صفحات العالم

سوريا: التدويل يُحاصر الجميع


محمد ابرهيم

التدويل الذي باتت سوريا في صميمه، يعني انه على مختلف القوى المتصارعة ان تأخذ في الاعتبار انه لم تعد الآفاق مفتوحة امام مشاريعها الخاصة لحل الأزمة.

الحل الأمني، الذي ما زال الخيار الوحيد للنظام، تحاصره الخطوات الدولية، ولو بطيئة. فمن بضعة مراقبين، الى المئات، هناك تصميم دولي على تعطيل التفوق العسكري للنظام.

“عملية” جامعة حلب تشير الى ان وسائل المعارضة في كشف الحل الأمني للنظام كثيرة، ولا ينفع معها قرار من نوع اقفال الجامعة، اذ لا يمكن اقفال كل منافذ حركة المعارضة. والزمن الذي استغرقه الحل الأمني، حتى الآن، كاف لاثبات انه يدور في حلقة مفرغة.

بدوره التمرد المسلح يواجه مع تقدم التدخل الدولي خيارا وحيدا هو الاقلاع عن محاولة السيطرة عسكريا على مناطق معارضة. فنوع التدويل الذي تتعرض له سوريا لايشبه التدويل الليبي الذي انطلق من شرعية بنغازي المحررة.

كذلك فإن الخيار البديل، المتمثل باستهداف القوى العسكرية-الأمنية للنظام، لن يبقى طويلا بعيدا عن “الملاحقة” الدولية. وعدم التناسب بين الفعل العسكري للنظام ورد الفعل العسكري المعارض، لا يعطي شرعية، دولية، لاستمرار الأخير.

والتدويل يعني في ما يعنيه، انه ليس امام اطراف الأزمة “الداخليين” خيار التفاوض او عدمه. فالنظام ملزم بالتفاوض مع المعارضة الحقيقية. والمعارضة، لا تستطيع الاستمرار في طرح شروط للتفاوض تتجاهل وجود النظام.

المفاوضات المقبلة ستكون بين طرفين. والاشراف الدولي على المفاوضات بات محسوما. كذلك هو محسوم ان حصيلة التفاوض ستكون تغييرا حقيقيا لا يشبه التغيير الذي يفصّله النظام، وآخر مظاهره الانتخابات النيابية القريبة، والمنفردة.

لكنه على الأرجح لن يكون تغييرا يشبه ما تسعى اليه المعارضة والمتمثل بانهيار النظام على الطريقة الليبية. فالرعاية الدولية للمفاوضات المقبلة تتكون من طرفيين خارجيين يختلفان على ظروف التغيير وعلى الصيغة التي يمكن ان تستقر عليها سوريا مستقبلا، مع انهما يتفقان على ان التغيير في سوريا بات حاجة لامفر منها.

ليس واردا بالنسبة الى روسيا ان تشارك في مسار ينتهي بطردها من سوريا ومن الشرق الاوسط العربي، لكنه ليس واردا في حساباتها، على الارجح، انها تستطيع ان تمنع ولادة سوريا جديدة تشارك في حكمها مكوناتها كافة، في ظل رعاية دولية فاعلة.

قدرات الغرب المحدودة على خلخلة النظام، ومصلحة روسيا في تغيير منظّم، تعطي الامم المتحدة دورا حاسما في صوغ مستقبل سوريا، ولو بدا هذا الدور اليوم، في شكل بضعة مراقبين محدودي الامكانات.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى