرى الشيعية- لا سيما اللبنانية الشيعية- والعلوية في الريف المحيط بها” قالت عبجي لـ NOW. “ولا نرى ذلك في حلب وحولها. ولذلك أعتقد أنه سيكون أصعب على النظام أن يجد المناطق المناسبة لإطلاق عملياته منها. وهذا بالضبط ما رأيناه من خلال بعض الهزائم التي استطاعت المعارضة أن تلحقها بـ “حزب الله””.
“أعتقد أنه بعد أن انتصر النظام في القصير، ارتكب خطأ بمحاولته التقدم نحو حلب بسرعة قبل أن يدعّم مكاسبه، وبالتالي فإن الهجوم الأخير على حمص جاء نتيجة إدراكهم أنهم بالغوا في الاستفادة من الانتصار الذي حققوه. اعتقد أننا سنراهم لبعض الوقت يتابعون تدعيم [ما أنجزوه حتى الآن] في حمص ومحيطها. وسوف يكون عليهم أن يرسلوا تعزيزات كبيرة من حمص الى دمشق التي تتعرّض لهجوم الثوار في الوقت الحالي”.
وبالفعل، ترى عبجي أنّ إنجازات الثوار الأخيرة في دمشق- مثل الاستيلاء على مخزن لصواريخ مضادة للدبابات وصواريخ أرض- أرض السبت الماضي- يدحض الرواية التي يكرر الإعلام نشرها يوماً بعد يوم عن اقتراب النظام من إحراز نصر عسكري على المعارضة.
“من الواضح أن الزخم في الوقت الحالي يصب في مصلحة النظام، وقد حصل تحوّل في المعارك بسبب مشاركة “حزب الله” والمساعدة التي يتلقاها من روسيا وإيران، ولكن ما يتم في الغالب تجاهله هو أنّ النظام عندما يحرز مكاسب كبيرة في منطقة ما يخسر وجوده في مناطق أخرى. هناك هجوم كبير للثوار على دمشق في الوقت الحالي. حيث تستطيع المعارضة الدخول الى أحياء لم تكن يوماً قادرة على دخولها. وقد أحرزوا بعض الانتصارات الهامة في حلب ومحيطها”.
بالإضافة الى ذلك، تضيف عبجي أنّ المراقبين يبالغون في إعطاء أهمية ملموسة لهزيمة الثوار في حمص.
“لم يكن للمعارضة وجود قوي وفعلي في حمص منذ صيف 2012. قد يكون ذلك مهماً من الناحية النفسية لأنها جزء أساسي من جبهة المعارضة، ولكن من الناحية الاستراتيجية لم تتمكن [المعارضة] يوماً من تحقيق الكثير في حمص أو تستطيع محاربة قوات النظام بشكل فعال في هذه المنطقة ومحيطها”.
ساهمت كريستين سليمان في جمع المعلومات لإعداد هذا المقال.
هذا المقال هو ترجمة للنص الأصلي بالانكليزية
(ترجمة زينة ابو فاعور)