صفحات الناس

سوريا: الحكومة تتنصل من دعم المازوت؟/ بلقيس أبو راشد

 

 

يبدو أن معاناة السوريين مع مادة المازوت مستمرة حتى إشعارٍ آخر، حيث لا تكتفي حكومة النظام برفع الدعم عنها، إنما تنتقل اليوم إلى تحقيق أرباحٍ من خلالها على حساب المواطن.

حكومة النظام تنوي رفع سعر ليتر المازوت من 80 ليرة إلى 110 ليرات، أي ما يقارب 60 سنتاً، بإحتساب سعر الدولار 215 ليرة سورية، في حين أن سعره العالمي هو 93 ليرة سورية، اي ما يقارب 50 سنتاً. ووفق السعر الجديد الذي ذكر مؤخراً في الإعلام، من باب تحديد سعر موحد لمادة المازوت، فإن النظام سيتنصل نهائياً من مسألة دعم المازوت، ليحقق ربحاً صافياً يصل إلى 17 ليرة سورية عن كل ليتر مازوت.

وفي الحديث عن الدعم، لا بد من الإشارة إلى أن أبرز بنود العقد الاجتماعي القائم بين الشعب والدولة وفقاً للدستور السوري، هو دفع رواتب منخفضة مقابل التزام الحكومة بدعم المواد والسلع الأساسية ومن بينها الكهرباء والمازوت وكذلك خدمات الصحة والتعليم… وغيرها.

ولطالما كانت موازنات الحكومة السورية تنص على زيادات متلاحقة في مبالغ الدعم (تم تخصيص 60 % من موازنة العام 2015 للدعم)، ما يتناقض مع الممارسة الفعلية على الأرض حيث أن الحكومة تزيد سنوياً سعر السلع المدعومة بذريعة الظروف الحالية.

رئيس لجنة الموازنة وقطع الحسابات في مجلس الشعب حسين حسون، كان أول المبشرين بالسعر الجديد للمازوت، فأكد أن السعر الموحد المقترح لمادة المازوت سيكون بحدود 110 ليرات لليتر.

واستكمالاً لنهج استغباء المواطن وتمرير الأرقام غير الحقيقية، الذي عادةً ما يتبعه النظام، يشرح حسون أن هذا الرقم هو حصيلة جمع السعرين الموجودين، (140 ليرة سعر التكلفة و80 ليرة وفقاً للسعر المدعوم) وقسمته على اثنين، بحسب الطرح الذي تقدم به عدد لا بأس به من أعضاء مجلس الشعب إلى رئيس الحكومة.

وقال حسون: “ما دام هناك سعران في السوق، السعر المدعوم وسعر التكلفة، فالمواطن لا يحصل على حاجته من المادة إلا بالسعر المرتفع، أي أكثر من سعر التكلفة، فجاء الطرح على أساس أن يحصل المواطن على المادة بسعر واحد، وعلى السعر الذي ستقره الحكومة بعد توحيد السعرين”.

لكنّ أحداً لم يسأل عن حقيقة رقم الـ 140 ليرة الذي يفترضه مجلس الشعب بأنه سعر التكلفة، وهنا نشير الى أن هذا السعر صحيح عندما كان سعر برميل النفط عالمياً 70 دولارا، أمّا اليوم فسعر برميل النفط ينخفض إلى حدود 46 دولارا للبرميل، ليختار مجلس الشعب ومن خلال هذا القرار التوقيت المناسب تماماً لطرح مشروعٍ يهدف في خفاياه إلى استثمار الانخفاض العالمي للنفط وتحقيق أرباحٍ إضافية من جيوب المواطن السوري الذي لا يتجاوز متوسط دخله الـ “15 ألف ليرة أي أقل من 75 دولاراً شهرياً”.

ولو أراد مجلس الشعب البحث عن سعرٍ موحد حقيقي للمازوت فعليه جمع الرقم 93 ليرة، وهو السعر العالمي للمازوت، مع السعر الحالي الرسمي في السوق السورية وهو 80 ليرة، لتتم قسمته على اثنين، وهنا سيكون الناتج 85 ليرة، ما يؤكد حقيقة أن مجلس الشعب كان يبحث عن مخرجٍ لزيادة السعر وليس إيجاد رقم وسط بين التكلفة والسعر الحالي.

ولو بقي سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية هو 47.5 ليرة، أي كما كان قبل العام 2011، لكان سعر المازوت عالمياً هو 22 ليرة.

وبحدسهم الفطري يعلق السوريون على السعر الجديد. يقول أحدهم: “ليش وين المازوت.. يرفعوه للـ 200.. أصلاً ما في مازوت”، في حين يعلق آخر بالقول: “وجد مجلس الشعب فتوى لرفع السعر بالحديث عن سعر موحد.. والشعب المنحوس ما له إلا الله”.

وتعيش سوريا اليوم أزمة محروقات خانقة وخصوصاً لناحية توافر مادة المازوت، حيث لا تتوافر إلا في السوق السوداء وبأسعارٍ خيالية، إذ يصل سعر الليتر في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام إلى أكثر من 250 ليرة، بينما لا يتوافر بسعره الرسمي، 80 ليرة.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى