سوريا.. العودة إلى موسكو!
دعا الأمير سعود الفيصل الروس إلى إعادة النظر في موقفهم من سوريا، وحثهم على تأييد الانتقال السلمي للسلطة بدمشق، بينما قال المتحدث باسم البيت الأبيض الأميركي إن واشنطن بدأت التحضير لمرحلة ما بعد الأسد، في نفس الوقت الذي قال فيه نائب وزير الخارجية الروسي إن بلاده لا تعتبر بقاء الأسد في السلطة شرطا مسبقا لتسوية النزاع هناك، فما الذي يحدث؟
الواضح من جملة هذه التصريحات المهمة أن هناك شبه إجماع على فشل مهمة كوفي أنان، خصوصا أن وزير الخارجية السعودي يقول: «لقد بدأنا نفقد الأمل في الوصول إلى حل عن طريق مبادرة أنان، وإذا لم يتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا بموجب الفصل السابع فلن يتم تطبيقها»، بل إن أنان نفسه أبدى تشاؤمه حيال ما يحدث في سوريا، وقال إنه محبط، والأهم من كل ذلك أن خطاب الأسد الأخير أكد أنه لا أمل في تعاون طاغية دمشق مع أي جهد دبلوماسي يبذل تجاه الأزمة السورية، فآلة القتل لم تتوقف قط منذ اندلاع الثورة منذ عام ونصف تقريبا. ومن هنا يبدو أن العرب والمجتمع الدولي باتوا ينوون التحرك دبلوماسيا مرة أخرى عبر روسيا، خصوصا إذا تذكرنا التسريبات الأميركية عن أنه بوسع موسكو أن تلعب دورا في سوريا على غرار المبادرة اليمنية التي أخرجت صالح من حكم اليمن.
والسؤال هنا: حتى لو كانت موسكو تنوي تغيير موقفها فعليا في سوريا، كما طالبها الفيصل، بل والمجتمع الدولي، فهل بوسع موسكو إخراج الأسد من السلطة؟ أشك، لكن أهمية التعاون الروسي اليوم تكمن في أنه أقل الأثمان كلفة، وقد يضمن التحرك وفق شرعية دولية، للتعامل مع طاغية دمشق. فمجرد وقوف روسيا موقفا إيجابيا تجاه الأزمة السورية، وابتعادها عن دعم الطاغية، فإن من شأن ذلك أن يشكل ضغطا على الأسد، وأتباعه في الداخل. فحينها سيكون الأسد بلا غطاء دولي، وتحديدا في مجلس الأمن، مما يتيح إمكانية العودة للمجلس مرة أخرى، لتكون خطة أنان تحت الفصل السابع، كما يطالب الفيصل، ومعه المجتمع الدولي، مما يعني أن هناك قرارا دوليا حقيقيا وفعليا لإنهاء حقبة الأسد، أو لاتخاذ خطوات عملية أخرى، وهي الرسالة التي سيفهمها حلفاء الأسد في الداخل جيدا.
فمجرد العودة إلى مجلس الأمن، وبدعم، أو حياد روسي، فمن شأن ذلك أن يفتح أبعادا كثيرة، فإما تأمين المناطق العازلة تحت مظلة دولية، أو استخدام القوة ضد طاغية دمشق، ومن شأن ذلك كله أن يدفع إلى انشقاقات أكبر في المؤسسة العسكرية الأسدية، التي قد تحسم الأمر بانقلاب داخلي، ودائما ما يخالجني شعور بأن هذا ما ستؤول إليه الأمور في دمشق، كما من شأن التحرك تحت مظلة مجلس الأمن الإسراع بانهيار منظومة الأسد الهشة، حيث ستكون رسالة حاسمة مفادها أنه لا أمل في بقائه.
هذا هو المؤمل من التغير الروسي، وفق ما يبدو للآن، لكن يجب أن تكون هناك خطة بديلة للتعامل مع الأسد، وكما قلنا مرارا، لا بد من الشروع في تحالف الراغبين، فآلة القتل الأسدية لم تتوقف قط، وهذا ما يجب تذكره دائما.