صفحات العالم

سوريا.. إلى الحرية!


حسين شبكشي

على الرغم من التزايد الواضح والمزعج في أعداد ضحايا القتل على أيدي جيش الطاغية الأسدي في سوريا، الذي يسبب الإحباط والحزن، فإن هناك أسبابا موضوعية ومهمة تدعو للتفاؤل وإدراك أن المجتمع الدولي يخطو، ولو ببطء، باتجاه الخلاص من نظام بشار الأسد الدموي وزمرته الإجرامية.

ولعل النتائج اللافتة التي خرج بها مؤتمر أصدقاء سوريا الذي أنهى أعماله مؤخرا في إسطنبول بتركيا، والتي كان أبرزها الاعتراف الصريح من 83 دولة بأن المجلس الوطني السوري هو «ممثل شرعي للشعب السوري»، وبذلك يتم انتزاع الشرعية من نظام الأسد، وكذلك طلب سقف زمني لتنفيذ خطة مبادرة كوفي أنان لسوريا، والسماح بتوصيل مواد إغاثية ووسائل اتصال متقدمة للجيش السوري الحر وللاجئين السوريين على الحدود، واستحداث صندوق مالي ضخم لتمويل رواتب ومصاريف الجيش السوري الحر، ولجنة من 11 دولة لبحث التسليح النوعي له. هذه كلها وغيرها من النقاط الأخرى التي ستتم الإضافة إليها قريبا جدا عند عقد لقاء مؤتمر أصدقاء سوريا الثالث، تؤكد أن المسامير يتواصل دقها الواحد تلو الآخر في نعش النظام الأسدي الذي لا يزال، بلا رحمة ولا هوادة، يواصل قصف مدن بلاده وقراها، وقتل شعبه وتشريده بشكل أقرب للوحشية منها إلى الحوكمة المسؤولة، ويؤكد بشكل يومي متواصل أنه نظام لا مكان له اليوم وسط الأمم العاقلة والمحترمة، وأن زواله، وإزالته، هو للخير العام والصالح العام أيضا.

الروس تزداد قناعتهم بأنهم يحاربون رأيا عاما عالميا، وأنهم بدفاعهم المستميت عن نظام لا يمكن الدفاع عنه إنما هم يخسرون من إرثهم ومن رصيدهم السياسي ما يصعب معه تعويضه مستقبلا، وبالتالي هم باتوا اليوم على يقين أنهم لن يتمكنوا من الدفاع عن الأسد بشكل مستمر وأبدي، وخصوصا في ظل استمراره على النهج القمعي والدموي الذي هو عليه اليوم.

ولكن تبقى المواقف المريبة جدا لبعض الدول المحيطة بالجوار السوري بشكل أو بآخر؛ فبينما اختار العالم في معظمه الالتفاف مع الشعب السوري ودعم حقه في العيش بكرامة وطلب الحرية والتأمل بشكل أفضل في العلاقة بين الدولة والمواطن، تختلف عن علاقة الجلاد والضحية، أو العبد وسيده، اختارت إيران والعراق ولبنان الدفاع عن الأسد وعن نظامه، كل غنى عن هذا الموقف بطريقته، فالزعيم السياسي الإيراني علي خامنئي صرح بشكل واضح أنه يقف مع بشار الأسد ونظامه، ويدعمه كاملا حتى النهاية، بينما تعجب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وسأل: ولماذا يسقط بشار الأسد؟ وكأن السؤال يبدو مستحيلا ولا يمكن طرحه أبدا! وما الفرق بين بشار الأسد وبين صدام حسين ومعمر القذافي وحسني مبارك وزين العابدين بن علي وعلي عبد الله صالح؟ وكذلك صرح حسن نصر الله قائد حركة حزب الله، تلك الكتلة المؤثرة والمتحكمة في الحكومة اللبنانية اليوم: إن النظام السوري باق لأنه انتصر على الفتنة التي خرجت عليه بسبب المؤامرة الدولية على سوريا.

كل هذه المواقف المؤيدة للنظام السوري إنما تؤيد وتؤكد أن النظام غريب وخارج الإطار الأخلاقي والشرعي، ولا يؤيدها إلا من كان يرى أن النظام «محق وعلى حق».

الوقت في صالح الشعب السوري وليس في صالح النظام، فأعداد القتلى في ازدياد، والشعب السوري خرج من القمقم كالمارد ولن يعود للوراء دون تحقيق المطالب كاملة، وهي تغيير النظام ولا شيء سوى تغيير النظام، نعم هناك من يقف في صف الأسد ويجهر بتأييده أو يمنع إسقاطه، ولكن أعداد المؤيدين للخلاص منه في ازدياد، والحراك العملي الحقيقي لتمكين الثوار من هذا الإنجاز يزداد وضوحا وبالتدريج، وهو خط لا عودة عنه، ليس فقط للثوار السوريين ولكن للشرفاء حول العالم أجمع.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى