صفحات الناس

سوريا: أوهام الانتعاش الاقتصادي في 2015/ سلام السعدي

 

كما المسؤولون عن الشأن السياسي والحربي في سوريا، يبدو المسؤولون عن الشؤون الإقتصادية متفائلين جداً بالوصول إلى نهاية سعيدة للعام الجاري، وبتحقيق إنجازات اقتصادية استثنائية في العام القادم 2015. إنجازات “توّعد” بها وزير الاقتصاد السوريين من خلال انكباب وزارته على “زيادة الإنتاج الوطني بشكل مقارب لما كان عليه في السنوات الطبيعية التي سبقت حدوث الأزمة”.

الوزير ومن باب إدراك حجم ما يتلفظ به من وعود، وصف ذلك الهدف بـ”الطموح”، وقال إن العمل على تحقيقه سيكون من خلال “إعادة تشغيل المعامل المتوقفة، وزيادة حجم المعارض الخارجية، وتفعيل فرص التلاقي بين المنتجين السوريين ونظرائهم في الدول الأخرى”. وأشار إلى وجود “برنامج استراتيجي مرتبط بالعام 2015″، ستقوم وزارة الاقتصاد بتنفيذه، ومفضلاً “عدم ذكر أي من تفاصيل هذا البرنامج”.

تفاؤل أو تجاهل؟

لقد بات هذا النمط من الأحاديث الاقتصادية رائجاً على ألسنة مسؤولي الحكومة السورية. فالجميع يؤكد أن “عجلة الإنتاج الوطني في طور إعادة الانطلاق مع الإنجازات الميدانية للجيش العربي السوري وإعادة الاستقرار إلى العديد من الأماكن والمناطق التي توجد فيها منشآت صناعية “، وأن خطط إعادة دورانها بسرعة خيالية باتت على الطاولة وتنتظر تنفيذها فحسب.

وزارة الصناعة تتحدث بتفصيل أكثر، وهي تعلن خريطتها الاستثمارية للعام 2015 وفق ما نقلت صحيفة “تشرين” الحكومية. وجاءت أولوياتها للمشاريع الصناعية على شكل قائمة طويلة، منها:

مشروع تركيب خط جديد لإنتاج الإسمنت بطاقة مليوني طن سنويا في منطقة عدرا. واللافت أن الهدف المعلن للمشروع هو تلبية “حجم الطلب المستقبلي خلال مرحلة ما بعد الأزمة والذي يقدر بنحو 30 مليون طن سنويا”. وبذلك تصر وزارة الصناعة على القفز لحل مشكلات “ما بعد الأزمة”، متجاهلة خيباتها المستمرة في إيجاد حلول للحاضر حيث يعجز العرض الحالي من الاسمنت عن تلبية الطلب، بالرغم من تراجعه الكبير بعد انحسار أعمال البناء في ظل الحرب.

بيرة حكومية

وجاء في القائمة، كذلك، مشروع لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية بطاقة إنتاجية تصل إلى 600 ألف طن. ومشروع إنتاج مادة الخميرة بطاقة 15 ألف طن سنويا. ومشروع إنتاج كابلات التوتر المتوسط والعالي والكابلات الكهربائية والهاتفية بتكلفة استثمارية تقدر بنحو 10 ملايين دولار وعائدات 3.5 مليون دولار سنوياً. وتطول القائمة مع مشروع شراء نول صوفي لإنتاج السجاد بتكلفة استثمارية تقدر بمليوني يورو، وعائدات 205 ملايين ليرة سورية.

ومن المشاريع ذات الأولوية مشروع لإنتاج الألبان والحليب المجفف المسحوب الدسم بتكلفة 21 مليون دولار وعائدات 895 مليون ل.س.، فضلاً عن مشروع تكرير وفلترة وتعبئة وانتاج زيت الزيتون بتكلفة استثمارية 20 مليون دولار. وعائداته 2.625 مليار ل.س. كما تضمنت القائمة مشروع إنتاج بيرة كحولية بتكلفة استثمارية تصل إلى 12 مليون دولار وعائداته 735 مليون ل.س سنوياً.

والحال أن ثمة استسهال كبير في تعاطي الحكومة السورية مع الواقع الاقتصادي لسوريا. هذا في حال كانت تعتبر أن الاقتصاد السوري لا ينحصر باقتصاد المناطق التي تسيطر عليها، بل يشمل المناطق الخارجة عن سيطرتها. إذ تضم تلك المناطق الشاسعة عشرات آلاف المنشآت الصناعية والتجارية التي يثابر “الجيش العربي السوري”على قصفها وتدميرها بصورة منهجية لا يمكن أن تدع مجالاً لدوران عجلة الإنتاج فيها من جديد.

وفي هذا السياق، يبدو من المفيد التذكير ببعض البيانات التي تشرح حجم الضرر والخراب الذي لحق بعجلة الإنتاج. فالعام 2013، الذي بدأ يشهد “انجازات الجيش العربي السوري” كان الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للاقتصاد السوري منذ الاستقلال، ذلك بحسب المركز السوري لبحوث السياسات. أما الخسائر الاقتصادية الإجمالية مع بداية العام 2014، فقدرت بنحو 144 مليار دولار أميركي، تعادل نحو 276 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي “ما قبل الأزمة”، والذي تطمح وزارة الاقتصاد بالوصول إليه العام المقبل.

وفي الخلاصة، كان الحري بالحكومة وضع هدف أكثر واقعية، يتمثل، ربما، بوقف “عجلة تدهور الإنتاج”.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى