صفحات الناس

سوريا: الحصار وشح التمويل يفاقمان الكارثة الصحية/ سلام السعدي

 

 

تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع الصحي في سوريا، شديد التردي، باعتباره أزمة طارئة من الدرجة الثالثة، وهي الدرجة الأعلى والأشد خطورة في تصنيفات المنظمة. حيث تشارك سوريا في هذا التصنيف أربع أزمات أخرى هي “ايبولا” وأزمات الطوارئ في كل من السودان والعراق وجمهورية آسيا الوسطى.

وباعتراف الحكومة السورية، أدت الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام إلى تدمير المؤسسات الصحية وإضعاف تلك التي لا تزال تواصل العمل، في سوريا. ما يعني افتقار السوريين لمختلف أشكال الخدمات الصحية، بما فيها الخدمات الأساسية المنقذة للحياة.

وفي تصريح لصحيفة الوطن الحكومية أمس الاثنين، كشف نقيب الأطباء عبد القادر حسن عن وصول “نسبة المشافي المدمرة إلى 60 في المئة”. وفي محاولة للتقليل من حجم الكارثة أردف قائلاً إن “وزارة الصحة السورية وضعت خطة لترميم وتأهيل المشافي العامة والخاصة التي تضررت من الأحداث”.

ويعتبر تصريح حسن كاشفاً إلى حد كبير، إذ لم يسبق للحكومة السورية، أو لجهة محسوبة عليها كما هو الحال مع نقابة الأطباء، أن اعترفت بهذا العدد الكبير من المشافي المدمرة. كانت تقديرات الحكومة تتحدث عن 50- 70 مشفىً مدمراً. وباعتبار أن العدد الكلي للمشافي في سوريا يبلغ نحو 489 مشفىً، يمكن تقدير عدد المشافي المدمرة بنحو 293 بالاعتماد على حديث نقيب الأطباء.

ويقع نحو 80 في المئة من المشافي السورية في محافظات باتت شبه مدمرة وتفتقد لأدنى الخدمات، وخصوصاً محافظة حلب التي يتركز فيها نحو 24 في المئة من المشافي، وريف دمشق (12 في المئة)، وحمص (10 في المئة)، ومثلها حماه، فيما تضم مدن دير الزور وادلب ودرعا مجتمعة نحو 15 في المئة من المشافي.

ورصد تقرير حديث صادر عن “مديرية صحة ريف دمشق” الواقع الصحي في المحافظة خلال شهري تموز وآب الماضيين. حيث وجد أن عدد المشافي الخاصة في المحافظة بلغ 44 مشفىً، منها 24 خارج الخدمة. كما وصل عدد المراكز الصحية بالمحافظة إلى 123 مركزاً، إضافة إلى 57 مركزاً خارج الخدمة، و35 مركزاً داخل الخدمة لكن من الصعب الوصول إليها.

وبحسب التقرير فقد تم تقصي 65 حالة حصبة مشتبهة، 191 حالة حمى مالطية، 648 حالة لايشمانيا جلدية، و 25 إصابة بالكيسات المائية. كما ظهرت إصابات بمرض التهاب الكبد أ، في مناطق صحنايا وعدرا العمالية والمليحة، و”تمت السيطرة على هذا المرض بالتعاون مع مؤسسة المياه والوحدات الإدارية في المناطق” بحسب التقرير.

وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد السوريين المصابين، بأمراض وإصابات مختلفة، بنحو 25 إلف سوري شهريا. وهو عدد ضخم جداً يؤدي، إلى جانب نقص الإمدادات الجراحية وتكرار انقطاع التيار الكهربائي، إلى عدم تمكن المستشفيات من الوفاء بالتزاماتها اتجاه المرضى.

وتكون العواقب وخيمة جداً في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة حيث يصل تقديم الخدمات الصحية إلى أدنى مستوياته. في تلك المناطق، يؤدي التأخر في إحالة المرضى المصابين برضوض متوسطة إلى المستشفيات، إلى زيادة مخاطر فقدان الأشخاص لأطرافهم المصابة.

ومع مثابرة النظام السوري على حصار العديد من المناطق المدنية وقصفها بمختلف أنواع الأسلحة بصورة يومية، تزداد صعوبة توفير الرعاية الطبية للسوريين في تلك المناطق. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 5 مليون سوري مدني يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها بسبب الحرب، ومن بينهم نحو نصف مليون حبيس الحصار.

قبل نحو أسبوعين، كسر الصليب الأحمر الحصار المفروض على بلدة المعضمية في ريف العاصمة دمشق، وادخل أدوية لبعض الأمراض المزمنة لنحو 5 آلاف مصاب، وذلك بموافقة الحكومة السورية. يقول بوريس ميشيل رئيس بعثة لجنة الصليب الأحمر إلى سوريا: “هذه هي المرة الأولى التي ننجح فيها في إدخال مساعدات طبية إلى هذه المنطقة منذ بداية النزاع”.

وليست قيود الحكومة السورية هي وحدها ما يفاقم من حدة المأساة الصحية، لكن أيضاً شح التبرعات الدولية لدعم جهود منظمة الصحة في سوريا. تقول المنظمة الدولية على موقعها الالكتروني: “مطلع العام 2014، أطلق المجتمع الدولي نداءا لجمع 2.3 مليار دولار للمساعدات الإنسانية داخل سوريا. وحتى اليوم، لم نتلق سوى 38 في المئة من التمويل”.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى