صفحات الناس

سوريا.. إعلام الحرب والانتخابات/ سالم ناصيف

 

بعد ثلاثة أعوام من الدمار والموت اليومي في سوريا، لم يختلف مشهد “الحفلة” الانتخابية الرئاسية كثيراً عن سابقاتها، باستثناء اقتصارها على مناطق نفوذ النظام وتركيزها على دمشق والساحل السوري بشكل رئيسي.

وعدا عن ايحاء النظام بوجود مناخ تعددي، فقد بقيت ماكينته الدعائية على حالها من حيث الشكل والمضمون. فرق بسيط على المشهد الاحتفالي تمثل بإضافة صور تزيينية للمرشحيّن “حسان النوري” و “ماهر حجار” وسط سيل اللافتات والصور الممجدة للرئيس الأسد. وكانت حملة الأسد المسماة “سوا” قد انطلقت قبل موعدها، وتضمنت صوراً له، مكتوب عليها اسمه وتوقيعه. وتسيّر الحملة مجموعة “بصمة شباب سوريا”، والتي اشتهرت في بدايات الثورة السورية، في تنظيمها للمسيرات الداعمة للأسد.

ويبدو للمراقب بأن شيئاً لم يتغيّر، على الرغم من وجود مرشحين إضافيين، استعارا من ذهنية النظام، عناوين سطحية كشعارات لحملاتهم الانتخابية. فالدكتور حسان النوري، مثلاً رفع شعار “الإقتصاد الحر الذكي” وكُتبت بجانب صوره عبارات منها “معاً لمحاربة الفساد”. وكان النوري قد ركز في إعلانه الدعائي الذي بثه التلفزيون الرسمي السوري، على مسؤولية القطاع الخاص في تفعيل دورة الإنتاج. ويظهر في ذلك الإعلان بعض الفنانيين السوريين الداعين للمشاركة في الانتخابات.

أما المرشح ماهر حجار فقد ذكر في بيانه الإنتخابي المنشور على صفحته الخاصة، على موقع التواصل الإجتماعي “فيس بوك”، أربعة بنود لوقف القتال في سوريا، دون أن يورد أية تفاصيل أو خطة واقعية من شأنها أن تضفي ملامح جادة عليها. مما استدعى الكثير من التعليقات الساخرة على الصفحة التي تبدو مهملة، ويكاد يقتصر التفاعل فيها على سيل من الشتائم الموجهة لصاحب الصفحة. وضع الحجار على صوره المعلقة في شوارع دمشق، عبارات مثل “سوريا لفلسطين” و”المواطن في سبيل الوطن شهيد”، مما أثار الكثير من السخرية والمرارة لدى الناس.

وعلى عكس المرشحين السابقين، السيد بشار الأسد، ليس بحاجة لنشر صوره، أو حتى وضع برنامج انتخابي. فكثير من التجار والصناعيين يهدونه لافتات كبيرة من القلوب، تملأ الشوارع وتشغل الناس، هذا عدا عن صوره العملاقة التي تغطي الأبنية الحكومية. وفي كلمة نشرت على صفحة “سوا” يتوجه الأسد إلى مؤيديه المتطوعين بنصيحة أخوية! تطلب منهم أن يحولوا المصاريف الباذخة التي يصرفونها على حملته الانتخابية، إلى مساعدة أسر الشهداء والمخطوفين الذين أوصلوه إلى هذه الانتخابات. لكن ذلك لن يمنع صور الأسد العملاقة، من الظهور على ركام حمص القديمة مثلاً، والتي أُبعد من تبقى من أهلها عنها مرغمين بعد حصار وحشي دام عامين.

ما لم يختلف في حملات آل الأسد الانتخابية، هو استعمال الموظفين السوريين والمؤسسة العسكرية وطلاب المدارس، كوقود لمسيرات التأييد. يأتي ذلك بعد تخويفهم وتهديدهم بالفصل التعسفي، واستدعاء بعضهم إلى الفروع الأمنية، ولا بأس أحياناً بتسليم جثث بعض الموالين لذويهم، بعد قتلهم تحت التعذيب. فهذا التقليد بدأ مع الأسد “الأب” في حملات “مبايعته”، والتي أعلنت سوريا ملكية أبدية لآل الأسد.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى